الخميس   
   27 11 2025   
   6 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 09:06

الصحافة اليوم 27-11-2025

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 27-11-2025 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

سقوط ضحايا في إطلاق نار في واشنطن يفتح النقاش حول نشر الحرس الوطني | كاتس يهدّد بحرب ما لم ينزع السلاح نهاية العام ويعلن إعادة النظر بترسيم البحر | لبنان الرسمي استنفد أدوات الرهان على إنقاذ اتفاق وقف النار للانتقال للسلاح

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية ” لا تبدو أميركا بالقوة التي تعكسها نبرة تصريحات الرئيس دونالد ترامب، حيث تجتمع أزمات مالية خانقة مع أزمة موازنة لم تجد طريقاً للحل رغم تأجيل الأزمة إلى أول العام المقبل، وفي قلب كل ذلك الصراع المحموم على صلاحيات الرئيس وحكام الولايات بعد قرار ترامب نشر الحرس الوطني في ولايات معروفة بولائها للحزب الديمقراطي وينتمي حكامها للحزب الديمقراطي. وقد وصل النزاع حول الصلاحيات الى المحكمة الدستورية العليا، حتى وقع إطلاق النار أمس، قرب البيت الأبيض واستهدف عناصر من الحرس الوطني وأعاد فتح الجدل مجدداً، وكل ذلك يجري في بداية سنة انتخابية سيعاد في نهايتها تشكيل مجلسي الكونغرس، بعدما قالت انتخابات الحكام في ولايات وانتخاب عمدة لأكثر من ولاية، إن الحزب الجمهوري وأنصار الرئيس ترامب يُهزمون وشعبيتهم تتراجع وإن الحزب الديمقراطي يحقق انتصارات عبر جيل شبابي نهض في قلب الحركة الداعمة لفلسطين وغزة.
في المنطقة، وبما يخص لبنان كلام بسقف تهديد مرتفع على لسان وزير الحرب في كيان الاحتلال يسرائيل كاتس، يقول إن حكومته سوف تذهب للحرب على لبنان مجدداً ما لم يتم نزع سلاح المقاومة قبل نهاية العام، مضيفاً بالتزامن مع استضافة رئيس الجمهورية العماد جوزف عون لرئيس الجمهورية القبرصية لتوقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية، ليقول إن حكومة الكيان سوف تعيد النظر باتفاق ترسيم الحدود البحرية مع لبنان، ما يعني أن أي تفاوض يجمع لبنان وحكومة الاحتلال سوف يصطدم بجعل اتفاق الترسيم البحري على الطاولة مجدداً.
لبنان الرسمي الذي فعل كل ما بوسعه لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وإنقاذه، واستنفد كل وسائل السعي لتنشيط آلية مراقبة وقف إطلاق النار، وصولاً إلى إبداء الاستعداد للتفاوض ووضع مستقبل سلاح المقاومة في كل لبنان على طاولة النقاش عملاً بنصائح المبعوث الأميركي توماس برّاك، لكن النتيجة كانت أن الجواب الإسرائيلي لم يكن مشجعاً وجاء أقرب إلى عدم الاكتراث، وحيث لم يحصل لبنان على أي ضمانة بأن التفاوض يحقق الانسحاب ووقف الاعتداءات، خصوصاً مع ما يقدمه المثال السوري عن عدم جدوى الرهان على الدعم الأميركي والعربي والأوروبي للجم الاعتداءات والانسحاب ووقف التوغلات، ولا يبدو أن هناك طريقاً سوى ما سبق واقترحه قائد الجيش وهو تجميد الالتزام بموجبات اتفاق وقف إطلاق النار إلى أن تعود “إسرائيل” للالتزام والتوقف عن تقديم الهدايا المجانية بلا طائل وبلا جدوى.

