الخميس   
   17 07 2025   
   21 محرم 1447   
   بيروت 23:57

الصحافة اليوم: 17-7-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 17 تموز 2025 العديد من المواضيع المحلية والاقليمية والدولية…

الاخبار:

عدوان إسرائيلي شامل على سوريا | تل أبيب لدمشق: الجنوب لنا

«نريد جنوباً سوريّاً منزوع السلاح»؛ هي رسالة إسرائيلية تكرّرت، خلال الأيام الثلاثة الماضية، مع بدء الفصائل التابعة لوزارتَي الدفاع والداخلية في الإدارة السورية الجديدة، شَنَّ هجوم عسكري كبير على السويداء، ذات الغالبية الدرزية، ما وفّر لإسرائيل ذريعة جديدة لتوسيع تغوّلها، ورسم خطوطها الحمر بالنار.

وهكذا، فإن القصف الإسرائيلي الذي طاول مقرّ وزارة الدفاع (رئاسة الأركان) في ساحة الأُمويين وسط دمشق، وتسبّب بدمار كبير فيه، وقصر الشعب الرئاسي، إلى جانب عشرات الغارات التي طاولت مقرّات عسكرية وسياسية (من بينها منزل محافظ درعا)، ومطار المزة العسكري، ومستودعات للأسلحة في قطنا في ريف دمشق، بالإضافة إلى بعض الكتائب في درعا، وآليات عسكرية ثقيلة على أطراف السويداء، جاء بعد رسائل تحذيرية، في إطار ما تمّ تسريبه عن توافق سبق العملية العسكرية في السويداء بين الإدارة السورية وتل أبيب، اشترطت خلاله الأخيرة عدم إدخال أيّ أسلحة أو آليات ثقيلة إلى هناك.

لكن ما جرى على أرض الواقع كان مختلفاً، إذ استقدمت الفصائل دبابات وراجمات صواريخ وطائرات مُسيّرة انتحارية، بالإضافة إلى عدد كبير من الفصائل، من بينها فصائل بدوية.

وبالنظر إلى الآثار المباشرة للقصف الإسرائيلي، تظهر بوضوح عملية تدمير مباشرة لِما تيسّر من الآليات التي اخترقت الخطّ الأحمر، وعمليات قصف تحذيرية لبعض المواقع العسكرية التي لم تتعرّض لدمار كبير، بالإضافة إلى تعمّد توجيه رسالة سياسية قاسية عن طريق استهداف القصر الرئاسي، ونشر تسجيل مصوّر للقصف.

وتسبّب العدوان الإسرائيلي الذي تستّر بعباءة حماية الدروز، بوقوع عدد من الضحايا (التقديرات الرسمية تشير إلى مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة آخرين، فيما تشير تقديرات غير رسمية إلى مقتل وإصابة العشرات، في إطار عمليات اغتيال متعمّدة لعدد من قادة العمليات الذين وصلوا إلى السويداء)، في حين سمحت القوات الإسرائيلية لعشرات الدروز من الأراضي المحتلة بعبور السياج الحدودي الشديد التحصين، في محاولة لتمتين حجّتها: حماية الدروز.

اعتبر روبيو أن «هناك صراعاً تاريخيّاً قائماً بين مختلف الأطراف من الدروز والبدو، أدّى إلى هذه الأزمة»

من جهتها، تجاهلت السلطات السورية الانتقالية، بدايةً، العدوان الإسرائيلي، إذ أصدر الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بياناً، هو الثاني من نوعه خلال يومين، تعهّد فيه بمحاسبة كل مَن ارتكب انتهاكات في السويداء، قبل أن تصدر وزارة الخارجية بياناً دانت فيه العدوان الإسرائيلي، بعد تصريحات أطلقها وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، حول العدوان الذي اعتبر أنه «يهدّد مساعي السلم في سوريا». وأصدرت دول عربية عديدة، بدورها، بيانات إدانة، من بينها مصر والكويت والعراق ولبنان.

في موازاة ذلك، ظهر موقف أميركي رسمي ضبابي؛ إذ اعتبر وزير الخارجية، ماركو روبيو، أن «الوضع معقّد»، لافتاً، في إجابة على سؤال صحافي بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى أن «هناك صراعاً تاريخيّاً قائماً بين مختلف الأطراف من الدروز والبدو، أدّى إلى هذه الأزمة». وتابع: «يوجد سوء تفاهم بين الجانبَين السوري والإسرائيلي…(…) نحن على تواصل مستمرّ معهما طوال الليل والنهار، وأعتقد بأنّنا نتجه نحو خفض التصعيد خلال الساعات المقبلة»، وفق تعبيره.

وبدا لافتاً، خلال العدوان الإسرائيلي، وعلى خلفية الانتهاكات المستمرّة من قِبَل الفصائل بحقّ أبناء السويداء، وجود شريحة من السوريين رحّبت بالهجوم الإسرائيلي، في وقت اتّخذ فيه آخرون موقفاً أكثر توازناً، عبر إدانة الانتهاكات التي قامت بها الفصائل بحقّ أهالي السويداء، ورفض العدوان الإسرائيلي.

وعلى وقع الهجمات الإسرائيلية المستمرّة، والتي يرافقها تشديد العدو على وجوب إخراج الأسلحة من الجنوب السوري، أعلنت وزارة الدفاع السورية بدء عمليات سحب قواتها، بعد إعلان وزارة الداخلية التوصّل إلى اتفاق يقضي بوقف العمليات العسكرية، ونشر القوى الأمنية فقط، وفتح تحقيق واسع في الانتهاكات التي شهدتها المحافظة. ويبدو ذلك بمثابة التزام بالاتفاق مع إسرائيل وتراجع إلى ما خلف خطوطها الحمر، في ظلّ السطوة غير المسبوقة لتل أبيب، التي تحاول الإدارة السورية الجديدة، بدفع أميركي، توقيع اتفاقية أمنية معها، تمهيداً لتطبيع العلاقات بين الجانبين، وهو ما يظهر أنه تعرّض لانتكاسة مؤقتة.

حرب شوارع في السويداء: «تغريبة» لليـوم الرابع

تفاقمت معاناة المدنيين في مدينة السويداء وأريافها في جنوب سوريا، مع دخول الاشتباكات بين مجموعات محلّية من المحافظة من جهة، وعناصر وزارتي الداخلية والدفاع وأخرى عشائرية، من جهة ثانية، يومها الرابع. إذ تحوّل المشهد في وسط المدينة إلى حرب شوارع، ما ضيّق على حركة المدنيّين الراغبين في النزوح إلى أماكن آمنة، لا سيّما مع وقوع حالات قنص، وتسجيل عمليات تصفية وإعدام بحق عدد من أبناء المدينة.

ورغم أنّ دخول القوات التابعة لسلطة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى المدينة، وما أعقبه من اشتباكات عنيفة، أدّى إلى نزوح غالبية سكانها، إلا أنّ نحو ربع السكان قرّروا البقاء في المنازل على أمل عودة الحياة سريعاً إليها، فوجدوا أنفسهم محاصرين داخل منازلهم، مع انقطاع معظم الخدمات عنهم، وخروج مناشدات بتأمين ممرّات إنسانية آمنة لهم.

ويؤكّد أحد سكان مدينة السويداء، والذي عرّف عن نفسه باسم «أبو رأفت»، أنّ «الوضع كارثي داخل المدينة في ظل وجود القنّاصين وعصابات منفلتة تقوم بعمليات نهب وسرقة لممتلكات المدنيين»، مشيراً إلى أنّ «مَن تبقّى في المدينة غير قادر على الحركة فيها بسبب شدّة القنص والمعارك». ويدعو في تصريح إلى «الأخبار»، إلى «فتح ممرّات آمنة للمدنيين لتمكينهم من الخروج من منازلهم، والوصول إلى أماكن أكثر أماناً»، معرباً عن دهشته ممّا يحصل في مدينته، مؤكّداً أنه «رغم مرور 14 عاماً من الحرب في البلاد، لم نكن نتوقّع أن يحصل في السويداء ما يحصل هذه الأيام».

وبدورها، قالت مواطنة من المدينة عرّفت عن نفسها باسم «أم رامي»، لـ«الأخبار»، إنّ «الوضع مأساوي بعد انقطاع الكهرباء والمياه والخبز، وعدم وجود أي شيء من مقوّمات الحياة»، لافتة إلى أنّ «المواد الغذائية والخضار والطعام باتت حسرة على من تبقّى داخل المدينة». وطالبت بالتصدّي «لمرتكبي الانتهاكات بحق المدنيين العزّل»، معبّرة عن قلقها من أن «تطال هذه الانتهاكات والجرائم عائلتها لأنها اختارت البقاء في السويداء وعدم مغادرتها لها».

