الشيخ نبيل قاووق: شيخ الانتصار الأول… شهيداً على طريق القدس – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الشيخ نبيل قاووق: شيخ الانتصار الأول… شهيداً على طريق القدس

sheik-nabeel-kawook

في الزمن الذي كانت فيه الأرض تئنُّ تحت وطأة الاحتلال، وكان الجنوب يكتب حكاياته بالصبر والدم، برزت أسماء قادت مشروع التحرير، لا من خلف المكاتب، بل من قلب الميدان، وكان من بينهم سماحة القائد الشهيد الشيخ نبيل قاووق: شيخ الانتصار الأول، الذي حضر اسمه في ذاكرة كلّ من واكب مرحلة تحرير الجنوب اللبناني في أيار عام 2000.

مونتاج: فاطمة شحادة

قائد سياسي وميداني لا يعرف الراحة

كان سماحة الشهيد الشيخ نبيل قاووق أكثر من مجرّد مسؤول تنظيمي لحزب الله في الجنوب، بل كان قائدًا مميزًا يُشرف على جميع الأعمال والمهام المرتبطة بعمل المقاومة، ويهتم بأدق تفاصيل العمليات الجهادية في مواجهة العدو الصهيوني.

يقول الحاج “مهتدي”، وهو معاون الشيخ قاووق عندما كان مسؤولاً لمنطقة الجنوب فترة التحرير، “لم يكن يهدأ له بال، كان متنقلاً من موقع إلى آخر بين المجاهدين، يزورهم، يؤازرهم، ويطّلع على أوضاعهم، فلم يعر اهتماماً لتهديدات العدو لقيامه بهذا الدور القيادي في تفعيل عمل المقاومة وتطوير أدائها”.

وأضاف “لم يشغله دوره الجهادي عن القيام بدوره السياسي، حيث وثّق علاقات حزب الله مع جميع الجهات والأحزاب والقوى السياسية في منطقة الجنوب، حتى بات سماحة الشيخ يمثّل المرجعية السياسية لكثير من هذه القوى العاملة على ساحة الجنوب، لا سيّما الفصائل الفلسطينية بانتماءاتها المختلفة، فكان يمتلك من الحنكة والحكمة في هذا المجال ما ميّزه كقائد سياسي، لا تنظيمي فقط”.

المنبر التبليغي… جبهة أخرى

من التنسيق السياسي والتخطيط الجهادي إلى المنبر، لم يغفل الشيخ قاووق عن رسالته الدينية، فقد واظب على صعود المنبر، يُحاضر ويُرشد الناس، ويحرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأردف الحاج مهتدي:”لطالما اهتمّ سماحته بالجانب العرفاني سلوكًا ومعرفة، فلم يُفوّت فرصة إلا وكان يأتيك بحديث أو آية تُذكّرك بالله والالتزام بطاعته”.

التحضير لساعة التحرير: فكرة الدخول الجماهيري

مع تصاعد عمليات المقاومة أواخر التسعينات، بدأت مؤشرات انسحاب العدو تلوح في الأفق.

حينها، شارك الشيخ قاووق قيادة المقاومة في وضع خطط الدخول إلى الشريط المحتل، فالتحرير بات “صبر ساعة أو أقل”، يوضح الحاج مهتدي:”من بين الأفكار التي راودت القادة الميدانيين، وعلى رأسهم الحاج حسن قدوح (الحاج أبو رضا)، القائد الميداني في تلك الفترة، فكرة تحرير الأرض عبر الزحف الجماهيري واقتحام مواقع العدو. فكان لسماحته الدور الأبرز في دعم هذا التوجّه، وواكب تطوّره في الأيام الأخيرة قبل التحرير”.

وتابع:”صباح الواحد والعشرين من أيار، وافق سماحة الشهيد القائد على الدخول الجماهيري من بلدة الغندورية باتجاه بلدة القنطرة برفقة المجاهدين والأهالي، بعد انسحاب العدو منها بأيام قليلة، لتكون أول بلدة تتحرر من العدو. وبهذا يكون سماحة الشيخ نبيل أوّل من يقود عملية تحرير لأرضٍ عربية من الاحتلال الصهيوني تحت ضربات المقاومة دون قيد أو شرط”.

شهادة في ذكرى الشهادة

يروي الحاج مهتدي، في مشهد مؤثر بعد سنوات على التحرير، اللقاء الأخير الذي جمع الشيخ نبيل بالحاج حسن قدوح (شريك الانتصار). فعندما حضر سماحة الشيخ لتقديم التبريكات للحاج حسن باستشهاد ابنه، الشهيد محمد علي حسن قدوح، خلال معركة “على طريق القدس”، قال الشيخ قاووق:”هنيئًا لك، كنت القائد الميداني للتحرير عام 2000، وها أنت اليوم تُقدّم ولدك شهيدًا. أعدك أن أكون في بلدتكم في ذكرى أربعين ولدك الشهيد لأُلقي كلمة في المناسبة”.

والجدير بالذكر أن سماحة الشيخ نبيل استُشهد في يوم ذكرى أربعين الشهيد محمد قدوح،ثم وبعد خمسين يوماً استشهد الحج حسن والتحق بولده في قافلة الشهداء. وختم الحاج مهتدي:”هنيئًا للشهداء القادة، لقد صنعوا لنا النصر في حياتهم، وها هم يصنعون لنا النصر بدمائهم”.

القادة لا يموتون

رحل الشيخ نبيل قاووق شهيدًا مجاهدًا على طريق القدس.

الطريق التي سلكها يومًا لتحرير الجنوب، عاد ليسلكها بشهادته، هذا الطريق ذاته الذي رسمته تضحيات القادة الذين آمنوا أن فلسطين هي البوصلة الأولى والأخيرة، وأن هذه الدماء التي سالت على طريق الجنوب والقدس، تُخبرنا أنّ فلسطين باتت أقرب إلينا من أي وقت مضى.

المصدر: موقع المنار