“اسرائيل” تهوّل بالحرب عبر جدار مجرب – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

“اسرائيل” تهوّل بالحرب عبر جدار مجرب

mirkavaa
يونس عودة

ليس من الغرابة  ان تعمد القيادات الصهيونية واعلامها ، الى وضع لبنان على رأس اولوياتها ، من خلال نثر السموم ، عبر اعلان تل ابيب استعدادها لمساعدة لبنان في ضائقته الاقتصادية ، وصولا الى اعلان نيتها ، لا بل قرارها بالتدخل المباشر في لبنان والتلويح بحرب قادمة.

من الطبيعي ان يكون وجع الرأس المستمر والمقلق لدى قيادات الكيان الغاصب ، مصدره الاقوى من لبنان ، فهذا اللبنان ، البلد المعدوم الامكانيات المالية ، تمكن وحده  ومن خلال مقاومته الشريفة من الحاق الهزيمة الامرّ في تاريخ الكيان الذي تعلم قياداته ان وجود ما يسمى بدولة اسرائيل ” آيل حتما الى الزوال، وهو فعلا ما تناقشه مراكز الدراسات والتحليلات الاسرائيلية .

لقد روجت وسائل الاعلام الصهيونية والدولية ، وبعض اللبنانية، لما تعمد وزير الحرب الاسرائيلي بيني غانتس ان يغزو به الوجدان الشعبي اللبناني بأن “إسرائيل مستعدة لمد يد العون للبنان  عبر قوات “اليونيفيل “، علما بانها قد عرضت عليه ذلك في الماضي”، ونحن: “مستعدون حاليا أيضا للعمل لدى دول وجهات دولية لكي تساعد لبنان في الخروج من الازمة الحالية نحو النمو والازدهار”.

لم يعط الخطاب الاسرائيلي الممجوج بسمّ في دسم، النتائج السريعة ، فهو بلا شك ، يذكر اللبنانيين باسوأ مرحلة من تاريخ لبنان الحديث مع بداية الحرب “الاهلية” ، اي عندما اقدم الكيان الغاصب لفلسطين على مد خيوطه المسمومة الى جنوب لبنان عبر ما اسماه “الجدار الطيب”- بوابة فاطمة- بهدف نسج علاقات مع بعض اللبنانيين في الجنوب بذريعة تقديم خدمات انسانية ، لتحول اولئك المتعاونين معها الى متاريس ولو كانت هشة للدفاع عن مستوطناتها مقابل حفنة مساعدات اعتبرت انها ستكون ، كفيلة بمنع نقل الحرب الى ارض العدو .

لقد اوجدت المخابرات الاسرائيلية قبل اعلانها عن افتتاح ذلك الجدار الذي فر عبره الاف العملاء في ايار عام 2000 عند اندحار القوات المحتلة ،مجموعات تجسسية كانت راس الجسر للتدخل العسكري اللاحق برئاسة العميل سعد حداد ، ومن بعده انطوان لحد ، وسامي الشدياق وعقل هاشم والاخير قتل بعبوة زرعتها المقاومة ، وصورت العملية الدقيقة بكل تفاصيلها ،،الخ..

لقد خلفت قوات الاحتلال بقايا العملاء الذين بقوا احياء وراءها ، وكل من عمل لمصلحتها من اللبنانين دون ابلاغهم بانها غير قادرة على البقاء ،بفعل تصاعد عمليات المقاومة ، وحتى على الاستمرار في تقديم الرعاية “الانسانية “لهم ، لتلملم جنودها تحت جنح الظلام وتندحر ،تاركة اولئك  ليلاقي كل منهم قدره ، بعد ان اقفلت بوابات الجدار بوجوههم التي علاها الهلع، بعد ان استنفدت مآرابها منهم .

بعد كل تلك السنوات ال”21” لم تتمكن اسرائيل من هضم هزيمتها ، ولا تزال تبحث عن الانتقام ، علها تستطيع استعادة صورة رسمتها  لجيش، بانه دوما  المتفوق، ولا يقهر ،بعد ان اذل على يد المقاومة في تلك الحرب ، والحرب التي تلتها  بعد ست سنوات .والواضح انها لم تجد سبيلا ، او فكرة يمكن ان تحقق حلمها الممنوع.

لقد احاطت قوات الاحتلال ،الحدود غير النهائية- خط الانسحاب – من جنوب لبنان بالجدران المرتفعة ، وصرفت المليارات على الانشاءات والتدريع، وعلى التجهيزات الالكترونية التجسسية الفائقة الدقة، لا بل ان ذلك يعني تغييرا في المفهوم الامني ، بمعنى انه تحول الى دفاعي من خلال التحصينات ، وهذا لم يكن موجودا في العقيدة العسكرية والامنية اسرائيلية ، اي بمعنى اخر ايضا ، فان الهدف محاولة منع المقاومة في اي معركة من الدخول الى المستوطنات والسيطرة عليها .