ناشطون يطالبون بفتح ممرّات آمنة للمدنيين من السويداء باتّجاه دمشق وريفها

ومع استمرار المعارك الدائرة في أحياء المدينة، تواصلت الانتهاكات والجرائم المرتكبة بحق المدنيين، ومن بينها قتل طبيبين وثلاثة أخوة. وقال موقع «السويداء 24» المحلّي إنّ «بعض الأحياء في المدينة شهد اقتحامات للمنازل من قبل القوات العسكرية، وصدرت نداءات استغاثة من السكان، قرب الكنيسة على طريق قنوات، وحي مساكن الخضر، وأحياء أخرى»، مضيفاً أنّ «عمليات النهب والتعفيش لبيوت المدنيين في قرى ريف السويداء الغربي مستمرّة مع مغادرة سيارات بعد نهب ممتلكات المواطنين باتجاه اللجاة وريف درعا».

ولفت إلى «تفاقم الأزمة الإنسانية لمئات الآلاف من المدنيين، مع استمرار إغلاق كافة الطرق من دمشق إلى السويداء، وتعطّل العمل في مستشفى المدينة الذي بات شبه خارج عن الخدمة، فيما تناثرت الجثث في الشوارع، مع غياب التيار الكهربائي وانقطاع المياه وتوقّف شبكات الاتصالات عن مناطق واسعة نتيجة ذلك».

ومع اقتراب المعارك من ريف السويداء الجنوبي الذي فرّ في اتجاهه غالبية أهالي المدينة، بدأت موجات نزوح جديدة من هذه المناطق نحو أماكن أخرى حدودية مع الأردن والجولان المحتل، وسط مخاوف من تفاقم الأوضاع الإنسانية، في ظلّ استمرار انقطاع طريق دمشق – السويداء، والذي يعني انقطاع المحافظة عن كامل المحافظات السورية الأخرى. وافترش بعض المدنيين الفارّين والمقدّر عددهم بالآلاف، الأحراش الزراعية، إذ يفتقرون إلى كل سبل الإغاثة، ويعتمدون على ما يتمّ تقديمه من المجتمع المحلّي، ويتهدّدهم احتمال انقطاع كل سبل الحياة عنهم من كهرباء ومياه واتصالات، ونفاد الطحين والوقود المخزّن، ما يعني كارثة إنسانية محقّقة.

وعليه، طالب العديد من الناشطين بفتح ممرّات آمنة في اتجاه دمشق وريفها لتمكين العوائل من الفرار في اتّجاه أقاربها، أو فتح ممرّ إنساني مؤقّت نحو الأردن لإيواء الفارّين من المعارك، إلى حين تثبيت وقف إطلاق النار، وعودة الهدوء إلى المدينة.

لبنان يواصل مناقشة الورقة الأميركية الجديدة: واشنطن وتل أبيب تحضّران لعمل ما؟

يتعامل كبار المسؤولين في لبنان مع النقاش الدائر بشأن الورقة الأميركية على أنه طريقة لكسب الوقت. والسلطة تبدو مرتاحة إلى فكرة «التفاوض» ولو حتى من دون أفق، وهو ما تتّسم به طريقة عمل اللجنة المكلّفة من الرؤساء جوزاف عون، نبيه بري ونواف سلام، والتي عاودت اجتماعاتها لبحث الردّ الأميركي على الجواب اللبناني تمهيداً لتحديد الموقف الرسمي منه.

علماً أنّ التقديرات السياسية الحالية، بدأت، تقترب من قناعة بأنّ الأميركيين أنفسهم ليسوا جدّيين، وأنّ الهدف هو التفاوض بالنار، وهو ما تريده إسرائيل عبر إطلاق جولة أقسى من المشهد الحالي، لأنها تريد إنجاز ما تطلبه بيدها وليس بيد الآخرين.

عملياً، لا يملك لبنان القدرة على تلبية المطالب الأميركية، والتي تشكّل استسلاماً كاملاً أمام العدو الإسرائيلي. وفي الوقت نفسه، لا تملك اللجنة، ولو نظرياً، تصوّراً للردّ يختلف عن الردّ اللبناني الأول. فالردّ الأميركي على الجواب اللبناني، لم يختلف في مضمونه عن الورقة الأولى التي حملها المبعوث الأميركي توماس برّاك في زيارته الأولى إلى بيروت، لا بل إنها جاءت أكثر تشدّداً في شرحها لتفاصيل الشروط، لا سيّما في ما يتعلّق بتحديد مهل زمنية لسحب سلاح حزب الله وتحديد الآليّة على أن يتّخذ قرار في مجلس الوزراء بالإجماع، من دون السماح لأي طرف في الحكومة بتسجيل تحفّظ!

وفيما لم يتّضح مضمون الردّ اللبناني الجديد، قالَ مطّلعون على عمل اللجنة، إنّ «الجوّ الأميركي ليس مُطمئناً، ويوجد في لبنان من يشعر بأنّ ما يحصل اليوم، هو محاولة لإلهاء اللبنانيين بصورة الدبلوماسية بينما هناك اتفاق أميركي – إسرائيلي على التصعيد قد يحصل في أي لحظة وبشكل مفاجئ».

وأكّد هؤلاء أنّ «الدولة اللبنانية تعترف في مجالسها بأن لا إمكانية للقبول بما يطلبه الأميركيون، خصوصاً أنّ الردّ الأميركي الأخير لم يتطرّق إلى الضمانات الأميركية التي يطالب بها لبنان بإلزام العدو الإسرائيلي الانسحاب من النقاط التي احتلها، ولا بوقف الخروقات ولا حتى الالتزام بمبدأ الخطوة مقابل خطوة».

وتقول المصادر إنّ لبنان «آثر عدم الالتزام بجدول زمني واضح لسحب السلاح، مبرّراً ذلك بخصوصية الوضع اللبناني وضرورة الحوار الداخلي حول هذه المسألة»، وتضيف «إنّ الجانب الأميركي، أصرّ في المقابل على تحديد مهلة زمنية واضحة لسحب السلاح الثقيل من يد حزب الله».

لذا تتصرّف الدولة على قاعدة «الانتظار لعلّه تأتي تطوّرات ما من شأنها أن تخفّف الضغط الأميركي أو تدفع الجانب الأميركي إلى تغيير مقاربته في لبنان»، علماً أنّ «الأميركيين يزدادون تشدّداً لا سيّما في إجراءاتهم العملية»، فهم «باتوا يحرصون على الكشف على كل الأسلحة التي يتسلّمها الجيش اللبناني من حزب الله، ويرسلون فرقاً للتأكّد من تدميرها جميعها».

وفيما يفترض أن تنجز اللجنة ردّها قبل عودة برّاك إلى بيروت المتوقّعة خلال عشرة أيام، قالت المصادر إنّ «اللجنة ستنطلق في ردّها من النقاط التي وضعتها سابقاً على أن تضيف بعض التفاصيل»، لعلمها بأنّ «واشنطن، وكما قال موفد السفارة الأميركية، اعتبرت أنّ الجواب الأول هو مناورة ولا يحمل طابعاً جدّياً، فضلاً عن أنّ حزب الله لا يُظهر أي جدّية أو ميلاً للتعاون وهو ليس مقتنعاً بوجوب تسليم سلاحه»، مع تقديرات بأن يقوم برّاك بتأجيل زيارته بسبب التطورات في سوريا.

وفيما يتزايد الحديث في الداخل عن مهلة السماح المعطاة للبنان حتى نهاية العام الجاري، قالت أوساط متابعة إنّ «مَن يتابع الفريق المدافع عن فكرة الاستسلام للأميركي، خصوصاً في الجلسات التي انعقدت في مجلس النواب، والحملة السياسية التي تتزايد يؤكّد أنّ لبنان جزء من اللوحة الإقليمية التي ترسم وأنّ ما يجري في سوريا سينحسب أمنياً وعسكرياً على لبنان وأنّ ما يؤجّل ذلك هو فقط التركيز حالياً على الساحة السورية بينما يجب أن تنتظر في لبنان مفاجأة في أي لحظة».

«البنك العربي» يعرّي عملاءه: معلومات شخصية لـ«سلطات خارجية»

يطلب «البنك العربي» في بيروت من عملائه الموافقة على سياسات خصوصية جديدة، تمنح المصرف وكالة مفتوحة للتجسّس على العميل بوسائل متعددة، من ضمنها «داتا» وسائل التواصل، وتتيح تتبّعه جغرافياً، وتحديد علاقته بالأفراد المحيطين به وعناوينهم، وبصمة وجهه وصوته، ومشاركة المعلومات مع جهات داخلية و«سلطات خارجية»، من دون تحديدها

إذا كنت من عملاء «البنك العربي»، احرص على ألا توقّع مستند «إشعار بيانات الخصوصية والموافقة عليه» الذي سيعرضه عليك موظف المصرف كتحديث لـ«سياسات الخصوصية» (policies).

