الثلاثاء   
   08 07 2025   
   12 محرم 1447   
   بيروت 19:22

الاحتلال يقرّ بمقتل 5 جنود في كمين محكم شمالي غزة

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الثلاثاء، مقتل خمسة من جنود كتيبة “نيتسح يهودا” وإصابة 14 آخرين، بينهم اثنان في حالة حرجة، إثر كمين محكم نفذته المقاومة الفلسطينية في بلدة بيت حانون شمالي قطاع غزة، مساء أمس الإثنين.

ووفق بيان صادر عن جيش الاحتلال، فإن الهجوم نجم عن تفجير عبوات ناسفة زُرعت مسبقًا على أحد المسارات العسكرية قرب الحدود، وانفجرت بشكل متتالٍ أثناء مرور قوة مشاة تابعة للكتيبة، ما أدى إلى خسائر كبيرة في صفوف الجنود.

وبحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، فإن المقاومين استهدفوا الجنود بعبوتين ناسفتين تم تفجيرهما عن بُعد، ثم واصلوا الهجوم بإطلاق النار على القوات أثناء محاولتها إجلاء المصابين من موقع الانفجار.

وأظهرت التحقيقات الأولية لقيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، أن الحادثة وقعت عند الساعة العاشرة من مساء الإثنين، عندما عبرت قوة مشاة تابعة لـ”نيتسح يهودا” – ضمن لواء كفير – أحد الطرق التي يستخدمها الجيش في عملياته الهجومية داخل قطاع غزة.

وبعد الانفجار، تعرضت فرق الإنقاذ لإطلاق نار كثيف من قبل مقاومين فلسطينيين، ما أدى إلى مزيد من الإصابات في صفوف القوات المساندة، وأعاق عملية الإخلاء، قبل أن تُرسل تعزيزات إضافية لإتمام المهمة.

وفي تحقيق أولي آخر أجراه الجيش صباح اليوم، وُصف الهجوم بأنه تفجير مزدوج متبوع بكمين ناري، نُفذ أثناء عملية “تطهير” مزعومة للمنطقة من قبل كتيبتين عسكريتين، حيث اجتازت قوة من “كتيبة 97 نتسح يهودا” الطريق سيرًا على الأقدام لتقع في الكمين المحكم.

وأشار الجيش إلى أن هذا النوع من التكتيك – تفجير ألغام يتبعه إطلاق نار مباشر – يُعد أسلوبًا متكرّرًا تستخدمه كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في عدة عمليات مماثلة خلال الحرب.

وفي رد فوري على العملية، أصدرت كتائب القسام بيانًا مقتضبًا عبر قناتها الرسمية على “تلغرام”، موقعًا باسم الناطق باسمها بتاريخ 25 حزيران/يونيو، جاء فيه: “جنائز وجثث جيش العدو ستصبح حدثًا مستمرًا طالما استمر العدوان، وسندكّ هيبة جيشكم.”

كتائب القسام

ويُعد هذا الكمين الأخطر الذي تتعرض له كتيبة “نيتسح يهودا” منذ اندلاع الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إذ سبق أن خسرت الكتيبة أربعة من مقاتليها، ثلاثة منهم في انفجار عبوة ناسفة في أيار/مايو الماضي.

وتأتي عملية بيت حانون بعد يومين فقط من تنفيذ قوات الاحتلال عملية هجومية في المنطقة ذاتها مساء السبت، بمشاركة وحدات من لواء الاحتياط 646 (المظليون الاحتياط) واللواء الشمالي في القطاع، استهدفت ما وصفه الاحتلال بـ”مجمع محصن” تابع لحركة حماس، سبقها قصف جوي وبري مكثف خلال الأيام الماضية.

وبهذه الخسائر، يرتفع عدد قتلى جيش الاحتلال منذ بدء العدوان على قطاع غزة إلى 888 جنديًا، بينهم 446 سقطوا خلال العمليات البرية، و39 منذ انتهاء صفقة تبادل الأسرى الأخيرة.

وأفادت مصادر عسكرية إسرائيلية بأن الهجوم وقع في منطقة سبق أن شهدت توغلات برية متعددة منذ انطلاق المناورة البرية في أواخر عام 2023. كما دوّت صافرات الإنذار ليلًا مرتين في مناطق قريبة من موقع الهجوم، في إشارة إلى حالة استنفار غير مسبوقة داخل مستوطنات “غلاف غزة”.

