الصحافة اليوم 6-11-2021 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 6-11-2021

الصحافة اليوم

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 6 تشرين الثاني 2021 على الجمود الحكومي الحاصل، نتيجة التعقيدات الداخلية والازمات الخارجية ولا سيما ازمة الخليج  واستمرار المساعي والاتصالات دون التوصل الى النتيجة المرجوة،  للانطلاق بقطار العمل الحكومي وسط  اعصار الازمات الذي يعصف بالبلد اقتصاديا واجتماعيا،  ويرمي بثقله على كاهل الشعب اللبناني …

الاخبار

حكومة بيع الوهم والأصول: تدمير قطاعَي النقل والاتصالات

تحالف السلطة والمال يواصل سرقة الناس: تفاقم أزمات النقل والاتصالات والطاقة… والضغط مستمرّ على المودعين

جريدة الاخبارانعدام الخطة المركزية للدولة في معالجة تداعيات الأزمة القائمة، مردّه إصرار تحالف السلطة السياسية مع الفريق المالي والاقتصادي على رفض تحمل المسؤولية عن الكارثة المستمرة بحق الناس. لا يكتفي هؤلاء بإصرارهم على نفس آليات التفكير والعمل، بل يريدون تحميل الناس كلفة الخسارة على أكثر من صعيد. مرة بسرقة الودائع وتوظيفها في مشاريع خارجية فاشلة، أو تضييعها في سياسات توظيف داخلية أكثر فشلاً، ثم في عملية قص الشعر العشوائية التي تصيب أصحاب الأرصدة الأقل، وتترك الكبار في مرحلة الانتظار للتعويض عنهم من خلال بيعهم أصول الدولة.

لكن في هذه المرحلة الانتقالية، حيث لا استراتيجية لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي غير شراء الوقت ورشوة الناس ببعض الخدمات من الآن وحتى موعد الانتخابات النيابية، هذا إن حصلت، يبدو أن الفريق الحاكم يستسهل «تشليح» الناس ما بقي معهم من مدخرات، من خلال آليات عمل تفرضها تعاميم حاكم مصرف لبنان وتزيد عليها إدارات المصارف، أو من خلال تمهيد الأجواء لفرض زيادة كبيرة على كلفة الخدمات البديهية للناس في مواجهة متطلبات حياتهم اليومية.

على مدى أشهر قليلة، فُرضت على الناس أسعار مفتوحة للمشتقات النفطية، جعلت أي عائلة لبنانية تحتاج الى ما قيمته ضعفَي الحد الأدنى للأجور كبدل نقل فقط، كما تحتاج الى مبلغ مماثل لشراء ما معدله 12 ساعة تغذية من الكهرباء يومياً، وفرضت تسعيرات غير محددة السقف للفواتير الطبية وأسعار الأدوية، وتركت الباب مشرعاً أمام مافيا التعليم الخاص لرفع استنسابي لكلفة الأقساط، وها هي الحكومة تستعد وتختبر الناس، في ملفين أكثر خطورة: زيادة سعر تعرفة الكهرباء التي لم تصل بعد التغذية فيها الى أكثر من 4 ساعات يومياً، والتمهيد لزيادة كلفة الاتصالات الهاتفية على أنواعها، بالإضافة الى خدمات الإنترنت. ورغم أن النفي والتوضيحات لا تتوقف على لسان المسؤولين، إلا أن مرجعاً بارزاً أكد لـ«الأخبار» أن البحث حول تعديلات بدلات النقل والأجور والمنح التعليمية لموظفي القطاعين العام والخاص، لن تتم من دون تعديلات موازية على إيرادات الخزينة. وما يعرفه اللبنانيون منذ قيام هذه البلاد، أن زيادة الإيرادات تكون من خلال زيادة الرسوم والضرائب، من دون أي توزيع عادل على الفئات الاجتماعية، فيما لم يعد هناك سوى كتلة غنية صغيرة جداً، بينما جرى دمج الطبقات المتوسطة والدنيا في كتلة واحدة تبحث عن خلاصها بالهجرة قبل أي شيء آخر.

ووسط كل النقاش حول الخيارات البديلة، لا تظهر الحكومة أي استعداد عملاني للبحث في استراتيجيات إنقاذية، ولا سيما في القطاعات التي تتطلب علاجات فورية وعاجلة مثل النقل والكهرباء والاتصالات، بما يساعد على مواجهة ارتفاع أعباء المواصلات عند الناس وتأثير ذلك على الدورة الاقتصادية، ولا في تعديل آلية إنتاج الطاقة الكهربائية العادية أو البديلة، وترك القطاعات الحيوية لـ«بلد الخدمات» تنهار وتموت ببطء.
«المركزي» يضرب المقترضين

في هذه الأثناء، تبيّن أن المصارف اللبنانية كانت قد تبلغت من مصرف لبنان خفض حصصها من بيع الدولارات بنسبة 80 في المئة. وبدورها عكست المصارف هذا القرار في تعاملاتها مع الزبائن وبدأت تضيّق عليهم وتطلب منهم تسديد أقساط قروض التجزئة والسكن، بالدولار وليس بالليرة بحجّة أن مصرف لبنان توقف عن بيعها الدولارات.

قانونياً، لا يمكن المصارف أن ترفض قبول الليرة اللبنانية التي تحمل قوّة إبرائية. وبالتالي لا يمكنها رفض الليرة اللبنانية لتسديد القروض الممنوحة للزبائن بالعملات الأجنبية. وطالما أن مصرف لبنان والمصارف لا تعترف بعد بانهيار سعر الصرف، فلا يمكنهما احتساب قيمة الأقساط بسعر صرف يفوق 1507.5 ليرات وسطياً، وإلا عليهما أن يعترفا بأن الودائع أيضاً أصبحت بسعر الصرف هذا.

أما ما يقوم به مصرف لبنان لجهة خفض «كوتا» المصارف من الدولارات، فلا قيمة فعلية لإجراء كهذا، إذ إن هذه الدولارات التي يبيعها المصرف المركزي للمصارف، هي إما من أموال المصارف الموظفة لديه، أو أن يخلق عملة محلية لا يملكها، وفي كلتا الحالتين ينطبق على هذه الدولارات تعبير «الدولار المحلّي» الذي أتاح مصرف لبنان المتاجرة فيه بسعر يقلّ عن سعر الدولار في السوق الفعلية. والمشكلة أن مصرف لبنان المسؤول الأول والمباشر والحصري بموجب قانون النقد والتسليف عن تنظيم السوق المصرفية، لكنه بدلاً من الانصراف لمعالجة المشكلات الناجمة عن انهيار سعر الصرف وسلوك المصارف المشين في تعاملها مع الزبائن، يعمل على إغراق الاقتصاد بأسعار متعددة لليرة، تاركاً المودعين والمقترضين للمصير الأقوى. وفي المحصلة، صار القويّ يأكل الضعيف، وكالعادة فإن المصارف، على رغم إفلاسها غير المعلن، لا تزال صاحبة النفوذ الأقوى وهي تأكل الضعفاء من صغار المقترضين محاولةً أن تفرض عليهم شراء شيكات بالدولار من السوق لتسديد أقساط ديونهم، وشراء الدولارات النقدية لتسديد أقساط التأمين الملازمة لقروضهم.