بمجرّد التوقيع، ستمنح المصرف «وكالة مفتوحة» بالتجسّس عليك بوسائل متعددة، لمدة زمنية مفتوحة، ثم مشاركة أو بيع هذه المعلومات إلى جهات داخل لبنان وخارجه، من بينها ما يسميه المصرف «سلطات خارجية» من دون تحديدها، قد تكون أجهزة حكومية، قضائية، أمنية… أو حتى استخباراتية؟

ببساطة: هو اجتياح كلي للفرد يعرّيه ويعرّضه للخطر. علماً أن «البنك العربي» هو بنك أردني وله فروع في الكثير من دول العالم، من بينها فلسطين المحتلة.

فتحت ستار تجميع الـ«داتا» لأغراض الدراسات والتحاليل التجارية، تأخذ مثل هذه الخطوة كهذه أبعاداً سياسية وأمنية وحقوقية، ليس «البنك العربي»، بالتأكيد، غافلاً عنها، ما يطرح تساؤلات كثيرة عن خلفيات هذا «التفييش» الكامل للبنانيين، وما إذا كان خضوعاً لمطالب جهات خارجية تسعى إلى جمع معلومات ضخمة عن شريحة اجتماعية محددة لزيادة الخناق عليها؟ وما هو دور الأميركيين ومؤسساتهم المالية والأمنية؟ ومن يريد للمصارف في لبنان أن تتحول إلى مراكز استخباراتية؟

المعلومات التي يجمعها المصرف بموجب الإشعار (الذي اطّلعت «الأخبار» على نسخةٍ منه) تتخطى تلك المعتادة حول الوضع الاجتماعي، والاسم الكامل، ورقم الهاتف وعنوان السكن… لتطال معلومات عن «الشهود، وأفراد الأسرة، وجهات الاتصال في حالات الطوارئ، والأوصياء»، وتتضمن توقيعاتهم وعناوينهم و«علاقة العميل بهم، وعنوان الـIP للبريد الإلكتروني الذي يُحدّد عبره الموقع الجغرافي للشخص، والصورة المرئية والصوتية الملتقطة عبر كاميرات «CCTV»، وملفات تتبع استخدام الموقع الإلكتروني «COOKIES»، ومعلومات الأمن والحماية (من دون تحديد ما هي المعلومات التي ستُجمع تحت هذا العنوان)، وبيانات حول موقعك الجغرافي، وأجهزة الصراف الآلي التي تستخدمها، والفروع التي تزورها، وتفاصيل المعاملات التي أجراها العميل أو أي من المرتبطين به، بما في ذلك التواريخ والمبالغ والعملات وتفاصيل الدفع والتسديد، إضافة إلى معلومات تصنيف المخاطر مثل تصنيف مخاطر الائتمان حول قدرتك على الائتمان، معلومات التوظيف ومؤهلات المتقدمين للوظائف المحتملين، البيانات المطلوبة للامتثال لمتطلبات مكافحة الجرائم المالية (غسل الأموال، تمويل الإرهاب)، معلومات النزاعات القانونية، معلومات الاتفاقيات والعقود والفواتير والعمولات…».

بمعنى آخر، سيكون المصرف قادراً على تحديد الموقع الجغرافي للشخص، ونطاق تحركه المعتاد، مع صورته وبصمته الصوتية، وتحديد المحيطين به، وطبيعة علاقته بهم، وتصنيفهم، وتصنيف أوضاعهم المالية، وتعقّب حركة الأموال بينه وبينهم، ومشاركة كل ذلك مع طرف أو أطراف أخرى.

إذ يرد في الإشعار أنّ بإمكان المصرف مشاركة المعلومات مع «مصرف لبنان، والسلطات الحكومية، ووكالات المراجع الائتمانية، ووكالات منع الاحتيال، والسلطات الخارجية، والشركات التابعة للبنك العربي، ومقدمي الخدمات، والمدققين الخارجيين، البنوك المرسلة، الجهات الرقابية والهيئات الحكومية وأجهزة منع الجرائم، الوكلاء بالنيابة عن البنك، خدمات البريد، شركات المحاماة أو المحامين أو المستشارين القانونيين»، وذلك عبر «اتفاقيات تعاقدية ملزمة بحماية المعلومات»، على أن يتخذ «إجراءات معقولة لمنع فقدان البيانات أو وصولها إلى غير الأشخاص الذين يحتاجونها».

وفي تبريره لطلب هذا الكمّ الضخم من البيانات، ادعى المصرف في إشعاره أنها لأسباب «تتعلّق بخدماته ولأغراض تجارية، مثل إجراء التقييم والتحليل لأغراض إحصائية، ولحماية مصالح المصرف التجارية ولتطوير إستراتيجيات أعماله، ولتحصيل أي ديون مستحقة له، وللوفاء بالمتطلبات الرقابية والتزامات الإبلاغ في ما يتعلق بالحماية من الجرائم المالية».

الخطورة تظهر مجدداً في البند المرتبط بمدة الاحتفاط بالبيانات، إذ لم يذكر مدة محددة لإتلاف البيانات، وترك الأمور مفتوحة.

فقد ورد أن المصرف «يحتفظ بالبيانات طوال مدة تعامل العميل مع البنك، وللمدة اللازمة للامتثال للقوانين والأنظمة المعمول بها.

ويتعهد بالتخلص من البيانات عندما لا تعود هناك حاجة إليها». فمن يقرر متى لا تعود هناك حاجة إليها؟ كما لم يذكر الإشعار أن الأطراف الأخرى التي يشارك معها المصرف بيانات العميل ستتلفها، لكنه لا يشير إلى كيف ومتى أو إلى أي ضمانة بإتلافها فعلاً.

وموافقة الزبون على هذه الاستباحة، تعني أيضاً «احتفاظ المصرف بالحق في تحديث الإشعار ليعكس التغييرات في ممارسات المعلومات لدينا بما يتماشى مع القانون»، أي من دون الحاجة إلى موافقة جديدة من العميل.

يطلب المصرف تتبع عملائه وتحركاتهم جغرافياً مع صورهم وبصماتهم الصوتية وميولهم السياسية ومعلومات عن أفراد أسرهم

ويرد في الإشعار، أن المصرف يجمع البيانات بشكل مباشر من العميل، أو «بشكل غير مباشر من مصادر متعددة، بما في ذلك وكيلك والوسطاء والشركات التابعة للبنك، وملفات تتبع استخدام الموقع الإلكتروني «cookies»، وملفات تعريف الأجهزة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمصادر العامة، وشركاء الأعمال، وخدمات التوظيف، وذلك لفهمك وخدمتك بشكلٍ أفضل، أو لتحقيق مصلحة مشروعة».

الخطورة هنا تكمن في ملفات تعريف الأجهزة، وفي إمكانية سحب كل ما يريد من «داتا» مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي. أي تشريح الميول السياسية وغير السياسية للشخص، وشبكة علاقاته مع الحسابات الصديقة له، التي يتبعها وتتبعه، وحيال أي مواضيع يتفاعل، ومع من يجري محادثاته.

وإذا ما وضعنا جانباً الشق المتعلّق باهتمامات الفرد ربطاً بسياسات التسويق التجارية، ماذا عن حرية التعبير بكل ما هو متّصل بالأمور السياسية؟

فهل سيصنّف «البنك العربي» العميل الذي ينشر مواقف سياسية مؤيدة للمقاومة مثلاً على أنّه شخص داعم للإرهاب، ويمتنع عن التعاون معه؟

ومن يضمن أنه لن يشارك هذه المعلومة من ضمن كمية بيانات ضخمة مع جهات خارجية معنية برصد وتتبع المؤيدين للمقاومة وفرض عقوبات عليهم، في سياق ما تدعي أنه مكافحة الإرهاب؟

مخالفة للقوانين

ارتكز الفريق القانوني في «البنك العربي»، في بداية نصّ الإشعار، على قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي (رقم 81 لسنة 2018)، موحياً أنّه يُجمّع ويعالج المعلومات الحساسة لعملائه استناداً إلى مبادئ هذا القانون.

