كلمة السيد نصر الله لمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد القائدين سليماني والمهندس في 3-1-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

كلمة السيد نصر الله لمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد القائدين سليماني والمهندس في 3-1-2023

السيد نصر الله22

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم جميعًا ورحمة الله وبركاته.

أولًا، أُرحّب بالحضور الكريم والمبارك في احتفالنا التكريمي هذا، لقائدين كبيرين، عظيمين، شهيدين، في زماننا ومقاومتنا ومحورنا.

في البداية، أود أن أعتذر من جميع المحبين لما جرى معنا في الأيام القليلة الماضية، تحضيراً لهذا الاحتفال، كُنت أعتقد أنّ الوقت لن يتسع في مهرجان شعبي للتحدث عن جميع القضايا المحلية والإقليمية، وخصوصاً بعد غياب لشهر ونصف وتقريباً عن المنبر، ففكرت أن أتحدث يوم الجمعة الماضي وأُركّز على الملفات المحلية، وأتطرق إلى عدد من الأحداث التي حصلت في لبنان، وأيضاً إلى الموضوع السياسي ما يرتبط بانتخابات الرئاسة والعلاقات السياسية، وكنتُ مُتحمّساً وحضّرتُ نفسي وكالعادة، لكن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول: “عرفت الله بفسخ العزائم ونقض الهمم”، الله سبحانه تعالى كان له مشيئة أخرى.

في كل الأحوال، أحببنا وقتها أن نكون صادقين معكم، شفّافين معكم، لأن إلغاء الكلمة بعد الدعاية والانتظار كان يمكن أن يترك تأويلات كثيرة وبعضها بالتأكيد كان يمكن أن يكون خاطئًا.

أنا أعتذر أنّني شغلت بالكم وأشكركم على المحبة والعاطفة، وكل الذين دعوا وتصدقوا وذبحوا وكل ما يمكن أن يُعمل في هذا السياق مشكورين وممنونين إن شاء الله.

لكن أنا أحبّ أن أُطمئنكم، لأنني شاهدت بعض ما قيل في الإعلام الإسرائيلي، بعض ما قيل أيضاً في بعض الإعلام الخليجي، هناك من قال ذبحة دماغية وهناك من قال في العناية، وهناك من قال أنه على أجهزة تنفس وما شاكل. ليس هنالك داعٍ للقلق نهائياً، أنا عندي هذه الحالة – حتى أكون شفّاف أكثر – تقريباً ثلاثين سنة عندي تحسّس في القصبة الهوائية، وحتى عندما استشهد مولانا الشهيد السيد عباس (رحمة الله عليه) أنا كنت في الفراش بسبب هذه الحالة، يعني قبل أكثر من ثلاثين سنة، هذا الإخوة يعرفونه جيدًا، ولكن عادة عندما تثور هذه الحساسية أنا أتجنّب المنبر، لكن فاجأتني يوم الجمعة فاضطرينا إلى الإلغاء، فليس هنالك شيء، الأمور الطبيعية، رشح، زُكام، مثل كل الناس. لو لم يكن هناك خطاب يوم الجمعة ما كان أحد أحسّ بشيء، ولكن هذا الذي حصل.

لذلك اليوم إن شاء الله أنا أود أن أركّز على قضية المناسبة وما يتصل بواقعنا الحاضر وأُبقي مجالًا في آخر الخطبة للملف السياسي اللبناني.

طبعًا يوم الجمعة كنت أود أن أتوجّه، والآن أتوجّه للتبريك بالأعياد، أعياد عيد الميلاد، عيد ميلاد السيد المسيح (عليه السلام) الذي يعنينا جميعًا كمسلمين ومسيحيين، رأس السنة الميلادية الجديدة، أتمنى أن تكون سنة خير وفرج وأمل بالنسبة للشعب اللبناني وكل شعوب منطقتنا. أيضاً في الأيام القليلة الماضية كانت لدينا ذكرى شهادة الصديقة الكبرى سيدة نساء العالمين بضعة رسول الله، والتي كان يقول عنها روحي التي بين جَنبي السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام. لدينا ذكرى سنوية لعدد من علمائنا، آية الله مصباح يزدي الفيلسوف والمفكر الإسلامي الكبير، الذكرى السنوية للعلامة الشهيد الشيخ نمر النمر، الشهيد المظلوم الصابر الشجاع. أيضًا فقدنا في الأسابيع الماضية عددًا من إخواننا وأعزائنا وآباء الشهداء وأمهات الشهداء أتوجه إليهم بالتعزية جميعاً. وفي العادة أنا أُخصص العلماء، فقدنا عالماً جليلاً مبلغاً داعياً إلى الله سبحانه وتعالى، قضى عمره المبارك في تبليغ الإسلام والدعوة إلى الله وإلى الخير وإلى المعروف، سماحة السيد نسيم عطوي (رحمة الله عليه)، أتوجه أيضاً إلى عائلته الشريفة فرداً فرداً بالتعزية.

المناسبة بين أيدينا هي الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد القائدين الكبيرين الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس ( الحاج جمال). طبعًا نُجدّد العزاء والتبريك في ذكرى هذه الشهادة لسماحة الإمام القائد السيد الخامنئي (دام ظله الشريف)، للإخوة المسؤولين في الجمهورية الإسلامية في إيران، للشعب الإيراني، لعائلة الشهيد الحاج قاسم سليماني، وللإخوة الذين استشهدوا معه من شباب الحرس الإخوة الإيرانيين. كما نتوجّه إلى مرجعيتنا الدينية الشريفة في النجف الأشرف وإلى الشعب العراقي، إلى القوى العراقية، إلى إخواننا في الحشد الشعبي، إلى فصائل المقاومة، إلى عائلة الشهيد القائد الحاج أبو مهدي، أيضاً بأحرّ التعازي والتبريك في هذه المناسبة.

أحد الأشكال أو العوامل التي تكشف لنا عن عظمة أي شخصية، عن عظمة أي شخص أو مكانته أو حقيقته أو جوهره، من جملة هذه العوامل عمله في الدنيا، ما قام به، ما أنجزه، هل ما قام به عظيم، كبير، جليل، مهم؟ هذا من الكواشف عن حقيقة الشخصية. عندما نَأتي إلى الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني – وبعده أتطرق في السياق إلى الحاج أبو مهدي – نحن نكتشف من خلال عظيم عمله وإنجازاته ونجاحاته نكتشف عظيم شخصيته وحقيقة جوهره ومكانته، إلى أن ختم الله له سبحانه وتعالى بهذا الوسام الرفيع وهذه الشهادة العظيمة على يد الشيطان الأكبر وأعظم طواغيت هذا العالم في العصر الحديث.

خلال عقدين تقريباً تولى الحاج قاسم قيادة قوة القدس في حرس الثورة الإسلامية، وهذه القوة هي معنية بالوضع الجهادي في منطقتنا بشكل خاص، وعنوانها الرئيسي هو القدس وبيت المقدس. عندما دخل الحاج قاسم قبل عشرين عاماً أو أكثر من عشرين عاماً إلى منطقتنا، إلى ساحتنا، إلى مياديننا، كان يتوفّر له وبين يديه وخلفه 3 عناصر أو عوامل أساسية:

الأول، شخصيته هو، بما كان يتمتع به من صدق كبير، إخلاص عظيم، إخلاص لله سبحانه وتعالى، لم يكن يطلب شيئاً لا من حسن الصيت ولا من مناصب الدنيا، وهو كان في السنوات الأخيرة من أوفر المرشحين حظاً، من المرشحين الطبيعيين – في لبنان هناك هكذا اصطلاح – المرشحين الطبيعيين لرئاسة الجمهورية في إيران، واستطلاعات الرأي كانت تؤيده بشكل هائل، لكن هو فضّل أن يبقى في الميادين وفي الجبهات وعلى خطوط القتال، لم يكن يطلب شيئاً، كان على درجة عالية من التقوى، من التدين، من الالتزام بالضوابط الشرعية، من عشق الله ومحبّة الله وشوق لقاء الله وطلب الشهادة. أيضاً في المواصفات الشخصية، عقل وحكمة وتدبير وذكاء وإبداع وألمعية وقدرة تخطيط، وأيضاً قدرة هائلة على تحمل التعب والمشاق والصعوبات، وأمل عظيم بالمستقبل. على كلٍ، لا يوجد شك أنه كان شخصية مميزة ونادرة. هذا واحد، إذاً شخصية الحاج قاسم.

