الصحافة اليوم 27-1-2018: تحت شعار«نحمي ونبني» حزب الله يطلق ماكينته الانتخابية ويعلن تحالفه مع امل في جميع الدوائر – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 27-1-2018: تحت شعار«نحمي ونبني» حزب الله يطلق ماكينته الانتخابية ويعلن تحالفه مع امل في جميع الدوائر

صحف محلية

ركزت افتتاحيات الصحف المحلية الصادرة في بيروت صباح السبت 27 كانون الثاني 2018 على مواضيع عديد كان اهمها الملف الانتخابي، حيث  أطلق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الماكينة الانتخابية للحزب، تحت شعار«نحمي ونبني» مسلطا الضوء على ان الغرف السوداء التي لا تريد الانتخابات ليست غرفاً وطنية إنما خارجية ويعرفهم بالاسماء.

البناء* البناء

واشنطن والرياض تقودان ربط الحلّ في سورية بحلول المنطقة عبر تقاسم نفوذ وهدنة عسكرية

رفض سوري يشمل الحكومة والمعارضة لورقة الخمسة على أبواب سوتشي

باسيل وخليل لربط نزاع على الخلافات قبل التوجّه للانتخابات… وحزب الله يفتتح

كتب المحرّر السياسي

مع بلوغ التحضيرات لمؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري مراحل متقدّمة، وتوضيحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأهمية المؤتمر من دون الوقوع في وهم أنه سيصنع معجزة الحلّ بضربة واحدة، كشف الأميركيون أوراقهم المستورة حول مستقبل سورية بالوثيقة التي بدأ التحضير لإطلاقها من لقاءات واشنطن الأميركية الفرنسية البريطانية بمشاركة سعودية أردنية قبل أسبوع وتوّجت الثلاثاء في باريس. ومع نشر الوثيقة الخماسية صار على الطاولة مشروعان سياسيان، واحد يمثله القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي والقائم على السعي لتفعيل دور مؤسسات الدولة السورية لقيادة الحلّ السياسي، وفقاً لقواعد تحفظ سيادة سورية كدولة ووحدتها كجغرافيا، من بوابة الدعوة لحكومة موحدة تتولّى وضع دستور جديد وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على أساسه بمعونة أممية لوجستية وتوفير ضمانات بناء الثقة بين المشاركين حول شروط إجراء العملية الانتخابية. وفي المقابل ولد أمس المشروع المقابل، الذي ينطلق من تثبيت الستاتيكو السوري الدولي والإقليمي، وشرعنة الوجود الأجنبي في سورية وتنظيم مناطق النفوذ الإقليمي والدولي بمناطق لها برلمانات وحكومات محلية، على أن تحلّ الأمم المتحدة مكان المؤسسة المركزية للدولة السورية بصيغة هيئة انتداب تسمّى البيئة الآمنة للحلّ السياسي، وتتولى السلطات السيادية للدولة بهدف شلّها وتعطيلها، وتحويل سورية إلى جغرافيا حدودية لدول الجوار، خصوصاً تركيا و«إسرائيل» والسعودية وأميركا التي تحتلّ جزءاً من الأرض السورية، مع تأجيل قيام دولة سورية إلى أجل غير مسمّى.

المشروع الأميركي السعودي يربط عملياً تجميد العملية السياسية في سورية بالانتداب الذي يدعو لوضع سورية تحت مظلته بقرار أممي، بانتظار حلول المنطقة خصوصاً مع جمود فرص التسوية للقضية الفلسطينية وفقاً لدفتر الشروط الأميركي «الإسرائيلي» الموافق عليه من السعودية والقائم على تكريس القدس كعاصمة لـ«إسرائيل»، ويعرض المشروع على روسيا وإيران والدولة السورية عملياً الرضا بإدارة مشرعنة لأغلب الأراضي السورية والتخلي عن مشروع دولة موحّدة ذات سيادة بانتظار قطار الحلول الشاملة في المنطقة، والمشاركة حتى ذلك الحين بتغطية الاحتلالين الأميركي والتركي، والتدخلات «الإسرائيلية»، ويحاول دعوة الأتراك لعدم الذهاب بعيداً مع الحلف الروسي الإيراني وصيغة الحلّ السياسي من بوابة سوتشي مقابل شرعنة الدور التركي في سورية.

الردود الأولية على المشروع الأميركي كشفت عجزه عن الإقلاع كورقة على طاولة المباحثات، فقد بدا أنّ الحكومة السورية التي رفضت المشروع بقوّة، تتلاقى مع غالبية أعضاء هيئة التفاوض، كما قال أركان منصة موسكو المعارضة لـ «البناء» بعد نهاية اجتماع لعدد من أركان الهيئة من مختلف المشارب والتوجّهات، أكدوا وفقاً لمصادر منصة موسكو أنّ الوثيقة الخماسية تنهي الأمل بحلّ سياسي في سورية وربما بعودة قيام دولة سورية، وأنّ مشاركة المعارضة في سوتشي سواء من منطلقات وطنية أو مصلحية، ربما تكون أحد أشكال الردّ على الورقة الأميركية السعودية التي تعرّض مستقبل سورية للخطر، إذا قُبل مبدأ وضعها إطاراً للتفاوض والنقاش.

لبنانياً، أفرغ كلٌّ من رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، ووزير المالية علي حسن خليل، ما في جعبتيهما من خرطوش الاشتباك السايسي بعدما انتهت آخر جولات التجاذب حول تعديل مهل قانون الانتخابات، وأعلن باسيل خسارته للجولة مهاجماً حركة أمل كمسؤول عن هذه الخسارة للمشروع الإصلاحي وفقاً لوصفه، ليردّ عليه خليل بالتساؤل عما بقي من الإصلاح بعدما نسفت مؤسسات الخدمة المدنية بداعي التوازن الطائفي المنشود في غير مكانه والمفقود في مكانه. وبدا النزال بين الوزيرين ربط النزاع الأخير قبل التفرّغ للانتخابات النيابية التي صارت الحدث الوحيد الذي يستقطب الجهود والاهتمامات وقد استنفدت فرص المناورات والرهانات على ربع الساعة الأخير، لتطلق صفارة الماكينات الانتخابية أولى القطارات مع إعلان نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إطلاق ماكينة الحزب الانتخابية جنوباً، تحت شعار «متحالفون مع حركة أمل في كلّ لبنان».

صدام الوطني الحر ــ أمل يتخطّى الخطوط الحمر

توسّعت رقعة الصدام بين بعبدا وعين التينة الى حدود الخطوط الحمراء، ولا يبدو ان «الخلاف المستفحل قابل للاحتواء رغم الحديث عن مساعٍ جديدة يقوم بها حزب الله على خط بعبدا – عين التينة للتوصل الى حل لهذه الأزمة وتخفيف التوتر قبل الانتخابات النيابية»، وترجيح بعض الاوساط أن تصل المساعي الى حلٍ وسط في الايام المقبلة. فالرسائل التي تطايرت من ميرنا الشالوحي ووزارة المال تنذر بأن العلاقة غير قابلة الصيانة، وترافق ذلك مع انعقاد الاجتماع الأخير للجنة الوزارية المكلفة البحث في سبل تطبيق قانون الانتخاب برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري الذي كرّس التخلي عن كل التعديلات التي كان وزير الخارجية جبران باسيل يطالب بإدخالها وأهمّها تمديد مهلة تسجيل المغتربين للاقتراع في الانتخابات، بيد أنّها أقرّت ضرورة إنهاء دفتر الشروط بالشراكة مع القطاع الخاص لتنفيذ مكننة الأحوال الشخصية بكاملها.
باسيل يطالب بالمداورة.. وخليل متمسكون بحقنا

وردّ أمس، الوزير جبران باسيل على الرئيس نبيه بري الذي أكد مراراً أن أزمة مرسوم الأقدمية انقلاب على الدستور، بالتشديد على التمسّك بالعيش المشترك، والتوازن الداخلي حفاظاً على الاستقرار الداخلي. وكرر التمسّك بالدولة المدنية وقال بما أن البعض غير جاهز لها فنحن كتيار وطني حرّ متمسّكون بالدستور، مقترحاً مرحلياً فكرة يمكن تطويرها من دون تعديل الدستور تقوم على عدم تخصيص أي وظيفة لأي طائفة واعتماد المداورة في الحقائب الوزارية والمديريات العامة لأن الدستور لا يتحدّث عن تخصيص. ورفض باسيل بعد اجتماع هيئة مجلس التيار السياسي وضع اليد على الطوائف وتحريكها كلما دعت الحاجة الطائفية ذلك. وشدّد على أن التفاهم مع حزب الله لحماية لبنان، من «إسرائيل» ومن الفتنة. وهذا التفاهم لا يزال حاجة وسيبقى ولن تقوى عليه الألاعيب السياسية الصغيرة.