ورغم أنّ المشرع اللبناني غير المُلمّ بثقافة خصوصية البيانات، وضع قانوناً (81) سيئاً يشرّع انتهاك البيانات الشخصية بدلاً من حمايتها، بإجماع خبراء في المجال، إلا أنّه أرسى بعض المبادئ والضوابط. لكن، حتى هذه، أوغل «البنك العربي» بمخالفتها، مستغلاً جهل الناس بالقانون وبحقوقهم السيادية على بياناتهم.

ناهيك بحشو نص الإشعار بعبارات فضفاضة لا تعني شيئاً على المستوى القانوني، وإنما فقط لإيهام العميل بأن القوانين تسمح بهذه الاستباحة، مثل «نعالج بياناتك للامتثال بالالتزام القانوني وبمتطلبات الرقابة»، و«نعتمد على المصالح المشروعة بناء على تقييمنا بأن المعالجة عادلة ومعقولة».

المحامي بيار خوري، المتخصص في قوانين تكنولوجيا المعلومات، والذي شارك في أعمال اللجنة النيابية التي درست مشروع القانون 81، يؤكّد أنّ «إشعار البنك العربي خرق كبير لخصوصية العملاء»، موضحاً أن «القانون 81، رغم علّاته الكثيرة، فرض تحقق مجموعة مبادئ تبرر تجميع بيانات الأفراد، منها مبدأ الغاية، أي ما هي الغاية التي تدفع جهة محددة (المصرف العربي في هذه الحالة) إلى جمع داتا جزء كبير منها لا حاجة لها بها بالنظر إلى الدور الوظيفي للمصرف». إذ لا يمكن مثلاً أن يكون هناك غاية عملية وظيفية تستدعي تحديد المكان الجغرافي للعملاء، ونطاق تحركهم، وماذا ينشرون على مواقع التواصل، وعلاقتهم بالأقارب وعناوين هؤلاء.

المخالفة الثانية، بحسب خوري، تكمن في أن مشاركة معلومات طرف ثالث، يشير إليها بالإشعار بعبارة «أفراد الأسرة، والأوصياء والوسطاء»، غير ممكنة إلا بعد أخذ موافقة هؤلاء، إذ «لا حق للعميل ولا للمصرف بأن يقررا إن كانت الأطراف الثالثة موافقة على تجميع بيانات عنها».

المخالفة الثالثة، ترتبط بنقل البيانات إلى الخارج. وفيما يؤكد خوري أن النواب شرّعوا قانوناً سيئاً لا يتضمّن ما يمنع صراحة نقل البيانات، وبالتالي عدم المنع يعني السماح، يلفت في المقابل إلى أنّ «القانون يفرض تحديد الجهة التي يجب مشاركة البيانات معها بشكل مفصّل، أي ذكر اسمها»، ولا يمكن التعبير عنها كما ورد في إشعار المصرف بـ«سلطات خارجية أو وكالات ائتمان أو…». كما إن الغموض في العبارات يستتبع السؤال: من هي هذه السلطات: قضائية؟ أمنية؟ مخابراتية؟ وهل هناك تعاون بينها وبين لبنان؟

في الأصل لماذا يعرض المصرف على العميل توقيع الإشعار، طالما أنّ المشرّع اللبناني في المادة 94 من القانون 81، وزّع استثناءات لجهات كثيرة، أي منحها صلاحية جمع بيانات شخصية واستخدامها من دون إذن مسبق من صاحب العلاقة، ومن ضمن الجهات تلك «المعالجات التي يكون موضوعها الزبائن والمتعاملين مع المؤسسات والشركات التجارية… في حدود حاجات ممارسة نشاطاتهم القانونية».

وفي رأي خوري، حتى وإن كان المصرف قد تجاوز هذا «الاستثناء السيئ» الذي يسمح له بجمع بعض البيانات، وأراد أخذ موافقة العميل للقول إن سياسات الخصوصية لديه متوافقة مع «اللائحة العامة لحماية البيانات» (GDPR- General Data Protection Regulation) الصادرة عن الاتحاد الأوروبي، والتي توصف بأنها «قانون الخصوصية الأكثر شمولية في العالم»، إلا أن «الإشعار خالف الـ GDPR التي تنص على أنّ موافقة العميل المسبقة وحدها ليست كافية لجمع بياناته واستخدامها ومشاركتها».

كما خالفها عندما قرر جمع المعلومات من مصادر متعددة مثل وسائل التواصل وغيرها، بينما تتحدث (GDPR) عن جمع المعلومات حصراً من الشخص المعني. كذلك خالفها في ما يتعلق بالطرف الثالث الذي سيشاركه المصرف أو يبيعه الـ«داتا». إذ تفرض GDPR أن يكون هذا الطرف مُحدّداً، وأن يمنح صاحب العلاقة الموافقة، مع تحديد مدة الاحتفاظ بالـ«داتا».

ولفت خوري إلى مشروع قانون لحماية البيانات ذات الطابع الشخصي، بدأ بإعداده بالتعاون مع وزير العدل السابق هنري خوري، ويستكمل العمل عليه مع الوزير عادل نصّار، بهدف إلغاء الباب الخامس من القانون 81 المتعلق بالبيانات الشخصية، والذي شرّع انتهاكها في أكثر من مفصل.

تحايل على العملاء

مقابل التشريح الكامل للعميل، يمنحه المصرف في إشعار الخصوصية بعض الحقوق المشروطة. إذ يمكن للعميل طلب التحقّق من المعلومات الشخصية التي يعالجها المصرف، وتزويده بتفاصيل محدّدة بشأن أنشطة المُعالجة والاستفسار عن أي تحليل لبياناته.

كما يمكنه طلب تزويده بنسخة عن البيانات التي جمعها البنك مباشرة أو غير مباشرة، والسؤال عن الأطراف التي وصلتها معلوماته، وتصحيح المعلومات أو محوها إذا كانت غير صحيحة، ولكن هذه الحقوق مقيّدة بعبارة واردة في الإشعار «إن تلبيتنا لطلباتك قد تكون مقيدة، في ظروف معينة، وفقاً للقانون».

يحاول المصرف إخلاء مسؤوليته تجاه العميل، مع إدراكه أن قوانين متخصصة بهذا الشكل، لا يفقه بها جميع العملاء، ويعزز هذا الجهل غياب ثقافة الخصوصية بشكل عام في بلادنا. بمعنى أوضح، من يشرح حدود القانون للعميل، وما إذا كان المصرف يطبّقه أم يخرقه، ومن خاض معركة رأي عام بوجه انتهاكات الخصوصية التي أرساها القانون 81 الذي يعتمد عليه حيناً «البنك العربي» في إشعاره، ويخرقه أحياناً أخرى؟

مدير «برنامج الإعلام ومشروع حوكمة الإنترنت» في جمعية «Smex»، عبد قطايا، يرى في خطوة المصرف «تحايلاً على العملاء، عبر استغلال العبارات الفضفاضة من جهة، وجهل الناس بأبعاد هذا الإشعار الذي لا حدود له». ويشير إلى أنّ «هناك لجوءاً واضحاً إلى صياغة شروط ووضع إطار علاقاتي تعاقدي مع الزبائن تحكمه سياسات المصرف أو المؤسسة التي تجبر المتعامل معها على التنازل عن حقوقٍ سيادية على بياناته، وحتى في هذه الحالة على حركته الجسدية».

وهو ما يقود، في رأيه، إلى تسليط الضوء على تقصير الدولة كجهةٍ ناظمة، لم تشرّع قانوناً يحمي اللبنانيين، وهي في الأصل لم تُنجز المراسيم التطبيقية للقانون الحالي. وبالتالي، ليست هناك من جهةٍ تراقب عمل المؤسسات والجهات التي تجمّع الـ«داتا».

قانونياً، يفترض أن تكون هذه الصلاحية لهيئة مستقلة ذات طابع قضائي، في حين أنّ جلَّ ما ذكره القانون 81 هو إرسال تصريح إلى وزارة الاقتصاد، تعلمها به الجهة التي تنوي جمع بيانات شخصية، أنها ستقوم بذلك، وتنشره الوزارة على موقعها الإلكتروني، من دون أن يكون لها أي دور رقابي على عملية التجميع.

وفي هذا السياق، علمت «الأخبار» أنه منذ إقرار القانون عام 2018، لم يتعدَّ عدد الجهات التي صرّحت لوزارة الاقتصاد بأنها تجمع بيانات شخصية عدد أصابع اليد الواحدة.

الخارجية الأميركية: نُريد حساباتكم على وسائل التواصل

في 11 تموز الحالي، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية قراراً تُلزم بموجبه جميع المتقدّمين للحصول على تأشيرة F أو M لغير المهاجرين، تعديل إعدادات الخصوصية على جميع حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى «عامة»، أي (Public)، لـ«تسهيل عملية التدقيق اللازمة لإثبات هويتهم وأهليّتهم لدخول الولايات المتحدة».