اثنين، أنه كان يتكئ أو يستند إلى قيادة، إلى قائد حكيم وعظيم وشجاع ومدير ومدبّر ومُطل على كل ساحات هذا العالم، هو سماحة الإمام القائد السيد الخامنئي(دام ظله الشريف)، ما كان يقوم به الحاج قاسم في الاستراتيجية، في الخطوط العريضة، في الأوامر الأساسية، في التوجهات الأساسية، هذه كانت إرشادات سماحة الإمام الخامنئي، وتوجيهات سماحة الإمام الخامنئي، وضوابط وحدود وسقوف سماحة الإمام الخامنئي. وهنا أعود إلى الصفة الشخصية، الحاج قاسم كان دائماً – هذا ما كشفته وصيته التي كتبها، ولكن هو عاش كذلك – لم يكن جنرال الولاية، كان جندي الولاية، وكتب في وصيته وأوصى أن يُكتب على ضريحه، لا يكتب لا جنرال ولا فريق ولا لواء ولا أي شيء، كتبوا جندي الولاية قاسم سليماني، هو هكذا عاش في حياته. أيضاً يستند مع القائد إلى الجمهورية الإسلامية في إيران كقوة إقليمية كبيرة ومهمة وحاضرة وقادرة ومؤثرة في المنطقة، وتستطيع أن تمد يد العون لشعوب منطقتنا، كل شعوب منطقتنا المظلومة والمضطهدة والمستهدفة بالمشروع الأميركي الصهيوني، هذا خلفه.

العامل الثالث هو أنه جاء إلى ميدان، هنا يجب أن نؤكد على وطنية الحالات القائمة في محور المقاومة، عندما جاء مثلاً في بداية قوة القدس إلى لبنان واتصل بالإخوة الفلسطينيين إلى مقاومة موجودة وحاضرة، إلى إرادة لبنانية بالمقاومة والقتال، إلى إرادة فلسطينية عمرها عشرات السنين في المقاومة والقتال. لاحقاً بعد احتلال العراق هو جاء إلى العراق، إلى العراقيين الذين يملكون رؤية وإرادة وقرار. في تطور الأحداث في سوريا وفي اليمن وفي غيرها من البلدان كذلك. للأسف ما زال البعض يُصوّر أنّ دول وقوى وحركات محور المقاومة هم مجرد أدوات أو أتباع للجمهورية الإسلامية في إيران، هم ليسوا كذلك على الإطلاق، هم حكومات ودول وقوى شعبية وفصائل مقاومة وطنية وحقيقية ومؤمنة ومجاهدة وعلى درجة عالية من الاستعداد للتضحية، مؤمنة بأوطانها، مؤمنة بقضايا شعوبها، مؤمنة بمقدّساتها، وجاء إليها الحاج قاسم ليمد يد العون.

عندما أُريد أن أَتحدث عن العقدين باختصار، أَقول أن دور الحاج قاسم سليماني في هذين العقدين، في مواجهة المشاريع الأميركية انطلاقًا من قدراته الشخصية وما يستند عليه من قيادة وجمهورية وما أمامه من أمة حيّة وشعوب حيّة وقوى حيّة في منطقتنا، استطاع من خلال عقله وتدبيره وإخلاصه وحضوره الدائم ودأبه وتعبه وسهره، وهو الذي كان لا ينام إلا ساعات قليلة، استطاع أن يربط قوى المحور – الذي أصبح لاحقاً محوراً – أن يوجد ترابطاً قوياً، تنسيقاً قوياً، أن يدخل إلى كل قوة ليزيدها قوة، ليقدم لها الدعم والمساندة المعنوية، الفكرية، اللوجستية، وأيضاً كان له مساهمة كبيرة في إعطاء الأمل، إعطاء المعنويات في الشدائد، في الصعوبات، في الأزمات، من خلال اللقاءات، من خلال الحضور المباشر في الجبهات، من خلال الحضور في الخط الأمامي.

إذاً نقطة الوصل الحقيقة التي كانت تسري فيها الدماء والروح والمعنوية والعقل والفكر في هذا المحور خلال عشرين عاماً كان يُجسّدها الشهيد القائد الحاج قاسم سليماني(رحمه الله).

الحاج قاسم خلال عقدين من الزمن واجه بقوة نسختين من المشروع الأميركي، سأتحدث عنهم ليس لأمجّد بالحاج قاسم وإنما حتى نعرف ماذا مضى ونأخذ منه العبرة ونُرتّب لمواجهة النسخة الثالثة، وهنا نعرف لماذا قَتل ترامب الحاج قاسم وأبو مهدي؟

كُلنا يَعلم بأن هناك مشروع أميركي ثابت، أهداف أميركية ثابتة في منطقتنا – سأتحدث عن منطقتنا وليس عن كل العالم – الهيمنة، التسلّط، الإمساك بالنفط، بالغاز، بالموارد الطبيعية، بالأسوق وبالقرار السياسي، الآن يتركون للأنظمة هوامش محلية ليتصرف بها الملوك والأمراء ورؤساء الحكومات. مثلًا كُلنا يعرف، الآن هذا كله موجود في مذكرات أعوان الشاه في إيران، الشاه الذي كان يتظاهر بالعظمة وبالجلال كان لا يجرؤ بالقيام بأي خطوة حتى في قضايا داخلية معينة في إيران قبل مراجعة السفير الأميركي والسفير البريطاني، لاحقًا السفير الأميركي لوحده، يعني بالأول كانوا شركاء، هذا كان حال الأنظمة وما زال. طبعًا هم مُصنّفين، هناك رؤساء ووزراء ورؤساء حكومات وملوك وأمراء وسلاطين مستواهم قائم بأعمال في السفارة الأميركية، هناك أناس مستواهم سفير، هناك أناس مستواهم مسؤول دائرة، معاون وزير، لا أعتقد أن أحد مستواه أن رئيس الولايات المتحدة الأميركية يتحدث معه إلا إذا كان يريد أن يحلُب 450 مليار دولار تقريباً.

المشروع الأميركي في المنطقة هو هذا مشروع الهيمنة والسيطرة والتسلط والإمساك بكل شيء. وفي قلب هذا المشروع “إسرائيل”، الثكنة العسكرية الأميركية المتقدمة والتي يجب أن تبقى متفوقة وقوية في استراتيجيات كل الإدارات الأميركية وكل المحيط يجب أن يكون ضعيفًا، هزيلًا، مترهلًا، هذا هو المشروع الأميركي. دائماً بكل مرحلة عندما يكون هناك صراع، هناك مستجدات، من أجل تثبيت هذه الأهداف يضعون خطة، أنا سأسميها نسخة، لن نتحدث قبل عام 2000، نتحدث بعد عام 2000.

النسخة الأولى التي واجهها الحاج قاسم سليماني ومعه القائد الشهيد الحاج أبو مهدي المهندس ومعه القائد الشهيد الحاج عماد مغنية ومعه قادة شهداء في فلسطين وفي العراق وفي المنطقة، لأن ساحة القتال عملياً في المرحلة الأولى كانت فلسطين ولبنان، أتحدث ما بين عام 2001 إلى عام 2011، هذه النسخة الأولى، مشروع الشرق الأوسط الجديد، لبنان، فلسطين، العراق، هذه ساحة القتال، سوريا – إيران  كانت ساحة صمود، في اليمن لم يكن هناك شيء مهم وقتها، لأنه كانت الأنظمة كلها الباقية مستسلمة وأوضاعها جيدةً مع الأميركي.

في هذه النسخة التي بدأت عام 2001 بعد استلام جورج بوش الابن للرئاسة، جاءوا المحافظين الجدد ومستعدين، طبعاً أفغانستان على ما يبدو بناءً على كل ما قرأناه في المذكرات وفي الوثائق وما نُشر لم تكن في الخطة، وإنما وردت بسبب ما قام به تنظيم القاعدة في 11 أيلول، فاضطروا أن يأتوا إلى أفغانستان وإلا أفغانستان لم تكن في  الخطة. الآن ما هي أسباب الخطة! أنّه في عام 2000 انتصار المقاومة في لبنان، 2000 – 2001 الانتفاضة في فلسطين التي هزّت الكيان الاسرائيلي، هزّته هزاً عنيفاً، قيادة جديدة في سوريا ترفض الخضوع للشروط الأميركية والإسرائيلية والدخول في التسوية المذلّة، هناك مشكلة ما مع العراق، إيران قوّة صاعدة في المنطقة، بكل الأحوال هناك دول خارج السيطرة الأميركية، المحافظون الجدد أخذوا القرار وكل الوثائق الآن والاعترافات وكبار الجنرالات ومذكراتهم، لكن طبعاً نحن في العالم العربي قلّة الذين يقرأون، نحن في معرض الكتاب دائماً – في لبنان هكذا لا أعرف في باقي الدول ما هي النتيجة – يقولون أعلى نسبة شراء هو لكتاب فنّ الطبخ.