وفيما تُجرى التحضيرات لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر الأحد المقبل على قدمٍ وساق، انشغلت الأوساط السياسية والرسمية بزيارة وزير الخارجية المصرية بدر عبدالعاطي الذي جال على القيادات اللبنانية، معلناً عن جهود تبذلها القاهرة لتفادي التصعيد. وإذ أشارت معلومات صحافيّة إلى أن عبدالعاطي نبّه خلال عشاء ليل أمس الأول حضره عدد من النواب والشخصيات السياسية، من تجدّد الحرب الإسرائيلية على لبنان والتي لن تقتصر على الضربات الجوّية، فيما أشارت مصادر نيابية لـ»البناء» إلى أن الوزير المصري لم يقدم مبادرة متكاملة للحل إلى لبنان، بل نبّه إلى خطورة الموقف واحتمال توسيع «إسرائيل» عملياتها العسكرية في كل لبنان، ولتفادي هذا العدوان أو التقليل من حجمه، اقترح جملة أفكار على المسؤولين». ووفق المصادر فإن المصريين طرحوا ثلاثة أمور: إنهاء سلاح حزب الله في جنوب الليطاني، احتواء السلاح في شمال الليطاني، وتعهّد الحزب بعدم التدخل بحال تمّ توجيه ضربة عسكرية جديدة لإيران. لكن الحزب وافق على البند الأول وتحفظ على البندين الثاني والثالث.
واستهلّ الدبلوماسي المصري زياراته من قصر بعبدا حيث التقى رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون؛ عبد العاطي أعرب عن الخشية من أيّ احتمالات للتصعيد في لبنان مؤكداً أننا لن نتوقف عن أي جهد لتجنيبه المخاطر.
وأكّد «دعم مصر الكامل لقرارات الحكومة اللبنانية المتعلقة بمسألة حصر السلاح والمقاربات التي يتبنّاها الرئيس جوزاف عون لدعم هذا الهدف»، مشيراً إلى أن «بسط سلطة الدولة أمر مهمّ جداً وهناك تناغم بين الموقفين المصري واللبناني وفق طرح الرئيس عون». وشدد على أن «المطلوب هو البناء على رؤية الرئيس عون لتجنيب لبنان التصعيد». وقال «نوظف شبكة علاقاتنا الإقليمية بكلّ الأطراف للعمل على الدفع لصالح الحل الدبلوماسي»، مضيفاً «نحن معنيون بشكل كامل باستقرار لبنان وبتطبيق القرار الأممي 1701 بكل بنوده وجوانبه».
وانتقل عبد العاطي والوفد المرافق إلى عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وأعلن أنّ بري أكد خلال لقائه معه دعمه الكامل للمبادرة التي طرحها رئيس الجمهورية في ذكرى الاستقلال، مشدّداً على أهميّة التعاون والجهود المشتركة لدعم الاستقرار في لبنان.
ووفق معلومات «البناء» فإنّ الوزير المصري سمع من الرؤساء التزام لبنان الكامل باتفاق وقف إطلاق النار وأن الحكومة اتخذت قرارات جريئة بهذا الخصوص والجيش اللبنانيّ يقوم بدوره وينجز مهامه الموكلة إليه لكن «إسرائيل» لم تنفذ شيئاً وتستمر بعدوانها خارقة كل القرارات الدولية.
بدوره، أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام خلال لقائه وزير الخارجية المصرية والوفد المرافق، أنّ «الجيش اللبنانيّ يقوم بواجبه في تطبيق قرار حصر السلاح بيد الدولة وتنفيذ قرارات الحكومة، إلا أنّ «إسرائيل» تستمر في خرق الاتفاق من خلال الاعتداءات اليومية واحتلال عدد من النقاط في الجنوب». وثمّن «جميع الجهود التي تبذلها مصر لخفض التصعيد». وأكد وزير الخارجية المصري مواصلة بلاده «بذل كل جهد ممكن لحماية لبنان»، وشدّد على أهمية «دعم الجيش اللبناني وتعزيز قدراته للقيام بالمهام الموكلة إليه»، مجدّداً «تأييد القاهرة لقرار الحكومة اللبنانية بحصر السلاح بيد الدولة».
في سياق ذلك، أشار رئيس الحكومة نواف سلام إلى أن المعضلةَ الأساسيّة وهي أن «الإسرائيليّين يقولون إنّهم لا يستطيعون الانسحاب ما لم يتمّ نزعُ سلاحِ حزبِ الله، ويقول حزب الله: كيف يمكننا نزعُ سلاحِنا ما دام الإسرائيليّون لا ينسحبون؟». وأضاف: «يَعرِف حزبُ الله أنّ الأمور تغيَّرت في المنطقة، لكنّه لا يزال يحاول المقاومة»، بحسب تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز.
وأوضح سلام، بحسب تقرير «نيويورك تايمز»، أنّه قال للجنرال الأميركي بانفعال: «لسنا في عام 1914 أو 1915، لمراقبة ما يجري حولك، لستَ بحاجةٍ إلى أن تكون على قمّة تلٍّ يرتفع 700 متر ومعك مناظير أو تلسكوب غاليليو، لدى «إسرائيل» صورُ أقمارٍ صناعيّة وطائراتٌ مُسيَّرة وبالوناتٌ مزوّدة بأكثر الكاميرات تطوّراً على وجه الأرض.»
وفيما شهد الجنوب هدوءاً لافتاً أمس، باستثناء بعض الخروقات البرية، واصل الاحتلال توجيه رسائل التهديد بالحرب، وزعم وزير الحرب في حكومة الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس أنّه «لا يعتقد أن حزب الله سيتخلى عن سلاحه طوعاً»، مضيفاً أن «الأميركيين ألزموا حزب الله على التخلي عن سلاحه حتى نهاية العام ولا أرى أن هذا سيحدث». واعتبر أنّه «إن لم يسلم حزب الله سلاحه فلا مفر من العمل مجدداً بقوة في لبنان». وأشار كاتس إلى أن «اتفاق الحدود البحرية مع لبنان فيه نقاط ضعف وقضايا إشكالية وسنعيد النظر بشأنه مع لبنان». وقال: لبنان لن ينعم بالهدوء دون ضمان أمن «إسرائيل».
في المقابل يتحدّث الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مساء الجمعة المقبل، تكريماً لرئيس أركان الحزب هيثم طبطبائي ورفاقه.
ووجّه الشيخ قاسم أمس، رسالة إلى التعبويين المجاهدين في يوم التعبئة السنوي، مشدّداً فيها على أنّه مهما اشتدّت الأزمات ستنفرج وستنتهي جولة باطل العدوان «الإسرائيلي» الأميركي.