ومع أن عملية التدقيق في هواتف المهاجرين ليست جديدة، لكنها كانت تحصل لدى وصول المسافر إلى الولايات المتحدة، وقبل السماح له بالإقامة في البلاد.

أما عمليات البحث في الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة الميول السياسية ومواقف الشخص الراغب بالسفر إلى أميركا، فكانت تقتصر على الذين جعلوا حساباتهم (Public)، ولم تكن السلطات قادرة على مراقبة ما ينشره أصحاب الحسابات المحجوبة إلا عن الأصدقاء الافتراضيين.

لذلك، يأتي قرار الخارجية الأميركية ليقونن عملية «التفييش» تلك، ويختصر الطريق قبل منح التأشيرات.

في العمق، تحوّل الإدارة الأميركية وسائل التواصل الاجتماعي إلى وسيلة لـ«التفييش» والرقابة، وجزءٍ من مظاهر المجتمع الرقابي الذي تفرضه التكنولوجيا في حياتنا اليومية، وتجعل كل ما نبوح به على وسائل التواصل مؤثّراً ليس فقط في حياتنا اليومية السياسية والمهنية، بل له تبعات أمنية علينا.

وهو إعادة لرسم النُّظم والمعايير الأساسية لحرية التعبير على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالتالي تحوّلها إلى سجنٍ رقابي قد يكون أكبر مركز رقابي تديره أميركا في العالم اسمه «ميتا»، وعلى كل من ينتسب إليه الخضوع للرقابة الأميركية وللمعايير التي ترسمها «الإمبراطورية» للتعبير عن الرأي، ومن لا يتّسق مع هذه المعايير سيكون خارج أميركا، ولن يقف الأمر عند حدود حجب التأشيرة عنه، بل سيجري تصنيفه وفق معايير محدّدة أميركياً.

في هذا السياق، هل يصبح من الطبيعي أن يُدرج بند جمع «داتا» وسائل التواصل الخاصة بالأفراد ضمن سياسات الخصوصية المعتمدة في المصارف؟ ومن سيتبع «البنك العربي» في هذا المسار، وسط تأكيد أكثر من مصرفٍ كبيرٍ أن هذه المصارف غير معنيّة بهذه السياسات.

اللواء:

ثقة متجدِّدة بالحكومة لمواجهة الضغوط العسكرية في الإقليم

سلام: أدعو لتغليب المصلحة الوطنية العليا والمسؤولية كبيرة.. ورواتب القطاع العام أمام مجلس الوزراء اليوم

كما أشارت «اللواء» في عددها أمس طرحت الثقة، وأعاد المجلس النيابي بكتلته الحيوية الثقة بحكومة الرئيس نواف سلام، الذي ردّ بالتأكيد على احترام ما قاله النواب، مؤكداً عزمه على مواصلة العمل على الرغم من الصعوبات والعراقيل، مجدداً الإعتزام والاصرار على «الاصلاح والانقاذ».
على أن الأهم، خروج المناقشة بحلة الحرص النيابي والوطني على الاستقرار العام، في ظل عدوانية اسرائيلية تجاوزت كل الحدود، وحوّلت سوريا إلى أهدافٍ عسكرية من دمشق إلى الجنوب السوري، ومقر قيادة الاركان، وربما قصر الشعب.
وحسب المصادر ذات الصلة، فإن اجتماعات اللجنة الرئاسية لصياغة الردّ اللبناني على الردّ الاميركي الذي بعث به طوم براك عبر سفارة بلاده في عوكر إلى بعبدا، لا يمكنها القفز فوق النار المتصاعدة من غزة إلى البقاع فسوريا التي كانت بالامس تفاوض على الانخراط باتفاقية أمنية مقابل الانسحاب من الجولان السوري المحتل.
واشارت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» انه اذا تمكن مجلس الوزراء من حسم ملف تعيين الهيئات الناظمة لقطاعات الاتصالات والكهرباء والطيران المدني، فتكون النقاط الواردة في خطاب القسم والبيان الوزاري قد نفذت كما جاء في تعهدات رئيس الجمهورية والحكومة، وهي تتم للمرة الاولى منذ سنوات طويلة.
الى ذلك ، رأت هذه المصادر انه في حال انتهت ملاحظات اللجنة على الرد الأميركي فإنها قد تحضر في جلسة الحكومة، مع العلم ان الرد الأميركي قد يطرح انطلاقا من استفسارات الوزراء عن حقيقة مضمونه ، كما ان أجواء جلسة مجلس النواب قد تحضر في مجلس الوزراء.
اما بالنسبة الى التطورات في سوريا، فان المجلس قد يتطرق اليه انطلاقا من الموقف الذي أصدره رئيس الجمهورية.
وإزاء ما يحصل غرّد الرئيس نواف سلام: في ضوء ما شاهدنا اليوم من احداث متفرقة أخذت طابعاً مذهبياً يرفضه الشعب اللبناني، أناشد جميع اللبنانيين الابتعاد عن الفتنة وتغليب المصلحة الوطنية العليا على اي اعتبار آخر. وقد تواصلت مع الوزراء المعنيين وقادة الأجهزة الأمنية لإتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على امن المواطنين في مختلف المناطق اللبنانية والتشدد بوجه اي تفلت او محاولة قد تهدد الاستقرار.
وعلى الرغم من انشغال لبنان بأوضاعه الداخلية، من جلسة مناقشة الحكومة الى مواصلة اعداد الملاحظات على رد الادارة الاميركية وموفدها توم براك على الرد اللبناني على ورقة الاقتراحات الاميركية حول المطلوب من لبنان، انشغل الوسط الرسمي وبعض السياسي لا سيما الدرزي، منه بتطورات الاوضاع الخطيرة خلال اليومين الماضيين في سوريا، لا سيما بعد قصف العدو الاسرائيلي امس محيط قصر الرئاسة في وسط العاصمة دمشق، ومقر هيئة اركان الجيش السوري ودمرت قسما منه وسقط 3شهداء و43 جريحاً،عدا استمرار الغارات على قوات النظام السوري في السويداء ومحيط درعا بحجة «حماية الدروز»، وهوما كان موضع ادانة من رئيسي الجمهورية جوزاف عون والحكومة نواف سلام والحزب التقدمي الاشتراكي وقوى سياسية اخرى، فيما اعلن الحزب التقدمي الاشتراكي انه اجرى اتصالات من اجل التهدئة في محافظتي السويداء ودرعا، بعد سقوط اكثر من 250 قتيلاً. وكانت مواقف للرئيس السابق للحزب وليد جنبلاط امس، اكد فيها ضرورة المصالحة والحوار برعاية الدولة السورية، وان اسرائيل لا تحمي الدروز بل تستغل بعض ضعفاء النفوس.
وبرغم الاعلان عصر امس عن التوصل الى وقف لإطلاق النار، انقسمت الهيئة الروحية الدرزية في السويداء بين شيخي العقل حكمت الهجري ويوسف جربوع بين مرحب ورافض للإتفاق. فيما تدخلت الادارة الاميركية على اعلى مستوى لوقف التدهور الامني وطلب الرئيس ترامب من رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو وقف الغارات على سوريا، وقال: نحن في طريقنا لخفض التصعيد في سوريا. ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول أميركي: طلبنا من تل أبيب التوقف عن التصعيد بهدف الدفع باتجاه محادثات مباشرة بين إسرائيل وسوريا.
وقد وصفت مصادر رسمية لـ «اللواء» ما جرى في سوريا امس وقبله بأنه خطير للغاية ليس على سوريا فقط بل على لبنان، واشارت الى ان الموفد الاميركي براك منشغل الآن بالوضع السوري اكثر من اللبناني وكانت له مواقف وتحركات واتصالات للتهدئة، علما ان الاخذ والرد مازال قائماً حول الرد اللبناني على ورقة المطالب الاميركية، وخلاصته ان البحث ما زال في الاطار العام ولم يصل الى خواتيمه بعد، براك اعطانا ورقة المطالب فرد لبنان عليها، ورد الجانب الاميركي عليها بمجموعة ملاحظات ، وسيرد لبنان على هذه الملاحظات بملاحظات.
وحول تسوية الوضع في الجنوب لوقف الاعتداءات الاسرائيلية ألمحت المصادر الى ان كل شيء مجمد الآن لأن المنطقة كلها تمر بحالة توتر ويكفي ما تفعله اسرائيل في سوريا، ولن يكون لبنان حالة خاصة.
كما اشارت مصادر حكومية في السياق ذاته لـ «اللواء» الى انه ما من تطورات جديدة في المشهد الداخلي غير المعلوم المتداول.
الى ذلك يستأنف الرئيس عون جولاته العربية بزيارة الى مملكة البحرين يومي 22 و23 الشهر الحالي، تليها زيارة الى الجزائر يومي 29 و30 تموز ولم يتحدد برنامج زيارة الجزائر بشكل نهائي بعد..