على كل حال، عندما نَقرأ سنجد هناك اعتراف أميركي واضح بأنّ كان هناك خطّة ليس لإسقاط أنظمة، ليس لإشاعة فوضى، وإنما لاجتياح – هناك عبارة اجتياح – لاجتياح واحتلال عدد من الدول، على أن يتم هذا الأمر خلال 5 إلى 7 سنوات، يعني التي هي بالحقيقة مدّة رئاسة جورج بوش، هم كانوا يعتبرون أن عنده 4 سنوات والمنطقي أن يُجدّد له 4 سنوات – عادة هكذا في أميركا، أحياناً لا يحصل ذلك مثل ما حصل مع ترامب وجورج بوش الأب، لكن عادة هكذا كان – وبالتالي عنده 8 سنوات- إذًا من 5 سنوات إلى 7 سنوات مفترض أن يتم احتلال واجتياح هذه الدول التي ذُكرت في الوثائق وفي الاعترافات بأنّها ما يلي:

العراق – لا يوجد أفغانستان، هذا يؤكد أنّ أفغانستان جاءت كردّة فعل من خارج الحساب – العراق، سوريا، لبنان، إيران، ليبيا، السودان، الصومال، هذه الدول كان يُفترض اجتياحها واحتلالها في السنخة الأولى من المشروع  الأميركي الذي نَتحدث عنه الآن. طبعًا ما السبب؟ أنّ هذه الدول خارج السيطرة، هذه الدول بعضها متمرد، هذه الدول بعضها يُشكّل تهديداً للمشروع الأميركي – الإسرائيلي، في المقدمة الجمهورية الإسلامية، سوريا، تيار المقاومة، هذا يحتاج إلى حديث منفرد، لكن نتحدث كنتيجة. كان من المفترض زمنيًا أن يبدأ، جاءت 11 أيلول أعطت قوّة دفع هائلة لهذا المشروع وعُمل ضغوط كبيرة جدًا وعُمل ضوضاء إعلامية، وقسّم العالم معسكرين وإما معنا وإما ضدّنا وعمل حالة ترهيب، وحصل الهجوم على أفغانستان وانهارت حكومة طالبان بسرعة، وبدأ التحضير للعراق، وأيضاً الغزو للعراق، وانهار النظام بسرعة وصارت الدبابات والجيوش الأميركية بالنسبة لإيران على حدودها الشرقية في أفغانستان وعلى حدودها الغربية في العراق، وبالنسبة لسوريا على حدودها الغربية في العراق، وجاء “كولن باول” على الشام ويريدون أن يُكملوا الجماعة. تمّ العمل على ضرب المقاومة في فلسطين، على ضرب المقاومة في لبنان، حرب 2006، تذكرون في حرب 2006 أنه في المفاوضات، كانوا يُطالبون – لأذكركم ولأؤكد لكم فكرة الاحتلال والاجتياح – أنّ الاسرائيلي دخل، الاسرائيلي يبقى عدة أشهر في أرضنا إلى أن تأتي قوات متعددة الجنسيات، ليس يونيفيل، قوات متعددة الجنسيات تنتشر على الحدود اللبنانية الفلسطينية، على الحدود اللبنانية السورية، في المطار، في المرافئ وعلى المعابر الحدودية، هذا ما اسمه؟ اسمه احتلال واجتياح قوات متعددة الجنسيات. على كلٍ، سكوت دولي، صمت دولي، روسيا، فرنسا، الصين، العالم، كله مدهوش، لا أحد يجرؤ على فتح فمه. بكل الأحوال هذا كان يسير، فتمّ احتلال العراق، تم تهديد سوريا، حصلت الحرب على لبنان، لو نجحت لأكملت على سوريا ولِقضت على المقاومة الفلسطينية، هذا المشروع الأول، النسخة الأولى. هنا يحضر قاسم سليماني، بمن؟ بِمقدراته الشخصية وبمن يُمثّل وبما أمامه، ولكن يَحضر بعيداً عن الإعلام، في هذه المعركة لم يكن قاسم سليمان مطروحاً كإسم، في الحد الأدنى بهذا الشكل الواسع الذي كان في مواجهة النسخة الثانية. في حرب تموز، قبل سنوات، قُلنا أنه كان معنا في عام 2006 وإلا بقي سرًا لسنوات طويلة. على كلٍ، هنا دخل الحاج قاسم سليماني كقائد من الجمهورية الإسلامية في الخط الأمامي وفي ميدان المنطقة. طبعاً، إيران صمدت، لم يأخذها التهويل ولا الجيوش على الحدود، سوريا صمدت، كلنا نتذكر عندما جاء ‏كولن باول وعرض الشروط المذلة على الرئيس الأسد ورفضها بأجمعها وتدحرجت الأمور بعدها ‏وجاءت حرب تموز التي فشل العدو الاسرائيلي في هذه الحرب، وكانت أيضاً قد بدأت المقاومة في ‏العراق عام 2003، بالحقيقة صمود المقاومة الفلسطينية وعدم قدرة العدو على تصفية المقاومة ‏الفلسطينية خصوصاً في حرب غزة 2008، صمود المقاومة في لبنان وسوريا في حرب 2006 ‏والمقاومة العراقية.‏

اسمحوا لي هنا بفتح هلالين لأن المقاومة العراقية منذ عام 2003 وحتى العام 2011 منذ الغزو ‏إلى انسحاب القوات الأمريكية في ذلك الحين هي مقاومة مظلومة بالوقت الذي أعتقدت بأن ما قام ‏به المقاومون العراقيون، طبعاً هنا أتحدث عن فصائل المقاومة التي قاتلت الإحتلال لا أتحدث عن ‏تلك الجماعات الإرهابية التي قتلت العراقيين شيعة، وسنة، وكرد ومسيحيين ومسلمين وتركمان، لم تترك لا عرق ولا اتباع دين من شرها ومن جرائمها ولم تعفو لا عن المساجد، ولا الكنائس، ولا ‏الحسينيات، ولا المدارس، ولا الأسواق، ولا المكتبات، ولا الزوار، ولم أتحدث عن أؤلئك.. لم ‏أتحدث عن ال5000 انتحاري الذين جاءت بهم القاعدة وقتلت بهم عشرات الآلاف من الشعب ‏العراقي بدعم دول عربية معروفة، بل أتحدث عن فصائل المقاومة شيعة وسنة، الذين قاتلوا بحق ‏وباخلاص قوات الاحتلال ولم يحظوا بالتغطية الاعلامية الكافية، أنا أذكر في تلك الأيام كانت ‏عمليات ممتازة جداً وعظيمة جداً تستهدف قوات الإحتلال الأمريكي في العراق، كانت فصائل ‏المقاومة تُرسل تسجيلاً حيّاً أي خبر يستحق التوزيع ما شاء الله، ومع ذلك لم تكن الفضائيات العربية تنشره، كان يوجد ‏ضغط أمريكي ( من أجل منع التوزيع)، كانوا يُرسلونه لنا، كانت المنار فقط تعرضه ولا اعرف إن كان هناك أحد آخر( يقوم بِعرضه)، ‏المقاومة العراقية خلال سنوات المقاومة هي التي فرضت على الإدارة الأمريكية ان توقع إتفاقاً مع ‏الحكومة العراقية 2008 وتضع جدولاً زمنياً  للإنسحاب، وعندما بدأت بالتلكأ، المقاومة صعدت ‏من عملياتها حتى فرضت على القوات الأمريكية أن تخرج.‏

ويمكنكم قراءة كل مذكرات المسؤولين الأمريكان في تلك المرحلة وما قاله الخبراء العسكريون ‏الأمريكيون والسياسيون، الذين يَعترفون بأن حجم الخسائر والصدمة التي أصابتهم في العراق هي ‏التي فرضت عليهم أن يخرجوا وإلا هم جاءوا ليبقوا ليس في العراق جاءوا ليبقوا في كل المنطقة ‏إلى عشرات السنين إن لم يكن إلى مئات السنين.‏

هنا يجب الإضاءة على الدور التاريخي والعظيم للمقاومة العراقية في تحقيق هذا الإنتصار وفي ‏إلحاق الهزيمة ليس بالإحتلال الأمريكي في العراق فقط، وإنما لالحاق الهزيمة في المشروع ‏الأمريكي في المنطقة. إذا جمعنا ما قامت به المقاومة العراقية، الصمود في حرب تموز، المقاومة ‏في فلسطين، صمود إيران، صمود سوريا، نستنتج أن هذه النسخة انتهت وسقطت وفشلت، ويُمكننا ‏القول أنها انتهت مع انسحاب القوات الأمريكية عام 2011 من العراق وتغير وجه المنطقة، وإذا ‏أردنا الحديث عن آخر تداعيات النسخة الأولى التي جاءت ربما كملحق هو الانسحاب الأمريكي ‏العام الماضي من أفغانستان.‏