حجّة سلامة لخفض بيع الدولارات للمصارف، كما ينقل عنه، أن بعض المصارف «لا توزّع كلّ الكوتا التي تحصل عليها على الزبائن»، مشيراً إلى أن بعضهم استخدم هذه «الكوتا» للمتاجرة بالشيكات المصرفية بالدولار أو لتكوين مؤونات لتغطية خسائر متوقعة في ميزانياتهم، أو لتغطية الخسائر في رؤوس أموالهم بالدولار… لكن حجّة مصرف لبنان التي يروّج لها تثبت أنه ليس أهلاً لإدارة السوق. فمن واجباته منع المصارف من القيام بعمليات متاجرة لم يسمح لهم بها، ومن مسؤوليته ومسؤولية لجنة الرقابة على المصارف مراقبة المصارف وردعها عن القيام بأمور تمسّ بأصول العمل المصرفي، لكنه لا يجد حرجاً في سياق قيامه بهذه الواجبات من الإمعان في ضرب المودعين والاقتصاص منهم، ولا يجد حرجاً في ترك المصارف تمارس سلوكها الانتقامي من المقترضين وصغار المقترضين تحديداً. من واجبات مصرف لبنان حماية المقترضين أيضاً وإجبار المصارف على قبول الليرة اللبنانية طبقاً للقوانين المرعية الإجراء، وقمع المصارف المخالفة، إلا إذا كان يهتمّ حصراً بحماية المصارف ومساعدتها على الانتقام من الزبائن.

«هندسات قضائيّة» برعاية رئيس مجلس القضاء الأعلى… خلافاً للقانون: ممنوع كفّ يد البيطار

مستنسخاً تجربة «زميله» رياض سلامة في «الهندسات الماليّة»، يُجري رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود «هندسات قضائيّة»، خلافاً للقانون، لمنع كفّ يد القاضي طارق البيطار عن قضية تفجير المرفأ. خلافاً للقانون، يُمنع الادّعاء على قضاة مشتبه فيهم من قبل البيطار. وخلافاً للقانون، تُرفض طلبات ردّ البيطار. وخلافاً للقانون، يُمنع التحقيق في دعوى تزوير منسوب للبيطار. وخلافاً للقانون، يتدخّل رئيس مجلس القضاء الأعلى لمنع قاضٍ من استكمال النظر في طلب ردّ البيطار

تقدّم الوزير يوسف فنيانيوس بطلب رد القاضي طارق البيطار عن قضية المرفأ. أحيل الطلب على محكمة يرأسها القاضي نسيب إيليا. عاد فنيانوس ليطلب رد القاضي إيليا، فأحيل الطلب على غرفة يرأسها القاضي حبيب مزهر، فقرر بدء إجراءات النظر بطلب رد القاضي البيطار. سريعاً، تقدّم محامون بطلب لرد القاضي مزهر، فيما يجري التحضير لطلب رد عضوين في الغرفة التي بات يرأسها مزهر، إلى جانب درس إمكان «الادعاء» على رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بـ«جرم» الارتياب المشروع».

هذه «الخبصة» القضائية ليست شأناً إجرائياً وحسب، بل أمر سياسي بالدرجة الأولى. المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ، القاضي طارق البيطار، كان يتباهى أمام زملاء له بأن «أيّ قاضٍ لن يجرؤ على إزاحتي عن ملف المرفأ». وتباهيه كان في محله. كل طلبات الرد التي جرى التقدم بها لكف يده عن التحقيق، تم رفضها عبر مخالفات قانونية صريحة، برعاية رئيس مجلس القضاء الأعلى. هندسَ الأخير تركيب غرف المحاكم التي تنظر في دعاوى الرد والارتياب، بصورة أفضت إلى جعل البيطار قاضياً «لا يُرَدّ»، حتى لو اشتُبِه بارتكابه جرم التزوير. وعندما تقدّم فنيانوس بدعوى مباشرة لدى النيابة العامة التمييزية بحق البيطار، متهماً إياه باتخاذ قرارات بعد كف يده مؤقتاً، وتسجيل تلك القرارات بتاريخ سابق، حفظ المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان الشكوى، من دون أن يقوم بأي إجراء تحقيقيّ، في مخالفة صريحة للقوانين وللمبادئ العدلية.
آخر فصول «فعل المستحيل» لإبقاء ملف المرفأ في يد البيطار جرى أمس. إعادة عرض الوقائع توضح الصورة:

1- تقدّم فنيانوس بطلب رد القاضي بيطار، فأحيل طلبه على الغرفة التي يرأسها القاضي نسيب إيليا.

2- تقدّم إيليا بعرض تنحّيه عن النظر في طلب فنيانوس، لأنه سبق أن أصدر قراراً رفض فيه طلباً مماثلاً من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، ما يعني أنه صاحب رأي مسبق لا يجوز له النظر في الطلب. لكن الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت، القاضي حبيب رزق الله، جمع الغرفة التي يرأسها، وأصدر قراراً رفض فيه عرض التنحي المقدّم من إيليا، رغم أن الأصول توجب تنحي الأخير.

3- تقدّم فنيانوس بطلب رد إيليا عن النظر في طلب الرد الذي قدمه بحق البيطار. أعاد إيليا عرض تنحيه، فقبله رزق الله، بحسب ما هو وارد في سجل المحكمة. ففي هذا السجل، ورد حرفياً: «تقرر تكليف الرئيس حبيب مزهر لترؤس هيئة الغرفة الاستئنافية الثانية عشرة للنظر في الملف الرقم 72/2021 (طلب رد القاضي نسيب إيليا المقدم من الوزير السابق يوسف فنيانوس)، مكان الرئيس نسيب إيليا المقبول تنحيه، وإبلاغ ذلك من يلزم».

4- قبِل القاضي حبيب مزهر التكليف، وقرّر النظر في طلب فنيانوس رد البيطار، وطلب من الأخير كف يده عن متابعة قضية المرفأ إلى حين البت بطلب الوزير السابق. استند مزهر في قراره إلى كون التكليف يتضمّن تصريحاً واضحاً من زرق الله بقبول تنحي إيليا، ما يعني حُكماً أن موضوع تكليفه هو النظر في طلب فنيانوس رد البيطار، بما أن طلب رد إيليا صار بلا موضوع بعد قبول تنحيه.

«مخالفة توزيع المهام لا تلغي القرار القضائي الصادر عن قاضٍ صاحب اختصاص»

قرار القاضي مزهر أثار الكثير من اللغط. انقلبت العدلية رأساً على عقب يومَ أمس. تدخّل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود الذي وصل إلى مركز عمله في الصباح الباكر، وحصل نقاش حاد مع الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت حبيب رزق الله الذي سئِل عن سبب تكليفه مزهر بدعوى رد البيطار. فأجاب رزق الله بأنه كلّفه حصراً بدعوى طلب ردّ القاضي نسيب إيليا الناظر في طلبات الردّ المقدمة ضد البيطار.
كذلك اجتمع رزق الله بمزهر مستنكراً قراره بحق البيطار، ومؤكداً أنه طلب منه النظر حصراً بدعوى إيليا، لكنه تجاوز الصلاحيات وقرّر ضم الطلبين. في هذا الوقت، بدأت حملة ضد مزهر داخل أروقة العدلية وخارجها. استشعر مزهر بأن عبود ورزق الله يحاولان اختلاق وجود التباس، وتنفيذ لعبة تهدف الى سحب الملف كله من يده. وبدأ الاعتراض همساً على إحالة الملف الى قاضٍ شيعي، بعدما تعمّد عبود في المرات السابقة إحالة كل ما يتصل بالقاضي بيطار على غرف يترأسها قضاة ميسيحيون، بعدما نجح فريق الادعاء السياسي في تحويل قضية انفجار المرفأ إلى قضية تخص المسيحيين وحدهم.

