معادلات المقاومة … حصاد الترسيم – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

معادلات المقاومة … حصاد الترسيم

مفاوضات ترسيم الحدود البحرية

بقلم ؛ الشريف علي صبح

‏لم تكن معادلة الردع يوماً مصدر ثقة في قلوب اللبنانيين قبل إنجاز 2006 العظيم ، لا بل بين حدود العواصم الثمانية عشر في التوزيع الجيوسياسي للمنطقة التي أطلق عليها أوائل القرن العشرين – الشرق الاوسط – قابلة للتحقيق أمام الكيان المُحدَث الذي أوجد لنفسه بالألتفافات و المنعطفات المظلمة في أردهة الاتفاقيات السياسية والنفوذ بالتغطية البريطانية – الأمريكية إبان مشارف نهاية الموت الأسود الثاني وجودا وهميا مصطنع الانتماء في حِجر خاصرة الدول العربية ومهد الحضارات ومهبط الأنبياء في البقعة المقدسة من جانب المسجد الأقصى في فلسطين ، فالكيان المؤقت ليس دولة لتكون له سيادة و حقوق ابتداءا فما بُني على باطل فهو باطل ، الأمر الذي وكّده فئة مؤمنة من رجال نبذوا الظلم لبني الإنسان وحملوا قضية الحق في رفع الظلم عن المستضعفين فكانوا بالقلب واللسان والقلم والبيان في الصف الأول ضد هذا الكيان ، حتى بغت غطرسة الجهل اليهودي و عتت جيوشهم بدعم دولي على بلد عربي كان يوماً عروساً للشرق فاجتاحت إسرائيل لبنان فكانت تثبت الاحتلال وتردفه باحتلال آخر .

فما بين العام 1982 وعام 2000 ومقاومة المخرز للعين حتى عام 2006 والنصر الإلهي في تموز ، رُسمت معادلة جديدة في أروقة نفوذ القرار الإسرائيلي الأمريكي وتمحّصت الهزيمة نصب عيني العنجهية الأمريكية والاستكبار العالمي . ليخلد التاريخ عبارة ( حيفا وما بعد حيفا )  كدستور لرد الفعل لدى أي قرار بتهور اسرائيلي أمريكي بعد تموز 2006 .

معادلة الردع ذات الستة عشر عاماً وللحظة وقف عندها اللبنانيون ممن آمن بها و لم يؤمن ،  أمام حقيقة ناصعة الحجة فعلاً و قولاً سواء عقلوها و أذعنوا لها أم لا ، بأن المقاومة ضمانة حقيقية لحقوق لبنان واللبنانيين في لحظة دخلت السفيرة الأمريكية دوروثي شيا مقر الرئاسة الثانية في عين التينة حاملة في جعبتها آخر جولات الكر و الفر الإسرائيلي في وساطة أمريكية حول ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الفلسطينية بمسودة من عشر صفحات و بكل فخر تلبي و لو مبدئياً المطالب اللبنانية التي ترفض إعطاء أي تأثير للإتفاق البحري على الحدود البرية .

و لأن لبنان ما بعد 2006 أو لنقل ما بعد معادلة الردع ليس لبنان ما قبل 2006 وجب للأمريكي أن في قراره بالإذعان أن يعي أن أي حق مهدور للبنان من ثرواته البرية أو البحرية أو الجوية هو إذن بزوال الكيان المؤقت لإسرائيل بوعد نصر الله ، و لأن الأمريكي يعلم جيداً أن ( حيفا وما بعد حيفا ) كانت صادقة جداً وجب أن يصدق أن ( كاريش وما بعد بعد كاريش ) صادقة بقدر تلك المعادلة لا بل أكثر من تلك التي جعلت المقاومة في لبنان ، المقاومة الوحيدة في العالم التي هزمت جيش النخبة و نكّست أساطير فارغة عن جيش لا يهزم .

( كاريش و ما بعد بعد كاريش )  أيقنت في قلب كل لبناني بعد لحظة خروج شيا من عين التينة وهي تعلن أن الامور تبدو إيجابية جداً ، أن المقاومة من جديد انتصرت بمعادلة أرهبت به من لم يرع ذمة و لا دين و لم يحترم أي معاهدة دولية أو قانون و تغطرس و اعتدى و لم يوقفه و يفرض عليه شروطاً إلا لبناننا و مقاومة لبنان الشريفة .

و أثبت في تاريخ لبنان و في لبّ كل لبناني أن للمقاومة فضلاً  ليس ككل فضل بل عزة و نصر و تخليد في التاريخ لم يدانيه فضل من بقية الإتجاهات في تاريخ لبنان ، إذ ان تاريخ لبنان لم يكتب قبلاً كسر غرور العم سام و إغلال يد عميله في الشرق بنحو ما سطرته معادلات المقاومة بما يعجز غير المقاومة فعل ذلك ، بل حتى أن المقاومة جعلت معادلة الردع بنداً أحمر نصب عيني الوسيط والجهة المقابلة فكانت – مبدئيا قمحة -.

لتكمن أهمية معادلة الردع و شعار الوطنية في سلوك المقاومة في نتائج الردع عبر أهمية خطوة تقديم نص مكتوب مقدم من العجوز الأمريكي للبنان ، فيكون لبنان المقاومة ، لبنان الردع ، لبنان كاريش و ما بعد بعد كاريش قد استلم من الأمريكيين مسودة توافق على كل مطالبه وتنكس راية الأمريكي المتغطرس وتجعل الإسرائيلي الذي لا يراعى بند ولا يخشى دولة بتأثير العباءة الأمريكية يذعنون أمام المقاومة وأمام اللبنانيين كل اللبنانيين الشرفاء و لتكون الأيام الحاسمة القادمة أوان الحصاد في موضوع الترسيم و جني ثمار فضل المقاومة وإثبات كفاءة الردع وتوطيد الوطنية وتصويب البوصلة تجاه الامور عند بعض الناس في الداخل و الخارج اللبناني  .

 

الموقع غير مسؤول عن مضمون المقال وهو يعبّر عن رأي كاتبه فقط

 

المصدر: بريد الموقع