وأوضح وزير المال علي حسن خليل من جهته أننا «لا نستطيع الحديث عن دولة مدنية بينما نذهب إلى تجاوز الكفاءة ونلغي دور مجلس الخدمة المدنية، وطلب من رئيس الجمهورية أن يبعث برسالة مباشرة إلى مجلس النواب لتطبيق المادة 95 من الدستور «حتى نكون جديين.» ولفت إلى أن مسألة رئاسة مجلس النواب هي خارج إطار كل النقاش، ومَن يستطيع خوض هذا الأمر في إطار اللعبة الديموقراطية فأهلاً وسهلاً به.

ورفض خليل الإجابة عن مدى التمسك بوزارة المال في ضوء كلام باسيل عن مداورة مكتفياً بالقول: «عندما نصل إلى تأليف الحكومة نتكلم في وقتها عن الموضوع. لكننا سنبقى متمسكين بحقنا، وسنطالب بالقدر الذي نقتنع بأنه حق لمشاركتنا». وأوضح أن «الدستور ضمانتنا»، لكنه لا يتكيّف وفق الأهواء السياسية ولا نستطيع تفسير الدستور على طريقة المفتين الجدد الذين هم في موقع مسؤولية اليوم وقد ورّطوا العهد.»

واستدعى كلام خليل أن «المفتين الجدد الذين ورّطوا العهد»، رداً من وزير العدل سليم جريصاتي الذي اكتفى بتغريدة جاء فيها: «المفتي الجديد لا يورّط. أما المفتي القديم والجديد فيتورّط ويورّط. آمل أن نكون جميعاً من جماعة المفتين الجدد».

تجاوزات للطائف

وأشارت أوساط الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «البناء» إلى تكرار التجاوزات لاتفاق الطائف في جملة من الملفات لا سيما فرض التوازن الطائفي حتى في وظائف الفئة الثالثة والرابعة الأمر الذي يعزز الطائفية أكثر في مفاصل الدولة»، لافتة إلى أن «تأييدنا مواقف الرئيس نبيه بري تندرج في إطار العلاقة التحالفية التاريخية والمستمرة بين عبن التينة والمختارة والاتفاق على جملة من العناوين وليس موجّهاً ضد العهد والرئيس عون والتيار الوطني الحر»، موضحة أن «مواقفنا المعترضة على نهج وأداء معين يهدف الى الحفاظ على الاستقرار السياسي في البلد». وعن أزمة المرسوم لفتت الأوساط إلى «أننا قمنا بواجبنا ونقلنا اقتراح بري إلى الرئيس سعد الحريري الذي لم ينقله بعد إلى بعبدا، وبالتالي الكرة في ملعب الرئيسين عون والحريري وتجب معالجة الخلاف، أما اعتبار أنه بات خلفنا، فأمر لا يخدم المصلحة الوطنية وقد ينعكس على المؤسسات».

الغرف السوداء

وتحت شعار «نحمي ونبني»، أطلق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الماكينة الانتخابية للحزب، مؤكداً أن الغرف السوداء التي لا تريد الانتخابات ليست غرفاً وطنية إنما خارجية لعدم إجراء الانتخابات، فضلاً عن أن هناك مَن يتواصل مع جهات لبنانية للتحالف ضد حزب الله، ونحن نعرفهم بالأسماء، ولكن الردود أتتهم بأنه لا نفع في ذلك. لافتاً الى أن حزب الله مرتاح لأي نتيجة ستكون عليها الانتخابات المقبلة وحساباتنا ليست مبنية على عدد النواب إنما على سعة التمثيل. ولفت الى ان تحالفنا مع حركة أمل سيكون في كل لبنان من دون استثناء وستكون اللوائح مشتركة، وهناك عمل كبير سيكون بين الحزب والحركة.

ونقل زوار الرئيس نبيه بري عنه لـ «البناء» «التزامه بالاتفاق بين أمل وحزب الله على دعم لوائح 8 آذار في مختلف الدوائر»، مشيرين الى أن «المشاورات مستمرّة بين قيادات فريق المقاومة لحسم الترشيحات والتحالفات»، واعتباره أن «الانتخابات مفصل تغييري لمصلحة الخط السياسي الذي تمثله المقاومة». وأبدى بري إصراره بحسب زواره على «إجراء الانتخابات النيابية في موعدها ومن دون أي تعديلات على القانون الحالي وتفرُّغ الحكومة ووزارة الداخلية لاستكمال الإجراءات القانونية واللوجستية والتقنية التحضيرية للعملية الانتخابية في المناطق اللبنانية كافة، وانصراف القوى والأحزاب السياسية إلى الإعداد لإطلاق حملاتهم الانتخابية وحسم الترشيحات والتحالفات».

وأشار زوار بعبدا لـ «البناء» إلى إصرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على إجراء الانتخابات في موعدها، وهو أكد لسفراء الدول الذين التقاهم خلال اليومين الماضيين على إنجاز هذا الاستحقاق»، مشيرين الى اعتبار الرئيس عون بأن «الانتخابات تعزّز الاستقرار السياسي في لبنان، وبالتالي تزيد من ثقة المجتمع الدولي بلبنان».

في سياق متّصل، ردّت مصادر «اشتراكية» لـ «البناء» إرجاء رئيس التقدمي الاشتراكي النائب وليد لجنبلاط مؤتمره الصحافي لمزيد من النقاش والتشاور وانتظار مسارات الحوارات الأخرى، لا سيما في ضوء ارتباك مختلف القوى السياسية في حسم تحالفاتها مع تعثر مصالحة حزب القوات اللبنانية وتيار المستقبل من جهة، وعجز التيار الوطني الحر والقوات عن التوصل الى تفاهم انتخابي حتى الآن. وأضافت «نحن بذلنا جهداً لجمع القوى والحفاظ على هذا التنوع في الجبل، لكننا اصطدمنا بجدار اختلاف المصالح وتداخل الحسابات». وأشارت الى أننا «لن نرشح لوائح مكتملة للحزب. ونتوقع أن تتراوح حجم كتلتنا النيابية ما بين 10 و 12 نائباً ولن تختلف كثيراً عن حجمها الحالي”.

الجمهورية* الجمهورية

السعوديّة: لوقف تسلُّط «حزب الله»… وبرقيات تصعيدية بين عون وبرّي

لا يتطلّب الوضع الداخلي كثيرَ عناءٍ لتشخيص الأمراض التي يعاني منها، بل تكفي نظرة سريعة وسطحية لتتبدّى أمام الناظر تلك السلسلة المترابطة من العقد في شتّى المفاصل، فيما السلطة الحاكمة، وبدل أن تحضر في حلبة المتابعة والمعالجة للكمِّ المتراكم من المشكلات والملفّات، تحضر فقط في حلبات الاشتباك كلّها، وتُفخّخ البلد بأزمات مفتعلة وبصواعق سياسية وطائفية ومذهبية يَجري تفجيرها بسجال عقيم وشحنٍ يقسّم البلد تحت عناوين مختلفة ومفتعلة على خطّ الانتخابات، تديرُه قوى سياسية ثبتَ بالملموس أن لا همَّ لها سوى الكسبِ الانتخابي، وأمّا ما يعني الناس وهمومَهم، فليَرحّل إلى رفّ الإهمال والنسيان.

في موقفٍ لافت، دعَت السعودية مجلسَ الأمن الدولي إلى «التعامل بجدّية مع «حزب الله» لوقف تسلّطه في المنطقة، وكشفِ عملياته الإرهابية في سوريا ولبنان وأنحاء أخرى من العالم».

وقال المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي «ان الأوان لأنْ يتّخذ المجلس موقفاً حاسماً تجاه إيران وألّا يتساهل إزاء ممارساتها العدوانية الإرهابية التي تزعزع الأمن والسِلم الدولي والإقليمي قد حان»، وحذّر من أنّ «إيران ما زالت تمارس تدخّلاتها الفاضحة في الشؤون الداخلية للدول العربية ومنها العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها، وما زالت تبثّ الإرهاب وتدعَمه وتتبنّاه».

وقال: «إنّ إيران هي الداعم الأوّل لـ«حزب الله» الإرهابي الذي مازال يمارس سَطوته وتسلّطه في لبنان، ويشعِل فتيلَ الحرب في سوريا، ويَرتكب فيها أسوأ ممارسات القتل والحصار والتطهير العرقي، وما زالت إيران تدعم قوى التمرّد والانقلاب من ميلشيات الحوثي في اليمن وتزوّدها بالأسلحة ومنها الصواريخ التي تتعرّض لها مدن بلادي بين حين وآخر، حيث وصَل عدد الهجمات الصاروخية على المملكة العربية السعودية ما يقارب التسعين حالة، بصواريخ ثبتَ لكم بتقارير مستقلّة من الأمم المتحدة أنّها من صنع إيران.. في مخالفةٍ واضحة وصريحة لقرارَي مجلس الأمن رقم 2216 ورقم 2».

