الإثنين   
   11 08 2025   
   17 صفر 1447   
   بيروت 22:49

أين الوعود القواتية بالكهرباء في لبنان؟

ذوالفقار ضاهر

في ظل الأجواء المناخية الحارّة التي تسيطر على لبنان، برز خلال الساعات الماضية إعلان عن تقنين قاسٍ جدًا في التيار الكهربائي، حيث أفادت مؤسسة كهرباء لبنان بأن التغذية ستقتصر على ساعتين فقط خلال 24 ساعة، بانتظار وصول الفيول في نهاية الأسبوع الجاري.

يُذكر أن وزير الطاقة والمياه في الحكومة اللبنانية، جو صدي، الذي سمّته القوات اللبنانية، كان قد سبقه أكثر من مسؤول في الحزب للتأكيد، قبيل تشكيل الحكومة برئاسة نواف سلام، أنه في حال تولّت القوات حقيبة الطاقة، فإن الكهرباء ستؤمَّن للبنانيين على مدار الساعة خلال عدة أشهر. لكن ما حصل هو أنه، وخلال أشهر قليلة من تولّي الوزير صدي الوزارة، انقطعت الكهرباء بشكل شبه كامل.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة الأخبار اللبنانية، في تقرير لها، أن “بيان مؤسسة كهرباء لبنان الصادر يوم الأحد لم يترك مجالًا كبيرًا للّبس، إذ إن الضغط المفرط على المعامل الحرارية لتأمين تغذية إضافية لمناطق محددة، أدّى إلى أعطال متكررة وانهيار أجزاء أساسية من هذه المعامل. وخلف هذه الأولوية في التغذية، تتكشّف معادلة سياسية واضحة: الكهرباء لمناطق القوات اللبنانية، والعتمة لسواها”.

وأكدت الصحيفة أن “توزيع الإنتاج بات يخضع لمنطق الولاء السياسي، لا لحاجات الشبكة أو معايير العدالة، فالمناطق المحسوبة على القوات تحظى بساعات تغذية إضافية على حساب مناطق أخرى، بما فيها مناطق أكثر فقرًا وتعاني أصلًا من حرمان مزمن”.

وهنا، تُطرح تساؤلات عديدة حول الأسباب الحقيقية التي أوصلت الأمور إلى هذا الحد: هل المسألة تتعلق بسوء إدارة من قبل سلطة الوصاية المتمثلة بوزارة الطاقة وعلى رأسها الوزير صدي، أم أن الأمر لا يعدو كونه ضغطًا طبيعيًا أدى إلى هذه النتيجة؟

وهل كانت الوعود القواتية بتأمين الكهرباء للبنانيين بمعدل 24/24 مجرّد أوهام؟ وهل خلفياتها إعلامية، سياسية، وانتخابية لا قيمة علمية لها؟ أليس الأجدى بالسياسيين عدم إطلاق وعود بسقوف مرتفعة، والتحدّث بواقعية أكثر عن قدراتهم في الوزارات التي يتولّونها؟

وفي هذا الإطار، قال مدير “المؤسسة الوطنية للدراسات والإحصاء” الدكتور زكريا حمودان “فيما يتعلق بموضوع الكهرباء، أعتقد أن مشكلته ترتبط بالجانب السياسي أكثر من الجانب التقني”، مشيرًا إلى أن “الحل الأمثل أو الحلان الممكنان – واللذان يُكمل أحدهما الآخر – يتمثلان في إقامة مشروع لتوليد الطاقة من خلال البواخر، بالتوازي مع بناء معامل تؤمّن التغطية اللازمة”. وأوضح أن “القرار الحالي بمحاصرة لبنان هو السبب المباشر في تعطيل هذا الأمر، رغم وجود مشاريع ممكنة عديدة”.

وأضاف حمودان، في حديث لموقع قناة المنار “على سبيل المثال، كان هناك في مرحلة سابقة مشروع صيني مطروح، وقد تحدثت عنه مرارًا في وسائل الإعلام. هذا المشروع كان يوفّر الحل الثاني الذي طرحته، وهو بناء المعامل، إلى جانب الحل الأول المتمثل بالبواخر”.

وتابع حمودان “نصيحتي في هذه الحالة هي التوجّه نحو تأمين الكهرباء عبر مشروع مشترك بين الدول والقطاع الخاص، أو ما يُعرف بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، بما يضمن تنفيذ المشروع وتأمين الغطاء اللازم له بالتعاون مع الدولة”، معتبرًا أن “هذا هو الحل الأنسب والأفضل، وهو مشروع بسيط من حيث الفكرة”.

أما على الصعيد الإعلامي والسياسي، فيما يتعلق بالكهرباء والوعود بتأمينها 24/24، فقال حمودان “ما يجري حاليًا من تصريحات ليس سوى وعود تمهيدًا للاستحقاقات الانتخابية”، مضيفًا: “حتى الآن، لم يحصل أي تقدّم في ملف الكهرباء، بل على العكس، ما حدث هو مزيد من التأخير، وهو أمر يرتبط بالشروط الأميركية والحصار الاقتصادي المفروض على لبنان، إمّا بسبب الموقف السياسي الراهن، أو نتيجة وجود المقاومة”.

يُذكر أن “الدولية للمعلومات” أجرت، بتاريخ 5 و6 حزيران/يونيو 2025، تقييمًا لأداء الحكومة اللبنانية بعد مرور 100 يوم على تشكيلها ونيلها الثقة في مجلس النواب، وفي بند “الخدمات العامة والبنية التحتية”، الذي يشمل معالجة أزمات الخدمات العامة، ومنها الكهرباء، نالت الحكومة علامة: 0/10.

المصدر: موقع المنار