النتيجة ماذا النتيجة أن ترامب يتحدث بجملتين يُلخص المشهد بعد وقوع قتلى عشرات ألاف ‏الجنود الأمريكان في العراق والمنطقة، بعد 7000 مليار دولار، سبعة ترليون 7000 مليار دولار ‏دفعتهم أمريكا في المرحلة الأولى من هذه الحرب، في النسخة الأولى من هذا المشروع، لأن تمويل ‏المرحلة الثانية كان على الأنظمة العربية أما الأمريكان لم يدفعوا، في المرحلة الأولى الأمريكان دفعوا لكنهم لاحقا عادوا ‏وأخذوهم بالسر بالعلن بحث آخر.‏

ماذا يقول ترامب بعد كل هذه التضحيات؟ أنا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية أريد زيارة العراق ‏مضطر عند الدخول إلى السماء العراقية أن نُغلق الشبابيك ونُطفأ انوار الكهرباء بالطائرة ونَنزل ‏بالسر ولا نُعطي علماً لا لرئيس جمهورية ولا لرئيس حكومة ولا لأي مسؤول عراقي، وعندما ‏أصبح بالقاعدة العسكرية يتم استدعاءهم للقاعدة العسكرية، طبعاً يوجد ناس لم يذهبوا، هذه نتيجة ‏النسخة الأولى.‏

هنا حضور الحاج قاسم سليماني، طبعاً لا أُذيع سراً، قيل هذا والأمريكيون يعرفونه جيداً، ليس ‏صحيحاً بأن يقول أحد بأن إيران هي التي جاءت وأطلقت المقاومة في العراق، بل الذي أطلق المقاومة ‏في العراق هم العراقيون قادة، علماء، فصائل، أطر، تيارات، أنا لا أدخل في الاسماء نحترمهم جميعاً، ‏الجمهورية الاسلامية دعمت هذا الإتجاه، الحاج قاسم قدم الدعم المعنوي والفكري واللوجستي ‏والتدريب والتنسيق والترابط و..، وهنا كان حضور الحاج أبو مهدي المهندس حضوراً قوياً وفاعلاً ‏إلى جانب الحاج قاسم سليماني، كان يلعب بالخفاء دور المنسق الأساسي بين فصائل المقاومة بين ‏عامي 2003 و2011.‏

عندما نَتحدث عن دور المقاومة في العراق في إلحاق الهزيمة بهذه النسخة من المشروع، هنا ‏يحضر الحاج قاسم والحاج أبو مهدي بقوة، طبعاً هناك شهداء كُثر، قادة في العراق في المقاومة ‏سقطوا قبل أحداث داعش، وما حصل أيضاً في لبنان وما حصل في منطقتنا.‏

السؤال عندما نَختم هذه النسخة وهذا المشهد لِنعرف عظمة ما أُنجز، السؤال ماذا لو لم يكن هذا ‏موقف الجمهورية الإسلامية؟  لو لم تصمد سوريا؟ لو لم تكن هناك إرادة مقاومة  لدى شعوب ‏المنطقة؟؟ لو لم يأتي قاسم سليماني ومعه أبو مهدي المهندس وعماد مغنية في لبنان وإخوة في أماكن ‏أخرى في فلسطين وما شاكل؟ بعضهم استشهد، بعضهم لا زالوا على قيد الحياة، لو لم يحصل ‏واحتلت أمريكا منطقتنا احتلت لبنان، سوريا، بقيت في العراق، واحتلت إيران وحسمت موضوع ‏فلسطين لأنه عند المحافظين الجدد لا يوجد شيء أُسمه حل الدولتين.‏ هذا ليس موجوداً في إسرائيل العظمى التي هي قطب الرحى في المنطقة ودرة التاج، لو نجحت هذه ‏النسخة ما الذي كان يمكن أن يحصل.؟

بدأت النسخة الثانية مع أوباما، بعد تقييم اكتشفوا بأن الحروب الحروب العسكرية الواسعة إذا قامت ‏بها أمريكا فهي مكلفة جداً وفاشلة، لذلك هو اتبع استراتيجية الخروج من أفغانستان والخروج من ‏العراق وتخفيف وجوده العسكري في المنطقة، وهذا جاء بعده ترامب ليكمل بهذا الاتجاه ولاحقا نفذه ‏بايدن.‏

وأيضا اكتشفوا بأن التعويل على”إسرائيل” في الحروب، كل حروب “إسرائيل” بالحد الأدنى بعد ‏‏2000 لم تحقق أياً من أهدافها، نعم تقتل أطفال، نساء، وتدمر بيوت وبنى تحتية ولكنها تفشل في ‏تحقيق أهداف هذه الحروب، هذا حصل في للبنان، حصل في فلسطين، في غزة وفي الحروب ‏المتكررة، إلى ماذا ذهبوا؟ إلى شيء جديد، حيث استفادوا من بداية 2011 عندما بدأت الأحداث في ‏تونس، وتدحرجت بسرعة وأدت إلى سقوط نظام زين العابدين بن علي وهروبه إلى السعودية، ‏وبدأت تتدحرج الأحداث مصر ليبيا اليمن البحرين، دقت أبواب العديد من الدول العربية، تذكرون ‏آنذاك حدث أمر في عمان، وفي الكويت، بعض القوى السياسية أصبحت تهدد حتى مثلاً المملكة ‏السعودية وما شاكل،  بالفعل صار في حالة رعب حتى عند حلفاء أمريكا، لأن حلفاء أمريكا في المنطقة عندما رأوا أن أمريكا استغنت عن زين العابدين بن علي وعن ‏حسني مبارك وعن فلان وعن فلان وفلان، قالوا “نحن يسوانا ما يسواهم”، صار في حالة رعب شديدة ‏لدى هذه الأنظمة، على كلٍ نحن ما زلنا نَعتقد كما كنا نَقول كانت ثورات شعبية حقيقية، ثم جاءت ‏الإدارة الأمريكية وبالتعاون مع بعض الأنظمة وبتنسيق سياسي إعلامي مالي معين ركبت على ‏هذه الثورات ودفعت المنطقة بإتجاه خطر جدا لانتاج، واقع جديد يخدم مشروعها ومصالحها ‏وهيمنتها من جديد على المنطقة بعد أن أدركت بأن هذه الأنظمة عفا عليها الزمن.‏

هذا تحدثنا به كثيراً في الماضي ولا داعي لإعادة شرحه، لكن هذه المرحلة، والتي كان عنوانها ‏أخطر من الحروب الماضية بالنسخة الأولى، أنت تُقاتل أمريكان قوة إحتلال تُقاتل إسرائيلي قوة ‏إحتلال، لكن في هذه النسخة الحروب أخذت طابعاً داخلياً، طابعاً أهلياً، المنطقة شعوبها دولها ‏حكوماتها تتقاتل فيما بينها، والأسوأ هو استخدام العناوين الطائفية والمذهبية، والأسوأ أيضاً هو ‏المجيء بكل من أمكن المجيء به من تكفيريين في العالم لِخوض هذه المعركة خصوصاً في ‏العراق وفي سوريا وفي لبنان.‏

ولذلك كُنا نَتحدث ان هذه النسخة هي نسخة تدمير، تدمير دول، تدمير شعوب، تدمير جيوش، ‏تدمير مجتمعات، وتحطيم كل ما في المنطقة لِتعود أمريكا على هذه الأجسام المحطمة بعنوان ‏المنقذ والمخلص، كما حاولت أن تُقدم نفسها في العراق وفي سوريا وتُعيد تحقيق أهداف المشروع ‏الذي فشلت فيه في النسخة الأولى.‏

هنا أيضاً يحضر قاسم سليماني لكن هنا يحضر في العلن، في العلن لأنه كان مُجبراً أن ينزل إلى ‏الميدان ليقاتل بيده، يحضر أبو مهدي المهندس في العلن لأنه كان مُجبراً أن يذهب إلى الجبهات ‏وأن يقوم بالتعبئة وأن يُدرب وأن يَقود العمليات، وكان هذا العلن أيضاً مطلوباً لأسباب معنوية وروحية ‏وثقافية وإرادية.‏

وكانت كل مجريات العقد الماضي من 2011 إلى 2020 إلى الشهادة في هذه المعركة، أيضاً ‏حضر الحاج قاسم وحضر أبو مهدي المهندس، حاج قاسم حضر في كل المحور في العراق، في ‏سوريا، في لبنان، في اليمن، طبعاً هم استخدموا التكفيريين في منطقتنا واستخدموا حلفاءهم في ‏الحرب على اليمن، في العدوان الذي ما زال مستمراً على اليمن.‏

وكان الحاج أبو مهدي حضوره الكبير في العراق ببركة هذه المواجهة، أولاً فتوى المرجعية ‏الدينية الشريفة والمباركة والرشيدة الفتوى التاريخية، قيامة الشعب العراقي، التضامن العراقي، ‏وجود فصائل المقاومة وصولاً إلى تشكيل الحشد  الشعبي الذي لا زال مستمراً إلى الآن.‏