صرخة في واد!
داخلياً، صار الرهان على مبادرة مسؤولة من قبَل أهلِ السلطة ولو في حدّها الأدنى تجاه أولويات الناس، أشبَه بصرخةٍ في واد ولا حياة لمن تنادي، وفي ظِلّ هذه العقلية الحاكمة، صار البلد كلّه في حاجة الى «عدّادات» لإحصاء الارتكابات والمخالفات والتجاوزات التي تحصل في كلّ القطاعات، يضاف اليها التمادي المريب في استهداف الحرّيات بملاحقات قضائية لتخويف أو ترويض أو تدجين إعلاميين وصحافيين، في بلد يقول دستوره إنه «قائم على احترام الحرّيات العامة، وفي طليعتها احترام الرأي».

إلى الإقتصاد دُر!
لعلّ ما بلغَه الوضع الاقتصادي من اهتراء، يوجب وضعَ الإصبع على هذا الجرح النازف في البلد الذي ينذِر بالأسوأ ، فالتجاذبات السياسية المنطلقة بمعظمِها من حسابات انتخابية، لن تترتّب عليها ضحايا سياسية، بل إنّ الوضع المالي والاقتصادي هو الضحية الصامتة. ومؤشّرات ذلك تتبدّى في التحذيرات المتتالية من خبراء متخصّصين مِن صورةٍ مالية قاتمة ومزيدٍ مِن المشاكل والأزمات».

وكذلك من الإجراء الذي اتّخَذه رئيس الحكومة سعد الحريري بالطلب إلى الإدارات العامة كافّةً خفضَ موازناتِها بواقع 20 في المئة للعام 2018، الذي يُعتبر بمثابة مؤشّر آخر إلى الوضع المالي المأزوم الذي يُنذر بكارثةٍ إذا لم تتمّ المعالجة بفعالية وسرعة. وأمّا الأزمة الاساس فتتمثّل في نموّ حجم الدين العام، إذ كلّما تأخّرت معالجته اشتدّت خطورته، وقد نستفيق بعد 6 أيارعلى كارثة لن تخفّفَ من وطأتها نتائجُ الانتخابات النيابية، بصرف النظر عن الرابح والخاسر فيها.

إهتزاز سياسي
في السياسة، أفقُ الأزمة القائمة بين الرئاستين الأولى والثانية مقفَل نهائياً أمام الحلول، لكنّه مفتوح على تصعيد وسجال تحت عناوين شتّى، على نحو ما حصَل بالأمس بين وزير المال علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل، وما تبادلاه من برقيات تصعيدية بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

باسيل
باسيل، وفي مؤتمر صحافي عَقده أمس، قال: «هناك محاولات للعزل والمسّ بالشراكة الوطنية من أطراف في سِجلّهم الكثيرُ في هذا الموضوع، والانقلابُ على الدستور يأتي من الذين يخلقون أعرافاً جديدة وليس من الذين يتمسّكون بالدستور، اليوم لدينا دستور يَحكم حياتنا الوطنية، ونحن متمسّكون به، ولا نيّة لدينا بالانقلاب عليه».

وإذ قال إنّ لبنان لا يعيش بثنائيات، اعتبَر «أن لا شيء يحقّق الاستقرار إلّا الدولة المدنية، فهي خلاصُنا جميعاً، ونعترف بأنّ الدولة اللبنانية حتى اليوم فشلت في تطبيق المادة 95 من الدستور التي تأخذنا الى إلغاء الطائفية السياسية». مستطرداً: «بما أنّ الأكثرية ترفض الدولة المدنية، نطرَح مرحلياً من دون تعديل الدستور إلغاءَ المذهبية السياسية للمحافظة على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين».

خليل
وردّ وزير المال على باسيل في مؤتمر صحافي قال فيه: لا نستطيع تفسيرَ الدستور على طريقة المفتين الجُدد الذين هم في موقع مسؤولية اليوم وقد ورّطوا العهد.

أضاف: البعض يَستخدم شعارات ليخفيَ ممارساته الحالية في إدارة شؤون الدولة، وكنّا وما زلنا ندافع عن الميثاق والدستور». وقال: عن قناعة والتزام وطنيّ وافَقنا على التوزيع الطائفي في الكثير من المواقع الإدارية، لأنّ فيه طمأنةً للمسيحيين»، وجميعُنا طوائف متساوية بالالتزامات الوطنية وبالواجبات والحقوق.

أضاف: يتكلّمون عن نظام متقدّم ومتطوّر ويمارسون تعطيلَ أمور الناس، ولا نستطيع الحديث عن دولة مدنية بينما نذهب الى تجاوزِ الكفاءة ونلغي مجلسَ الخدمة المدنية»

وقال: أمرٌ خطير أن نلعب على المسألة المذهبية وأن نكرّس الطائفية. وليبعثْ فخامة رئيس الجمهورية برسالة مباشرة إلى مجلس النواب لتطبيق المادة 95 من الدستور حتى نكون جدّيين.

إسقاط التمديد
هذه الأجواء المتشنّجة، جرى التعبير عنها أيضاً في اجتماع اللجنة الوزارية التي انعقدت برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري في السراي، والذي لم يدُم لنحو ساعة، حيث انتهى وفق ما هو مقدّر له، أي بإسقاط الاقتراح المقدّم من وزير الخارجية لتعديل القانون الانتخابي بالسماح بتمديد تسجيل المغتربين.

وقالت مصادر وزارية مشاركة في الاجتماع لـ«الجمهورية»: كان هذا الاجتماع الاخير للّجنة، وتمّ إقفال باب التعديلات نهائيا وسلوكُ طريق الانتخابات بحسب القانون الانتخابي كما أقرّه مجلس النواب.

وأشارت المصادر إلى أنّ جوّ الاجتماع لم يكن متشنّجاً، بل تمّت مقاربة الاقتراح بنقاش هادئ، حيث بدأت الجلسة بعرض مكتوب من قبَل وزير الداخلية نهاد المشنوق، خلصَ فيه إلى تعذّرِ إمكانية إجراء التعديلات، وخصوصاً من الناحية التقنية، ثمّ استمزج رئيس الحكومة آراءَ الحاضرين، فتولّى باسيل الدفاع عن الاقتراح مؤكّداً أهمّية وضرورة إدخال الإصلاحات على القانون الانتخابي، مشدّداً على اهمّية تمديد فترة تسجيل المغتربين، لأنّ كثيرين منهم راغبون بذلك ولم يتِح لهم الوقت.

ومن ثمّ توزّعت آراء الحاضرين بين رافضٍ للتعديل، ولا سيّما الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش وعلي قانصو ويوسف فنيانوس وأيمن شقير، فيما أكّد الوزير طلال ارسلان أنّه مع التعديل من حيث المبدأ، إلّا أنه لا يبدو أنّ ثمّة إمكانيةً لذلك. أمّا موقف «القوات»، فهو مع التعديل ايضاً من حيث المبدأ إذا كان هناك مِن مجال لهذا التعديل، وإذا تعذّرَ فلنذهب إلى الانتخابات.

وأشارت المصادر الى أنّ الحريري لمسَ من خلال آراء الحاضرين أنّ الاكثرية معارضة وأنّ المطلوب أن نذهب إلى الانتخابات من دون أن نعطيَ مزيداً من التشكيك بالانتخابات، خصوصاً أنّ مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قد صَدر، وأنّ الترشيحات تَحدّدت في 5 شباط، عملياً دخل البلد في جوّ الانتخابات وبدأ سرَيان المهل، والآن أيّ كلام عن تعديلات وعودة الى المجلس النيابي يمكن ان تعطيَ للناس صورةً بأنّ هناك جوَّ تأجيل للانتخابات، وهذا ما لا نريده.

المشنوق
وقال المشنوق لـ«الجمهورية»: كان النقاش هادئاً وموضوعياً وعاقلاً، وأنا أعتبر أنّ اللجنة نجَحت في تحديد ما يمكن فِعله وما لا يمكن.

وأشار الى أنّ كلّ النقاش الذي حصَل خلال الأشهر الاخيرة حول المواد كان نقاشاً سياسياً أكثر منه تقنياً، موضحاً أنّ «جزءاً كبيراً مِن التأخير الحاصل بموضوع تسجيل المغتربين سببُه الأزمة السياسية التي حصلت خلال استقالة الرئيس الحريري، حيث خسِرنا وقتاً لنحو شهر، علماً أنّ الوزير باسيل قدّم اقتراحه في 18 كانون الاوّل الماضي، وناقشناه اليوم (أمس) داخل اللجنة. يعني أنّ الوقت لم يخدم تنفيذ الأفكار الإصلاحية.

وردّاً على سؤال قال: سنعمل جهدَنا لكي تكون التجربة الانتخابية ناجحة، مؤكّداً أن لا شيء في الداخل يمكن أن يؤجّل أو يُطيّر الانتخابات.