وتابع: «نجاحكم بأن تكونوا الصادقين بإيمانكم، وحبلُ نجاتكم بالولاية، وانتظاركم الفرج يكون على خط الإمام الخميني، وقيادة الولي الإمام الخامنئي، ونهج سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله في مسار المقاومة».
وأكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أنه لم يقدَّم للبنان على المستوى السياسي حتى الآن أيّ طرح يؤدي فعلياً إلى وقف العدوان «الإسرائيلي» عليه، وليس لدينا في لبنان إلاّ الاتفاق الذي مرّ عليه سنة، ورغم كل الخروق والاعتداءات «الإسرائيلية» منذ سنة حتى اليوم، فإنّه لا مجال الآن للنقاش في أي موضوع قبل أن يطبّق هذا الاتفاق، علماً أن ما يُعرض على لبنان، هو إما استمرار القتل أو الاستسلام الكامل للعدو، وكل التنازلات التي قُدّمت على المستوى السياسي اللبناني، لم تقابلها حكومة العدو بأيّ خطوة تجاه لبنان، مشيراً إلى أنّ ما يطرحونه هو أن يستسلم البلد، وصحيح أننا لسنا هواة حرب، ولكن نقول بكل وضوح وصراحة، إننا لن نستسلم لهذا العدو، ولن نسمح للبنان أن يستسلم له مهما كانت التضحيات والأثمان.
الى ذلك، أعلن مستشار المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي أن «وجود حزب الله بات بالنسبة للبنان أهمّ من الخبز اليومي». وقال «حزب الله كان منقذاً للشعب اللبناني وإيران ستواصل دعمه واعتداءات «إسرائيل» تظهر النتائج الكارثيّة لنزع سلاحه بالنسبة للبنان».
في المقابل انبرى وزير الخارجية جو رجي مجدداً للردّ على إيران، ففي حين يتجاهل كل الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان ويتخلّى عن دوره الدبلوماسي كوزير للخارجية لمواجهة العدوان الإسرائيلي في المحافل الدولية، يتفرّد رجي للردّ على السفير الإيراني فقط أو أيّ مسؤول إيراني يطلق موقفاً داعماً للبنان وللمقاومة اللبنانية، فيما يصمّ أذنيه ولا ينطق ببنت شفا حيال التدخلات الأميركية الفاضحة في الشؤون اللبنانية والمشاركة المباشرة تخطيطاً وإدارة وتغطية وتنفيذاً في الحرب الإسرائيلية على لبنان وشعبه ومقاومته!
وأشار، رداً على نظيره الإيراني عباس عراقجي، الى أنني «كنت فعلاً أرغب بتصديق ما تفضلّتم به من أنّ إيران لا تتدخّل بشؤون لبنان الداخلية، إلى أن خرج علينا مستشار مُرشدكم الأعلى ليرشدنا إلى ما هو مهمّ في لبنان وحذّرنا من عواقب نزع سلاح حزب الله».
بدوره، حمل تكتل «لبنان القوي» بعد اجتماعه الدوري برئاسة النائب جبران باسيل «الحكومة مسؤولية الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان»، وشدّد التكتل على أنّ «الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان في كل مناطقه أصبحت نوعاً من الاستباحة المكشوفة لسائر الأراضي اللبنانية، ولذلك تتحمّل الحكومة اللبنانية مسؤولية عدم التحرك، فهي تراقب الاعتداءات كأنها طرف خارجي وتكتفي بتعداد الأضرار وإصدار بيانات الإدانة، بينما هي مسؤولة عن اتخاذ الإجراءات لتنفيذ قرار مجلس الوزراء المتصل بحصرية السلاح والقيام بالحملة الدبلوماسية المطلوبة للدفاع عن حقوق لبنان ومصالحه إزاء الغطرسة الإسرائيلية وهو ما تقصّر به وزارة الخارجية».
شهد القصر الجمهوري اليوم توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص، بحضور الرئيس عون والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس. وأكد الرئيس عون، خلال لقائه خريستودوليدس، أنّ الاحتفال اليوم يحمل معنى إضافياً، إذ يأتي تتويجاً لإنجاز ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين البلدين، ما يفتح المجال أمام لبنان وقبرص لبدء استكشاف ثرواتهما البحرية وتعزيز التعاون المشترك في هذا المجال. وأكد أنّ الالتزام بأصول القانون الدولي يعزّز الصداقات بين الدول، وأنّ جغرافيا المتوسط، كما التاريخ والمستقبل، تجمع بين لبنان وقبرص. من جهته، شدّد الرئيس القبرصي على أهمية هذا التطوّر، واصفاً إياه بأنّه إنجاز استراتيجي يعكس مستوى العلاقات بين البلدين. واعتبر أنّ الاتفاقية تاريخية وتشكل رسالة سياسية واضحة بأنّ قبرص ولبنان مستمران في الاستثمار بتعزيز الثقة والاحترام المتبادل، لافتاً إلى أنها تفتح آفاقاً واسعة للتعاون المستقبلي. وأضاف أن بلاده تتطلع إلى ما ستتيحه هذه الاتفاقية من فرص جديدة لكلا البلدين، خصوصاً في مجال استكشاف الثروات البحرية وتطوير الشراكات الاقتصادية في شرق المتوسط.
غير أن توقيع الإتفاقية من دون عرضها على مجلس النواب، أثار اعتراض بعض النواب، ففي حين أفيد أن النائب علي حسن خليل سيطعن بالاتفاقية، كتب عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص عبر «أكس»: لا يجوز لوزير في الحكومة أن يبرم معاهدة ترسيم حدود بحرية مع قبرص لعدم صلاحيته. الخطأ نفسه يتكرّر مرّة أخرى، ومبدأ فصل السلطات، وهو ركيزة النظام الديمقراطي، يتعرّض للطعن المتكرّر من قبل المسؤولين. بحسب المادة 52 من الدستور أي اتفاق أو بروتوكول تبرمه الدولة اللبنانية مع دولة أخرى وينطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة، لا يكون نافذاً إلا بعد موافقة مجلس النواب”.