وفي إطار البحث عن تخريجة لهذا الالتباس، بدأت تنهال طلبات رد مزهر، مع مطالبات بإحالته على التفتيش القضائي. من الجبهة المضادة، ستُقدَّم دعاوى في وجه القضاة الذين سينظرون في طلبات الرد!
وفيما قال قضاة وقانونيون إن قرار مزهر كف يد القاضي البيطار باطل لأنه حصل من دون تكليف، ردّ قضاة وقانونيون آخرون بأن إلغاء قراره مستحيل من دون قرار قضائي صريح. ويقول أصحاب الرأي الثاني إن «مخالفة توزيع المهام لا تلغي القرار القضائي الصادر عن قاضٍ صاحب اختصاص»، لافتين إلى أن «القاضي مزهر رئيس غرفة استئناف، ولا وجود لأي نص قانوني يحظر عليه النظر في طلب رد قاضٍ آخر».
ما جرى في العدلية أمس يثبت مرة جديدة أن التحقيق في تفجير المرفأ خرج من كونه قضية جزائية قضائية قانونية ذات طابع سياسي، وتحوّل إلى قضية سياسية تتجاوز العمل القضائي والقوانين، أو في أحس الأحوال تطوّعها لتحقيق هدف سياسي. مهندس عملية التحويل هذه ليس سوى رئيس مجلس القضاء الأعلى، الذي سبق أن أمّن الحماية للقضاة المشتبه فيهم بانفجار المرفأ، بغطاء سياسي وإعلامي ودبلوماسي غربي. ففي نظر القاضي سهيل عبّود والقوى الداعمة له، لا يمكن تثمير التحقيق في جريمة 4 آب، سياسياً، إلا بجعل طارق البيطار قاضياً «لا يجرؤ أحد على ردّه».

حكومة ميقاتي عالقة بين إقالتين متعذّرتين!

 

منذ نيلها الثقة في مجلس النواب في 20 أيلول، لم يُتح لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي الالتئام في مجلس الوزراء سوى ثلاث مرات، آخرها في 12 تشرين الأول. مذذاك كأنها غير موجودة. أفرقاؤها يخوضون معاركهم من خارجها، تارة في الشارع وطوراً في الإقليم

الإشارات الأكثر دلالة، سلبية بالذات، على ما أضحت عليه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أن الصلاحيات الدستورية لرئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء لا تعدو وهماً وسراباً. ليس في وسعهما دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، ولا وضع جدول أعماله، ولا التأكد من التئامه بالنصاب القانوني، ولا امتلاك غالبية وزارية تمكّنهما من ممارستهما صلاحياتهما، ولا أخيراً ضمان إمرار الجلسة من غير أن تنفجر. مع أنها ليست المرة الأولى، وقد خبرتها منذ ما بعد عام 2005 حكومات الرؤساء فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام، كل على نحو مختلف في ظروف متباينة، وصلت الآن إلى ميقاتي. قدّمت التجربة الحالية دليلاً إضافياً على حكم وسلطة يُداران بموازين القوى على الأرض، لا في مجلس الوزراء، ولا في متن دستور خائب.

رغم جرعات الدعم الدولية التي عاد بها رئيس الحكومة من مؤتمر المناخ في غلاسكو، جزمت بالوقوف إلى جانبه ومنعه من التنحّي والتعاطف معه في أزمة تدهور العلاقات اللبنانية ـ الخليجية، لم يسعه إلى الآن إيجاد طريقة للوصول إلى أسهل الحلول. وهو إقناع الثنائي الشيعي بالعودة إلى جلسات مجلس الوزراء. في غلاسكو سمع ميقاتي من المسؤولين الدوليين ثلاث نصائح بضرورة الإقدام عليها بلا تردّد: إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، التفاوض مع صندوق النقد الدولي، تجنب الفراغ الدستوري في البلاد أياً تكن وطأة الضغوط التي يجبهها. أما ما رام الحصول عليه، وقد تيقن صعوبته، فتمكّن الأميركيين والفرنسيين من فتح حوار بين لبنان والسعودية. بينما لا يزال الرئيس إيمانويل ماكرون ينتظر من الرياض موعداً لزيارتها ومقابلة ولي العهد محمد بن سلمان، امتنع الرئيس الأميركي جو بايدن عن تحديد موعد للاجتماع بولي العهد ما حال دون مشاركة الأخير في مؤتمر غلاسكو.

كلا فريقي الثنائي يؤكدان أنهما ليسا في وارد الاستقالة من الحكومة، إلا أن دون عودتهما إلى جلسات مجلس الوزراء عقبات، يصعب على رئيس الجمهورية ميشال عون، كما على ميقاتي، تذليلها: بينها ما لا يريدانه، وبينها ما لا يستطيعانه.

وطأة المشكلتين الراهنتين اللتين تسبّبتا في شلّ مجلس الوزراء، تحوّلتا بقدرة قادر إلى قضيتين شيعيتين، تجعل من المتعذّر حلهما ما لم يقدّم الثنائي بنفسه وخصوصاً حزب الله هذا الحلّ . للمفارقة أن الحلّ المقترح يدور من حول مخرج الإقالة الذي يصرّ عليها الثنائي في مسألة، ويرفضها بتصلّب في أخرى: يطلب إقالة المحقق العدلي طارق بيطار من ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ويرفض إقالة – أو استقالة – وزير الإعلام جورج قرداحي من حكومة ميقاتي. لكل من هاتين الإقالتين معايير وضعها الثنائي لا يحيد عنها، باتت ملزمة للحكومة برمتها. الأكثر مدعاة للارتباك وتأكيد استعصاء الوصول إلى حلول للإقالتين، أنهما أضحيتا مرتبطتين بـ»هيبة» حزب الله في المعادلة الداخلية. قد يشبه المأزق الحالي سابقتين وضعتا حزب الله أمام امتحان الهيبة: أولاهما عام 2006 منذ الأيام الأولى لحرب تموز عندما اكتشف حكومة السنيورة تمثّل تهديداً خلفياً مباشراً له فيما هو يواجه القوات الإسرائيلية، قبل أن تسارع إلى الاصطفاف وراءه، إلى أن صفّى الحساب معها لاحقاً بتعطيل انعقادها والاعتصام في وسط بيروت. ثانيتهما مكمّلة للسابقة الأولى مع الحكومة نفسها بقرار 5 أيار 2008 الذي أفضى إلى 7 أيار في الشارع.

مسؤولو صندوق النقد لميقاتي: للإجراءات السعودية تتمة

مذذاك، لم يشعر حزب الله بأحدٍ جدّي متواطئ مسّ هيبته وعرّضه للتهديد. أكثر مَن حرص على هذه الهيبة من بين المفترض أنهم خصومه، كان الرئيس سعد الحريري بفكّ الاشتباك معه في قرارات المحكمة الدولية، وتجاهل الكلام عن سلاح حزب الله، وتحوّله المرشح الأفضل للوصول إلى السرايا بعدما بات الثنائي الشيعي الشريك الفعلي في صنع رئاسة الحكومة.

ما يواجهه حزب الله اليوم قريب من اختباري 2006 و2008. يشقّ عليه التساهل في كلا الملفين لسببين على الأقل: الأول أن أمينه العام السيّد حسن نصرالله كان السبّاق، بنبرة عالية عنيفة ومهدّدة، إلى مهاجمة المحقق العدلي والطعن في دوره وطلب إقالته على نحو صريح. لا يقلّ السبب الثاني عن الأول أهمية لارتباطه بمغزى قطيعة السعودية لبنان، وفرضها عقوبات عليه، كما لو أنها اعتراف بأنها صارت في مواجهة مباشرة مع حزب الله على أرضه. بذلك يمسي الحلّ المقترح باستقالة قرداحي هامشياً غير ذي شأن أو بال. يعلّق المشكلة ولا يحلها.