وحول تأثيرات الوضع السياسي المتأزّم على الانتخابات، قال المشنوق: واضحٌ أنّ هناك أبواباً تُفتح، ودعونا نبني على كلام الرئيس بري عندما قال بإمكانية التحالف مع التيار الوطني الحر بعيداً عن السجال، ربّما هذا يفتح باباً للتهدئة.

فنيش
وقال الوزير فنيش لـ«الجمهورية»: نستطيع القول: إلى الانتخابات دُر، فقد انتهت اجتماعات اللجنة الوزارية ولم يمرّ التعديل.
وردّاً على سؤال قال: منسوبُ التشنّج والخطاب يعلو ويهبط، هذا من عدّة الشغل الانتخابي، لكن لا توجد لدى أحد رغبةٌ في تطيير الانتخابات، ولا أحد يستطيع ذلك، مصلحةُ لبنان العليا هي في إجراء الانتخابات، ولا نرى مصلحةً لأحد في الداخل أو الخارج في تطيير الانتخابات.

فنيانوس
وقال الوزير فنيانوس لـ«الجمهورية»: الأمر انتهى في اللجنة الوزارية وتبيَّن أن لا مجال لتعديل القانون الانتخابي. وأشار الى أنّ الوزير باسيل يخوض انتخاباته بالشعارات، ويحاول أن يُظهر من خلال ما يطرحه أنّ هناك فريقاً مع الإصلاحات وفريقاً ضد الإصلاحات، حتى إذا ما قال له أحدٌ ما بأنّ ما تطرحه يتعذّر تنفيذه تقنياً ـ يأتي ويقول له أنتَ ضدّ الإصلاحات، هو يرفض أن يأخذ بعين الاعتبار أيَّ ملاحظة يقدّمها أيّ فريق. حتى عندما يقول له «حزب الله» إنّنا لا نستطيع أن نراقبَ في الخارج، يردّ قائلاً أنتم مِن الأساس كنتم موافقين، فلماذا غيّرتم الآن؟، هو لا يعطي اعتباراً إلّا لِما يريده هو فقط.

خطأ!
مِن جهةٍ ثانية، نُقل عن وزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل أنّ توقيع عقود الاستكشاف والتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اللبنانية مع تحالف شركات توتال ونوفاتك وآيني سيتمّ في التاسع من شباط المقبل.

وسألت مصادر مطّلعة عبر «الجمهورية» عمّا إذا كان هناك خطأ في التوقيت أم في التقدير، واستغربَت أن يكون الوزير أبو خليل لم يتنبَّه إلى مصادفة هذا الموعد المحدّد لحفلِ التوقيع وعيدَ أبي الطائفة المارونية ومؤسّسِها مار مارون، الذي تحتفل به مطرانية بيروت المارونية هذا العام كما في كلّ عام برعاية ومشاركة رئيس الجمهورية وبحضور كلّ مِن رئيسَي مجلس النواب والحكومة والمسؤولين اللبنانيين.

اللواء* اللواء

«أقوياء الطوائف» ينقضّون على الطائف.. ويطيِّفون الإنتخابات!

الحريري إلى تركيا الأسبوع المقبل.. والمفتي دريان: على مسافة واحدة من جميع المرشحين

السؤال البدهي: الانتخابات حل لأزمة، أم استيلاد لأزمات؟ وماذا يعني ان يشرب الوزيران، المعروفان، السياديان، وزير المال علي حسن خليل، ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، وبما يمثلان «حليب السباع» في معركة كلامية، تتعلق بالطائف والدستور، والوظائف الصغيرة والكبيرة، والمراسيم العادية، وتلك التي يترتب عليها، حسب الأصول، أعباء مالية، في بلد يمر اقتصاده بظروف بالغة الصعوبة، ويقتضي إصلاحات جذرية، وفقا لوزير المال نفسه، وكأن هذه المسائل الدستورية والميثاقية تعني فريقهما السياسي فقط، وبالتالي على سائر الأفرقاء انتظار غبار المعركة، ليبنى كل فريق خيار الانحياز إلى فريقه الطائفي والمذهبي.
بصرف النظر عن النتائج المتوقعة، في صناديق الاقتراع، كان من أوّل ضحايا معركة المؤتمرات الصحفية، والشاشات، حيث استنجدت محطة OTV، بنقل مباشر، غير مسبوق، لمؤتمر صحفي عقده المدير السابق لوزارة الإعلام محمّد عبيد (من حركة أمل قبل طرده منها)، ليستفيض في الحملة على الرئيس نبيه برّي، ويطالب الرئيس ميشال عون بأن يتدخل لتنفيذ الاحكام القضائية، ومنها اعادته إلى وظيفته وفقا لقرار مجلس شورى الدولة.. كان من أوّل الضحايا، فشل اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة تطبيق قانون الانتخاب، بحجج منها استحالة اجراء أي إصلاحات لأسباب تقنية وسياسية، باعتراف وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، الذي اعتبر انه في حال دخل قانون الانتخابات إلى المجلس النيابي سيتم الوصول إلى نتائج غير إيجابية.. واعتراف الوزير باسيل صاحب مشروع تمديد مهلة تسجيل المغتربين بفشله وفشل الإصلاحات، على حد تعبيره، إضافة إلى الاطاحة بالمؤتمر الاغترابي في ساحل العاج.

ورأت أوساط قريبة من التيار الوطني الحر ان كلام الوزير خليل ان بعض «المفتين الجدد» ورطوا العهد في تفسير الدستور، ولا نستطيع الحديث عن دولة مدنية بينما نذهب إلى تجاوز الكفاءة ونلغي دور مجلس الخدمة، وان نلغي فرصة الذين لا سند لهم ويعتمدون على كفاءتهم من خلال مجلس الخدمة، فيه استهداف للعهد، لا سيما في تلويحه في معرض الرد على باسيل إلى فشل عملية التغيير والإصلاح، واستثئار التيار الوطني الحر بالتعيينات والتشكيلات تحت ذريعة الحفاظ على حقوق المسيحيين.

ودعا خليل رئيس الجمهورية إلى توجيه رسالة إلى مجلس النواب لتطبيق المادة 595 من الدستور القاضية بإلغاء الطائفية السياسية.
وما لم يقله خليل قالته محطة NBN , عندما تحدثت عن ان «تيار العائلة الرئاسية» كاللوتو، بين الاثنين والخميس يقول الشيء ونقيضه، واصفة التيار الوطني الحر بـ«تيار التغيير في المواقف بين ليلة وضحاها».. لتكرر المحطة عبارة «العائلة الرئاسية» مرات عدّة، متهمة وزير العدل سليم جريصاتي «بالتفرغ حاليا للعائلة الرئاسية ولقمع الحريات».

ولم يوفّر خليل الرئيس الحريري، عندما توجه إليه بالسؤال: هل يريد الحفاظ على هذه المؤسسات أم يريد المشاركة في ضربها (مجلس الخدمة وهيئات الرقابة).

ورد الوزير جريصاتي: «المفتي الجديد لا يورط، اما المفتي القديم والجديد فيتورط ويورط».

وكان الوزير باسيل استهل مؤتمره الصحفي بعد اجتماع الهيئة السياسية في التيار باقتراح إلغاء المذهبية السياسية لنحافظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، لا ان تكون المداورة غب الطلب، مشددا على تمسك تياره بالتفاهم مع حزب الله والقوات اللبنانية وتيار المستقبل.

وقال: «لدينا دستور هو حاكم حياتنا الوطنية بين بعضنا البعض، ونحن متمسكون بهذا الدستور، لأن ليس لأحد نية بالانقلاب عليه، لا من حيث الممارسة، ولا بأي تصرف آخر غير التصرف الديمقراطي».

اضاف: «الآن يجري الحديث عن تخصيص وزارات لطوائف، وتقع من جرّاء ذلك مشكلة، وهذا يكون الانقلاب الكبير على الدستور»، في إشارة إلى تمسك الشيعة بوزارة المال.

وسط هذا الاشتباك، الذي ينبئ بأن الانتخابات ستكون «انتخابات طوائف» وليس لتجديد الدم في السلطة التشريعية، نقل عن الرئيس نبيه برّي، ان التيار الوطني الحر من أجل شدّ عصب جمهوره يسعى الى مخاصمة حركة «امل» وفريق عين التينة.

حكومياً، يعقد مجلس الوزراء جلسة له الأسبوع المقبل في السراي الكبير، بجدول أعمال عادي، متأثرا «بالعواصف الكلامية» الساخنة بين بعبدا وعين التينة.

وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيتوجه مطلع الاسبوع في زيارة الىتركيا، حيث يلتقي كبار المسؤولين الأتراك، ومن المتوقع أن يشكر رئيس مجلس الوزراء القيادة التركية على التعاون مع لبنان لا سيما في المجال الأمني، بعد تسليم المشتبه به في متفجرة صيدا ضد القيادي في «حماس» محمّد عمر حمدان.

