الجمعة   
   20 06 2025   
   24 ذو الحجة 1446   
   بيروت 09:53

صمود الشعب الإيراني… مشهد يتجاوز التهديدات

تعكس التصريحات الأخيرة والإشادة الواضحة من قبل الإمام السيد علي الخامنئي حالة الصمود الشعبي التي تسود الداخل الإيراني في ظل التصعيد المستمر. ففي العاصمة طهران، تستمر مظاهر الحياة بشكل طبيعي، ويواصل المواطنون الذهاب إلى أعمالهم، وفتح محالهم التجارية، والمشاركة في حملات تطوعية تتزايد وتيرتها يومًا بعد يوم، خصوصًا في إطار التضامن الاجتماعي مع الفئات الأكثر تضررًا.

هذا المشهد الشعبي، الذي وصفه الإمام الخامنئي بـ”الثبات”، يعكس التزامًا واسعًا من مختلف شرائح المجتمع، ويتجلّى في مشاهد يومية، كقيام متطوعين بتوزيع المياه في الشوارع المكتظة، وفي مشاركة واسعة في الساحات، لاسيما عقب التهديدات الأمريكية الأخيرة. وقد سارع المواطنون إلى التعبير عن موقفهم قبل صدور أي رد رسمي، مؤكدين دعمهم المطلق للقيادة، ورافعين أعلام الجمهورية الإسلامية في رسالة تحدٍ وتلاحم.

العلاقة التي تجمع الشعب الإيراني بالإمام الخامنئي تكتسب طابعًا خاصًا، إذ تتجاوز الاعتبارات السياسية، لتأخذ بعدًا دينيًا وروحيًا ووطنيًا. فرغم وجود بعض التحفظات لدى فئات من المجتمع تجاه أداء بعض مؤسسات الدولة أو إدارتها لملفات معينة، إلا أن مكانة الخامنئي، بوصفه المرجع الأعلى والقائد العام للقوات المسلحة، تظل محل إجماع واسع، يُنظر إليه باعتباره الأب والمرشد والرمز الأعلى للبلاد.

إشادة القائد الأعلى بشجاعة الشعب الإيراني وثباته لا تُعدّ مجرد خطاب تعبوي، بل هي تعبير عن عمق العلاقة بين القيادة والشعب، ومصدر دفع نفسي ومعنوي في مرحلة حساسة. إنها رسالة دعم تترجم إلى أفعال على الأرض، سواء عبر الحضور الجماهيري، أو من خلال المبادرات الحكومية التي تصب في خدمة الصمود، كالمساعدات المقدّمة من الوزارات، وتسهيلات شركات الاتصالات، وغيرها من الخطوات التي تعزز تماسك الجبهة الداخلية.

الرسالة لم تكن موجهة للداخل فقط، بل حملت أبعادًا خارجية واضحة، خاصة تجاه الكيان الصهيوني، الذي يعيش حالة من الانقسام والارتباك وفقدان الثقة بالقيادة. في المقابل، تظهر الجبهة الداخلية الإيرانية بمظهر موحد ومتماسك، مؤمنة بعدالة قضيتها، ومدركة لحجم العدوان الذي يستهدف المدنيين.

هذا التماسك لا ينبع فقط من البعد العقائدي، بل أيضًا من انتماء قومي ووطني راسخ، يدفع حتى أولئك غير المنخرطين في الإطار الديني إلى الاصطفاف خلف قيادتهم، والدفاع عن سيادة بلدهم في مواجهة ما يعتبرونه عدوانًا خارجيًا يهدد استقلال إيران وكرامتها.

إن المشهد الإيراني اليوم يقدم صورة مغايرة تمامًا لما كان يراهن عليه الأعداء: حياة طبيعية رغم التهديدات، شعب ملتف حول قيادته، ومؤسسات تسعى لتعزيز هذا الصمود. مشهد يختزل معنى الثبات في وجه الحصار، ويؤكد أن الداخل الإيراني أكثر وعيًا وتماسكًا مما تصوره الحسابات العدوانية.

المصدر: موقع المنار