لدى حزب الله ذريعتان تحملانه على الاعتقاد أن المواجهة مفتوحة وكانت تحتاج إلى شرارة. مصدر الذريعة الأولى، تبعاً لمعلومات يملكها، إخفاق الحوار السعودي – الإيراني لمجرد وصوله إلى بند مناقشة حرب اليمن. طلب السعوديون الخوض فيه، فردّ الإيرانيون بأنهم غير معنيين، ناصحين محاوريهم بالاتصال بالحوثيين وحزب الله بصفتهما مرجعية الحل. سرعان ما وجد الحزب في الموقف الأخير لوزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان في 30 تشرين الأول، غداة قطيعة حكومته مع لبنان، مكمن المشكلة وأصلها. دلّ الوزير السعودي على العلة: «هيمنة» حزب الله.

أما الذريعة الثانية، فتكمن بدورها في أن المملكة كانت سلفاً في صدد تصعيد الموقف والصدام مع لبنان. لم يكن انقضى يومان على بث المواقف التي أدلى بها قرداحي في 26 تشرين الأول، أمهل السفير السعودي في بيروت وليد البخاري السلطات اللبنانية في 28 تشرين الأول ما بين ثلاث إلى أربع ساعات لتقديم قرداحي اعتذاراً علنياً عن مواقفه، تحت طائلة إقفال السفارة للفور. قَبِل بتمديد المهلة إلى مساء 29 تشرين الأول عندما أعلنت المملكة استدعاء سفيرها وطرد السفير اللبناني من أراضيها. في اليوم التالي لإقفال السفارة أبوابها أتى موقف الوزير السعودي كي يرفع السقف إلى أعلى.

ما أضحت عليه الأزمة اليوم أنها تجاوزت استقالة قرداحي. تملك السلطات اللبنانية تصوّراً متواضعاً، غير مؤكد النتائج، لمعالجة محتملة: خروج وزير الإعلام من حكومة ميقاتي مؤشر أول لوقف توالي الإجراءات العقابية السعودية كما تصدّع العلاقة معها، ومحاولة عزل دول الخليج التي جارتها باتخاذ إجراءات مشابهة ـ وإن أقل وطأة ـ كالكويت والإمارات العربية المتحدة، بالتعويل عليهما لتخفيف وطأة التشنج، ومباشرة حوار جديد مع الرياض. في حسبان السلطات اللبنانية أن المملكة ماضية في تصلبها ورفضها أي حوار. ما سمعه ميقاتي في غلاسكو يعزز هذا الاستنتاج. مَن اجتمع بهم هناك، شجعوه على استقالة قرداحي كخطوة يمكن أن يؤمل بها. كان قد سمع ما هو أهم من ذلك من هؤلاء. من بينهم مسؤولو صندوق النقد الدولي بتأكيدهم له أن الإجراءات السعودية الأخيرة، المباشرة من دولة إلى دولة، ليست وحدها السلاح المتاح ولا آخر المطاف. ثمّة ما يسع المملكة أن تفعله من خلال صندوق النقد بفرض قيود وشروط ثقيلة على لبنان تضعف قدرته على التفاوض، وتغرقه في مزيد من التدهور.

اللواء

تفاهم رئاسي على آلية المعالجة: تبريد مع الخليج.. وإنضاج طبخة استقالة قرداحي طوعاً!

الإنتخابات على رأس الأولويات الدولية.. وعدوى الإشتباك تهدّد الجسم القضائي

 

صحيفة اللواءفي خضم واحدة من أخطر الأزمات المصيرية التي تواجه لبنان الدولة والمجتمع، والمتعلقة بتأزم العلاقات مع المملكة العربية السعودية خاصة، ودول الخليج على وجه عام، بدا الموقف اللبناني مشرَّعاً على كل الاحتمالات، وان القوى الرسمية والسياسية كل يغني على ليلاه:

1 – الرئيس نجيب ميقاتي يسعى لرأب الصدع في العلاقات، من موقع ما نص عليه البيان الوزاري، وعدم ترك الحبل على غاربه في ما خصّ الأزمة الناشئة مع الرياض ودول مجلس التعاون، ليتاح لاحقا للحكومة ان تفي بوعودها في ما خص الكهرباء وسعر صرف الدولار وإصلاح النظام المصرفي، وخطة التعافي الاقتصادي، مع ترقب زيارة للأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى لبنان قبل نهاية العام الجاري.

2 – التيار الوطني الحر، وفريق الرئيس ميشال عون، منشغل بمآل التعديلات على قانون الانتخاب، من باب الطعن، امام المجلس الدستوري، بدءاً من اليوم بعد نشر قانون الانتخاب في الجريدة الرسمية أمس من خارج التوقيع الرئاسي، على ان تنتهي المهلة المتاحة في 18ت1 الجاري، أي قبل عيد الاستقلال.

3 – الفريق الشيعي، لا سيما حزب الله، يعطي الأولوية لرؤية قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت خارج الملف، بعد كفّ يده، ثم يأتي دور مجلس الوزراء للحضور، من زاوية التضامن مع وزير الإعلام جورج قرداحي، كما هو الوضع حتى الآن.

4 – وسط هذه الوضعيات المأزومة، لم ينج مجلس القضاء الأعلى من خضة داخلية، على خلفية قرار القاضي حبيب مزهر بكف يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار في انفجار المرفأ على خلفية الدعوى التي قدمها ضده الوزير السابق يوسف فنيانوس، موقفا التحقيق في انفجار المرفأ، لترفع شكوى ضده إلى التفتيش القضائي، مع العلم ان القاضي مزهر عضو في مجلس القضاء الأعلى.

واشارت مصادر سياسية إلى ان مسار معالجة الازمة المستجدة مع المملكة العربية السعودية، يميل نحو تخفيف منسوب التصعيد السياسي، وانتهاج اسلوب التبريد المتدرج والاستيعاب، وصولا الى حل المشكلة التي تسببت بها مواقف وزير الاعلام جورج قرداحي وما تبعها من ردود فعل ومواقف متلاحقة بهذا الخصوص.

وكشفت المصادر أن التفاهم على انتهاج اسلوب التبريد والاستيعاب، تم الاتفاق عليه في اللقاء الذي جمع بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس

الاول، باعتباره الاسلوب الانسب والمفيد، باتجاه حل الازمة، واعادة تأهيل العلاقات المهتزة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، لمافيه مصلحة لبنان وهذه الدول، بدلا من سياسة التصعيد التي توصد كل الابواب وتضر الجميع من دون استثناء، ومحاولة فصل هذا الملف عن حملات التراشق والتصعيد المتبادل بين الحزب والمملكة.

واعتبرت المصادر ان سلوك هذا المنحى الاستيعابي، بالتفاهم بين جميع الاطراف، يرتكز اولا، على تجنب الاصرار على اقالة وزير الاعلام كما دعا البعض، على أن يتبع ذلك استقالة طوعية لقرداحي، يزال من خلالها فتيل تفجير الازمة مع دول الخليج واستناد االى هذه المصادر، يبدو أن هذا المخرج لحل الازمة، لا يلقى رفضا من قبل الاطراف الداعمة لقرداحي، لاسيما حزب الله وتيار المردة تحديدا، اللذين رفضا اقالته، الا انهما ابلغا رئيس الحكومة، عبر الحاج حسين خليل ووسطاء، انهما لن يطلبا من وزير الاعلام الاستقالة، ولا البقاء في الوزارة، وهو حر بالخيار الذي يعتمده بالنهاية، بقاء او استقالة، الامر الذي اعتبرته المصادر بمثابة المخرج المرتقب للازمة، برغم الصعاب والتدخلات التي قد تعيق وتعطل تنفيذه، لغايات وحسابات سياسية واقليمية.