وظهر بعد غد الاثنين، يقام حفل تكريمي في السراي الكبير للوزير السابق عدنان القصار سلّم رئاسة الهيئات الاقتصادية إلى رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمّد شقير، ودعيت إلى الحفل شخصيات سياسية واقتصادية ورجال أعمال وسيكون للرئيس الحريري كلمة في المناسبة.

دار الفتوى: على مسافة واحدة
وفي سياق موقف متقدّم، أعلن المفتي عبد اللطيف دريان، انه ودار الفتوى على «مسافة واحدة من جميع المرشحين للانتخابات النيابية (الذين دعاهم لأن تكون معركتهم معركة برامج وخطط) وهمنا المصلحة الوطنية».

وأكّد المفتي دريان خلال حفل تكريمي أقامه أمين عام مؤتمر الخير العربي محمد بركات في دارته لشيوخ القراء في لبنان، «أنه لن نسكت أبدا على إهدار أي حق من حقوقنا»، مؤكدا ان «المسلمين في لبنان هم الضمانة لكل المسلمين في الشرق الأوسط، وعلينا ان نحافظ على وجودنا وعلى حقوقنا وعلى مكانتنا ولا مجال ابدا ان نسمح بأن يؤثر الاختلاف السياسي علينا، ولا نريد ان نأخذ حق أي كان، ولكن علينا ان نحمي حقوق جميع اللبنانيين».

الحراك الانتخابي

وبانتظار تدحرج أسماء المرشحين على اللوائح المغلقة للقوى السياسية أو الأحزاب والشخصيات الطامحة، بدأت معالم التحالفات ترسم في غير اتجاه انطلاقاً من تيارين واسعين، بدآ بالتعبير عن حراكهما: الأوّل تيّار الثنائي الشيعي أمل – حزب الله، حيث أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم انهما متحالفان في كل الدوائر الانتخابية على المناصفة باقتسام نواب الشيعة في البرلمان (27 نائبا)، خلال لقاء الماكينات الانتخابية للحزب في دائرتي الجنوب الثانية والثالثة، تحت شعار «نحمي ونبني»، ومن زاوية أن حزب لله أحد أعمدة الدولة اللبنانية مطالبا بكثافة التصويت، الذي هو أمانة.

ورأى الشيخ قاسم أن اللوائح ستكون مشتركة وهناك عمل كبير سيكون بين حزب الله وحركة أمل، وأضاف «اتفقنا مع أمل انه في بيروت هناك مرشّح لحزب الله ومرشح لحركة أمل لأن هناك مقعدين وكذلك في بعبدا وهكذا تمّ تقسيم المقاعد».

كاشفا عن تسمية مرشحي الحزب خلال مُـدّة أقصاها الأسبوع الأوّل من شباط، مع الإشارة إلى معلومات تحدثت عن ترشيح باسم الموسوي (نجل الأمين العام السابق عباس الموسوي، الذي استشهد بغارة اسرائيلية) واللواء جميل السيّد والنائب السابق البير منصور عن المقعد الكاثوليكي.

بدورها، أوضحت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» أن هناك دراسات تجري على الأرض حول الاحتمالات الأنسب للتحالف أو عدمه. وقالت إن هناك بعض الدوائر لاسيما في الشوف وعاليه تستدعي هذه الدراسة لمعرفة مدى تقبل الصوت المسيحي لخوض الائتلاف.
وقالت إن كل دائرة انتخابية تفرض خصوصية وبناء على التحالفات تحدد الأمور. وإذ رأت أن الترشيحات أصبحت معروفة في المبدأ إلا أنها أكدت أن هناك أسماء ثابتة وأخرى قابلة للأخذ والرد. ورأت أن هناك أصواتاً ارتفعت تدعو إلى عدم الائتلاف لاسيما في الجبل تحت عنوان استعادة القرار.

وأكدت أن هناك تحالفاً مرتقب مع تيار المستقبل وان العلاقة جيدة مع النائب وليد جنبلاط.

وقال القيادي في التيار الوطني الحر الوزير السابق ماريو عون ل اللواء أن الحلف مع «حزب الله» غير قابل للاهتزاز ويرتكز على استراتيجية وما من خوف على هذا الحلف غير أنه من الضروري معرفة ماهية الأرض والمعارك لأنه سيتم التعامل على القطعة. ووصف الوضع حتى الآن بالإيجابي بالنسبة لـ«لتيار الوطني الحر».

وتحدث عن أن الأسابيع المقبلة ستكون مفصلية في ما خص إعلان بعض الأمور الانتخابية للتيار.

من جانبها، تنقل مصادر «الثنائي الشيعي» عن حزب الله تاكيده على ان الخلافات او التباينات بين شارعي المقاومة والتيار الوطني الحر على خلفية الجدل حول فيلم «ذا بوست» وخلاف التيار مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول مرسوم الاقدمية لن تؤثر باي شكل من الاشكال على الحلف الثنائي الذي يجمع حزب الله والعونيين ، مؤكدة ان ما جرى هو مجرد سوء تفاهم عابر وليس مشكلة اساسية ، وقد مر التحالف سابقا بمشاكل وصعوبات اكبر من هذا الموضوع وبقي صامدا ولم يتأثر.

وأشارت المصادر ان المتغير هو تحالف مع بعض «الحلفاء والحضور» حيث تقتضي مصلحة الثنائي الانتخابية ذلك، مستبعدا السعي إلى التحالف مع تيّار المستقبل، الذي أكده أمينه العام أحمد الحريري ان من المستحيلات التحالفات مع حزب الله انتخابيا.

تعميم الداخلية
وطي صفحة التعديلات

إجرائياً، أصدر الوزير المشنوق تعميماً حول مهل الترشيح وتسجيل اللوائح الانتخابية، بدءاً من صباح الخامس من شباط المقبل حتى منتصف ليل السادس من آذار، ومع المرشحين مهلة حتى منتصف ليل الحادي والعشرين من آذار للرجوع عن الترشيح.

في السراي، انعقد الاجتماع الأخير للجنة الوزارية المكلفة البحث في سبل تطبيق قانون الانتخاب برئاسة الرئيس الحريري، وانتهى في أقل من ساعة، مكرّساً التخلي نهائياً، عن الإصلاحات الانتخابية وإسقاط كل التعديلات التي كان وزير الخارجية جبران باسيل يقترح إدخالها إلى قانون الانتخاب وأهمها تمديد مهلة تسجيل المغتربين للاقتراع في الانتخابات. وبعد الاجتماع، قال باسيل للمرة الثالثة خسرت وخسر معي اللبنانيون الاصلاحات». أما وزير الداخلية نهاد المشنوق فأشار إلى أن «الانتخابات في موعدها ولا إمكان لإدخال تعديلات». ولفت رداً على سؤال عن إمكانية الطعن إلى ان «المادة الوحيدة الخاضعة للنقاش لإيجاد مخرج قانوني هي المادة 84 التي تنص على وجود ان تستعمل الحكومة البطاقة البيومترية».. بدوره، قال وزير شؤون المهجرين طلال أرسلان ان «جو المما طلة هو الذي أوصلنا الى هذه النتيجة». أما وزير الشباب محمّد فنيش، فأكد أن الناس رايحة عالإنتخابات». وقال وزير المال علي حسن خليل ان موقفي من التعديلات بقي نفسه.

العقوبات

وفي مجال اقتصادي آخرها لا تزال الأوساط المصرفية والسياسية تتابع ما دار في الغرف المغلقة بين مساعد وزير الخارجية الأميركي مارشال بيلنغسلي والمسؤول اللبناني لجهة العقوبات على حزب الله، والطلب بإقفال بعض المصارف، مثل مصرف صادرات إيران، وبنك لبناني – إقليمي، فضلا عن مصارف أخرى، الأمر الذي شكل مفاجأة للمسؤولين المصرفيين، لاسيما ان بعض هذه المصارف لها فروع في عواصم أوروبية، ومنها مصرف صادرات إيران.

ومن المسائل التي أثارها الجانب الأميركي ان بعض الإدارات الوسطية في بعض الفروع المصرفية، لا تلتزم أصول مكافحة تبييض أموال للإرهاب» (في إشارة إلى حزب الله) فيما بقي الموقف الأميركي غامضاً لجهة فرض عقوبات على نواب ووزراء وكيانات صحية واجتماعية محسوبة على الحزب.

مجلس إدارة العمال
نقابيا، لم يتمكن الاتحاد العمالي العام من تسمية مندوبيه العشرة كأعضاء في مجلس إدارة الضمان، بعدما تلقى رئيس الاتحاد بشارة الأسمر اتصالا من وزير العمل يتمنى عليه تأجيل تعيين مجلس الإدارة حرصا على «التوازن الوطني».

وقال مصدر مطلع على الاتصالات ان التيار الوطني الحر ارجأ تشكيل مجلس الإدارة بعدما لمس عدم قدرة على ان تكون له حصة ذات تأثير على قرارات مجلس الإدارة.