القتال في العراق على مدى سنوات في مواجهة داعش، القتال في سوريا، على مدى سنوات القتال ‏في لبنان على مدى سنوات، الصمود في اليمن على مدى سنوات، في نهاية المطاف أيضاً النسخة ‏الثانية فشلت في تحقيق أهدافها.‏

فشلت في تحقيق أهدافها وفشلت في إخضاع إيران وفشلت في إخضاع العراق وإخضاع سوريا ‏وإخضاع لبنان وإخضاع اليمن وإخضاع الفلسطينيين، بل اطلقت عناصر قوة جديدة وإضافية في ‏منطقتنا، لأنه من رحم هذه المعارك التي كانت تُدار في الوقت الذي كان فيه معركة في اليمن، ‏معركة في العراق، معركة في سوريا وفي لنبان، واصل العدو الاسرائيلي استفراده بالمقاومة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني وكانت هزيمة هذه ‏النسخة الثانية.‏

أهم ما تولد هنا أيضاً يأتي السؤال المُشابه ماذا لو لم يكن هذا موقف إيران؟ ماذا لو لم تصمد سوريا ‏وتتخذ القيادة السورية موقف الصمود.؟ ماذا لو لم تصدر تلك الفتوى التاريخية عن المرجعية الدينية في النجف الأشرف.؟ ماذا لو لم يكن هناك إرادة عراقية وسورية ولبنانية ويمنية وفلسطينية في القتال وفي المواجهة؟ ‏ماذا لو لم يكن هناك قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس وقادة كثيرون.؟ كيف كان اليوم سيكون حال المنطقة؟

في السابق أيضاً هذا السؤال طُرح وأُجيب عليه ولكن ‏أنا أُحاول أن أُنشط الذهن.

هنا أمام اخفاقين كبيرين وتاريخيين للمشروع الأمريكي وصلنا إلى ترامب، الذي رأى أنه يجب أن ‏يوجه ضربة حاسمة قاسمة لهذا المحور أو لهذه الجبهة وللنقطة المركزية فيها.‏

كان اغتيال هذين القائدين ليلة الجمعة 3 كانون الثاني 2020 بهذا الشكل العلني وبهذا التبني ‏المُعلن أيضاً من قبل ترامب.

طيب نأتي لهذا المقطع الحالي، لا يوجد شك بأن الادارة الأمريكية درست جيداً هذه الخطوة، ليس ان ترامب اتخذ قراراً بمفرده أو ‏هكذا.. لأنه واضح وزير الخارجية هو يقول أنه شجع ترامب على هذا الموضوع والCIA و‎آخرون، ‏هذا الأمر دُرس وكانت عملية الاغتيال، كان مطلوباً تحقيق أهداف، من جملة هذه الأهداف كسر ‏محور المقاومة، الموضوع أبعد من إيران، بالأول المسألة أبعد من إيران، كسر محور المقاومة ‏وتفكيك هذا المحور لأنه اعتبروا أن حلقة أو الروح المتصلة الواصلة المنسقة المترابطة الرابطة هي ‏قاسم سليماني، ومعه الحاج أبو مهدي المهندس، بما يشكل من استهداف خصوصا لروح المقاومة في العراق ‏ولمؤسسة الحشد الشعبي.‏

هم (أي الأمريكان) يُريدون كسر إيران وإرهابها (بنظر الأمريكان) ودفعها للإنكفاء والتراجع والخضوع للشروط الأمريكية، ‏والذهاب لِمفاوضة ترامب بشروطه، وهذا كان يُجاهر به ويقول أنا انتظركم وبقي ينتظر و”فل”.‏

كذلك إرهاب العراقيين وتسليمهم للإرادة الأمريكية، لأنه كان الأمريكان عادوا بذريعة داعش ويريدون ‏البقاء، وكان ترامب يقول أن مشروعه الحقيقي هو وضع اليد على أبار النفط في العراق، كسر ‏العراقيين، قتل الحاج قاسم، قتل أبو مهدي، إرعاب العراقيين سيجعلهم يقبلون باعتقاده أن يبقى ‏الأمريكان.‏

إضعاف أطراف محور المقاومة في سوريا، في لبنان، في فلسطين، في اليمن، عندما يُقتل جنرال ‏رسمي، ليس مثلنا نحن والله حركات شعبية وكذا.. ، لا جنرال رسمي  في نظام رسمي مُعترف به ‏دوليا الحاج قاسم.‏

الحاج أبو مهدي هو نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي يعني جنرال رسمي في الحكومة العراقية، ‏ويُقتلان بهذه الطريقة هي رسالة لكل القيادات في المنطقة.

إبعاد أهم خطر استراتيجي كانت تعتبره “إسرائيل” مُهددا لها وتتحدث عنه بالإسم وهو قاسم سليماني، من الشهادة إلى اليوم ثلاث سنوات.

ال‏نتيجة هنا عندما نتحدث عن انتصار الدم على السيف، فالنتيجة إيران أخذت مواقف قوية لم تخضع ‏ولم تخاف، مواقف عالية من قبل سماحة القائد، ومن قبل المسؤولين.‏

التشييع المليوني التاريخي الذي لا سابقة له في تاريخ البشرية، يُمكننا أن نذهب ونُجري احصاء، ‏كثير من التقارير تحدثت لاحقاً عن أن ترامب كان ينتظر تشييعاً هشاً في إيران للحاج قاسم ‏سليماني وانكفاء الشعب الإيراني وفوجىء بهذه الحشود الهائلة.‏

الولادة الجديدة للثورة الإسلامية في إيران، الجرأة في قصف عين الأسد، دولة تضرب قاعدة لدولة ‏قاتلة، إعلان الإستعداد للحرب والتهديد بها لو رد ترامب على ذلك القصف، رفض التفاوض مع ‏ترامب نهائياً على أي ملف من الملفات، تحول الحاج قاسم سليماني إلى رمز قومي مُلهم للإيرانيين جميعاً والى رمز إسلامي وأممي أيضاً، حسناً هذا ‏في إيران، حدث عكس ما كان يسعى اليه – ترامب – كانت نتائج معاكسة تماماً للهدف المنشود، هذه هي نتائج ‏الشهادة الحقة هذا الدم الذي يسقط في يد الله سبحانه وتعالى. حسناً في العراق، كان يفترضون الامريكان أنه ‏يمكن الإيرانيين سيأخذون ما تبقى من جسد الحاج قاسم سليماني المقطع إرباً إرباً في الليل إلى إيران ليدفنوه، ‏وأن العراقيين يأتي قليل منهم ويأخذون الحاج أيو مهدي، فوجئوا بالحشود الهائلة في بغداد، في كربلاء، في ‏النجف الأشرف، في كربلاء المقدسة، على الطرقات، بيان المرجعية الدينية الرائع في ذلك الحين تعاطف ‏المرجعيات الدينية، الحوزات العلمية، القوى السياسية، الشعب العراقي بكل أطيافه وهذا ما زال يُعبرون عنه إلى ‏الآن، وبالفعل الشعب العراقي تعاطى بوفاء كبير مع هذين القائدين، ما رأيناه في تشرين في الـ 2019 وما بعده ‏أن بعض الأشخاص يقوم بإحراق صورة الحاج قاسم أو صورة أبو مهدي، هؤلاء معروف أين هم، المشاهد ‏الحقيقية هي التي يُعبّر عنها هؤلاء الناس في تشييع الشهداء، المسيرات المليونية في زيارة الأربعين التي كان ‏حضور الحاج قاسم والحاج ابو مهدي فيها هذه السنة أقوى من أي سنة ماضية أيضاً، التظاهرة المليونية في ‏بغداد للمطالبة بإخراج القوات الأمريكية، قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأمريكية، إستهداف القوات ‏الأمريكية من قبل فصائل المقاومة، أصبح ليس لديهم أمن في العراق، وهم قتلوهم ليبقوا سنوات وعشرات السنين ‏وفي النهاية قرار الخروج من العراق. حسناً في فلسطين بعد الحاج قاسم سليماني معركتا سيف القدس ووحدة ‏الساحات، كل هذا أَستعرضه لِنَصل الى نتيجة بأن محورنا ازداد قوة بهذا الدم المبارك، بهذه الشهادة العظيمة، ‏الشهداء يُصبحون دافع، يُصبحون مُلهمين، يعطون قوّة من موقع آخر مختلف عن الموقع الذي كانوا فيه، ‏المقاومة اليوم في الضفة الغربية وفي فلسطين، سقوط صفقة القرن بعد استشهاد قاسم سليماني، تأييد شعبي ‏عارم للمقاومة في فلسطين بعد 75 سنة من الإحتلال والحروب، مشاريع التوطين، رأينا الإسرائيلين ماذا علّقوا ‏على كل الذي حصل في مونديال قطر وتظاهرات البحرين في مواجهة التطبيع، لبنان تثبيت قواعد الردع في ‏السنوات الأخيرة، الإنتصار في ملف الحدود البحرية والنفط والغاز، سوريا المزيد من تثبيت الوضع السياسي ‏في الدولة وكذلك تثبيت الوضع الأمني انمفاجئ للأعداء وصولا الى مرحلة أن تركيا الباقي الأخير في جبهة القتال ضد ‏الدولة في سوريا، الآن تسعى بشكل او بآخر لترتيب العلاقة مع الدولة والقيادة في سوريا وهذا في حد ذاته ‏بحث. في اليمن تثبيت وحضور وفرض معادلات وموقع قوة وتحرير مزيد من الأراضي وارتداد قوى العدوان.‏