ولذلك، توقعت المصادر ان يستغرق تنفيذ هذا الحل بعض الوقت، في حين كان التركيز خلال لقاءات رئيس الحكومة مع عون وبري، على ضرورة، تسريع الخطى، لمعاودة عقد جلسات مجلس الوزراء المعلقة، بأسرع وقت ممكن، لاظهار مدى جدية الحكومة الإلتزام بتنفيذ تعهدات امام المجتمع الدولي، ولعدم اضاعة مزيد من الوقت سدى، بينما سينكب رئيس الحكومة والوزراء على دراسة وانجاز ملفات متطلبات المرحلة المقبلة، بانتظار معاودة جلسات الحكومة المعلقة، بسبب مطالبة الثنائي الشيعي الحكومة باتخاذ قرار تنحية أو رفع يد المحقق العدلي بتفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، الذي يبدو ان اسلوب معالجته، يأخذ منحى آخر، قد يشكل مخرجا لهذه المشكلة أيضا.

وعلى الرغم من اقفال ابواب المعالجات السياسية والقضائية، إلّا ان بعض الامور التي تعمل عليها السلطات الرسمية «ما زالت ماشية» كما قال مصدر رسمي لـ«اللواء»، حيث ان ملف التدقيق الجنائي الذي تقوم به شركة «الفاريز اندمارسال» في حسابات مصرف لبنان على السكة الصحيحة حتى الان، وتقوم الشركة بدرس اجوبة مصرف لبنان على 133 سؤالاً ارسلتها له ويرد عليها تباعاً، عدا ان التحضيرات لمفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي «ماشية» أيضاً من الجهتين اللبنانية والدولية.

بالمقابل، أبلغت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أنه لم يسجل أي جديد على صعيد معالجة الأزمة مع دول الخليج وليس هناك إلا سلسلة اتصالات تتم وفق خارطة الطريق التي أطلقها الرئيس ميقاتي. واعتبرت المصادر أنه في حال نجحت الاتصالات لتأمين جلسة الحكومة فإن مناخ التفجير قد يكون طاغيا ولذلك فإنه من الأفضل تأمين اجواء توافقية قبيل أي جلسة حكومية.

ورأت أن الحكومة في وضع لا يحسد عليه، على أن أي خيار تلجأ إليه سيكون مرا معربة عن اعتقادها أنه من الضروري افساح المجال امام تحركات داخلية وخارجية لبلورة حل بشأن الأزمة مع دول الخليج يتيح على الأقل عودة التمثيل الديبلوماسي.

ولكن أوساط مراقبة قالت أن المسألة ليست بهذه السهولة على الإطلاق ولذلك لا بد من أن تكون الخطوات مدروسة ولا تعمق الأزمة ولا تطيلها.

ونفى مكتب الرئيس ميقاتي ما ورد في «الجديد» عن لقاء جمعه مع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل.

وذكر التقرير ان «ميقاتي بقي مصرا على ان حل الأزمة يبدأ باستقالة قرداحي أو اقالته» مشيرا إلى ان «حزب الله متمسك بموقفه بضرورة الإبقاء على قرداحي ومنعه من الاستقالة».

وهكذا راوحت الازمات القائمة على اكثر من صعيد مكانها، فلا حلول لعودة جلسات مجلس الوزراء ولا مقاربات حقيقية عملية لمعالجة الازمة مع المملكة العربية السعودية، برغم نداءات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وبعض المسؤولين الاخرين لوزير الاعلام جورج قرداحي «لتحكيم ضميره والنظر الى مصلحة لبنان». فيما تتوجه الانظار الى ما سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في هذه القضايا، حيث يتحدث في «يوم شهيد حزب الله»، الخميس المقبل في الثالثة عصراً.

ويبدو ان كل الاقتراحات التي طرحت لمعالجة مسألة جلسات الحكومة سقطت، حيث علمت «اللواء» ان حزب الله يرفض عقد اي جلسة قبل معالجة مسألة «الارتياب» من القاضي طارق بيطار، وخشية طرح مسألة إقالة الوزير قرداحي. وقد جرى تواصل بين الرئيس ميقاتي والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل الذي ابلغ رئيس الحكومة رفض عقد اي جلسة تطرح فيها إقالة قرداحي، وابلغ الخليل هذا الموقف الى معاون رئيس المجلس النائب علي حسن خليل الذي ابلغه بدوره للرئيس نبيه بري.

أكدت وزارة الخارجية الفرنسية، أنها على اتصال وثيق بجميع الأطراف المعنية بالنزاع المستجد بين الدول العربية ولبنان.

ودعا وزير الخارجية الفرنسي، جان إيف لودريان، في تصريح نشره موقع الخارجية الفرنسية، جميع الأطراف، وكذلك المسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان، مؤكدا أنه «أمر حاسم للمنطقة».

ورأى أن «فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية له أهمية أساسية». وقال: «يجب أن يكون لبنان قادرا على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لدعمه على طريق تطبيق الإصلاحات».

كما تبلغ ميقاتي خلال اجتماعه في السراي مع المنسقة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون لبنان يوانا فرونتسكا، التي زارت بكركي ايضا، «كل الدعم لحكومته وتشجيعها على المضي بالاصلاحات المطلوبة». وقالت: إن الهدف من هذه اللقاءات التشاورية هو الإطلاع على مجرى التطورات السياسية في لبنان ووضع تقويم موضوعي، كما تطرقنا الى مجمل الأوضاع العامة في لبنان، وشرح لنا دولة الرئيس أين نحن من هذه الأوضاع، فأبدينا كل الدعم لعمل الحكومة مشجعين على المضي في الإصلاحات المطلوبة، كما أطلعتُ الرئيس على معطى إيجابي يتمثل بتنظيم لقاء تحت عنوان «المنصة الإنتخابية» يوم الإثنين المقبل في الثامن من الجاري برعاية وزارة الداخلية والبلديات، وبمشاركة السفراء المعتمدين في لبنان بهدف التركيز على مجريات الإنتخابات المقررة في آذار المقبل ودعم لبنان على هذا الصعيد، فنحن نعتقد أن إجراء الإنتخابات ضمن المهل الدستورية هو قرار يخص اللبنانيين وأن منظمة الأمم المتحدة ستقف داعمة لهم.

ومن هذه الزاوية، وعطفاً على ما قاله وزير الخارجية الفرنسي لجهة عدم إقحام لبنان في الصراعات، كشفت مصادر دبلوماسية للمرة الاولى معلومات عن عقد لقاءات رفيعة المستوى بين الفرنسيين وممثلين عن القوى اللبنانية الاساسية في البلد للبحث في كيفية ترتيب ميثاق لبناني جديد، وتقول المعلومات ان البحث يدور حول اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، على ان يتبعها اجراء مؤتمر لبناني شامل برعاية فرنسية مباشرة ، ويحكى في هذا الصدد عن مساع لتولي مصر الاشراف على التسوية.

ما يطلبه الاميركيون عبر الفرنسيين بشكل صريح ومباشر هو موافقة الثنائي الشيعي على تسهيل ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، والالتزام بما يشبه ربط النزاع مع العدو الاسرائيلي مقابل تعزيز دورهم وموقعهم في النظام اللبناني الجديد.