الاخبار* الاخبار

باريس 4: الامعان في الاستدانة وطرد الدولة

يشكّل «سيدر1» استمراراً للنهج نفسه في ادارة اقتصاد البلد ورفده بدعّامات تحول دون انهياره

تبلّغ لبنان أخيراً من الجانب الفرنسي انه لن يجري تحديد موعد لانعقاد مؤتمر «باريس ــــ »4، ما لم تضع الحكومة اللبنانية «خطّة اصلاحية»، تلتزم فيها خفض عجز الموازنة وضبط نمو الدين العام واشراك القطاع الخاص في البنى التحتية والخدمات العامّة… هذا «البلاغ» عدّه متابعون للتحضيرات الجارية لعقد هذا المؤتمر بمثابة اعلان «عدم رضى» على ما تم انجازه حتى الآن تحت عنوان «الخطة الاستثمارية للحكومة»، والتي لا تتعدى كونها عملية تجميع للمشاريع غير المنفّذة منذ سنوات طويلة، والتي تصل كلفتها الاجمالية الى اكثر من 22 مليار دولار، بحسب اللائحة الموزّعة من قبل الفريق الاقتصادي في رئاسة الحكومة
فيفيان عقيقي

فيما المؤشّرات تتوقّع حدوث أزمة ماليّة خطرة في لبنان، تتجّه الحكومة إلى «حِقن المورفين» لتأجيل هذا الانهيار، وبالطرق المعهودة منذ التسعينيات، أي عبر اللجوء إلى الاستدانة وتوظيف الأموال لدعم القطاع الخاص، وعلى رأسه المصارف.

هذا ما تمّ التعبير عنه خلال اجتماع لجنة الاقتصاد البرلمانيّة مع فريق رئاسة الحكومة، المخصص لمناقشة الخطّة الاستثماريّة التي ستُطرح في مؤتمر «سيدر 1» (المعروف إعلامياً باسم «باريس ــــ 4»).

يبني فريق رئاسة الحكومة خطته على هدف «رفع معدّل النمو من خلال رفع معدّل الإنفاق الاستثماري»، معتبرا أن «ارتفاع حجم الدين ليس شديد الخطورة بقدر ارتفاع نسبة هذا الدين إلى الناتج المحلي». ويرى أن «الإنفاق الاستثماري سيرفع معدّل النمو ويكبّر حجم الاقتصاد، وبالتالي فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلي ستنخفض». وانطلاقا من هذا التبسيط يخلص الى ان «ليس هناك ما يثير المخاوف».

هذه «النظرية»، التي لم تثبت صحتها في تجارب لبنان والبلدان الاخرى، كانت محل انتقاد داخل اللجنة البرلمانية، كون «المطروح يتناقض مع مسار ضبط تضخّم الدين وخفض نسبة العجز الذي تسعى إليه الدولة اللبنانيّة منذ سنوات، وهذا الإنفاق الاستثماري الكبير شبيه بالإنفاق في مرحلة إعادة الإعمار، ويعيد تشريع البلد على كمّيات كبيرة من الدين ستؤدي إلى تداعيات سلبيّة على الماليّة العامّة، خصوصاً إذا كانت، كما سابقاتها، مجرّد حركة سيجري ابتلاعها بسرعة، ويعود بعدها البلد إلى أزمته في شكل مضاعف».

بحسب مصادر اللجنة البرلمانيّة، فإن حجم هذا الإنفاق الاستثماري «شبيه بالإنفاق الذي تمّ في مرحلة إعادة الإعمار بعد الطائف، في توقيت يسبق الإنتخابات النيابيّة المقبلة، ويستهدف مناطق محدّدة في مرحلته الأولى (بيروت وجبل لبنان والشمال) ويفتح الأبواب للقطاع الخاص، في حين من المفترض إبعاد أي خطّة عن الحسابات السياسيّة، ودراستها بصورة علميّة لمعرفة التأثيرات الاقتصاديّة والماليّة المترتبة عليها، خصوصاً أن حاجات الاقتصاد اللبناني تنقسم إلى حاجات قصيرة المدى شبيهة بالخطّة الاستثماريّة، وأخرى متوسطة المدى واستراتيجيّة أكثر عمقاً تعيد هيكلة النموذج الاقتصادي القائم».

ماذا في الخطّة الاستثماريّة؟

نهاية آذار المقبل هو الموعد المُرتقب لانعقاد مؤتمر مجموعة الدعم الدوليّة لمساعدة لبنان، في باريس، بعنوان «سيدر ــــ 1» (Cedre1)، حيث ستعرض الحكومة اللبنانيّة خطّتها الاستثماريّة التي تشتمل على تنفيذ مشاريع لتطوير البنى التحتيّة بقيمة 16.9 مليار دولار أميركي. وتأتي هذه الخطة استجابة لمطالبة الدول المانحة بوجوب تقديم خطّة أولاً، وهو ما تمّ التعبير عنه خلال زيارة الحريري إلى بلجيكا في نيسان 2017، على هامش مشاركته في مؤتمر «دعم مستقبل سوريا والمنطقة»، ومطالبته المجتمع الدولي بزيادة الدعم المالي للبنان لمساعدته على تحمّل أعباء اللاجئين السوريين، من خلال تمويل مشاريع لتطوير البنى التحتيّة لخلق فرص عمل للبنانيين والسوريين.

نحاس: احلال القطاع الخاص ينطوي على توسيع الاحتكارات

يقول نديم المنلا، المستشار الاقتصادي لرئيس الحكومة، إن «ورشة إعداد الخطّة الاستثماريّة أُطلقت بعد أشهر من تشكيل حكومة الحريري في كانون الأول 2016، بمشاركة الوزارات ومجلس الإنماء والإعمار، وقضت بتحديد الحاجات الراهنة والحاجات المتوقّعة لخمس سنوات مُقبلة، فضلاً عن توثيق المشاريع التي أعدّت دراساتها ولم تنفّذ، وجمعها معاً لتشكيل خطّة تتبنّاها الحكومة».

تستند الأسباب الموجبة لانعقاد مؤتمر دعم الاقتصاد اللبناني، بحسب المنلا، الى ثلاثة مؤشرات رئيسة، وهي: «أزمة البطالة التي تضاعفت إلى 20%، وباتت تزيد على 30% بين الشباب، وتفاقمت بعد تدفق اللاجئين السوريين. وتهالك وترهّل البنى التحتيّة التي يستهلكها 6 ملايين شخص مقيم، فيما هي مُعدّة لخدمة 3 ملايين فقط. والمؤشر الثالث، هو تراجع نمو الناتج المحلي من 8% قبل أزمة اللاجئين إلى 1% بعدها». ويشير المنلا إلى أن «الاعتماد على السياسة القديمة القائمة على خلق جوّ ملائم للقطاع الخاصّ ليولّد فرص عمل لم يعد نافعاً، لذلك وضعنا سياسة إعماريّة قادرة على انتشال الاقتصاد اللبناني من أزمته، عبر مشاريع بنى تحتيّة نحن في حاجة إليها، وقادرة على خلق فرص عمل نقدّرها بنحو 120 إلى 160 ألف فرصة عمل سنويّة، من المتوقّع أن تحقّق معدّلات نمو مباشر وغير مباشر بنسبة 6 الى 8%».

وبحسب لائحة المشاريع التي اعدّها الفريق المذكور، هناك أكثر من 250 مشروعاً مُقترحٌ تنفيذها خلال عشر سنوات، نصفها ذو طابع محلي ونصفها الآخر ذو طابع مركزي، سيتم عرضها في «سيدر ــــ 1» بعد التوافق عليها مع القوى السياسيّة كافّة، على أن يتم تنفيذها على 3 مراحل وفقاً للأولويات. وبحسب المنلا، «هناك مشاريع بقيمة 7.5 مليار دولار يستطيع القطاع الخاصّ تنفيذها متعلّقة بالمواصلات والطاقة والنفايات والاتصالات، وهناك دول أبدت رغبتها في مشاركة شركاتها لتنفيذها استناداً إلى قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، الذي أقرّ اخيراً في مجلس النواب، في حين سيتم السعي لتأمين قروض ميّسرة لمدّة 30 سنة بفائدة لا تتجاوز 1.5% مع فترة سماح لتنفيذ المشاريع الأخرى».