من الواضح ان لدى الكيان الصهيوني خطة جديدة لاعادة انعاش خلاياه السرية ، مسنودة بعديد من بقايا الميليشيات الذين تطوع منهم في جيش الاحتلال ، وجهاز اعلامي بعضه داخلي ،لم يتعظ من دروس لا تزال حية ،ولم يكن اقامة نصب قبل ايام كرمز للعلاقة بين اسرائيل وعملائها ، الا خطوة في مسار لاستعادة الفتنة ، واستعادة ثقة العملاء  عبر وعد وزير الحرب، بيني غانتس، بألا يقتصر عمل الحكومة الاسرائيلية على الشؤون الرمزية، بل أن يحل بقية “المشاكل الإنسانية “التي تعانيها عائلات قتلى الميليشيات والعناصر الموجودة داخل الكيان “من جراء التقصير والإهمال الإسرائيلي”.

وبموازاة الوعد “الانساني” السام ،نقل عن مسؤول أمني إسرائيلي رفيع المستوى بأن “حرب لبنان الثالثة هي مسألة وقت وحسب”،اي بمعنى ان اسرائيل تستعد لتلك الحرب. وأشار المسؤول نفسه إلى ما وصفه بـ”تحولات خطيرة” في لبنان خلال السنة الأخيرة، وأن أبرزها استمرار تطوير وتقدم مشروع حزب الله بتحسين دقة الصواريخ، “الذي يهدد الجبهة الداخلية الإسرائيلية عموما ومنشآت إستراتيجية، مثل محطات توليد الكهرباء والبنية التحتية المائية ورموز الحكم، خصوصا”.

وأضاف أنه “في موازاة ذلك، يواصل حزب الله التسلح بمنظومات دفاع جوي تهدد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في المجال اللبناني والمنطقة. وهذه قضية مقلقة جدا”.كما أنه لا يوجد تقدم في المفاوضات حول الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان، وذلك بسبب الوضع السياسي في لبنان “الذي لا يسمح بالتقدم دون موافقة حزب الله”.

ان كلام المسؤول الامني الاسرائيلي صحيح في الجانب المتعلق بالذعر من قدرات المقاومة ، وتهديد تلك القدرات لكيان العدو ،و لولا ذلك لكانت اسرائيل بغض النظر عمن يكون على راس السلطة ، قد بادرت الى شن عدوان ، كما ويبطن طلب اسرائيل بحرية حركة طائراتها في الاجواء اللبنانية دون اي اعتراض ، ولذلك هنا ايضا يكمن “القلق” ، وربما اكثر .

ان توقيت اقامة النصب ، ومن ثم الاعلان عن استعداد الكيان لمساعدة لبنان ، ومن ثم التسريب الانف الذكر على لسان مصدر امني اسرائيلي عن اقتراب الحرب  في لبنان ، وكذلك التصريح العلني لرئيس وزراء العدو نفتالي بينيت في جلسة مجلس الوزراء بان “الدولة اللبنانية توجد على حافة الانهيار مثلها مثل جميع الدول التي تستولي عليها إيران(حسب وصفه)، وهذه المرة المواطنون اللبنانيون يدفعون الثمن، ويجب الفهم أن اللبنانيين يدفعون ثمنا باهظا بسبب استيلاء إيران على دولتهم”،  وأنه ووزيري الخارجية يائير لابيد والدفاع بيني غانتس يتابعون الوضع في لبنان عن كثب،وأن إسرائيل “ستبقى على أهبة الاستعداد”.كل ذلك مؤشرات خطيرة عما يبيته العدو .

ربما لدى العدو اعتقاد بان الظروف نضجت للثأر ، وان البعض في الساحة اللبنانية بمشكلاتها بات مؤازرا،لا بل طالبا، مثلما حصل عشية الاجتياح عام 1982 ، لكن من الواضح ايضا ان صناع القرار في اسرائيل  يفهمون جيدا ، ان القوى التي تقاتل مشروعهم غيرها على ما كانت انذاك ، وهي استفادت من التجارب السالفة ليس فقط في الميدان ، وان كان العفو عن العملاء عند مقدرة التحرير وانجازه في العام 2000، لن يكون هذه المرة على ذاك النسق ، ومن لا يتعلم من التجارب ولا سيما الذين انخرطوا مع عدو لبنان ، لن يكون لهم مستقبل ، بل ستكون نهاية اذل من نهاية اسلافهم . فالحرب القادمة كر وكر وكر.

 

الموقع غير مسؤول عن النص وهو يعبر عن وجهة نظر كاتبه

 

المصدر: خاص