أيها الأخوة والأخوات، في الذكرى السنوية الثالثة لاستشهاد هذين القائدين الكبيرين أقول لكم إن مكتب الحاج ‏قاسم سليماني مستمر وبقوة من خلال القيادة الجديدة في قوة القدس ورعاية سماحة القائد(حفظه الله)، وأمانة ‏الشهيد أبو مهدي المهندس مستمرة في العراق من خلال قيادة الحشد الشعبي قادة وأفراد، هذا الحشد يزداد قوةً ‏وعدداً وعدّةً وتجربةً والاحتضان الشعبي العراقي له كضمانة حقيقية للدولة ولأمن والاستقرار والاستقلال في ‏العراق، هذه هي الدماء الطاهرة ببركة كل هذه التضحيات، لم يتحقق أياً من أهداف ترامب، نعم الحاج قاسم كان ‏لديه هدف تحقق في مثل هذه الليلة، وأبو مهدي كان له هدف لقاء الله، لقاء أنبياء الله ورسله والإلتحاق بذلك ‏العام، اليوم بين أيدينا هذا الإرث العظيم لهذه الدماء الزكية محور المقاومة الذي يجب أن نُحافظ عليه بقوة، أن ‏نحرص عليه بقوة على تشابكه على ترابطه على تماسكه على تقويته، وفي هذا الإطار كان اللقاء الأخير ‏لفصائل المقاومة الفلسطينية بما فيها حركة حماس مع السيد الرئيس بشار الأسد في سوريا لاستكمال هذا ‏التماسك وهذا الترابط، لأنه لم يعد عندنا مكان فيه فراغ أو ما شاكل، اليوم هذا المحور يقف في موقع القوة، ‏طبعاً نحن ندخل في النسخة الثالثة لها علاقة في الموضوع الاقتصادي المعيشي، الحصار، العقوبات، هذا لوحده ‏يحتاج إلى كلام مفرد، لكن ما أود أن أؤكد عليه هو أن نَنظر إليه على أنه جزء من المعركة.‏

في الوقت المتبقي دعوني أتكلم قليلاً وبناءً على كل هذا الذي تقدم أنا أريد أن أختم بعنوانين:‏

العنوان الأول، توجيه رسالة للحكومة الإسرائيلية الجديدة والعنوان الثاني له علاقة بإنتخابات الرئاسة والملف ‏السياسي في لبنان.‏

في العنوان الأول، هذه الحكومة الجديدة طبعاً نحن اختبرناه سنوات طويلة، إفتراضاً إذا كان هناك أحد يريد أن ‏يُخيفنا بنتانياهو أو بوزير الحرب الجديد او ما شاكل، لا هؤلاء جميعهم نحن اختبرناهم في السنوات الماضية، ‏نعم الجديد أنه هناك حكومة هي خليط من فاسدين بعضهم حوكموا وسُجنوا بتُهم فساد ومن مجانين ومتطرفين ‏هذا جديد، جديد بهذا الحجم بهذا الوضوح، إذاً نحن أمام حكومة فاسدين ومجرمين ومتطرفين ومتشددين، طبعاً ‏هذه الحكومة لا تُخيفنا ولا يوم من الأيام كانت هذه الحكومات تُخيفنا على الإطلاق، بل أكثر من ذلك يُمكن ان ‏يتفاءل المرء – الآن خلافا لكل ما يتكلمون به – عندما تأتي حكومة فيها فاسدين ومجانين إن شاء الله هذا يُعجّل في ‏نهاية هذا الكيان المؤقت، أي أن هؤلاء المجانين الذين نُشاهدهم هذه الأيام وما شهدناه باكراً صباح اليوم في ‏المسجد الأقصى من قبل وزير الأمن القومي خاصتهم، هذه الإدارة إن شاء الله تُعجل( في نهاية الكيان الصهيوني)، تَعلمون في الكيان تحدثنا كثيراً ‏والذين يُتابعون مخاطر داخلية على مستوى الإسرائيليين، انقسامات حادّة، عدم ثقة يالقيادة السياسية، بالقيادة ‏العسكرية، بالزعامات الدينية، إنتصار الفساد و..و..و.. والحديث عن قلق الوجود ان إسرائيل باقية تقطع الـ 80 سنة ‏أو لا تقطّع، إن شاء الله بعونه تعالى ببركة الحكومة الاسرائيلية الجديدة وهؤلاء “الخوت” والمجانين يعجل في ‏نهاية هذا الكيان من خلال إرتكاب أخطاء وحماقات قد تُودي بهم الى الهاوية، نحن هكذا نَرى المشاهد، لا ‏نُشاهد شيئاً مخيفاً أبداً، على العكس نحن نرى في هذا السوء أملاً كبيراً هذا أولاً.‏

ثانياً، بطبيعة الحال هؤلاء المجانين والمتشددون، الىن هو موضوعهم الأساسي بالدرجة الأولى داخلي في ‏فلسطين، موضوع الاستيطان في الضفة الغربية، موضوع المسجد الأقصى، موضوع بيت المقدس. ما جرى ‏اليوم والمواقف الفلسطينية والعديد من المواقف العربية والاسلامية والدولية تؤكد أن هؤلاء يَدفعون بإتجاه ‏وضع خطر، أنا أُريد الليلة أن أَضم صوت المقاومة في لبنان إلى صوت كل فصائل المقاومة في فلسطين ‏وأَقول، إن التعرض للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين وفي بيت المقدس خصوصاً ‏من قبل هؤلاء الصهاينة لن يفجر الوضع داخل فلسطين فقط بل قد يفجر المنطقة بكاملها، شعوبنا لن تتحمل ‏عدواناً بهذا المستوى من قبل هؤلاء المجانين على المقدسات الإسلامية والمسيحية، هذا قُلناه سابقاً ونؤكده مجدداً، ‏ونقول لكل الدول في العالم ولرعاة هذا الكيان الغاصب: إذا كُنتم لا تُريدون حرباً ثانية في المنطقة أمام ما ‏يَجري في الحرب الروسية الأوكرانية فعليكم أن تكبحوا جماح هؤلاء المجانين المتطرفين المتشددين.‏

في موضوع قواعد الاشتباك مع الحكومة الجديدة، قُلت نحن جَاوبنا نتانياهو لا شيء جديد، ولكن أيضاً مع بداية ‏حكومة جديدة نحن نقول لهم: نحن مستيقظون وحاضرون وحذرون ولن نَسمح بأي تغيير لقواعد الإشتباك ‏وموازين الردع مع لبنان بأي شكل من الأشكال، لذلك  “ما حدا يغلط ويفكر ويتوهّم”  وهم على كل حال ‏شاهدونا قبل أشهر، عندما كُنا مستعدين في معركة الحدود البحرية والنفط والغاز أن نذهب إلى أبعد مدى، إلى ‏أبعد مدى في المواجهة مع هذا لعدو، وهم كانوا يعلمون علم اليقين أننا كُنا جاهزين وحاضرين لذلك، لذلك لن ‏نَتسامح مع أي تغيير في قواعد الإشتباك أو أي مس بما هو وضع قائم على مستوى الحماية للبنان لمقدراته ‏وأمنه وسيادته. أيضا أُؤكد على أهمية استمرار مسؤولية الدولة اللبنانية في موضوع استخراج النفط والغاز، ‏كانت هناك مخاوف عند البعض أنه عندما يأتي نتانياهو سيُلغي، أعلن إلتزامه بهذا التفاهم، المؤشرات من قبل ‏الشركات المعنية تدعو إلى التفاؤل، لذلك من هذه الزاوية نحن لسنا قلقين، العين في الحقيقة مع هذه الحكومة ‏يجب ان تكون أكثر متوجهة إلى داخل فلسطين المحتلة، إلى القدس، إلى الضفة الغربية وإلى المسجد الأقصى ‏بالدرجة الأولى.‏