بروباغندا وشعبوية وقطاع خاص

في الواقع، ليست هذه «الخطّة الاستثماريّة» إلّا اقتباساً مجتزأً من «برنامج الاستثمار العام» (الخطّة الكاملة مرفقة)، الذي أقرّه مجلس الوزراء عام 2006، وقدّمته الحكومات في مؤتمرات دوليّة عدّة، بحسب الوزير السابق شربل نحّاس، وأضيفت إليه «مشاريع غير منفّذة جُمّعت عشوائياً من الوزارات، فأحدثت تغييراً جوهرياً على برنامج الاستثمار العام». علماً أن هذا البرنامج يرتكز إلى دراسة أجرتها «دار الهندسة» ومكتب نحّاس لصالح مجلس الإنماء والإعمار بين عامي 2005 و2006، وتضمنت رؤية تخطيطية لمدّة 10 ــــ 15 سنة، بعدما عاينت الآثار التي رتبها الإنفاق العام خلال فترة التسعينيات على الاقتصاد اللبناني، وحدّدت منهجيّة اختيار المشاريع الاستثماريّة وأولوياتها وسبل تمويلها، والسياسات القطاعية وبرامجها، فضلاً عن المشاريع الاستثماريّة التي يحتاجها كل قطاع.

المنلا: ستحقّق الخطة
معدّلات نمو مباشر
وغير مباشر بنسبة 6 الى 8%

يقول نحّاس إن لتوقيت المؤتمر وهوية المشاركين فيه وطروحاته معاني أساسيّة، تتمثّل بـ:

1 ــــ انعقاده قبل الانتخابات النيابيّة في أيار 2018 بما يتيح للسلطة اللبنانيّة إطلاق مشاريع إنمائيّة تستكمل من خلالها الترويج لبروباغندا إنجازاتها، وهو ما يمدّها بدفع شعبوي ويحقّق لها مكاسب من خلال المشاريع التي ستلزّم للقطاع الخاص.

2 ــــ تكريس النهج القاضي بإحلال القطاع الخاصّ مكان الدولة لتنفيذ مشاريع إنمائيّة والاستثمار في البنى التحتيّة لقاء مبالغ ضخمة ولسنوات طويلة، بدلاً من القيام بمشاريع استثماريّة ذات قيمة مضافة تراكم رأس المال وتخلق فرص عمل، وهو ما تترتّب عليه احتكارات تنعكس على نوعيّة الخدمة العامّة المقدّمة للمواطن، فضلاً عن إخفاء قيمة الدين العامّ الفعليّة والفوائد المترتبة عليه وبالتالي إخفاء جزء من العجز المالي.

3 ــــ تبيان مصالح الجهات المانحة التي بأغلبيتها ستكون دولاً أوروبيّة، تتركّز أهدافها على وقف تدفق اللاجئين السوريين عبر حدودها، من خلال إبقائهم في الدول المضيفة وتمكينهم فيها عبر دعم مشاريع تولّد فرص عمل تؤمّن متطلبات عيشهم.

4 ــــ مساعي فرنسا لتركيز نفوذها في المنطقة في ظلّ التغييرات العالميّة والإقليميّة في موازين القوى، من خلال تبنيها للمؤتمر وتنظيمه.

الملاحظات على الخطّة!

يبدو أن خيارات لبنان ضيّقة لمواجهة أزمته الاقتصاديّة المُزمنة والناتجة عن عدم قدرته على توليد فرص عمل، وهي سابقة لأزمة اللجوء السوري، بسبب غياب الاستثمارات في القطاعات المُنتجة والمولّدة للقيمة المضافة، بحسب ما يشير رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق، عبد الحليم فضل الله، وهي تنحصر بين «خفض النفقات الجاريّة لصالح النفقات الاستثماريّة. الحصول على قروض تنميّة طويلة الأمد ومن دون فائدة ومساعدات لقاء استقباله اللاجئين السوريين. معالجة التهرّب الضريبي المقدّر بنحو 4 مليارات دولار سنوياً. تفعيل الجباية كون إيرادات لبنان الضريبيّة أقل 7 نقاط مقارنة مع الدول المتوسطة الدخل. واللجوء إلى عقود شراكة مع القطاع الخاص».

قرم: الديمقراطية
في لبنان تحوّلت الى حكم
الاثرياء ونظام الزعامة

وينبثق عن خيار اللجوء إلى الشراكة والقروض، وفق الخطّة المعروضة، مجموعة ملاحظات أوليّة يلخّصها فضل الله بالآتي:

1 ــــ هيكليّة التمويل المُفترض أن تتناسب مع الحاجات المحليّة منعاً لتفاقم الدين العام، بحيث تكون أقل من الكلفة التي يرتبها التموّل من الأسواق الماليّة، أي عبر اللجوء إلى قروض بفوائد منخفضة مع فترة سماح، وأن يكون جزء من التمويل عبارة عن منح لأن المؤتمر يستند إلى وجود أزمة لاجئين وليس إلى أزمة ماليّة، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته تجاه لبنان لا تحميله أعباءً ماليّة وديوناً إضافيّة لتنفيذ مشاريع تدخل في إطار التكيّف مع اللاجئين.

2 ــــ التركيز على مشاريع مركزيّة لتحقيق نهصة إنمائيّة بدلاً من خلق فورة مشاريع عشوائيّة لا تتطابق مع الحاجات الفعليّة، وسدّ العجز في الاستثمار الناشئ عن القصور في الإنفاق على البنى التحتيّة خلال السنوات العشر السابقة والمقدّر بنحو 16 مليار دولار، كما التركيز على قطاعات اجتماعيّة مثل التعليم والصحة (ميزانياتها منخفضة في الخطّة)، والقطاعات التي تمتصّ اليد العاملة مثل اكتشاف النفط والغاز، إضافة إلى التركيز على الطابع التنظيمي لبعض القطاعات وتنفيذ الخطط الموضوعة مثل خطة ترتيب الأراضي.

3 ــــ تحويل لبنان إلى ساحة مشرّعة أمام القطاع الخاص، بحيث لا يجب إخراج قطاعات وموارد حيويّة عن سيطرة الدولة وإشرافها المباشر مثل المياه والكهرباء والاتصالات، فهناك تقارير عن الأبعاد الاقتصاديّة للشراكة مع القطاع الخاصّ صادرة عن مؤسّسات دوليّة تروّج بالعادة لهذا النموذج (البنك الدولي وصندوق النقد الدولي)، وتقرّ بأن هذه العقود «أكثر تكلفة من المشتريات التقليديّة التي تنشئ فيها الهيئات العامّة بمفردها أصول البنية التحتيّة أو تتعاقد مع مموّل خاصّ لبنائها.

4 ــــ التغاضي عن معالجة أزمة الاقتصاد اللبناني الذي يعاني من عدم القدرة على توليد فرص عمل، نتيجة ضعف الاستثمار في الصناعة والزراعة لصالح دعم قطاعات ريعيّة كالمصارف والعقارات. علماً أن التمركّز الاقتصادي واعتماد الاقتصاد على التحويلات خفّض قدرته على توليد فرص عمل، والدليل هو حصّة الأجور المنكمشة داخل الاقتصاد، ونمو إنتاجيّة العمل في القطاع الخاص في شكل أعلى من نمو الأجور، نتيجة استحواذ احتكاري عبر المداخيل الريعيّة (الفوائد والتحويلات) التي تشكّل 20 ــــ 25% من إجمالي الناتج المحلي، فضلاً عن زيادة معدّلات الفقر والتفاوت بتوزيع المداخيل بالتزامن مع زيادة النمو.

الحاجة الفعليّة: عقد اقتصادي جديد!

رغم الحرص الذي بذلته الحكومة لتبديل اسم المؤتمر من «باريس ــــ 4» إلى «سيدر ــــ 1»، وفق وزير الاقتصاد رائد خوري، لأسباب وصفها بـ«النفسيّة تفادياً لتشبيه المؤتمر الحالي بما سبقه من مؤتمرات لم تحقّق النتائج المرجوة منها»، إلّا أنه لا يشكّل سوى استمرار للنهج نفسه في إدارة اقتصاد البلد، ورفده بدعامات تحول دون انهياره، فيما المطلوب هو التوافق على عقد اقتصادي جديد منبثق عن حوار بين كلّ مكوّنات الاقتصاد اللبناني.

فضل الله: لا يجب إخراج قطاعات وموارد حيويّة عن سيطرة
الدولة وإشرافها المباشر

هذه التجربة سبق أن خاضها لبنان بين عامي 2007 و2009، عندما نظّم الاتحاد الأوروبي حواراً بين الكتل النيابيّة وممثلي القطاعات الاقتصاديّة والنقابات، أفضى إلى إحداث إختراقات ووضع مبادئ عامّة وأخرى تفصيليّة، وتوقيع المشاركين على 4 اتفاقيات (النصوص كاملة مرفقة) حول التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة، ومعالجة مشكلة الدين العام، وترشيد النفقات العامّة، وإعادة هيكلة النظام الضريبي وإصلاحه، وتفعيل قطاعي الصناعة والزراعة، فضلاً عن تفعيل الخدمات العامّة والسياسات الاجتماعيّة والتربويّة والصحيّة، وتنمية المناطق والتقارب بينها، وتعزيز المنافسة اللبنانيّة، بما يخلق اقتصاداً منوّعاً ويولّد فرص عمل، ويكافح الفقر، ويحدّ من الهجرة. وقد عرضت هذه الاتفاقيات في حكومة نجيب ميقاتي ولكنّها لم تنفّذ.