الأخبار:

وزير الخارجية المصري «يمهل» لبنان أسابيع: مفاوضات مباشرة في القاهرة… والتسليم أو الجحيم!

وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الأخبار اللبنانية “دقّة اللحظة الراهنة في لبنان تتجلّى من خلال رسائل خارجية، تحذّر من تصعيد شبه محسوم، وتهدّد بـ«نموذج غزة» إذا لم يقبل لبنان بالتسليم.

فالخلية التي عملت مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على صياغة خطة غزة تحت عنوان «الاستسلام أو الجحيم» هي تقريباً نفسها التي تدّعي اليوم بأنها تسعى لاحتواء العاصفة الإسرائيلية المقبلة، عبر الادّعاء بأن الوسطاء يوفّرون قارب نجاة للبنانيين المحكومين بالجحيم نفسه إذا رفضوا التسليم.

خلاصة زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لبيروت أمس، بعد شهر من زيارة مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وما بينهما من حركة دبلوماسية كثيفة، أميركية – سعودية – فرنسية، عكست زيادة لهجة التهديد من تدهور الأوضاع في لبنان.

وعلى طريقة تعاطي ترامب مع «حماس» قبل توقيع اتفاق غزة، نقل عبد العاطي إلى بيروت رسالة تهديد واضحة ومباشرة. وأتت الرسالة، وفق مصادر رفيعة المستوى، «بعدما وصلت إلى المعنيين في لبنان، قبل أيام، معلومات عن مبادرة مصرية تقوم على تجميد وظيفة السلاح والتعهّد بعدم القيام بأي أعمال عدائية ضد إسرائيل، مقابل بدء الانسحاب من بعض النقاط التي احتلّها العدو والإفراج عن عدد من الأسرى، تمهيداً للمسار التفاوضي، وهو ما سبق أن أبلغه اللواء حسن رشاد للمسؤولين اللبنانيين».

غير أن المسؤولين اللبنانيين فوجئوا بأن ما حمله عبد العاطي كان مختلفاً، ومتقدّماً خطوة في دعم المطلب الإسرائيلي، إذ انتقل الوزير المصري من مبدأ «تجميد السلاح» إلى «نزع السلاح» في كل لبنان، على أن يبدأ التنفيذ فوراً في المنطقة الممتدّة من جنوب الليطاني حتى نهر الأولي.

وفي زيارته التي وصفتها المصادر بأنها «غير موفّقة»، تحدّث عبد العاطي بلا مواربة أمام من التقاهم، قائلاً إن «على لبنان أن يبدأ بنزع السلاح شمال الليطاني، وإن المطلوب لبنانياً إيجاد مخرج عملي مع حزب الله، يبدأ على الأقل بإعلان نوايا واضح من الحزب بالاستعداد لتسليم السلاح». كما وجّه «دعوة للتفاوض المباشر مع الإسرائيليين في القاهرة»، محذّراً من «تصعيد إسرائيلي صار محتوماً قبل نهاية العام الجاري».

وقد شكّل كلام الضيف المصري مفاجأة للمسؤولين اللبنانيين، إذ «كان متوقّعاً منه كوسيط أن يقدّم شيئاً للبنان بالمقابل، لكنه بدا داعماً للمطالب الإسرائيلية بنزع السلاح قبل أيّ اتفاق». وقد عبّر رئيس الجمهورية جوزيف عون عن استغرابه أمام محيطه قائلاً، إن عبد العاطي «لم يحمل معه أي جواب على مبادرة لبنان، بل جاء بمزيد من المطالب». وردّ عون على ضيفه مؤكّداً أن «لبنان ملتزم بكامل مندرجات اتفاق وقف الأعمال العدائية، والجيش اللبناني ماضٍ في تنفيذ خطته لحصر السلاح بيد الدولة، على مراحل، ويطّلع مجلس الوزراء على تفاصيلها».

ونقل عبد العاطي الرسالة نفسها إلى رئيسَي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام، مؤكّداً أن «لا حدود للتصعيد الذي قد تلجأ إليه إسرائيل»، في حين سمع من بري الكلام نفسه عن التزام لبنان بالاتفاق وما يقوم به الجيش اللبناني.

وفي عشاء أول من أمس، استضافه السفير المصري علاء موسى، ودُعي إليه عدد من النواب المستقلّين والتغييريين ومن كتل نيابية مختلفة، وغاب عنه ممثّلون عن كتلة «الوفاء للمقاومة» والكتائب والمردة، نقل عبد العاطي الأجواء الإقليمية والدولية التحذيرية ذاتها، مؤكّداً أن «الخوف على لبنان كبير، وأن الوضع قد يتدهور سريعاً».

وبحسب معلومات «الأخبار»، ركّز عبد العاطي على ثلاث نقاط رئيسية، هي «سحب السلاح بالكامل جنوب الليطاني، والبدء بنزعه من شمال الليطاني مع الالتزام بعدم القيام بأيّ عمل عدائي تجاه إسرائيل، ثم الدخول في مفاوضات مباشرة مع إسرائيل في القاهرة برعاية سعودية – أميركية». وقد حرص الوزير المصري على أن يسمع الحاضرون قوله بصوت مرتفع: «لقد ناقشت الأمر مع مسؤولين إسرائيليين، وأبلغوني بأنهم اتخذوا قراراً بتنفيذ ضربة ضد لبنان لن تقتصر على الهجوم الجوي فقط، بل تشمل أيضاً عملية برية وضرب أهداف بالمئات».