الكلام هنا حول منح الاقليات في لبنان مجلس شيوخ اي تطبيق ما نص عليه اتفاق الطائف، بالتوازي مع استحداث موقع نائب رئيس الجمهورية ومنحه للشيعة، في حين يجري التداول بتوسيع صلاحيات مجلس الوزراء وسحب الامتيازات التي يتمتع بها الموارنة في المؤسسات لاسيما وظائف الفئة الاولى.

يضاف الى ذلك، طرح واشنطن عبر الفرنسيين استراتيجية دفاعية تضمن مركزية قرار الحرب والسلم لدى الدولة اللبنانية، ومؤازرة قوى المقاومة فقط لتنفيذ قرارات الدولة وليس اتخاذ قرارات احادية، ومنع حصول المقاومة على اية اسلحة نوعية ، ومراقبة تطبيق هذا القرار من خلال مراقبة المعابر والحدود وضبطها تحت اشراف دولي، بما يعنيه ذلك من ترسيم الحدود البرية مع سوريا بشكل نهائي، وتباعا تحديد هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي يؤكد لبنان وقوى المقاومة لبنانيتها.

احتجاج العشائر

وبالتزامن مع مؤتمر صحفي عقده أركان العشائر العربية في خلدة مع وكلاء الدفاع عن المعتقلين من أبناء العشائر لدى الأجهزة الأمنية، أقدم عدد من الفتية والنسوة على قطع الطريق لفترة وجيزة، احتجاجاً على قرار قاضي التحقيق العسكري الأول بالإنابة فادي صوان سرعان ما تجاوبوا مع القوى الأمنية على فتحها وتسهيل حركة السير أمام الناس.

كما أقدم عدد من الأهالي على حرق الإطارات، وحملوا لافتات مندّدة بقرار القاضي الظنّي، كتبوا فيها: «المعتدي طليق والمعتدى عليه سجين»، «الحرية لشباب خلدة»، «ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء»، و«لسنا مكسر عصا».

وسط انتشار أمني كثيف وإجراءات أمنية استثنائية، عَقدت العشائر العربية في لبنان وهيئة المحامين الموكلين بالدفاع عن المعتقلين من أبناء العشائر في خلدة لدى الأجهزة الأمنية، مؤتمراً صحفيّاً، شارك فيه المئات من أبناء العشائر من خلدة ومختلف المناطق اللبنانية، وجرى خلال المؤتمر، إطلاع الرأي العام اللبناني والعربي على حيثيات أوضاع المعتقلين ظلماً جراء الهجوم المسلح الذي شنه عليهم عشرات العناصر التابعة لـ»حزب الله» المدججين بشتى أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في خلدة.

وعرض محامُو الدفاع خلال المؤتمر المسار الذي سلكه التحقيق في أحداث خلدة والمعطيات التي استند إليها القرار الظني، مُوضحين أنّه «لم يتمّ حتّى الساعة توقيف أيّ أحد من المعتدين على المنطقة التابعين لـ»حزب الله».

وأسهب المحامون في كشف مسار التحقيق، فأكدوا انحياز القضاء الكلي والتام للطرف المهاجم، وأماطوا اللثام عن أعمال التعذيب الجسدي الوحشي الذي يتعرض له المعتقلون من أبناء العشائر، ومنهم القاصرون والأبرياء الذين لم يكونوا في المنطقة خلال تشيع المدعو علي شبلي المقتول ثأراً بسبب قتل الطفل حسن غصن قبل نحو سنة وثلاثة أشهر.

وأكّد المحامون ان «القرار الظني الذي أصدره القاضي فادي صوان، ليس نهاية المعركة، بل هو بداية المواجهة القانونية والحقوقية والعدلية، ولن يموت حق وراء مطالب».

على الصعيد القضائي، تقدم وكلاء الضحايا الاجانب في انفجار المرفأ المحامون مازن حطيط وفاروق المغربي وطارق الحجار امام الرئيس الاول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله بطلب فصل ملف رد القاضي طارق البيطار عن ملف رد القاضي نسيب إيليا.

645104 إصابة

صحياً، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 713 إصابة جديدة بفايروس كورونا، ما رفع عدد الإصابات الإجمالية منذ انتشار الوباء في البلاد حتى اليوم إلى 645104 حالة» كما تمّ تسجيل 6 وفيات جديدة.

البناء

الأسد: سنستعيد كامل التراب السوري… الجيش السوري شمالاً… و»قسد» تتراجع… وتركيا تراقب

مصدر دبلوماسي فرنسي رفيع لـ«البناء»: ماكرون سيضع لبنان في أولويات منتدى السلام الخميس

الراعي يتصل بالبخاري… واستقالة قرداحي سحبت عن الطاولة… احتمالات تنحية بيطار

كتب المحرر السياسي

جريدة البناءجذب الشمال السوري الأنظار من مأرب، التي شهدت حراكاً قبلياً باتجاه قائد أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي ما يوحي بقرب التوصل إلى حل سياسي يضمن دخول الجيش واللجان والأنصار إلى مأرب من دون قتال حقنا لدماء اليمنيين، أما في شمال سورية فبعد أيام من إعلان الرئيس التركي بعد لقائه بالرئيس الأميركي جو بايدن على هامش قمة العشرين في روما، عن حملة عسكرية ترجمتها حشود برية نحو مناطق سيطرة الجماعات الكردية المسلحة (قسد) التي تحظى بالعناية الأميركية، أعلن الرئيس السوري بشار الأسد عن عزم الدولة السورية على استعادة كامل التراب الوطني السوري، وتوجهت أرتال من الجيش السوري باتجاه الشمال، لتنتشر في بلدات كانت تقليدياً محسوبة تحت سيطرة قسد، كبلدة عين عيسى، ووصفت مصادر عسكرية المشهد بالهادئ حتى منتصف ليل أمس حيث لم يتحرك الأتراك، وتراجعت الجماعات الكردية لأكثر من عشرة كليومترات خلف خط الحدود مع تركيا، مع تقدم الجيش السوري، وسط معلومات عن لقاءات شهدتها دمشق بين قيادات كردية والقيادة السورية، واستقبال موسكو لوفود قيادية كردية رافقها تموضع وحدات روسية في مناطق وجود الجماعات الكردية، من بينها طائرات روسية في مطار القامشلي حيث السيطرة لا تزال للجيش السوري.

في الشأن اللبناني تواصلت الاتصالات السياسية بين المعنيين بتداعيات الأزمة الناشئة بين لبنان والسعودية، في ضوء كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد عودته من لندن ومشاركته في اسكتلندا في مؤتمر المناخ واللقاءات التي أجراها هناك، وتراجع الفرص أمام ترجمة ما وصفه بخريطة طريق للخروج من الأزمة، بعدما حقق منها تثبيت مسافة بينه وبين ثنائي حركة أمل وحزب الله في ملفي القاضي طارق بيطار، ووزير الإعلام جورج قرداحي، فتحقق بذلك قدراً من الحصانة لموقعه في شارعه الانتخابي، وتحييده من الهجوم السعودي، فيما بدا أنه حصيلة تفاهم بينه وبين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لترجمة التوافق الأميركي- الفرنسي بالحفاظ على الحكومة وعلى الاستقرار، وقد عبر تشجيع رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لميقاتي عن إيجابية سعودية بالواسطة، فسحب ملف استقالة أو إقالة قرداحي عن الطاولة لحين تبلور صورة واضحة لخريطة طريق حقيقية تفتح باب نهاية الأزمة مع السعودية، وتكون الاستقالة جزءاً منها، بينما نقل المسؤول الإعلامي في بكركي عن الاتصال الذي أجراه البطريرك بشارة الراعي بالسفير السعودي وليد البخاري، إشارة سعودية إلى اعتبار استقالة أو إقالة قرداحي نقطة البداية في أي تجاوز للأزمة، وفيما بقي الملف القضائي عالقاً في السياسة بعد كلام ميقاتي عن رفض فتح الباب لبحثه في مجلس الوزراء، وفقاً لما يطلب ثنائي حركة أمل وحزب الله، ظهرت بوادر لافتة في المسار القانوني والمراجعات القضائية التي قدمها المتضررون، رفعت احتمالات تنحية قرداحي التي بدت معدومة حتى تاريخ قريب.