يقول وزير المال السابق جورج قرم إن «تجربة الاتحاد الأوروبي ليست الوحيدة فقد أعدّ المجلس الاقتصادي الاجتماعي خطّة نهوض للبنان، وعلى الرغم من النتائج المذهلة التي تمّ التوصّل إليها، إلّا أن شيئاً لم ينفّذ نتيجة نظام المحاصصة المُدمّر والمستمرّ بحكم استمرار السلطة نفسها». فعلى سبيل المثال أقرّ الحوار التغطية الصحيّة الشاملة وضمان الشيخوخة، لكن الحكومة توجّهت نحو تطبيق مصالح أعضائها، وتلزيم مشروع البطاقة الصحيّة الذي قدّمه وزير الصحّة آنذاك محمد جواد خليفة مع ينطوي عليه من شبهات، فيما كلا المشروعين (التغطية الشاملة وضمان الشيخوخة) ما زالا معلّقين من دون تنفيذ.

في الواقع، تعود أزمة الاقتصاد اللبناني إلى الأربعينيات، بحسب ما يوضح قرم، اذ أن «الفكر الليبرالي طغى على الاقتصاد اللبناني منذ الاستقلال، وتركّز على الخدمات والسياحة والوساطة، وهو ما أدّى بحسب دراسة أعدّتها بعثة IRFED في عهد الرئيس فؤاد شهاب إلى استحواذ 4% من اللبنانيين على 32% من الدخل الوطني، ما انعكس فقراً وحرماناً وتبايناً بين المناطق نتيجة سوء توزيع الدخل وتركّز الثروة. أمّا بعد إنتهاء الحرب، فقد سوّق الفريق الإعماري للأفكار النيوليبراليّة وكيفيّة الاستفادة الريعيّة من موقع لبنان الجغرافي لتطوير الوساطة التجاريّة والماليّة، من دون التفكير بالزراعة والصناعة والقدرات الإنتاجيّة. فوقّعت حكومات ما بعد الحرب اتفاقيات تبادل حرّ قتلت الصناعة والتجارة، واعتمدت على سياسات إعماريّة لتطوير البنى التحتيّة فقط، حتى الخدمات العامّة وقعت تحت نفوذ كبار الزعماء ضمن منطق المحاصصة، كما تم التعويض للناس عن فقدان منازلهم من دون التعويض عن فقدان المصانع، وبدلاً من رفع الضرائب لتمويل إعادة الإعمار خفّضت وتمّ التوجّه نحو الاستدانة. وهو ما أدّى إلى استمرار استثمار اللبنانيين في تعليم أبنائهم لتصديرهم إلى الخارج بدلاً من السلع، نتيجة عدم وجود فرص عمل، مقابل الاستفادة من التحويلات التي يرسلونها والتي تشكّل نحو 10% من الدخل الوطني، فيما يستورد لبنان أيدي عاملة رخيصة، وهو ما ساهم بتوليد أرباح كبيرة».

تكمن الحاجة الفعليّة لحلّ مشكلات لبنان الاقتصاديّة بمعالجة على مستويين، بحسب قرم، «الأوّل متعلّق بالأوضاع السياسية والثاني بالأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة»، وهي تتطلّب «فصل البنية القانونيّة للدولة عن البنية القانونيّة للطوائف، انتخاب رئيس السلطة التنفيذية بالاقتراع المباشر من الشعب، واعتماد النظام النسبي في الانتخابات، بما يفكّك الترابط بين السلطة والطوائف وما ينتج عنه من تكريس لنظام الزعامة وتحويل الديمقراطيّة إلى حكم الأثرياء، فضلاً عن إصلاح النظام الضريبي لجعله يتناول المداخيل الماليّة والريعيّة وتخفيف وطأته عن المداخيل الناتجة عن نشاطات إنتاجيّة، والقضاء التدريجي على دولرة الاقتصاد وعلى استعمال ازدواج العملة لتوليد مداخيل غير شرعيّة على حساب الخزينة، وإصلاح النظام التربوي بما يعالج هجرة الكفاءات».

عمد فريق رئاسة الحكومة إلى تجميع المشاريع غير المنفّذة طوال السنوات الماضية، وضمّها معاً، بوصفها الخطّة المتوقّع تقديمها في مؤتمر «سيدر 1»(الخطّة الكاملة مرفقة). في الواقع، وبحسب مصادر تعمل على الخطّة، خضع البرنامج الاستثماري العام لمجموعة من التعديلات بما يتماشى مع مصالح الكتل السياسيّة الانتخابيّة، ويتنافى مع كلّ المعايير العلميّة المعتمدة لتحديد أولويات المشاريع وجدواها الاقتصاديّة. ويبدو واضحاً تركيز الإنفاق في المرحلة الأولى من الخطّة على مناطق بيروت وجبل لبنان والشمال، لأسباب انتخابيّة تكمن في تراجع نفوذ وسلطة القوى النافذة فيها، بحسب المصادر نفسها، فضلاً عن الإصرار على تنفيذ مشاريع غير مجدية اقتصادياً بحسب دراسات مرفقة بها، مثل سكة الحديد بين طرابلس والحدود السوريّة التي، كما تفيد الدراسة الموجودة لدى مجلس الإنماء والإعمار، ستكون كلفتها أكبر من مردودها، ويضاف إلى ذلك تخطّى قيمة المشاريع المعروضة ضمن الخطّة الكلفة التي أعلن عنها بنحو 5.5 مليارات دولار. القيمة الإجماليّة لتنفيذ الخطّة بحسب التصريحات الرسميّة تبلغ نحو 16.9 مليار دولار، فيما كلفة المشاريع التي تتضمّنها يصل مجموعها إلى نحو 22.5 مليار دولار. للصورة المكبرة انقر هنا

مؤتمرات دعم لبنان

ـــ مؤتمر واشنطن: عقد في كانون الثاني 1996 في واشنطن تحت شعار «مؤتمر أصدقاء لبنان» بمشاركة نحو 30 دولة وممثلين لـ 10 مؤسسات مالية دوليّة، حيث تقرّرت مجموعة مساعدات وهبات وقروض لتمويل مشاريع إنمائيّة.

ـــ مؤتمر باريس 1: عقد في شباط 2001 في قصر الإليزيه بحضور ممثلين عن البنك الدولي والمفوضية الأوروبيّة والبنك الأوروبي للاستثمار. تركّزت خطّة الحكومة اللبنانيّة على دعم القطاع الخاص، دمج الاقتصاد اللبناني بالاقتصاد العالمي، خفض التعريفات الجمركيّة، خفض العجز المالي في الموازنة، إدارة الدين والخصخصة. وحصل لبنان على 500 مليون يورو على شكل مساعدات وقروض ميسّرة كمساعدة أوليّة، تمهيداً لعقد مؤتمر آخر موسّع (باريس 2).

ـــ مؤتمر باريس 2: عقد في تشرين الثاني 2002 في قصر الإليزيه بمشاركة 23 دولة أوروبيّة وعربيّة وآسيويّة، ومؤسسات ماليّة دوليّة.
تركّزت خطّة الحكومة على خفض العجز المالي وإعادة هيكلة الدين العام وخصخصة قطاعي الاتصالات والكهرباء. وحصل لبنان على قروض بقيمة 4.4 مليارات يورو بفائدة 5%: 3.1 مليارات كمساعدة ماليّة و1.3 مليار لمشاريع بنى تحتية. واستخدمت المساعدة المالية في إعادة تمويل الدين العام بالعملة الأجنبيّة وإعادة جدولته عبر إطالة أجله وتخفيض كلفة خدمته.

ـــ مؤتمر ستوكهولم: عقد في ستوكهولم في آب 2006 بدعوة من الحكومة السويديّة وبدعم من الأمم المتحدة بحضور نحو 50 دولة ومؤسّسة ماليّة، حيث منحت الحكومة اللبنانيّة مساعدة بقيمة 980 مليون دولار لإعادة إعمار ما دمّرته حرب تموز.

ـــ مؤتمر باريس 3: عقد في كانون الثاني 2007 في باريس بمشاركة 36 دولة و8 مؤسّسات ماليّة عالميّة، ارتكز على برنامج أعدّه الفريق الاقتصادي لرئيس الحكومة فؤاد السنيورة، وركز على إصلاح القطاع المالي وتطوير الأسواق الماليّة وبيئة الأعمال للقطاعات الإنتاجيّة، تقوية شبكة الحماية الاجتماعيّة للفئات الضعيفة والمهمّشة، تقليص العجز والدين العام والمحافظة على الاستقرار المالي والنقدي، الخصخصة، والمحافظة على استقرار سعر الصرف ودعم وتمويل مؤسسات القطاع الخاص ودعم القطاع المصرفي. وحصل لبنان على هبات وقروض ميسّرة بقيمة 7.533 مليارات دولار.

المصدر: صحف