أوساط مطّلعة اعتبرت أن الدبلوماسية المصرية المكثّفة تجاه بيروت وممارسة هذا الضغط مرتبطتان بالهواجس المصرية من احتمال أن يؤدّي أي تصعيد إسرائيلي ضد لبنان إلى تصعيد موازٍ في غزة، قد يهدّد اتفاق غزة ويعيد إلى الواجهة مشاريع تخشاها مصر، ولا سيما تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء، أو دخول قادة من حماس إلى القاهرة، مع حدوث مناوشات على الحدود تُجبِر مصر على الرد، ما يضع الجبهة أمام خطر الانفجار.

وهذا يعني أن القاهرة تسعى من خلال «التهدئة في لبنان» إلى حماية الاتفاق في غزة وحفظ مصالحها الإقليمية، علماً أن وزير الخارجية المصري لدى سؤاله عن احتمال إرسال قوات مصرية إلى غزة، أكّد أن «ذلك غير وارد، وأن مصر ستضع قواتها على الحدود مع غزة لحمايتها من الجانبين».

وفي السياق نفسه، ساد التكتّم أجواء السفارة المصرية في لبنان، وكذلك حزب الله، بشأن لقاء جرى الحديث عنه بين الجانبين بعيداً عن الإعلام.

“إسرائيل” تريد إعادة النظر في اتفاقية الحدود البحرية
أرجأت لجنة الـ«ميكانيزم» اجتماعاً لها كان مُقرّراً إلى ما بعد انتهاء زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان الأسبوع المقبل، على أن تشارك فيه المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس، فيما تواصل إسرائيل تهديد لبنان بجولة قتال جديدة ما لم يسلّم حزب الله سلاحه. فقد أكّد وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس أنه «إذا لم يسلّم حزب الله سلاحه، فلا مفر من العمل مجدّداً بقوة في لبنان». وأشار إلى أن «الأميركيين ألزموا حزب الله بالتخلّي عن سلاحه حتى نهاية العام، ولا أرى أن هذا سيحدث»، مضيفاً: «لا أعتقد أنه سيتخلى عن سلاحه طوعاً»، لافتاً إلى «إمكانية إعادة النظر» في اتفاقية الحدود البحرية مع لبنان.

وقدّم تقرير موسّع صادر عن مركز «ألما» الإسرائيلي، المرتبط بمصادر استخباراتية، «صورة قاتمة» على حدّ وصفه لواقع الدولة اللبنانية ووضع حزب الله «بعد عام على الحرب الإسرائيلية التي استهدفت البنية العسكرية للحزب في الجنوب وألحقت بها خسائر كبيرة». وأكّد التقرير أن لبنان بات يعمل «كقشرة فارغة، بينما يواصل حزب الله تثبيت حضوره كدولة داخل الدولة»، مشيراً إلى أن الحزب «يمتلك حالياً ما بين 15 و20 ألف صاروخ وقذيفة، بينها صواريخ دقيقة»، وقدّر المركز أن هذا العدد هو «ما تبقّى من مخزون أصلي كان يبلغ نحو 75 ألف صاروخ»، وأن الحزب «نقل مركز ثقله اللوجستي إلى البقاع، مع الاعتماد على التصنيع المحلي والأنفاق لتجاوز استهداف خطوط الإمداد»، مؤكّداً أن الحزب «أقوى اقتصادياً وعسكرياً من الدولة اللبنانية نفسها».

وفي تقرير حول «الوضع الداخلي في لبنان»، قدّم رئيس الأركان أيال زامير تَقْديراً مفاده أن «فرص نجاح لبنان في تجريد حزب الله من سلاحه ضئيلة للغاية، بل تكاد تكون معدومة». وأضاف التقرير أن «حزب الله، رغم الضربة القاسية التي تلقّاها من الجيش، يمكنه بسهولة إن أراد السيطرة مجدّداً على لبنان، وأن الأمر يرتبط فقط بقرار يتّخذه الحزب نفسه»”.

عام على وقف إطلاق النار: «قرى الشعب» تتلمّس العودة… ولو إلى خيمة

وتحت هذا العنوان كتبت الأخبار “خلال أيام، يطلق مجلس الجنوب ورشة ترميم مدرسة مروحين الرسمية الواقعة في مزرعة أمّ التوت المجاورة، بعد انتهاء أعمال الترميم في مبنى المدرسة الرسمية في بلدة البستان. ولأنه لا يتوافر عدد كافٍ من الطلاب للالتحاق بالمدرستين الواقعتين على بُعد أمتار من موقع للاحتلال في بركة ريشا، سيتحوّل المبنيان إلى مركزَيْ إيواء لاستقبال عدد من العائلات النازحة من المنطقة.

بعد عام كامل على وقف إطلاق النار، لا تزال مروحين والبستان وسائر ما تُعرف بـ«قرى الشعب» (الضهيرة، يارين، الزلوطية وأمّ التوت) خالية من سكانها. البلدات الحدودية الصغيرة، من علما الشعب إلى جبل بلاط المحتل، لم يطرأ عليها أيّ تغيّر منذ الانسحاب الإسرائيلي منها نهاية العام الماضي: أكوام من الركام نجا منها عدد قليل جداً من الأبنية التي استخدمها جنود العدو مراكز عسكرية.

