الأحد   
   23 06 2025   
   26 ذو الحجة 1446   
   بيروت 02:06

إيران تواجه الكيان الصهيوني والولايات المتحدة معًا… والعدوان على منشآتها النووية فشل استراتيجيًا

تخوض الجمهورية الإسلامية الإيرانية مواجهة مزدوجة في هذه المرحلة الدقيقة، إذ تواجه في آنٍ واحد كلًّا من الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، في معركة ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى اليوم الأول للعدوان، حيث كان التواطؤ بين الطرفين واضحًا منذ البداية.

فمنذ انطلاق العدوان، قدّمت الولايات المتحدة دعمًا استخباراتيًا وعسكريًا مباشـرًا للكيان الصهيوني، وشاركت بدور فعلي في العمليات العسكرية ضد إيران، لكن هذا الدور الخفي خرج إلى العلن مؤخرًا من خلال الهجوم الصباحي الذي استهدف منشأة “كورجو”، وهو ما يفسّر التصريحات الحاسمة التي أدلى بها الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، والتي جاءت في هذا السياق.

إيران، من جهتها، لا تواجه الكيان الصهيوني فحسب، بل تخوض أيضًا مواجهة مع الجهة التي تُحرّكه وتدعمه على جميع المستويات، أي الولايات المتحدة. ومن هنا، فإن استهداف إيران للكيان الصهيوني لا يُعدّ فقط ردًّا على اعتداءاته، بل هو أيضًا مواجهة غير مباشرة مع واشنطن نفسها، لأن الكيان الصهيوني، في النظر الإيراني، ليس سوى ميليشيا إرهابية تمثل ذراعًا أميركية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وقد اختارت إيران في الآونة الأخيرة استراتيجية دفاعية وهجومية جديدة اتسمت بالذكاء والفعالية، حيث عملت على رفع جودة عملياتها بشكل لافت، وأظهرت نتائج ملموسة على الأرض. فالصواريخ الإيرانية الدقيقة والثقيلة باتت تُحكم قبضتها على الأجواء الصهيونية، وتصل إلى أهدافها بدقة عالية، في مؤشر واضح على تطور قدرات إيران العسكرية.

ورغم محاولات التعتيم الإعلامي والدعاية التي ينتهجها الاحتلال، فإن نتائج الضربات الإيرانية باتت جلية أمام أعين العالم، حيث أصابت معظم الصواريخ أهدافها بنجاح. وقد أصبح من الصعب على الاحتلال إخفاء حجم الخسائر، رغم الحجب الإعلامي الذي فرضه لمنع تداول أخبار العمليات الإيرانية.

وانطلاقًا من هذه المعطيات، جاءت مواقف الرئيس بزشكيان لتؤكد أن إيران تخوض هذه المواجهة الاستراتيجية مع العصابة الصهيونية الإرهابية ومن يقف خلفها، أي الولايات المتحدة، مع الاستعداد الكامل للتعامل مع هذا التهديد المتزايد الذي يزعزع الأمن والاستقرار الإقليمي. فالوجود العسكري الأمريكي، بحسب الرؤية الإيرانية، هو وجود إرهابي خطير باتت دول المنطقة تنظر إليه كمصدر تهديد مباشر، وهو ما عبّرت عنه مواقف إقليمية لافتة صدرت اليوم.

وفي ما يخصّ العدوان الأمريكي الأخير على المواقع النووية الإيرانية، فقد أكدت طهران أن الضربة لم تحقق أي نتائج ذات قيمة استراتيجية، وأن برنامجها النووي لن يتوقف. هذا ما أعلنه المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، مشيرًا إلى أن العمل في القطاع النووي مستمر بقوة.

ويعكس هذا التصريح مستوى الجاهزية العالية لدى إيران، إذ كانت تتوقع سيناريوهات مماثلة، وقامت مسبقًا بنقل اليورانيوم المخصّب والأجهزة الحساسة إلى مواقع آمنة. وحتى في حال تعرضت بعض المنشآت للتدمير، فإن العلماء الإيرانيين يمتلكون القدرة على إعادة تصنيع المعدات من جديد، بما يضمن استمرارية البرنامج دون توقف.

الضربة الأميركية، وفق التقديرات الإيرانية، لم تحقق هدفها المعلن بتدمير البرنامج النووي بالكامل، وهو ما أكده المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، السيد علي خامنئي، الذي شدّد على أن إيران لن تتخلى عن آلاف علمائها الشباب الذين يمثلون العمود الفقري للنهضة النووية السلمية.

كما أن هذه الاستهدافات التخريبية، رغم عنفها، لم تُضعف الدعم الشعبي الواسع الذي يحظى به البرنامج النووي، ولم تنل من عزيمة العلماء الإيرانيين الشباب الذين وصفهم الإمام الخامنئي بأنهم طليعة المشروع الوطني النووي. إلى جانب ذلك، فإن الجهات المختصة، وعلى رأسها منظمة الطاقة الذرية، كانت قد اتخذت جميع التدابير اللازمة لمواجهة هذه التهديدات، وهي اليوم تؤمّن المنشآت الحساسة وتحافظ على مخزون اليورانيوم المخصب، تأكيدًا على صمود المشروع النووي الإيراني واستمراره.

المصدر: موقع المنار