شيّعت الجمهورية الإسلامية الايرانية 60 من كبار قادتها العسكريين وعلمائها النوويين الذين اغتالهم العدو الاسرائيلي خلال عدوان استمر 12 يوماً، في مشهد أكد وحدة البلاد وتكاتف شعبها ورفضه القاطع لأي مخططات ومؤامرات خارجية تمسّ بأمن وتقدم بلادهم.

وفي السياق، لفت مراسل المنار في طهران محمد حسن قاسم إلى أن مشهد تشييع الشهداء حمل رسائل عديدة خصوصاً في ظل تزامنه مع بداية شهر محرم الحرام وما تمثله هذه الواقعة من قيم للثورة والفداء والمواجهة ورفض الذل. وقال المراسل إن التشييع كان لافتاً إن كان لجهة الحشود الغفيرة أو مضمون اللافتات أو الهتافات، والتي أكدت جميعها كذب شائعات العدو والولايات المتحدة الأميركية عن أن هذا الشعب سيثور على نظامه، إذ ثار هذا الشعب ضد هؤلاء الأعداء إلى جانب قيادته.
مراسم التشييع بدأت من ساحة “انقلاب (الثورة)” إلى ساحة “آزادي (الحرية)” في طهران بحضور حشود غفيرة من أبناء الشعب الإيراني من مختلف شرائح المجتمع والمسؤولين العسكريين .
وشارك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في المراسم، بحسب ما أظهرت مشاهد التلفزيون.
وكانت لافتة مشاركة المستشار السياسي لقائد الثورة الإسلامية، علي شمخاني، في مراسم وداع شهداء “الاقتدار الوطني”، في أوّل ظهور علني له بعد إصابته في العدوان الإسرائيلي الأخير على طهران.