في موضوع الرئاسة، أنا في آخر خطاب – أطلت عليكم لكن ما زال  لدي كلام في كم دقيقة لا تُؤاخذوننا – بآخر ‏خطاب عندما تحدثت عن انتخابات الرئاسة – الآن أنا جبت النص معي لكنني أحفظه – ‏أنا قُلت أنه من حقنا في انتخابات الرئاسة أن نَبحث عن رئيس كُنت واضحاً، قُلت لا نريد رئيساً يدافع عن ‏المقاومة ولا رئيساً يحمي المقاومة ولا رئيساً يحمي ظهر المقاومة حتى هذا التعبير انا استخدمته، كل ما هنالك ‏حقنا الطبيعي أن نُطالب برئيس لا يطعن ظهر المقاومة، انظروا مثلاً من بؤس السياسة في لبنان، رغم أن هذا ‏الكلام موجود في التلفزيون ونقلته عدة محطات وليس انه تسريب من جلسة وقد نُشر في الصحف، ومع ذلك ‏أغلب الذين علقوا فيما بعد أن حزب الله يُريد رئيساً يحمي ظهر المقاومة، ولذلك خرج البعض لينظّروا أنه لا ‏نُريد رئيساً يحمي لبنان وإذا حمى لبنان لا أدري ماذا.. أنا لم أقل على الإطلاق وهذا النصّ، نحن لا نُريد ‏رئيساً للجمهورية يُغطي المقاومة، لا نريد رئيساً للجمهورية يحمي المقاومة، المقاومة في لبنان ليست بحاجة ‏إلى غطاء والمقاومة في لبنان ليست بحاجة إلى حماية، هذا النص أحضروه الشباب من التسجيل، ما نُريده ‏رئيساً لا يطعن المقاومة في ظهرها ولا يتآمر عليها ولا يبيعها فقط هذا حقنا الطبيعي، حق جمهور المقاومة ‏بكل فصائلها أن يكون الحد الأدنى في مواصفات الرئيس أن يكون الأمر كذلك، هم ذهبوا أن الحزب لا يَرى إلا ‏رئيس يحمي ظهر المقاومة، لا لا لا، وحينها أنا قلت أن هذا شرط أساسي طبعاً الشروط الاخرى مطلوبة، ‏يُمكن أن كثيرين لا يطعنوا المقاومة، ولكن ليس لديهم الكفاءة والقدرة الشخصية واللياقة الشخصية على تولي منصب الرئيس، انا لم ‏اضع مواصفات في ذلك الخطاب، بعد ذلك الإخوان يضعون مواصفات، في ‏النهاية يوجد مواصفات طبيعية مطلوبة في شخص رئيس الجمهورية، انا اردت ‏ان اضيف هذه الصفة فوق المواصفات الطبيعية، ولذلك لا، نحن لا نبحث عن ‏رئيس يحمي ظهر المقاومة، نحن متواضعون كثيرا في هذا الهدف، وقلت ان من ‏حق جزء كبير من الشعب اللبناني، مثل ما يوجد اجزاء من الشعب اللبناني حقهم ‏ان يطالبوا برئيس من مواصفات معينة، هذا حقنا الطبيعي، وحقنا ان نتمسك ‏بهذه الصفة، هذه ليست صفة للمزايدة، بل بالعكس هذا أمر طبيعي لانه رئيس لا ‏يطعن المقاومة يعني لا يأخذ البلد على حرب أهلية، رئيس لا يطعن المقاومة يعني رئيس يريد الوفاق ‏والحوار في هذا البلد، رئيس لا يطعن المقاومة يعني رئيس يساعد في حماية لبنان امام التهديدات ‏والمخاطر الاسرائيلية، هذه مصلحة وطنية وليست مصلحتنا نحن كمقاومة، نحن لسنا ‏خائفين من ان يطعننا احد، نحن اذا ما طعننا احد، نحن خائفون على ‏البلد وخائفون على الناس، ولسنا خائفين على حالنا، هذا جزء في موضوع الرئاسة.

‏الجزء الثاني، ايضا خلال كل هذه الفترة قرأنا وسمعنا الكثير ممن يقولون انه ‏انتحابات الرئاسة مؤجلة بإنتظار نتائج المفاوضات النووية الاميركية الايرانية، ‏بعد ذلك نفس الحكاية “الداية داية والطبيب الله” “دق المي وهي مي”، يعني في ‏لبنان تعبنا ونحن نقول ايها اللبنانيون أيها السياسيون يا اصحاب القرار يا أصحاب الاقلام هذا ‏فهم خاطىء، ليس له أي أساس من الصحة، لأقول لكم، الان بمعزل إن كانت توجد ‏مفاوضات أو لا توجد مفاوضات، أعني غير مباشرة، لأنه لا توجد مفاوضات مباشرة، هل توجد مفاوضات أو لا توجد مفاوضات؟ هل تصل إلى نتيجة أو لا تصل إلى نتيجة؟ هذا بحث يتكلمون ‏عنه الاخوة الايرانيين، ولكن منذ اليوم الاول للمفاوضات النووية الايرانية والى ‏آخر يوم، الجمهورية الاسلامية لا تُفاوض إلا على الملف النووي فقط، ونقطة ‏على أول السطر.

قُلنا هذا الموضوع ألف مرة وخلال السنوات الماضية كلها هذا ‏ثبت، الاميركيون يحاولون ان يُدخلوا ملفات أخرى الى المفاوضات، ساعة يتكلمون ‏بملفات المنطقة وساعة يريدون ان يتكلموا بالصاروخي والمسيرات، ‏الآن يريدون ان يتكلمون بالموقف من الحرب الروسية الاوكرانية، هم يدخلون ‏ملفات اخرى، أما الايرانيون ابدا نقطة على اول السطر، لا يُناقشون أي شيء ‏آخر سوى الملف النووي، فمن يقعد لينتظر المفاوضات  النووية بين ايران واميركا، ‏يعني ذلك انه سينتظر ليس فقط شهر واثنين وسنة، يمكن ان ينتظر عشرات ‏السنين، هل نبقى بلا رئيس للجمهورية؟ هذا فهم جاطىء وقاصر وجاهل أيضاً، ‏هل تذكرون بموضوع كاريش، كان الكثيرون في لبنان من سياسيين واعلاميين ‏وخواص وخبراء يُحللون، يَقولون بان نتيجة المفاوضات حول الحدود البحرية ‏وموضوع النفط والغاز في المياه الاقليمية مرتبط بنتائج المفاوضات النووية، اذا ‏نجخت هناك تمشي هنا، واذا فشلت هناك تفشل هنا، واذا توقفت هناك تقف هنا، ‏لكن أنا يومها قُلت: ” يا أخي ليس له علاقة ليس له علاقة والايام ستُثبت ذلك”، والنتيجة ان ‏التفاهم تم في الحدود البحرية والنفط والغاز، والمفاوضات النووية تعثرت، لا ‏يوجد علاقة بين الأمرين.

النقطة الثالثة، أيضاً من ينتظرون توافقاً سعودياً إيرانياً، ‏أيضاً “إنتوا كتير ناطرين ومُطولين”، معنى ذلك “ان تُرتبوا أُموركم على انه ما في ‏رئيس، اذا ناطرين اتفاق سعودي إيراني”، وذلك لسببين، السبب الأول  مثل السبب الذي قبل، ايران لا نتاقش الانتخابات الرئاسية في لبنان ‏مع احد، ولا تتدخل في الشأن اللبناني ولا في الشأن الداخلي لأي دولة، على ‏مدى أربعين سنة لم تتدخل ايران في الشأن الداخلي اللبناني، لا في إنتخاب رئيس ‏ولا بإنتخاب رئيس وزراء ولا في قانون انتخابات ولا في تشكيل حكومة ولا في ‏اي شيء، وكل الذين كانوا يراجعون ايران خلال العقود الماضية في اي شأن ‏من هذه الشؤون كانوا يقولون هذا شأن لبناني، اذهبوا الى اصدقائنا في لبنان ‏وتكلموا معهم، والآن هم يسمعون نفس الجواب، وهذا ما ابلغني به الاخوة ‏الايرانيون وقالوا: “هناك دول تتصل بنا أو ستتصل بنا، نحن سنقول للجميع كما ‏هي العادة، هذا شأن لبناني فلتتكلموا مع اصدقائنا في لبنان”. ثانيا، حتى اذا ‏اجتمع الايرانيون مع السعوديين، السعوديون أولويتهم ليس لبنان بل اليمن، رغم ‏ان ايران لن تتدخل في الموضوع اليمني، السعودي يريد ان يحل موضوع اليمن ‏يريد ان يتكلم مع اليمنيين، يجب عليه ان يتكلم مع السيد عبد الملك، ومع انصار الله، ومع ‏المجلس السياسي الاعلى في اليمن، على كل حال، ايضا ماذا تنتظرون؟ أنا اقول ‏للبنانيين للشعب اللبناني الذين نُجمع على اهمية انتخاب رئيس، لأنه أولاً ‏الرئيس ومقامه ومكانته مهمة جداً في نظامنا السياسي، وأيضاً لأنه المدخل لإعادة ‏تشكيل الدولة من جديد، الحكومة وما شاكل، يجب ان نعود الى بعضنا البعض، ‏طالما دعونا الى حوار داخلي، ثنائي وثلاثي، بعض اللقاءات الثنائية التي ‏حصلت في الاسابيع الماضية هي من وجهة نظرنا هي لقاءات جيدة ومطلوبة، ‏ونحن نُؤيد ذلك، يوجد بعض اللبنانيين يأخذونها على اللعب وعلى الكيد ‏السياسي، نحن لا نرى الأمور بهذا المنظار، بالعكس هذا ما نتمناه، ان يحصل ‏لقاءات ثنائية وثلاثية وحوارات، طالما لا يُمكن حتى الآن ان يحصل حوار ‏جامع بالطريقة التي دعا إليها دولة الرئيس نبيه بري.

