ما يثير العجب أن السلطات في ايران لم تعلن حتى اليوم حالة الطوارئ في البلاد، وهي حالة تستلزم إجراءات تحدّ من الحريات العامة عندما يتعرض اي بلد لعدوان خارجي او اختراق أمني داخلي خطير.
عدد كبير من القادة استشهدوا مع بداية العدوان، َومنشآت نووية وقدرات دفاعية تعرضت للهجوم، وساهمت في ذلك خلايا زرعها العدو في مدن عدة. اي ان الخطر كان من الخارج والداخل معاً. ومع ذلك، تصرفت القيادة بثقة ولم تنشر قوات التعبئة “البسيج” المؤلفة من عدة ملايين في الشوارع، ولم تعلن حظر التجول. على العكس، هناك تعاون بين قوات الأمن والناس بما ينتج حالة ارتياح بنسبة عالية بالرغم من الأخطار الأمنية. وتتم مطاردة المجموعات المعاونة للعدو بطريقة احترافية وبناء على معلومات يقدمها المواطنون.
ويلاحَظ ان العدو يقوم بضرب مراكز وزارات خدمية والدفاع المدني وطواقم الإسعاف ومراكز الشرطة في محاولة لإحداث فراغ في حضور الاجهزة الرسمية يمكن أن يستغله عملاء العدو الذين يظنون أن هذه فرصتهم للتخلص من النظام الإسلامي وتسليم البلد لأمريكا.
في المقابل، يلجأ العدو في الأراضي المحتلة إلى اتخاذ إجراءات استثنائية تقيد التحركات في الداخل. فمع بداية العدوان، دُعي كل جندي احتياط إلى الالتحاق بوحدته. وتم تقييد سفر الإسرائيليين إلى الخارج. واتُخذت إجراءات مشددة ضد التغطية الإعلامية بذريعة عدم إعطاء معلومات عن أماكن سقوط الصواريخ، واعتُقل عدد كبير من الفلسطينيين “بجريمة” الإبتهاج بسقوط الصواريخ على الكيان.
في المنطق الجاري، يُفترض أن من يجب ان يخاف هو الجانب الإيراني الذي بُوغت باغتيالات قاسية واعتُدي عليه ويواجه تهديداً صريحاً باسقاط نظامه، في حين أن الطرف الآخر في حالة هجوم، وفي ظهره دول الغرب وبعض العرب الذين يصدّون الصواريخ المسيرات عنه.
عرفت ايران على مدى عمر الثورة انتظاماً عاماً لم تؤخر فيه الانتخابات عن موعدها حتى في أصعب ظروف الحرب في ثمانينيات القرن الماضي، وفي ذروة الإغتيالات التي قام بها المنافقون ضد قيادات الثورة. إيران لم تتغير إلى اليوم، برغم ظروف الحصار والضغوط الاقتصادية وحدوث موجات احتجاج لسبب او آخر.
فعلا، مشهد يدعو للتأمل وربما لاستخلاص بعض العبر مبكراً.
المصدر: موقع المنار