ومع ذلك، لا يبدو أن الأهالي سيقبلون بتمديد نزوحهم الذي شتّتهم بين المنصوري وبئر حسن وصولاً إلى البقاع وطرابلس. وتشهد كل من هذه البلدات محاولات فردية لإعادة الحياة إليها، استباقاً لتهديدات إسرائيل بتحويل الشريط الحدودي إلى منطقة عازلة.
أنهت أديبة فنش عامين في مدرسة صور الرسمية التي لجأت إليها بعد اشتداد العدوان على الضهيرة. المدرسة، إلى جانب ثانوية البنات والمعهد الفني والمدرسة الألمانية، تحوّلت إلى مراكز إيواء تُشرِف عليها لجنة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور. بعد وقف إطلاق النار، بقيت فيها 67 عائلة، معظمها من الضهيرة ويارين، وعائلة واحدة من البستان. وبرغم محاولات وزارة التربية والاتحاد إخراجها لاستكمال العام الدراسي، رفضت العائلات لعدم توافر أي بديل.

في جولة على الضهيرة وجاراتها، أشارت أديبة إلى الطريق المُغلق بالركام المؤدّي إلى منزلها، بعدما نسفت قوات الاحتلال منازل الحي عقب وقف إطلاق النار. تقول: «حاولنا إزالة الركام لفتح الطريق على نفقتنا الخاصة، لعلّنا نتمكّن من تشييد غرفتين فوق أنقاض منزلنا. سائق الجرافة الوحيد الذي قبل بالمخاطرة والعمل تحت تهديد المحلّقات والقنص، طلب مبلغاً كبيراً لا نملكه».

في حي ضيّقه ركام المنازل، وحيث رُفعت فوق ركام المنازل أعلام لبنانية ورايات بيضاء، شيّدت نظمية الياسين غرفتين بجوار منزلها المُدمّر، بعدما أعطت علماً لـ«اليونيفل» والجيش اللبناني حرصاً على سلامة العمال. بعد إنجاز البناء، تشعر بالوحشة في البلدة المهجورة، حيث حاول آخرون تشييد غرف أو تركيب أخرى جاهزة، لكنها تعرّضت للاستهداف.

في يارين المجاورة، ليس هناك منزل واحد قائم. على المثلث المؤدّي إلى الجبين والزلوطية، أعاد بلال القاسم ترميم دكانه ضمن الـ«سنتر» المتضرّر، واقتطع منه زاوية للمنامة. لكنه، قبل حلول المساء، يقفل دكانه ويعود للمبيت مع عائلته في صور، ليعود في اليوم التالي. يقول: «بحلول المساء، تزداد الوحشة في المنطقة ولا تبقى حركة إلا للحيوانات البرية».

أمّا في البستان، فتتبدّد مشاهد الركام تدريجياً، مع توالي ورش البناء منذ نيسان الماضي فوق أنقاض المنازل. حتى الآن، عادت خمس عائلات، من عائلة شما المصطفى لإعادة زراعة كروم الزيتون التي اقتلعتها قوات الاحتلال، كما عادت نهاد الكاظم مع مواشيها. وتتطلّع لافتتاح المدرسة كمركز إيواء لعودة خمسين عائلة كانت تقيم بشكل دائم في البلدة قبل العدوان.

في أمّ التوت المقابِلة، وحدها عائلة أبو هدلا شيّدت غرفاً بجانب الخيم الزراعية التي تملكها في محيط المدرسة. بين أمّ التوت ومروحين، أكثر من ثلاثين منزلاً بحاجة إلى الترميم، إلا أن الأهالي يخشون العودة بسبب احتلال العدو للأطراف الجنوبية والشرقية للمثلث الممتدّ من زرعيت إلى جبل بلاط.

وفي جولتها على العائدين، تمنّت أديبة فنش لو تبقى هناك ولو في خيمة، وألّا تعود إلى غرفة الصف في مدرسة صور، مردّدة: «من ترك داره قلّ مقداره».

لا ثقة بالدولة
أنجز مجلس الجنوب، بالتعاون مع بلدية البستان، ترميم المدرسة الرسمية في البلدة، إلّا أن تجهيزها كمركز إيواء لا يزال ينتظر موافقة وزارة التربية، التي ترفض تكرار تجربة مدارس صور ورفض النازحين مغادرتها، وهو ما يدفع فاعليات محلية إلى التلويح بتحويل المدرسة إلى مركز إيواء بالقوة في حال لم يجد النازحون بديلاً مناسباً.

رئيس بلدية مروحين محمد غنام قال لـ«الأخبار»، إن فريقاً من مجلس الجنوب سيحضر نهاية الأسبوع الجاري لاستكمال الكشف على مبنى المدرسة الذي خُصِّص له مبلغ للترميم، لاستخدامه إمّا كمدرسة أو كمركز إيواء في حال طال انتظار صرف التعويضات وإعادة الإعمار. وأضاف أن المجلس سيسلّم غرفة جاهزة لاستخدامها كمقر مؤقّت للبلدية.

من جهته، حوّل رئيس بلدية يارين عدنان أبو دلة مستوصف البلدة إلى مقر للبلدية كخطوة أولى لتثبيت العودة، مشيراً إلى أن المنطقة حالياً «خالية من البشر وليس فقط من السلاح، لكن لن نرضخ لهذا المصير». وفي ما يتعلق بأزمة النازحين من عائلات البلدة في مرافق الإيواء (21 عائلة)، أشار إلى عرض وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد بتقديم 300 دولار لكل عائلة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لتسعة أشهر، مقابل موافقتها على إخلاء مدارس صور، إلا أنّ العائلات رفضت العرض «لعدم ثقتها بالدولة التي قد تدفع شهراً وتتوقّف عن الدفع»”.