حسنا، المزيد من الحوار ‏والمزيد من اللقاء، وانا اقول لكم لا تنتظروا الخارج، لا نتنظرو الخارج، والكثير مما ‏يُكتب في وسائل الاعلام حتى عن دور فرنسي وعن دور قطري وعن دور لا أعرف ماذا.. يوجد مبالغات ‏كبيرة جداً بحسب معلوماتنا، الأصل هنا، الوقت طبعا كُلنا يجب ان نتفق ان ‏الوقت ضاغط على الجميع، ظورف البلد اليوم مختلفة عن أي وقت مضى، ‏الوضع الاقتصادي ووضع الليرة ووضع رواتب الناس، القطاع العام، الغلاء، ‏الظروف الداخلية، تعطل مؤسسات الدولة، هذه كلها تضغط على الجميع ويجب ‏ان تضغط على الجميع، وبالتالي دعوتنا اليوم مجدداً، لأنه عادة في لبنان هكذا ‏يقولون لك فلنحاول في الداخل، عندما نتعب يأتي الخارج يضغط علينا او ‏يساعدنا، الى الآن لا يظهر أنه يوجد خارج، وغير معلوم ما يمكن ان يفعل هذا ‏الخارج، وغير معلوم ان هذا الخارج فعلاً قادر على أن يمون ويضغط ويوصل الامور الى ‏نتيجة، في المرة الماضية بعد تجميد أو تاخير سنتين ونصف، المعالجة في ‏الحقيقة كانت داخلية، تسوية داخلية حصلت على تأييد أو سكوت خارجي، ولو ‏كُنا ننتظر الخارج في تلك المرحلة يعني مرحلة انتخاب فخامة الرئيس العماد ‏ميشال عون رئيساً للجمهورية، لِكنا لا زلنا في حالة تجميد، اليوم الوضع ‏اصعب، ولذلك المسؤولية المترتبة على القيادات السياسية وعلى الكتل النيابية ‏اليوم أكبر من أي زمن مضى.

في هذا السياق فقط أُعبروأُعلق لأنه هذه اول مرة ‏اتكلم بالموضوع في الاعلام بعد هذا الاشكال، الاشكال او الخلاف الذي حصل ‏بين حزب الله وبين التيار الوطني الحر، هذا الموضوع طبعا إخواني تكلموا فيه، البيان الذي صَدر من حزب الله، نحن حريصون على معالجته بالتواصل، طبعاً ستكون هناك ‏لقاءات قريبة، الأمر جدير بالمناقشة، جدير بالتقييم الداخلي، أنا أُؤكد أننا ‏حريصون على العلاقة، أحد إخواننا في شورى حزب الله عندما كُنا نُناقش هذا ‏الموضوع ذكّرنا بشيءٍ جميل، قال: “نحن مثل نبينا صلى الله عليه وآله وسلم يُنقل ‏في الروايات أنه من جملة أخلاقياته العالية أنه عندما كان يُسلم باليد  على أحد كان النبي لا يُبادر إلى نزع يده ‏من اليد الأُخرى، كان ينتظر اليد الأخرى لينزعها صاحبها فينزع يده”، هذا ‏موجود في الروايات في اخلاق النبي، في السياسة أيضاً نحن لدينا هذه الاخلاق، ‏نحن اذا وضعنا يدنا بيد احد، لا نُبادر الى نزع يدنا، الآن اذا الطرف الآخر نَزع يده ‏لا نُلزم أحداً، ولا نُجبر أحداً، نحن لا نُجبر احد لا على التحالف ولا على ‏الصداقة ولا على التفاهم، دائماً في مراحل متعددة عندما كانت تحصل بعض ‏الإلتباسات أو الضغوط، ويحصل نقاش داخلي فيما بيننا، أنا كُنت أقول لرئيس ‏التيار الصديق الوزير جبران باسيل، كنت أقول له لأنه خلال هذه السنوات مع ‏فخامة الرئيس لم تكن توجد فرصة لقاء، كُنت أقول له:” يا معالي الوزير في أي ‏وقت تَشعرون بالحرج تشعرون بالضيق تشعرون بالعبء، تجدون ان الاستمرار في هذه العلاقة ‏أو في هذا التفاهم ليس لكم مصلحة، يُشكل عليكم عبئاً، يُشكل لكم حرجاً، كُونوا ‏مرتاحين ونحن لن نَكون مزعوجين، ونَقدر أن نَعمل اي صيغة اخرى، نُكمل ‏فيها كأصدقاء ونتعاون فيها كأصدقاء”، هذا دائماً كُنا نقوله، طبعاً نحن ملاحظتنا ‏الأساسية أنه سلوكنا دائماً مع كل حلفائنا واصدقائنا، ان بعض خلفائنا واصدقائنا ‏يَنتقدوننا في العلن ولكن لا ننتقدهم، يُناقشوننا في العلن ولكننا لا نُناقشهم، لم نفعل ‏ذلك إلا نادراً، أنا احتاط هنا عندما اقول “إلا نادراً”، لكن غالباً نحن نُفضل ‏في دائرة الحلفاء والأصدقاء النقاش الداخلي، وحتى اذا ذهبنا الى انتقاد علني أو نقاش ‏علني، فإننا نَحرص فيه على الكلمة والأدبيات واللغة التي نستخدمها مع الطرف ‏الآخر، لا شك أنه حصل خلل ما في ما جرى بيننا في السياسة وفي الإعلام، هذا ‏الأمر إن شاء الله نُعالجه، الكثيرون راهنوا والكثيرون كانوا ينتظرون على كل ‏حال منذ شباط 2006، في كل مقطع في كل مرحلة، كانوا يُراهنون على سقوط ‏هذا التفاهم، على تفكك هذا التحالف، على انتهاء هذه الصداقة، ولكنها صمدت كل ‏هذه السنين وفي ظروف صعبة جداً، اليوم اللبنانيون أحوج ما يكونون إلى ‏المزيد من الصداقات، إلى المزيد من التفاهمات، إلى المزيد من التحالفات ‏واللقاءات، وأياً تكن الصعوبات أو الإلتباسات أو الإشكالات يُمكن مُعالجتها من ‏خلال التواصل المباشر، من موقع الحرص ومن موقع المسؤولية، واللبنانيون ‏على كل حال لديهم ابداع فيمكن ان ُيبدعوا حلولاً قد لا تخطر في بال أحد، في ‏كل الأحوال أَود أن أُؤكد على حفظ هذه العلاقة وحُرصنا على العلاقة ومعالجة ‏أي خلل حصل، وأي خلل يمكن ان يحصل مع حليف أو صديق، فليعرف الشعب ‏اللبناني أننا كرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لن نَنزع يدنا من يد صديق أو ‏حليف، ونَحرص على هذه العلاقة.

في نهاية المطاف وان كُنت قد أطلت عليكم ‏لكن طبيعة المناسبة وغياب شهر ونصف عنكم ألجأتني إلى هذه الإطالة، أقول ‏لكم، طبعاً نحن في موقع تحدي، في وضع مواجهة صعبة، هذه النسخة الثالثة ‏التي لها علاقة بالوضع الإقتصادي المعيشي الإعلامي، سوف أتكلم انا بعد بضعة ‏أيام إن شاء الله في مناسبة، نَتطرق إلى هذا الموضوع، مدرسة الحاج قاسم سليماني مدرسة القائد ‏الشهيد أبو مهدي المهندس، هذا المحور بِقوته وتصميمه وعزمه وثباته إن شاء الله، ‏بِحضوركم وتأييدكم ودعمكم ومساندتكم ومحبتكم وتضحياتكم وصبركم، هذا ‏المحور يَسير إلى الإنتصار والإنتصار والإنتصار، ودم الشهيدين القائدين أَطلق ‏مرحلةً جديدةً تاريخيةً نوعية في تاريخ الصراع في منطقتنا ستقود إلى النصر ‏النهائي إن شاء الله.

عَظّم الله أُجوركم، الله يعطيكم العافية، تقبل الله منكم، ‏والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: العلاقات الإعلامية

البث المباشر