الشيخ دعموش : إساءات السعودية بحق المقاومة لن تغير موقفنا من سياساتها الخاطئة – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الشيخ دعموش : إساءات السعودية بحق المقاومة لن تغير موقفنا من سياساتها الخاطئة

الشيخ علي دعموش
الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة

رأى سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن النظام السعودي يحاول فرض سيطرته وأفكاره وأراءه السياسية على بعض الدول العربية والاسلامية وعلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن, ويسعى إنطلاقاً من عدائه وحقده على المقاومة الاسلامية في لبنان لإقناع مجلس الأمن ومنظمة التعاون الاسلامي إعتبار حزب الله منظمة إرهابية, ويمارس ضغوطاً في اجتماعات القمة الاسلامية في تركيا من أجل الإساءة الى إيران والى حزب الله وتشويه سمعة المقاومة.

وقال: من واجب الحكومة اللبنانية الوقوف ضد هذه الإساءات بحزم ودون تردد, باعتبار أن حزب الله المقاوم هو مكون أساسي في الحكومة اللبنانية, وبأن الافتراء عليه بتهمة  الإرهاب هو توجه كيدِي ظالم, وطعنٌ يطالها ويجب الاعتراض عليه والتصدي له وعدم السكوت عنه.

 نص الخطبة

في شهر رجب تحتشد المناسبات الإسلامية الخالدة, فقد مرت علينا ذكرى ولادة الإمام محمد الباقر(ع) في الأول من رجب, وولادة وشهادة الإمام علي الهادي(ع) في الثاني والثالث منه, وستأتي بعد أيام ذكرى ولادة الإمام محمد الجواد(ع) في العاشر من رجب وذكرى, وذكرى ولادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) في الثالث عشر منه. والجامع بين هؤلاء الأئمة الأطهار(ع) هو الولاية, وولايتهم هي ولاية تشريعية وولاية تكوينية, وما أود الحديث عنه في هذه الخطبة هو ولايتهم التكوينية, فما هي الولاية التكوينية؟

المقصود بالولاية التكوينية هو القدرة على التحكم والتصرف بالموجودات والمخلوقات والأشياء، أي بالكون وعالم الوجود, كالإحياء والاماتة والإيجاد والخلق.  والإبراء من الأمراض بطريقة خارقة, بحيث ان الولي قادر على فعل هذه الأشياء إن أراد، لا على نحو الاستقلال وبمعزل عن إرادة الله وإنما بإرادة الله تعالى وإذنه وتوفيقه وتسديده, بحيث ان إرادة المعصوم نبياً كان أو وصياً تكون من مبادئ تحقق الإرادة الإلهية؛ بمعنى أن الله سبحانه وتعالى إذا أراد إحياء الميت  على يدي النبي عيسى(ع) لا يريد إحياءه إلا إذا أراد عيسى(ع) ذلك.

والولاية التكوينية ثابتة لله تعالى بلا شك ولا ريب (فله الأمر كله) وهو المحي والمميت ومن له القدرة المطلقة على فعل ما يشاء والتصرف كيفما يريد, وهي ثابتة لغيره تعالى أيضاً..  فهي ثابتة للملائكة, يقول تعالى عن الملائكة) :فالمدبراتِ أمرا( النازعات:5. ويقول تعالى: (قل يتوفاكم ملك الموت (السجدة:11. والولاية التكوينية ثابتة أيضاً للأنبياء والمعصومين(ع) والجن وبعض الناس من غير الأنبياء والمعصومين.  فالقرآن الكريم يتحدث عن المعجزات التي قام بها الأنبياء بقدرة الله, فيقول تعالى حكاية عن عيسى:﴿إنّي قَدْ جئْتُكُمْ بآيَةٍ منْ رَبَكُمْ أَنّي أَخْلُقُ لَكُمْ منَ الطِّين كَهَيْئَة الطَّير فَأَنْفُخُ فيه فيَكُونُ طَيْراً بإذْن اللّه وَأُبْرى‏ءُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وأُحْي المَوْتَى بإذْن اللَّه﴾.