الحكومة تجدد الثقة

نيابياً، انتهت جلسة المناقشة النيابية للحكومة على مدى يومين متتالين بتجديد الثقة بها، وكانت الجلسة خصصت لمناقشة سياساتها، تحدث فيها 50 نائبا في 11 ساعة، لكن هذه الحكومة خرجت من البرلمان مزهوة بعد ان نالت ، ثقة المجلس النيابي مجددا، حيث حصلت على 69 صوتا وحجبها تسعة نواب من أعضاء تكتل «لبنان القوي» وإمتنع اربعة نواب، هم: آغوب ترزيان، عماد الحوت، نبيل بدر، فريد البستاني. وتجديد هذه الثقة قدمها رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل على طبق من ذهب نتيجة طلب طرح الثقة عشوائيا ومن دون اي حسابات ولغاية غير مفهومة.
وعلى عكس اليوم الاول الذي مّر هادئا فإن الجلسة امس شهدت بعض السجالات والمشادات الكلامية التي كادت ان تتطور الى اشتباك بالأيدي لولا تدخل بعض النواب في القاعة العامة.
وقد حصلت المشادة الكلامية الاولى بين النائبين أحمد الخير وسليم عون على خلفية كلام الخير وقوله «هناك خشية من أن يصبح شعار الحكومة في الاصلاح والانقاذ مثل شعار الاصلاح والتغيير»، مما استدعى ردا من النائب سليم عون وقوله:«نحن لسنا مكسر عصا»، فرد الخير ، مطالبا اياه بـ«السكوت».، وهنا غادر عون مكانه متوجا الى حيث كان يقف الخير وهو يصرخ، غير ان بعض النواب احاطوا به وحالوا دون وصوله.
والمشهد السجالي تكرر ايضا بين النائب سليم عون والنائب فراس حمدان الذي اتى في كلمته على ذكر «الصهر» وهو ما استفز عون الذي رد عليه، بالتزامن مع استخدام الرئيس نبيه بري مطرقة الرئاسة عدة مرات ، طالبا شطب كلمة «صهر من المحضر.
اما لناحية المداخلات النيابية فبقي المضمون ذاته ولم يتغير عن اليوم الاول حيث استحضر من تكلم ملفات السلاح، والتفاوض مع الموفد الاميركي طوم براك، اضافة الى الملف الشعبوي المتعلق باموال المودعين، من دون اغفال المطالب المناطقية والانمائية، والتصويب على آلية التعيينات الاخيرة.
وبعد انتهاء تصويت النواب لتجديد الثقة بالحكومة، توجه أحد النواب لباسيل بالقول «شو كان بدك بهالشغلة يا جبران»، ليجيب باسيل «مقصودة، بكرا بتعرفوا الهدف لما بتنخفض الثقة».
اضاف: لم نلقَ أجوبة على أسئلتنا خلال كلمة رئيس الحكومة التي يسودها مغالطات كثيرة. وسنستمر بمعارضتنا الايجابية والصارخة.
وحصل خلال الجلسة إشكال وتلاسن بين النائب أحمد الخير والنائب سليم عون، ما أدّى إلى تدافع بعد أن حاول عون مهاجمة الخير.
وقال خير في كلمته: هناك خشية حقيقة من أن يصبح شعار حكومة «الاصلاح والانقاذ» كشعار «الاصلاح والتغيير»»، ما استدعى ردًا من عضو كتلة التيار الوطني الحر النائب سليم عون الذي قال: «فيكن تحلو عن سما ربنا»، فرد الخير:«لن أرد عليك، وطي صوتك وسكوت» .
الرئيس بري رد بدوره على عون، فقال: «يا عيب الشوم عليك».
وكانت كلمات في الجلسة ايضا للنواب: فراس حمدان حسين الحاج حسن وشربل مسعد وهاغوب تيريزيان وعلي حسن خليل.
وأكد رئيس الحكومة نواف سلام من الجلسة التشريعية في ردّه على النواب، أن مؤسسات الدولة التي تسعى الحكومة على إعادة بنائها كانت قاصرة عن القيام بواجباتها، موضحاً أن عمر الحكومة هو أشهر قليلة.
وقال سلام: نجدّد التزامنا بالإصلاح والإنقاذ ولا رجعة عمّا جاء في البيان الوزاري.ولن نوفر جهداً لحشد الدعم العربي والدولي للضغط على اسرائيل، بالانسحاب من الاراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها.
وتابع سلام: استمعت إلى آراء ومداخلات النواب وسآخذ كل الإنتقادات على محمل الجدّ، ومسؤوليتنا كبيرة وعازمون على مواصلة عملنا برغم الصعوبات والعراقيل. مضيفاً: نحن حريصون على سيادة قرارنا ولا املاءات خارجية على الحكومة والإملاء الوحيد الذي سنرضى به هو ما يقرره مجلس الوزراء.
وأردف: الجميع يعلم أن الجيش أنجز الكثير من حيث بسط سيادة الدولة على أراضيها في جنوب الليطاني، والحكومة مصرة على مواصلة العمل من أجل بسط سيادة الدولة على مناطق شمال الليطاني كما جنوبه، وقد ضعنا خطة متكاملة لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم وسميناها آمنة ومستدامة. مضيفاً: هناك 16 ألف طلب تم تسجيلهم خلال الأيام الـ10 الأخيرة لعودة نازحين سوريين إلى بلادهم.
كما شدد على أن ما جاء في خطاب القسم والبيان الوزاري ليس مجرد اعلان نوايا بل إنه التزام وقرار لا لبس فيه ولا رجعة عنه، وأكد سلام أن الحكومة لن توفّر جهداً لتأمين الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية.
كما أعلن أن الحكومة قررت التوقف عن مراكمة الديون لشراء الفيول، مقابل طلب الهبات من الدول الشقيقة، مضيفاً: نعمل على اتفاقيات من أجل انشاء معامل على الغاز. وبالنسبة إلى عدم وضع خطة للكهرباء قال: واثق بأن ما سنفيدكم به سيُريكم عكس ذلك.
وأكد أن «المفاوضات بشأن مشروع «ستارلينك» ما زالت مستمرة».
وأوضح أن الحكومة تعمل بعيدا من الترقيع على معالجة حوكمة القطاع المشرذمة حالية بين مركزية ولا مركزية، وتعمل على تحديث الاستراتيجية الوطنية لادراة النفايات الصلبة. وقال: أن الخلل بملف النفايات ليس تقنياً، والحلول به تحتاج إلى استثمارات ضخمة.
وأضاف سلام: وضعنا أسماء المرشحين على الوظائف العامة على أساس الكفاءة والتنافس واحترام المناصفة، والحكومة وضعت نصب أعينها حقوق المودعين كأولوية مطلقة وكانت تعي منذ اليوم الأول بأن احقاق حقوقهم يستدعي ادخال الشفافية والانتظام إلى القطاع المصرفي، مؤكداً أن الحكومة لن تتقاعس عن دورها.
وتابع: أرجو احترام القضاء وابقاءه خارج المهاترات السياسية، لن أناقش ملفات عالقة أمام القضاء ولكن يهمني أن أذكّر بمبدأ أساسي في القانون وهو قرينة البراءة، لهذا لن أتطرّق إلى الملفات القضائية، وبالنسبة لي وقد يكون لزوم ما لا يلزم أُعيد التأكيد أن التعيينات القضائية كانت بعيدة عن المحاصصة، ورجائي في هذا المجال أن نحترم القضاء والقانون ونُبقيه خارج المهاترات السياسية.

عون: مطالب القطاع العام على طاولة مجلس الوزراء اليوم

معيشياً، تعهد الرئيس جوزف عون بعرض مطالب موظفي الادارة العامة على جلسة مجلس الوزراء اليوم، مطالباً العاملين في القطاع العام العمل على إنجاح الموسم السياحي لانعاش الاقتصاد، واعتبر أن إعادة دراسة شاملة لرواتب القطاع العام حق للموظفين.
وجاء هذا الموقف، بعد لقاء رئيس الجمهورية مع وفد من رابطة موظفي الادارة العامة برئاسة وليد جعجع الذي سبقه إلى القصر رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر..
وعلى الأثر، أعلن جعجع عن تعليق اضراب موظفي الادارة العامة حتى اشعار آخر لمبادلة «الرئيس ايجابيته».
وعشية جلسة لمجلس الوزراء اليوم صدر عن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، البيان التالي: انطلاقا من الطعن الذي قدمته «القوات اللبنانية» في قرار فرض ضريبة إضافية على المحروقات، والذي كانت الحكومة قد أقرته بتاريخ 19 أيار 2025، أصدر مجلس شورى الدولة اليوم قرارا بوقف تنفيذ قرار الحكومة بفرض تلك الضريبة على المحروقات. إننا إذ نثمِّن قرار مجلس شورى الدولة، ندعو الحكومة إلى التزامه من دون أي إبطاء

جولة ميدانية:

ميدانيا، جالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس-بلاسخارت في قطاع جنوب الليطاني واستهلت جولتها من ثكنة صور قبل أن تتوجه نحو البياضة للاطلاع على جهود الجيش اللبناني في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار.