تبقى الأزمة بين لبنان والسعودية العنوان الأبرز للتطورات، خصوصاً لجهة جذب الاهتمام الدولي، الذي سيشهد تطوراً بارزاً يوم الخميس المقبل، انعقاد منتدى السلام السنوي في باريس، الذي يحضره الرئيس إيمانويل ماركون وعدد من رؤساء الدول والحكومات وشخصيات الرأي العام وقيادات المجتمع المدني ورجال الأعمال والثقافة، بما يشبه منتدى دافوس، ووفقاً لمصدر دبلوماسي فرنسي رفيع قال لـ»البناء» إن الرئيس ماكرون سيجعل من قضية لبنان، واحدة من أولوياته في المؤتمر، ويضيف المصدر أن جهوداً للوساطة الفرنسية مع السعودية لم تتوقف، ويقودها وزير الخارجية جان إيف لودريان، مستفيداً من علاقاته التاريخية بدول الخليج والسعودية خصوصاً منذ أن كان وزيراً للدفاع من عام 2012، وتتولاها من بيروت السفيرة الفرنسية آن غريو، بالتنسيق مع السفيرة الأميركية الموجودة في واشنطن والسفير السعودي وليد البخاري الموجود في الرياض، والثلاثي غريو وشيا والبخاري كان قد شكل خلية أزمة عندما كان موضوع تأليف الحكومة على الطاولة، وكان الموقف السعودي سلبياً في ظل حماسة فرنسية وعدم ممانعة أميركية لولادتها، ويضيف المصدر الفرنسي أن شراكة السفيرين العراقي والمصري بدت ضرورية في ضوء نتائج قمة بغداد لدول جوار العراق التي حضرها الرئيس الفرنسي وباتت مكوناً إقليمياً فاعلاً، خصوصاً أن فرنسا تعتقد بأن أحداً لن يقدم على الدفع بالعلاقات اللبنانية- السعودية نحو تجاوز الأزمة ما لم تعتبرها فرنسا قضيتها، ويرفض المصدر الفرنسي اعتبار الحركة الدبلوماسية لحكومته تعبيراً عن مصالح نفطية أو خشية من ملف النازحين، معيداً الاهتمام إلى المكانة التاريخية للبنان عند الفرنسيين، واستكمالاً لإعلان المبادرة الفرنسية وضمان نجاحها، مضيفاً سبباً جديداً للاهتمام الفرنسي هو القلق من خطر جدي لتداعيات الأزمة ما لم تتم السيطرة عليها وفتح طرق الحل أمامها، من دون توضيح ماهية الحل، مكتفياً بالقول إن الهدف هو فتح قنوات الحوار لاكتشاف الشكل الأنسب لإحداث اختراق في جدار التصعيد، كما يرفض اختصار الأزمة مع السعودية بتصريح الوزير قرداحي، وتفادى المصدر أي توجه خاص نحو حزب الله الذي لا يعتبره ممسكاً بالكثير من أوراق لبنان، لكنه يفصل بين الخلاف الطبيعي مع توجهات الحزب، وبين تمسك فرنسا بالوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.

بعدما تعثر «طريق الحل» الذي وضعه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في سوق التداول السياسي فور عودته إلى بيروت، والذي تضمن استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي طوعاً، أو بالإقالة عنوة، في مجلس الوزراء، بدأ البحث بحسب ما علمت «البناء» في مخارج أخرى بديلة عن اقتراح ميقاتي، بعدما رفض حزب الله ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية طرح الإقالة طالما أنه لن يحل الأزمة مع دول الخليج ولن يوقف الإجراءات التصعيدية التي اتخذتها المملكة، ولن يعيد العلاقات إلى طبيعتها مع دول الخليج في ظل قرار اتخذته القيادة السعودية بممارسة أقصى الضغوط على لبنان لاتخاذه ورقة تفاوضية في المفاوضات الدائرة في المنطقة على أكثر من مسار، أكان المفاوضات الأميركية – الإيرانية أو الحوار بين الرياض وطهران أو مفاوضات الحل السياسي لإنهاء الحرب في اليمن.

وتشير مصادر مطلعة لـ»البناء» إلى أن «طلب ميقاتي عقد جلسة لمجلس الوزراء لطرح مسألة إقالة قرداحي من دون مشاركة وزراء حزب الله وتيار المردة، قوبل بالرفض من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كون ذلك سيؤثر في تماسك الحكومة ووحدتها واستمراريتها، فضلاً عن تعذر تأمين ثلثي مجلس الوزراء في ظل رفض الوزراء المحسوبين على حزب الله وحركة أمل والمردة والحزب الديموقراطي اللبناني الذهاب إلى هذا الخيار، فضلاً عن تردد الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية، ما يجعل هذا الطرح شبه مستحيل، فيما يرفض الفريق الداعم لوزير الإعلام استقالته الطوعية كونه ليس سبب المشكلة، بالتالي لن تكون استقالته هي الحل، ولذلك فإن الجمود القائم أفضل من أي خطوة تطيح بالحكومة وتحولها إلى تصريف أعمال مبكر، بالتالي الإطاحة بالإصلاحات والتفاوض مع صندوق النقد الدولي وبعملية النهوض الاقتصادي في ظل تعذر تأليف حكومة جديدة فيما تبقى من هذا العهد، وقد تبقى الحكومة الحالية إلى ما بعد نهاية العهد إذا تعذر انتخاب رئيس للجمهورية وتطيح بطريقها باستحقاق الانتخابات النيابية، ما يضع البلاد أمام حالة من الفراغ السياسي والدستوري وتفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية التي ستؤدي بدورها إلى فوضى أمنية وندخل إلى مرحلة هي الأسوأ منذ الطائف حتى اليوم».

وهذا ما استدركته واشنطن وباريس وبعض الدول الأوروبية بإبلاغها الرئيس ميقاتي بأن الحكومة خط أحمر للحفاظ على ما تبقى من استقرار سياسي واقتصادي واجتماعي وأمني في لبنان، على الأقل حتى موعد الانتخابات النيابية المقبلة.

وفي سياق ذلك، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أنها على «اتصال وثيق بجميع الأطراف المعنية بالنزاع المستجد بين الدول العربية ولبنان». ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في تصريح نشره موقع الخارجية الفرنسية، «جميع الأطراف وكذلك المسؤولين اللبنانيين، إلى تعزيز التهدئة والحوار لصالح الشعب اللبناني واستقرار لبنان»، مشدداً على أنه «أمر حاسم للمنطقة». واعتبر لودريان أن «فصل لبنان عن الأزمات الإقليمية له أهمية أساسية». وقال: «يجب أن يكون لبنان قادراً على الاعتماد على جميع شركائه الإقليميين لدعمه على طريق تطبيق الإصلاحات».