ويُذكر أن حادثة بيت حانون تُعد الأعنف منذ تفجير “بوما” في خانيونس قبل أسبوعين، والذي أسفر عن مقتل ضابط وستة جنود من وحدة الهندسة القتالية، تلتها عملية أخرى في حزيران/يونيو الماضي، عندما قُتل ثمانية جنود في رفح إثر استهداف ناقلة جند بصاروخ موجه مضاد للدروع.

أكد أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام، أن عملية بيت حانون المركبة تمثّل ضربةً إضافية وجّهها مجاهدو المقاومة لهيبة جيش الاحتلال، مشيراً إلى أنها استهدفت واحدة من وحداته الأكثر إجراماً، في ميدانٍ كان الاحتلال يظنه آمناً بعدما دمّره بالكامل ولم يُبقِ فيه حجراً على حجر.

وفي بيان صدر صباح اليوم، شدد أبو عبيدة على أن معركة الاستنزاف التي يخوضها مقاتلو المقاومة من شمال القطاع إلى جنوبه، تُكبد الاحتلال خسائر يومية متزايدة، مضيفاً: “ولئن نجح مؤخراً في تخليص جنوده من الجحيم بأعجوبة؛ فلربما يفشل في ذلك لاحقاً، ليكون بين أيدينا أسرى إضافيون.”

وأكد أن صمود الشعب الفلسطيني وبسالة المقاومين الشجعان هما وحدهما من يصنعان المعادلات ويرسمان معالم المرحلة المقبلة، محذراً في الوقت نفسه رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو من مغبة التمادي في العدوان، قائلاً: “القرار الأكثر غباءً الذي يمكن أن يتخذه نتنياهو سيكون الإبقاء على قواته داخل القطاع.”

ونشرت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، مشاهد مصوّرة تُظهر تفجير آليتين عسكريتين إسرائيليتين بعبوات مضادة للدروع، والسيطرة على طائرة استطلاع مسيّرة تابعة لجيش الاحتلال، وذلك خلال عملية نوعية نُفذت في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، في إطار معركة طوفان الأقصى المستمرة.

وفي عملية منفصلة، أعلنت سرايا القدس أنها استهدفت قوة خاصة صهيونية تحصّنت داخل منزل في شارع المارس وسط مدينة خان يونس، وذلك باستخدام صاروخ موجّه من طراز 107، مؤكدة تحقيق إصابات مباشرة في صفوف القوة المعادية.

شهد المشهد القتالي في قطاع غزة خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة تحولاً ميدانياً لافتاً، انعكس بشكل مباشر في الارتفاع الكبير في خسائر قوات الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما عقب تنفيذ سلسلة من العمليات النوعية المتكررة التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية في مناطق مثل خان يونس وحي الشجاعية.

وتُظهر المعطيات الميدانية أن هذه العمليات، التي تميّزت بالجرأة والاستمرارية والتنويع في أساليب التنفيذ، جاءت رداً مباشراً على العدوان المتجدد الذي بدأ في 18 آذار/مارس الماضي، وقد أثبتت امتلاك المقاومة قدرات عملياتية وتكتيكية متطورة، من بينها استخدام عبوات ناسفة متقدمة مثل “شواظ” و”ثاقب”، إلى جانب عبوات مضادة للأفراد ذات تأثير قاتل.

وقد تحولت ما تُعرف بعملية “عربات جدعون”، التي كانت تُسوّق على أنها نموذج للتفوق العسكري الإسرائيلي، إلى فخّ قاتل لقوات الاحتلال، حيث أظهرت صور ومقاطع مصوّرة حالات فرار للجنود من ميادين المواجهة، رغم تفوقهم العددي والناري، ما يعكس انهياراً في المعنويات وضعفاً في الثقة بالقيادة العسكرية.

ويُعزى هذا التحول جزئياً إلى استحواذ المقاومة على كميات كبيرة من المواد شديدة الانفجار، وعلى رأسها مادة C4، التي استُخدمت في تصنيع جيل جديد من المتفجرات والقذائف المضادة للدروع، ما زاد من فعالية الهجمات وأربك خطط الاحتلال الميدانية.

وفي السياق ذاته، تتصاعد الانتقادات داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وسط اتهامات بغياب الخطط القتالية المجددة، وتراجع الروح القتالية لدى الجنود، الأمر الذي دفع عدداً من جنود الاحتياط إلى رفض العودة للمشاركة في القتال داخل قطاع غزة.

وتشير التقديرات الميدانية إلى أن ما يجري حالياً على الأرض يمثل بداية مرحلة جديدة قد تغيّر مسار الحرب جذرياً، في وقت تحوّل فيه ما سعى الاحتلال إلى جعله نهاية سريعة إلى كابوس لا يُطاق لقواته الميدانية.

المصدر: موقع المنار