البناء:

هدوء في السويداء بعد انتهاكات صادمة وضربات إسرائيليّة في دمشق وانسحاب

صيغة تقسيم الأمر الواقع تحكم سورية شمالاً وجنوباً وغرباً وتراجع هيبة الحكم

بعد نقاش صاخب تصويت نيابيّ على الثقة بالحكومة: 69 مع و9 ضد و4 امتنعوا

كتب المحرر السياسي

مئات القتلى وقرابة ألف جريح هي حصيلة حرب الجيل الثانية التي شهدتها محافظة السويداء في جولتها الثانية، مستعيدة مشاهد حرب الجبل الأولى عام 1983 في لبنان، حيث قاتل جماعة رئيس الجمهورية أمين الجميل آنذاك لفرض هيمنتهم على الطائفة الدرزيّة وفق منطق الاستعلاء الطائفي والحزبي والاستقواء بالاحتلال الإسرائيلي، واستنهضت الاعتداءات والاستفزازات مواجهة درزية لم تلبث أن تحوّلت الى حرب حقيقية انتبه الاحتلال الإسرائيلي لإدارة التوازنات فيها والتلاعب بخيوطها وخطوطها، وهو ما يفعله اليوم في السويداء، حيث بدت خطوة حكومة دمشق بإرسال قواتها الى السويداء ترجمة لتفاهمات أعقبت اجتماعات باكو الاستخبارية السورية الإسرائيلية، وهو ما أوحت به البيانات الإسرائيلية التي اختلفت نبرتها أول أمس عن سابقاتها لجهة أظهر التنسيق مع حكومة دمشق ودعوة أهالي السويداء للتعاون مع حكومة دمشق، لكن ذلك لم يستمرّ بعدما وصلت قوات الحكومة الى السويداء، ولعبت قوات الاحتلال لعبتها بجعل الطرفين المتقاتلين رهينة لإدارتها للتوازنات وخطوط النار وترسيم حدود القوة، وجاءت الغارات التي شنتها قوات الاحتلال على مقار وزارة الدفاع ورئاسة الجمهوريّة رسائل نارية صاخبة راعت عدم التسبّب بسقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى، حيث قالت وزارة الصحة إن الحصيلة كانت قتيلاً واحداً وتسعة جرحى فقط، ما يؤكد أن الهدف كان رسالة سياسية ومعنوية شديدة اللهجة فرضت انسحاب القوات المهاجمة من السويداء والقبول باتفاق بشروط سكان السويداء، قبله بعضهم ورفضه بعض آخر يتقدمه شيخ العقل حكمت الهجري، وظهرت سورية عرضة لتفكيك منهجي مع مئات القتلى وقرابة ألف جريح سقط أغلبهم في أعمال انتقامية طائفية.
خروج القوات الحكوميّة بصورة مهينة من جنوب سورية بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت دمشق، طرح السؤال حول مستقبل سورية ووحدتها، حيث الجرح لم يندمل في الساحل والتفاهمات تبدو مستعصية مع قوات سورية الديمقراطية شرقاً، وهيبة الحكم تتراجع مع الإكثار من الحديث عن نوايا ملاحقة المرتكبين ثم تكرار الارتكابات نفسها في كل مرة، وظهور القوات الحكومية مجاميع طائفية منفلتة لا تشبه الجيوش بشيء.
في لبنان اختتمت المناقشة العامة للحكومة في مجلس النواب بالتصويت على طرح الثقة من قبل تكتل لبنان القوي الذي يترأسه النائب جبران باسيل، بعدما كان تقدم بسؤال قرّر تحويله إلى الاستجواب وطرح الثقة على أساسه بالحكومة، وجاءت الحصيلة 69 صوتاً لتجديد الثقة بالحكومة و9 لحجبها و4 امتنعوا عن التصويت، لكن التصويت فتح العين على احتمال تكرار العملية في جلسات قادمة وربما بدراسة حال إحدى الوزارات وأداء الوزير فيها والتحضير المسبق لطرح الثقة ببقائه في الحكومة.