كذلك حضر قائد “فيلق القدس”، إسماعيل قآني مراسم التشييع، وفقاً لوكالة «فارس»، إضافةً إلى رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد علي قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي ورئيس السلطة القضائية.
وفي تصريح له خلال مشاركته في المراسم، قال مساعد القائد الأعلى في إيران محمد مخبر، لوكالة “تسنيم” الإيرانية: “يظنّ العدو أنّه باستهداف النخب والقادة يستطيع أن يوقف الشعب الإيراني، لكن دماءهم تُسرّع حركتنا وتدفعنا إلى الأمام”. وأضاف: “ردّنا على جرائم الأعداء ليس بدافع العاطفة، بل نابع من الحكمة والاقتدار. الشعب الإيراني لا ينسى، وإذا تكررت الجرائم، فإن المجرمين سيدفعون ثمناً باهظاً”، مشيراً إلى أنّ “التجارب التاريخية أظهرت أنه كلما واجه الشعب الإيراني الضغوط والاغتيالات، ازداد وحدةً وتصميماً على مواصلة مسيرته نحو التقدم”.
من جهته، أكّد رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإسلامي، إبراهيم عزيزي، أنّه “لم نرضخ يوماً لأعداء الشعب الإيراني، بل كنا دائماً نحن من يُخضعهم لإرادتنا”.
وأضاف “لا شك أن توجيهات قائد الثورة الإسلامية هي البوصلة التي تهدي مجتمعنا. وفيما يتعلّق بالملحمة الأخيرة التي صنعها الشعب الإيراني خلال الحرب التي دامت 12 يوماً، فإنّ إحدى وصاياه المؤكدة كانت التمسّك بعدم الاستسلام، وهو أمرٌ قطعيّ وحتميّ”. وتابع: “سنشهد استمرار خضوع الأعداء لإرادة هذا الشعب، وكما رأينا خلال الأيام الـ12 الماضية، ورغم كل جرائمهم، فإنهم عادوا ورضخوا مجدداً. واليوم أيضاً نرى شعبنا موحّداً، متلاحماً، حاضراً في الساحة بكل عزيمة”.
من جهته، أكّد نائب طهران في مجلس الشورى الإسلامي، علي رضا سليمي، لوكالة “تسنيم”، أنّ “حضور الشعب الإيراني في هذه المراسم هو تجلٍّ للوحدة الوطنية”، مضيفاً أنّ “هذه المراسم ليست فقط لوداع الشهداء، بل هي رسالة واضحة للأعداء بأن الشعب الإيراني لا يزال ثابتاً في الدفاع عن الثورة، والأمن، والنظام”.
یُذکر أن قائد فيلق “محمد رسول الله (ص) للحرس الثوري بطهران العميد حسن حسن زادة أعلن في مؤتمر صحفي أمس الجمعة أن تشييع جثامين الشهداء الذي ارتقوا اثر العدوان الصهيوني الاخير سيُقام في طهران صباح اليوم السبت”، معتبراً مشاركة الشعب في المراسم بمثابة واحدة من عمليات “الوعد الصادق”.
وقال العميد حسن زادة إن “حضور الشباب والناشئة والنساء ومختلف شرائح الشعب، إلى جانب المواكب الحسينية في ايام محرم، سيُضفي على هذه المراسم بهاء خاصًا”. وأكد العميد حسن زاده أن “هذا الحضور الذي سيجري بكل شموخٍ وعظمة”.
وأشار إلى أن جثامين عدد من قادة القوات المسلحة الذين استشهدوا ستُدفن اليوم السبت، وقال إنه تم دفن جثامين عدد من القادة على مختلف المستويات، بالإضافة إلى أقاربهم من قوى الأمن والجيش والحرس الثوري خلال الايام الماضية.
واضاف أن مراسم اليوم السبت هي في الواقع مراسم جنازة رمزية وطنية لتكريم ذكرى جميع شهداء البلاد.
وتابع قائد فيلق “محمد رسول الله (ص): “في هذه المراسم، سيتم تشييع جثامين عدد من القادة والعلماء الشهداء، بالإضافة إلى مختلف الشرائح وافراد العوائل العزل من ضمنهم عدد من الأطفال”.
وكان الاحتلال الصهيوني قد شنّ، بدعم أميركي، عدواناً واسعاً على إيران يوم 13 حزيران/يونيو، استمر 12 يوماً، باستهداف مواقع عسكرية ونووية، إضافة إلى منشآت مدنية وقادة عسكريين وعلماء نوويين.
وردّت إيران بهجمات واسعة بعنوان عمليات “الوعد الصادق 3” شملت صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة استهدفت مواقع عسكرية واستخبارية وحيوية في عمق الأراضي المحتلة.
وزير الداخلية: جاهزون للضغط على الزناد
أكد وزير الداخلية الإيراني اسكندر مؤمني اليوم السبت أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني “أثبتا عدم التزامهما بأي وعود”، قائلاً إن “جميع المسؤولين والقوات المسلحة في البلاد على أهبة الاستعداد، يقظون وأيديهم على الزناد، للرد بقوة إذا ما أقدم العدو على نكث وعده”.

وقال مؤمني، في تصريح لـ “إرنا” خلال مراسم تشييع جثامين الشهداء الذين ارتقوا اثر العدوان الصهيوني الأخير، وفي إشارة إلى الرسالة الثالثة للإمام السيد علي خامنئي بأن الشعب الإيراني لن يستسلم أبداً، قال “كما شاهد الجميع، قال الامام الخامنئي إن هذا النصر الصامد ملك للشعب الإيراني العظيم”.
وأكد أن “الشعب أظهر تضامنه وأذهل العالم”، مضيفاً “عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن الوطن، يوضع كل الاختلافات جانباً ويتحد الجميع للدفاع عن البلاد والوطن ووحدة إيران”.
كما صرّح وزير الداخلية قائلاً “اليوم، أثبتت هذه الملحمة العظيمة التي سطرها الشعب في الميدان تمسكه بمبادئه ووحدة إيران وسلامة أراضيها ولا شك أن هذه الملحمة ستترك أثرها اليوم أيضًا وسيدرك العدو أي دولة يتعامل معها”.
المصدر: ارنا