طوباس بعد جنين وطولكرم: العدو يجدّد حرب الإبادة على الضفة

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “ليست العملية العدوانية التي بدأها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس، في محافظة طوباس شمالي الضفة الغربية، هي الأولى من نوعها، لكنها قد تكون الأوسع والأقسى، وفق ما يُظهره، في الحدّ الأدنى، الاستنفار العسكري الضخم في المدينة والبلدات المجاورة. وقال محافظ طوباس، أحمد أسعد، في بيان مقتضب عقب الإعلان عن العملية، إنّ الأخيرة «تهدف إلى فرض وقائع جديدة والسيطرة على أراضٍ فلسطينية، وتقطيع أوصال المحافظة وتدمير بنيتها التحتية».

وكانت قوات الاحتلال بدأت، قبل أكثر من 10 أشهر، عملية عسكرية لا تزال مستمرّة في مدينتَي طولكرم وجنين، أسفرت عن تدمير مخيّمات جنين وطولكرم ونور شمس، وطرْد أكثر من 40 ألف لاجئ منها، ونسف مئات المنازل فيها، وتجريف بنيتها التحتية. ومنذ ذلك الحين، تخضع المخيّمات لحصار مشدّد، يمنع جيش العدو بموجبه السكان من العودة إليها. وفي هذا الجانب، أعرب أسعد عن خشيته من نيّة الاحتلال تكرار السيناريو نفسه في طوباس، وتحديداً تهجير سكان مخيم الفارعة، تنفيذاً للخطّة الإسرائيلية الرامية إلى طمس قضيّتَي العودة واللاجئين.

وما يجري في مدينة طوباس، ينطبق على بلداتها أيضاً، من مثل عقابا وطمون وتياسير وغيرها، حيث فَرضت قوات الاحتلال حظراً للتجوال في طمون وقطعت عنها الكهرباء، فيما اقتحمت أحياءها بعشرات المدرّعات والآليات تحت غطاء من المسيّرات، فضلاً عن تشريد عدّة عائلات لتحويل منازلها إلى ثكنات عسكرية.

وفي أثناء الساعات الأولى من بدء العملية العسكرية، احتجز جنود العدو عدداً من الفلسطينيين، بينما سُجّلت إصابات في صفوف الأخيرين جرّاء الضرب المبرح على أيدي الجنود؛ إذ، وفقاً للهلال الأحمر، فإنّ طواقمه تعاملت، حتى ظهر أمس، مع 10 إصابات بفعل تلك الاعتداءات، تمّ نقل 4 منها إلى المستشفى. وأشار الهلال إلى أنه جرى كذلك نقل 30 مريضاً، من بينهم 20 حال غسيل كلى، ومريض متوفّى داخل منزل، إلى المستشفى، مضيفاً أنّ طواقمه تواجه عرقلة في نقل المرضى. ومع ساعات المساء، أفاد الهلال بإصابة مسنّ فلسطيني نتيجة الاعتداء عليه بالضرب في طوباس، مضيفاً أنّ جنود العدو يمنعون طواقمنا من الوصول إلى طفل مصاب بحروق في بلدة تياسير، وأنهم اعتقلوا مصاباً من داخل سيارة إسعاف في بلدة طمون.

وسبقت ذلك مداهمة قوات الاحتلال منازل المواطنين والعبث بمحتوياتها وتدميرها إياها، في وقت عملت فيه الجرّافات على إغلاق عدد من الطرق الرئيسة والفرعية في طوباس وعقابا وطمون، بالسواتر الترابية، مشدّدةً من إجراءاتها العسكرية على حاجزَي تياسير والحمرا العسكريَّين المحيطَين بالمحافظة، توازياً مع تحليق مكثّف للطائرات المروحية. وزعم جيش العدو، في بيان، أنّ العملية العسكرية في شمال الضفة جاءت بعدما رُصد في أثناء الأسابيع الماضية، ارتفاع في محاولات تنفيذ عمليات، ومحاولات إعادة تشكيل كتائب مسلحة.
وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية بأنّ ثلاثة ألوية من الجيش، هي: «منشة» و«الشومرون» و«الكوماندوز»، تشارك في عملية طوباس، التي تستهدف «تعزيز السيطرة على المنطقة». ووفقاً لمحافظ طوباس، فإنّ الجهات الإسرائيلية أَبلغت الجهات الفلسطينية بأنّ العملية العسكرية في المحافظة ستستمرّ لأيام عدّة، وبأنّ هدفها المعلن هو ملاحقة مواطنين فلسطينيين. لكنّ أسعد أكّد أنّ «طوباس خالية من أيّ مطلوبين»، معتبراً أنّ استهدافها هو بسبب موقعها الجغرافي وقربها من الأغوار الشمالية، لافتاً إلى أنّ التعزيزات العسكرية الإسرائيلية أدّت إلى شلّ حركة السكان في المحافظة.

يُذكر أنّ عدوان «الأسوار الحديدية» انطلق في نهاية عام 2024 في جنين، وامتدّ لاحقاً إلى مخيمات الفارعة وطولكرم ونور شمس، وتبعته سلسلة عمليات متقطّعة في شمال الضفة، هدفت إلى ترسيخ مشروع الاحتلال الأمني، والمتمثّل في وجوده الدائم في المنطقة. ومن هنا، فإنّ العملية الجارية في طوباس لن تكون الأخيرة، إذ يُتوقّع أن تصعّد إسرائيل من مثل هذه العمليات في أثناء المدّة المقبلة، وذلك في إطار استراتيجية متكاملة تشمل توسيع الاستيطان، ومضاعفة مصادرة الأراضي، وتكريس إسرائيل كحاكم مباشر على الأرض، بما يحقّق الضمّ الفعلي من دون الحاجة إلى إعلانه.