وفيما أنهى مجلس النواب جلسات مساءلة الحكومة على مدى يومين بتجديد الثقة بها، طغت الأحداث السورية على المشهد الداخلي اللبناني وتداعياتها المحتملة على لبنان، إن لجهة توسيع العدو الإسرائيلي عدوانه باتجاه لبنان أو انتقال شرارة المعارك في السويداء الى بعض المناطق اللبنانية، كما حذّر شيخ طائفة الموحدين الدروز في لبنان سامي أبو المنى.
وأدان رئيس الجمهورية جوزاف عون، بـ»أشد العبارات الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية»، معتبرًا أنها «تُشكّل انتهاكاً صارخاً لسيادة دولة عربية شقيقة وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة». وأكد الرئيس عون، في بيان، أنّ «استمرار هذه الاعتداءات يُعرّض أمن المنطقة واستقرارها لمزيد من التوتر والتصعيد»، مُعرباً عن تضامن لبنان الكامل مع سورية شعباً ودولةً.
بدوره، أشار رئيس الحكومة نواف سلام، في بيان الى أنه «عدوان صارخٍ على سيادة سورية وانتهاكٍ لأبسط قواعد القانون الدولي». فيما أدان «حزب الله»، بـ»شدة العدوان الصهيوني الغاشم الذي استهدف سورية الشقيقة، في اعتداءٍ صارخ على سيادتها الوطنية وعلى المدنيين الآمنين فيها، وانتهاكٍ فاضح للقوانين والأعراف الدولية، واستكمالٍ لمسلسل الاعتداءات المستمرّة التي ينفذها العدو الإسرائيلي على لبنان وفلسطين واليمن والتي قام بها على إيران». ولفت الحزب، إلى أن «هذا العدوان الجبان ما هو إلا حلقة جديدة من مخططات العدو الصهيوني لاستباحة الدول وزرع الفتن والانقسامات بين أبناء الشعب الواحد، محاولًا تقديم نفسه كمنقذ أو ضامن لأمن الشعوب، في الوقت الذي يشكّل هو الخطر الأكبر عليهم وعلى أمن المنطقة واستقرارها».
وقال «لقد أثبتت التجارب أن هذا العدو لا يحترم عهدًا ولا يلتزم بأي اتفاق، ولا يفهم إلا لغة القوة، فهو لا يرى في الشعوب والدول إلا أدوات لخدمة مشروعه الاحتلاليّ الاستيطانيّ، ولا يريدهم إلا ضعفاء وخاضعين».
ودعا الحزب، شعوب أمتنا العربية والإسلامية إلى «اليقظة من مخططات هذا الكيان المارق، الذي لن يتورع عن محاولة ابتلاع الجميع متى سنحت له الفرصة، وأن الموقف الواضح والحازم بمقاومته والتصدّي له يشكل الضمانة الوحيدة لحفظ وحدة أمتنا وكرامتها وسيادتها واستقلالها».
من جهته، قال شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، إلى «أننا لا نكتفي بكلمات الإدانة لأن ما حصل في سورية جريمة بحق أهلنا في السويداء»، مشددًا على «أننا نخشى أن ينتقل الأمر إلى لبنان نتيجة ما يحصل في سورية ونرفع الصوت لمعالجة ما يحصل في السويداء كي لا ينسحب إلى لبنان».
الى ذلك، أفادت غرفة التحكم المروري بقطع السير على الطريق الدولية محلة ضهر البيدر – مفرق الصحة بالاتجاهين.
وحذرت مصادر نيابية من الأخطار المحدقة بلبنان في ضوء التصعيد الإسرائيلي في سورية في إطار حياكة المخططات ورسم الخرائط خلال لقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيمين نتنياهو في الولايات المتحدة والاجتماع السوري – الإسرائيلي في أذربيجان وكلام المبعوث الأميركي توم برّاك الأخير عن ضم لبنان الى بلاد الشام وإشعال حرب أهلية فيه إذا لم يسلم حزب الله سلاحه وتلتزم الدولة بالشروط الأميركية الإسرائيلية، ولفتت المصادر لـ»البناء» الى تهديد جدي بتغيير خريطة لبنان وقضم وضمّ مدن فيه الى بلاد الشام، أو تلزيم لبنان الى سورية، مذكرة بإسقاط دول قوية في المنطقة كالدولة العراقية والسورية ثم ليبيا والسودان والصومال وذلك لتفتيت دول المنطقة وإضعافها وإخضاعها وتصفية القضية الفلسطينية، والآن جاء دور لبنان حيث يتم وضعه بين خيارين نزع السلاح والحرب الأهلية أو تلزيم لبنان إلى النظام في سورية، وذكرت المصادر بإشعال الحرب الأهلية في لبنان في العام 1975 والأحداث الأمنية في أواخر الثمانينيات بعد تهديدات أميركية مماثلة بإشعال الحرب والفوضى أو تنفيذ الشروط الإسرائيلية.
وفي سياق ذلك، أشار المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الى أن «اللحظة لحماية رأس لبنان وسط حريق وخراب يطال قلب المنطقة وأطرافها عبر خرائط أميركية إسرائيلية مجنونة تعمل على تمزيق المنطقة وإنتاج سايكس بيكو بقوة النار والدمار والمجازر وبطريقة تخدم فقط واشنطن وتل أبيب، والعرب ومجلس التعاون والجامعة العربية مهددون بأسوأ خرائط غامضة ومفاجئة ضمن دوافع وأساليب لا سابق لها على الإطلاق، ولا أمان في الشرق الأوسط كله، وإنتاج التاريخ يبدأ من الخيارات الكبيرة وحالاً، ولبنان جزء من البلدان التي تلتهمها نيران الخرائط وخرابها، والحكومة اللبنانية مشلولة ولا وجود لها بعالم المسؤوليات الوطنية».
وعلمت «البناء» أن لجنة المستشارين الممثلة للرؤساء الثلاثة اجتمعت أمس الأول، في بعبدا ودرست الرد الأميركي على ورقة الملاحظات الأميركية، ووضعت جملة استيضاحات وشروحات وأطلعت الرؤساء عليها، على أن يصار الى إرسالها للأميركيين. ووفق المعلومات فإن الرد الأميركي يتركز على ملف حصرية سلاح حزب الله لجهة وضع إطار لإنهاء هذا الملف مع مهلة زمنية معينة لا تتعدّى نهاية السنة مع مراحل لتحقيق الهدف ثم وضع آليات تنفيذية لذلك. وبحسب المعلومات فإن الرد الأميركي لحظ تفهماً أميركياً للملاحظات اللبنانية لا سيما مسألة التزام لبنان بكل موجباته في منطقة جنوب الليطاني وفق القرار 1701 وإعلان وقف إطلاق النار، مقابل عدم التزام إسرائيل بشيء واستمرار عدوانها على لبنان، ما يستوجب وفق الموقف اللبناني من الأميركيين الضغط على «إسرائيل» للانسحاب ووقف الخروقات حتى يبادر لبنان بخطوة على صعيد حصرية السلاح.
ولفتت أوساط رسمية لــ«البناء» الى أن المباحثات مع الأميركيين لم تنتهِ وستستمر حتى عودة المبعوث الأميركي توم براك الى لبنان، مشددة على أن الموقف اللبناني موحّد وفور الاتفاق الكامل على بنود الورقة ستطرح على مجلس الوزراء لمناقشتها، لكن المصادر أكدت أن لا موعد محدد حتى الساعة لزيارة براك الى لبنان.
وشدّد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النائب علي حسن خليل، في كلمته خلال جلسة مجلس النواب، أننا «لم نشعر أن الحكومة تتصرّف بمسؤولية وتتحرّك بجدية لمنع سقوط اتفاق وقف إطلاق النار، فعليها أن تُشعر اللبنانيين أنهم ليسوا رهائن وأن تعقد ولو اجتماعًا واحدًا مع الجهات المسؤولة لبحث إعادة الإعمار». وأوضح خليل أنّ «المقاومة لم تكن يوماً مشروعاً قائماً بذاته، بل هي ردة فعل أتت عندما عجزت منظومة الدفاع الوطني عن حماية السيادة خاصة في الجنوب»، مؤكدًا أنّ «النقاش المفتوح حول السلاح يجب أن يُستكمل ولكن بمسؤولية».
وكان مجلس النواب ناقش الحكومة لليوم الثاني على التوالي، وبناء على طلب رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وبعد كلمة رئيس الحكومة نواف سلام، طرحت في نهاية جلسة مساءلة الحكومة في مجلس النواب، الثقة بها، على التصويت، فحصلت على 69 صوتًا مع الثقة، 9 لا ثقة و4 ممتنع، فيما سجل تراجع القوات اللبنانية عن موقفها الناقد للحكومة ولرئيس الجمهورية بموقف السلاح وجددت الثقة بالحكومة، ما دفع بأكثر من نائب من كتل نيابية مختلفة لاتهام القوات باعتماد الخطاب المزدوج، الأول في الإعلام للمزايدات السياسية والشعبوية والثاني يتّسم بالواقعية.
وكان سلام قال في كلمته رداً على مداخلات النواب «نجدّد التزامنا وإصرارنا على الإصلاح والإنقاذ ولن نوفر جهداً لحشد الدعم العربي والدولي للضغط على «إسرائيل» بالانسحاب من الأراضي اللبنانية ووقف اعتداءاتها». وقال: الجميع يعلم أن الجيش أنجز الكثير من حيث بسط سيادة الدولة على أراضيها في جنوب الليطاني والحكومة مصرّة على مواصلة العمل من أجل بسط سيادة الدولة على مناطق شمال الليطاني كما جنوبه. وضعنا خطة متكاملة لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم وسمّيناها «آمنة ومستدامة». ما جاء في خطاب القسم والبيان الوزاري ليس مجرد إعلان نوايا بل إنه التزام وقرار لا لبس فيه ولا رجعة عنه. ولفت إلى أن «مؤسسات الدولة كانت قاصرة عن القيام بواجباتها، والسعي بالوفاء بتعهداتنا يُحيط به الضغوط لكنّنا نُجدّد التزامنا وإصرارنا على الإصلاح والإنقاذ». وأشار إلى أن «هناك 16 ألف طلب تم تسجيلها خلال الأيام الـ10 الأخيرة لعودة نازحين سوريين إلى بلادهم».
التعيينات قال: «وضعنا أسماء المرشحين إلى الوظائف العامة على أساس الكفاءة والتنافس واحترام المناصفة». وأوضح أن «الحكومة وضعت نصب أعينها حقوق المودعين كأولوية مطلقة وكانت تعي منذ اليوم الأول بأن إحقاق حقوقهم يستدعي إدخال الشفافية والانتظام إلى القطاع المصرفي». ولفت إلى أن «الحكومة تناقش إمكان توقيع اتفاقيات لإنشاء معامل كهربائية تعمل على الغاز». وأكد أن «المفاوضات بشأن مشروع «ستارلينك» ما زالت مستمرة». وأوضح أن «الوزارة تعمل بعيداً من الترقيع على معالجة حوكمة القطاع المشرذمة حالياً بين مركزية ولا مركزية وتعمل على تحديث الاستراتيجية الوطنية لإدارة النفايات الصلبة». وبالنسبة إلى عدم وضع خطة للكهرباء قال: «واثق بأن ما سنفيدكم به سيُريكم عكس ذلك».
وبعد الجلسة التي تحدث فيها عدد من النواب وتخللها إشكال كاد يتطور الى تضارب بين النائبين احمد الخير وسليم عون، أشار نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان الى أن «كتلة «الجمهورية القويّة» جدّدت الثقة بالحكومة على أساس جواب رئيس الحكومة وسلام قال إنّ حصر السلاح مبتوت والحكومة ستُقدم عليه». وشدّد على أنّ «رئيس الجمهوريّة يقوم بدوره كاملاً ونعطيه الثقة الكاملة».
في المقابل أشار باسيل بعد جلسة مجلس النواب الى ان «النظام الداخلي في مجلس النواب يستوجب أن تجيبنا الحكومة على أسئلتنا خلال 15 يوماً، لكن هذا الأمر لم يحصل». وتابع باسيل: «سلام تحدث عن خطط «لم نرها» وأجوبة الحكومة لم تقنعنا وكلّ المداخلات التي انتقدت الحكومة شعبويّة». وأضاف: «مستمرون بمعارضتنا الإيجابية وسنضيء على الممارسات والتقصير»

المصدر: صحف