فان هذه الآية الكريمة تدل بوضوح على أنّ الّذي يبرى‏ء الأكمه(الأعمى) والأبرص ويحيي الموتى ويخلق الطير هو عيسى (ع)بنفسه، فاللّه سبحانه وتعالى قد أعطى عيسى (ع) القدرة على هذا التصرف التكويني.ويقول تعالى عن سليمان : ﴿فَسَخَّرنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْري بأَمْره رُخَاءً حيْثُ أَصَاب﴾. ﴿فسخرنا له ) أي لسليمان (الريح﴾ أي جعلنا الريح طوع إرادته وخاضعاً له, بحيث يتحرك بإرادته واختياره كيفما يريد. ويقول تعالى عن داوود: ﴿وَلَقَدْ آتيْنَاَ داوُدَ منَّا فَضْلاً يَا جبَالُ أَوِّبي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الحَديد﴾. أي جعلنا الحديد مطيعاً لداود(ع) يتحرّك كيفما حركه وهو تعبير آخر عن السلطة والولاية على الحديد. ويقول  في آية رابعة عن سليمان : ﴿قَالَ يَا أَيُّهَا المَلَؤُا أَيُّكُمْ يَأْتيني بِعَرْشهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُوني مُسْلمينَ , قَالَ عفْريتٌ منَ الْجنّ‏ِ أَنَا آتيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامكَ وَإنِّي عَلَيْه لَقَوي أَمين, قَالَ الَّذي عنْدَهُ علْم مِنَ الكتَابَ أَنَا ءاتيكَ بِه قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمّا رَآهُ مُسْتَقراً عنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْل رَبّي ليَبْلُوَني ءأشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ﴾.النمل 38-40

فقد ذكرت هذه الآيات قصة عرش بلقيس فقد عرض عفريت من الجن على سليمان أن يأتي به من اليمن الى فلسطين ببلاد الشام قبل أن يقوم من مقامه أي خلال لحظات, بينما الّذي عنده علم من الكتاب, أي شيء من علم الكتاب وليس علم الكتاب كله وهو وصي سليمان آصف بن برخيا, إستطاع أن يأتي به من اليمن إلى الشام قبل أن يرتد إلى سليمان طرفه. وهذه الآية تدل على أن هذا النوع من الولاية التكوينية ثابتة للجن ولغير المعصومين أيضاً كآصف بن برخيا الذي كان لديه علم من الكتاب والذي لم يكن نبياً ولا إماماً معصوماً وانما كان وصياً لسليمان(ع).

وذكر العلم هنا في هذه الآية ووجوده عند هذا الشخص دون ذلك الذي كان من الجن يوحي بأن لهذا العلم مدخلية في القدرة على التصرف والإتيان بعرش بلقيس من اليمن الى الشام, وإلاّ لكان ذكره لغواً لا ضرورة له, وهذا يعني أن من لديه شيء من علم الكتاب له كل هذه القدرة على التصرف في الأشياء والموجودات وله ولاية تكوينية.. فمن باب أولى أن تكون هذه القدرة وهذه الولاية ثابتة لمن عنده علم الكتاب كله وهم الأئمة الأطهار (ع).

البعض ربما يتوهم بأن القول بثبوت الولاية التكوينية لأنبياء والأئمة(ع) يؤدي الى الشرك بالله! إذ الولاية التكوينية تعني أنهم يملكون القدرة التي يملكها الله على الخلق والإيجاد والتصرف بالمخلوقات! لكن هذا غير صحيح, لأننا عندما نقول بثبوت الولاية التكوينية للأنبياء والأئمة(ع) لا نقول أنهم يستطيعون التصرف بالأشياء بقدرة ذاتية أو بارادة مستقلة بمعزل عن قدرة الله وإرادته, بل هم يتصرفون بإذن الله,  وإرادتهم هي من مبادىء ارادة الله وليست ارادة مستقلة عن ارادة الله, فعندما تتعلق ارادتهم بشيء تعلقت ارادة الله به ومنحهم القدرة على التصرف به.