وانطلاقاً من هذا الواقع، تستبعد مصادر «البناء» استقالة ميقاتي وإن لم يستقل قرداحي، بل سيمضي رئيس الحكومة في مساعيه لإيجاد المخرج المناسب بالتنسيق مع رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي نبيه بري الذي يعتصم بالصمت منذ بدء الأزمة مع السعودية، ورفضت مصادر عين التينة الإفصاح عن موقف رئيس المجلس وحركته ومساعيه وما إذا كان يقوم بدور ما في الكواليس السياسية والديبلوماسية، لا سيما مع الكويت أو إعداد مبادرة متكاملة للملفات الخلافية المستجدة! واكتفت المصادر بالقول لـ»البناء»: «الصمت أبلغ من الكلام».

وعلمت «البناء» أن «الرئيس بري يجري مروحة مشاورات مع حزب الله بالدرجة الأولى لبلورة رؤية للحل ينقلها إلى ميقاتي وعون، لكن على قاعدة احترام السيادة الوطنية وعدم تعريض لبنان للخضوع والإذلال والابتزاز التي تمارسه السعودية». ومن ضمن الحلول البديلة للاستقالة، حل أزمة المحقق العدلي في تفجير المرفأ طارق البيطار انطلاقاً من مبادرة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي التي وافق عليها الرئيس بري، وهذا ما بدت مؤشرته من خلال قرار محكمة الاستئناف كف يد المحقق العدلي الحالي بعد دعوى مخاصمة الدولة التي قدمها رئيس الحكومة السابق حسان دياب، وبعد ذلك يعود وزراء حركة أمل وحزب الله إلى الحكومة وتجري مناقشة عدد من الملفات الخلافية كموضوع استقالة قرداحي وإلى حينه يكون ميقاتي قد بلور رؤية ما بالتفاهم مع عون وبري لملاقاة الجهود الأميركية – الفرنسية في هذا الإطار».

وأفادت مصادر مقربة من الثنائي الشيعي، لقناة «أو تي في» بأن وزراء أمل وحزب الله لن يشاركوا في جلسة مجلس الوزراء قبل معالجة قضية البيطار، وأكدت أن «الحكومة باقية، وقرداحي باقٍ، والبيطار راحل»، معلنة أن مؤشرات استبعاد البيطار استوت، وإبعاد البيطار هو مدخل للمعالجة».

إلا أن أوساطاً نيابية رجحت أن تدخل الأزمة الناشئة مع السعودية في دائرة الجمود الطويل، أي تعليق جلسات مجلس الوزراء وبقاء حزب الله والمردة على موقفهما مع ربط استقالة قرداحي بحل كامل متكامل ومقابل ضمانات بتراجع المملكة عن إجراءاتها الأخيرة، أما من جهة السعودية فالمتوقع أيضاً أن تبقى على موقفها مع اتخاذ إجراءات إضافية إلا إذا تدخلت واشنطن وباريس وبعض الدول الخليجية الوسيطة على خط الأزمة للجم الاندفاعة السعودية. ولفتت الأوساط لـ»البناء» إلى أن «أزمة تنحي البيطار وأحداث الطيونة واستدعاء رئيس القوات سمير جعجع للتحقيق ملفات تحاصر الحكومة وتقيدها وتهدد مصيرها، وعليه لا تتوقع المصادر استقالة الحكومة ولا عودتها سليمة معافاة إلى جلساتها المعتادة حتى وقت طويل، ربما بانتظار تبلور المشهد الاقليمي». كما توقعت الأوساط نفسها أن «يدخل لبنان بمسلسل من الأحداث السياسية والأمنية حتى الانتخابات النيابية، إذ ستحاول كل من الرياض وإسرائيل استخدام كافة أوراق التصعيد في وجه حزب الله بهدف الضغط عليه في ملفات عدة في لبنان كترسيم الحدود وربما الإطاحة بالانتخابات النيابية إذا لم يتأكد الأميركيون والسعوديون خصوصاً من تغيير المعادلات النيابية والسياسية القائمة، إضافة للضغط على صعيد ملفات المنطقة كاليمن». وتخوفت من حصول تفجيرات أمنية متنقلة على الساحة الداخلية على غرار ما حصل في الطيونة لجر الحزب إلى الاشتباكات في الشارع لتقليب الرأي العام عليها وتشويه صورتها في الخارج وإشغالها واستنزافها وإنهاكها في الداخل، وقد عاد أمس تحريك «ورقة خلدة» من خلال قطع عدد من مناصري الموقوف في جريمة خلدة الشيخ عمر غصن الطريق قرب سنتر شبلي احتجاجاً على قرار المحكمة العسكرية بعدم إخلاء أي موقوف من موقوفي أحداث خلدة، وسط انتشار كثيف للجيش في المنطقة.

وذكرت وسائل إعلامية أن لقاء جمع ميقاتي بالمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل أول من أمس تم خلاله بحث الأزمة القائمة من دون التوصل إلى حل بعدما حاول ميقاتي إقناع الخليل بإقالة قرداحي والسير بالحل الذي طرحه. إلا أن مكتب ميقاتي نفى هذه المعلومات.

ومن المتوقع أن تكون هذه الملفات لا سيما التصعيد السعودي المستجد وموقف الحزب منها ومن اقتراحات الحلول، محور كلمة السيد حسن نصرالله عصر يوم الخميس المقبل بمناسبة «يوم شهيد حزب الله»، ومن المتوقع أن يرفع نصرالله سقف التحدي بوجه السعودية استكمالاً للمواقف التي أطلقها قادة الحزب خلال الفترة الأخيرة.

على صعيد تحقيقات المرفأ، وبعد صدور قرار محكمة الاستئناف في بيروت بكف يد القاضي بيطار عن متابعة التحقيق في ملف المرفأ استجابة لدعوى تقدم بها الوزير السابق يوسف فنيانوس. لم يعرف المسار القضائي الذي ستؤول إليه القضية وهل سيتم كف يد بيطار عن ملاحقة الوزراء والرؤساء كلياً أم لفترة محدودة؟ واعتبر وكيل فنيانوس المحامي طوني فرنجية أن «القانون أعطى المدعى عليه حق الدفاع عن نفسه، وهو حق مقدّس». وأشار في حديث تلفزيوني إلى أنه طلب ردّ المحقق العدلي القاضي طارق بيطار على أساس الاستنسابية وعدم الحياد ومخالفة القانون. ولفت فرنجية إلى أن «القاضي بيطار متحيّز عاطفياً مع أهالي الضحايا»، مشدداً على أنه «يجب على القاضي أن يكون متجرّداً من كل هذه الأمور». وقال «عندما أجد أن القاضي يخطئ أو ينحرف عن مسار القانون سأطلب رده». وكشف أن « 23 موقوفاً في ملف المرفأ، لم يتحدّث أي منهم عن أي علاقة لحزب الله بالنيترات». ورأى أن «هذا الملف سُخرت إليه مئات آلاف الدولارات، من إعلام وغيره».

على صعيد آخر، أعلنت رئاسة الجمهورية أن «قانون تعديل قانون الانتخاب بات نافذاً حكماً بعد رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إصداره وعدم توقيعه لعدم أخذ مجلس النواب بملاحظاته حول المخالفات الدستورية والقانونية التي شابته، وصدر في ملحق العدد 43 من الجريدة الرسمية. وجاء اعتبار القانون نافذاً حكماً ووجب نشره استناداً إلى المادة 57 من الدستور، وذلك بعد عدم إصداره من رئيس الجمهورية نظراً لعدم أخذ مجلس النواب بالملاحظات عن المخالفات التي أبداها الرئيس عون وطلب في حينه إعادة النظر فيها». وأشارت مصادر «البناء» إلى أن التيار الوطني الحر يحضر للطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري بعدما رفض المجلس النيابي الأخذ بالمطالب التي طرحها التيار ورئيس الجمهورية.

المصدر: صحف