وثبوت هذه الولاية لأئمة أهل البيت (ع( دلت عليها روايات كثيرة مروية عنهم(ع):

فأولاً: في قصة عرش بلقيس استطاع آصف بن برخيا أن ينقله في طرفة عين بسبب ما عنده من علم الكتاب, وثبتت الولاية التكوينية له بسبب أن عنده  شيء من علم الكتاب، فكيف بالذي عنده علم الكتاب فتثبت له الولاية قطعاً وبالأولوية كما قلنا! لأن للعلم مدخلية في القدرة على التصرف التكويني, والأئمة (ع) عندهم علم الكتاب كله. فقد قال تعالى: (ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب (العنكبوت:52  وقد أكدت الروايات  الواردة من الفريقين السنة والشيعة  بأن هذه الآية نزلت في الامام أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) وأنه هو المقصود بمن عنده علم الكتاب. ثانياً: من الثابت عندنا أن الأئمة يقدرون على صنع المعجزات التي جاء بها الأنبياء:

ففي رواية عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبداللّه عليه السلام وأبي جعفر عليه السلام، وقلت لهما: أنتما ورثة رسول اللّه؟

قال (ع): نعم.

قلت: فرسول اللّه وارث الأنبياء, علم كل ماعلموا؟

فقال لي (ع): نعم.

قلت: أنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرئوا الأكمه والأبرص؟

فقال لي (ع): نعم بإذن اللّه.

ثالثاً: قدرتهم (ع) على فعل ما يريدون, فهناك الكثير من الروايات التي تؤكد أن اللّه تعالى أعطى الأئمة (ع) قدرة يستطيعون أن يفعلوا من خلالها كل ما يريدون بإذن الله.

وهذه الروايات جاءت بتعبيرات متعددة، نذكر منها روايتين:

الأولى: عن جابر عن الإمام الباقر (ع) قال:”إن اللّه أقدّرنا على ما نريد، ولو شئنا أن نسوق الأرض بأزمتها لسقناها”.

الثانية: عن الإمام الكاظم (ع)قال:”إن اللّه يقول في كتابه ﴿وَلَوْ أَنّ‏َ قُرْآناً سُيِّرَتْ به الْجبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ به الأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ به الْمَوْتَى﴾ وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ماتسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى، وإن في كتاب اللّه لآيات ما يراد بها أمر إلا ن يأذن اللّه به مع ما قد يأذن اللّه ممّا كتبه الماضون، جعله اللّه لنا في أم الكتاب”.

فهاتان الروايتان وغيرهما من الروايات التي فيها روايات صحيحة السند وواضحة الدلالة تؤكد ثبوت مثل هذه القدرة للأنبياء والأولياء وعلى رأسهم النبي الأكرم (ص) وأهل البيت‏(ع). وإلى هذه الحقيقة يشير الإمام الخميني (قده) في كتاب الحكومة الإسلامية حيث يقول: “إن للإمام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون”. هذه الولاية منحها الله للأطهار ولم يمنحها للطغاة الذين يمارسون ولاياتهم الكاذبة وهيمنتهم وسيطرتهم على بعض الشعوب والدول مقابل أموال واتفاقات تجارية واقتصادية . ليس للطغاة والمتحجرين والحاقدين ولاية على أحد لا على الدول ولا على الشعوب ولا على أي جهة.

اليوم بعض الطغاة والحاقدين والموتورين كالنظام السعودي يحاول فرض سيطرته وافكاره وأراءه السياسية على بعض الدول العربية والاسلامية وعلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن, ويسعى انطلاقاً من عدائه وحقده على  المقاومة الاسلامية في لبنان لإقناع مجلس الأمن ومنظمة التعاون الاسلامي إعتبار حزب الله منظمة إرهاب, ويمارس ضغوطاً في اجتماعات القمة الاسلامية في تركيا من أجل الإساءة الى إيران والى حزب الله وتشويه سمعة المقاومة.

من واجب الحكومة اللبنانية الوقوف ضد هذه الإساءات بحزم ودون تردد, باعتبار أن حزب الله المقاوم هو مكون أساسي في الحكومة اللبنانية, وبأن الافتراء عليه بتهمة الإرهاب هو توجه كيدِي ظالم, وطعنٌ يطالها ويجب الاعتراض عليه والتصدي له وعدم السكوت عنه”. هذه الإساءات والضغوط والاجراءات التي تمارسها السعودية ضد المقاومة لن تؤدي لا الى تغيير موقفنا من السياسات السعودية الخاطئة, ولا من قول كلمة الحق أمام السلطان الجائر, كما لن تلغي حقنا في التعبير عن قناعاتنا ورأينا فيما ترتكبه السعودية من مجازر في اليمن وغيرها.

 

المصدر: خاص