وبات واضحاً أنّ إسرائيل تتعلّل بالذرائع الأمنية لتمرير عدوانها على مدن الضفة ومخيّماتها، والذي يستهدف تعميق معاناة الفلسطينيين، وجعل حياتهم شبه مستحيلة، واستنزاف بنيتهم المجتمعية بما يضعف قدرتهم على الصمود والمقاومة. وتطاول العملية العسكرية الأحدث خمس مناطق رئيسة، هي: طوباس، طمون، وتياسير، وعقابا، ومخيم الفارعة، والتي تسمّيها إسرائيل «مخمس القرى» وتتعامل معها كمنطقة عسكرية واحدة.

وإبّان الانتفاضة الثانية، برزت طوباس باعتبارها ساحة المقاومة الرئيسة في الضفة، وقد استعادت هذا الزخم منذ عام 2023، مع ظهور مجموعات مقاوِمة فيها، من مثل كتيبتَي «طوباس» و«طمون»، على غرار كتيبتَي «جنين» و«طولكرم»، في حين شهدت المنطقة عمليات فدائية بارزة، رغم الانتشار الأمني الإسرائيلي الواسع فيها، الذي يراعي دائماً موقعها الجغرافي المحاذي للحدود الشرقية لفلسطين. كما شهدت محافظة طوباس، في أثناء العامَين الماضيين، عدّة هجمات عسكرية، كان أبرزها «الجدار الحديدي» في كانون الثاني الماضي، وتعرّضت لعمليات قصف واغتيال أيضاً، أبرزها مع بدء هذا العام في بلدة طمون، والتي استشهد فيها 10 مقاومين، من بينهم قائد كتيبة «طمون».

ودانت حركة «حماس» العملية العسكرية الإسرائيلية الأحدث في طوباس، والتي «تكشف عن حجم الإجرام المنهجي الذي تمارسه حكومة الاحتلال المتطرّفة، ضمن سياسة معلنة هدفها سحق أيّ وجود فلسطيني، وصولاً إلى السيطرة الكاملة على الضفة». وأضافت أنّ تلك الإجراءات، بما في ذلك حظر التجوال وإغلاق المدن والبلدات، ما هي إلّا امتداد «لمخطّطات الضمّ والتهجير» التي يسعى الاحتلال إلى تنفيذها عبر تحويل مدن الضفة إلى «مناطق محاصرة ومقطّعة الأوصال»، وعرقلة أيّ مظاهر للحياة الطبيعية. وتابعت الحركة أنّ «العدوان المتواصل لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني ولا عزيمة المقاومين»، مؤكّدة أنّ الفلسطينيين سيواصلون صمودهم ورفضهم «لمشروع السيطرة الاستعمارية».

من جانبها، قالت حركة «الجهاد الإسلامي» إنّ عملية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة هي «عدوان ممنهج جديد على أبناء شعبنا، في إطار مخطّط الكيان الذي يهدف إلى إفراغ الضفة من أهلها وتهجيرهم والسيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم». وأضافت أنّ «عدوان الاحتلال يتزامن مع مساعي إقرار قوانين الضمّ بما يتيح للمستوطنين استملاك أراضٍ في الضفة»”.

حرب نفسية أميركية شرسة ضدّ فنزويلا: «الصقور» يستعجلون التدخّل

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “قبيل غزو العراق عام 2003، عمدت الطائرات التابعة للقوات الأميركية إلى إلقاء منشورات فوق البلاد، تتضمّن تحذيرات للقوات العراقية من إطلاق النار على الطائرات الأميركية، ونصائح إلى المواطنين بمتابعة البثّ الإذاعي الأميركي. وفي عمليات «ترهيب» مماثلة، عمد البنتاغون، خلال غزو بنما عام 1989، إلى محاصرة زعيم البلاد آنذاك، مانويل أنطونيو نورييغا، عقب لجوئه إلى سفارة الفاتيكان للاحتماء بها، بموسيقى الروك «والميتال» الصاخبة طوال أيام عدّة، وذلك بهدف إجباره على تسليم نفسه. واليوم، تكرّر واشنطن الاستراتيجية ذاتها ضدّ الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، والتي بلغت، على ما يبدو، أعلى مستوياتها، ولا سيما عقب نقل وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين قولهم إن الولايات المتحدة تستعدّ لإطلاق «مرحلة جديدة» من العمليات المتعلقة بفنزويلا في الأيام المقبلة، على أن تشكل «الإجراءات السرية» الجزء الأول منها.

ولا يستبعد مراقبون أن تشمل «العمليات النفسية» (PSYOP) التي لا تزال واشنطن تعتمدها ضدّ فنزويلا حتى اللحظة، هجمات تخريبية – من مثل تفجير محوّل كهرباء في جزء من البلاد -، سيكون من الصعب تحديد ماهيّتها؛ إذ قد تبدو مجرّد نتيجة لسنوات من سوء الصيانة، وهو ما من شأنه تعميق حالة التشوّش لدى السكان. كما أن الكشف عن تفويض للـ«سي آي إيه» بشنّ عمليات ضدّ مادورو، جنباً إلى جنب مضاعفة مكافأة القبض على الأخير، يهدفان، من بين جملة إجراءات أخرى، إلى تعزيز الضغط النفسي، وتحفيز المسؤولين أو القادة العسكريين على الانفصال عن النظام. كذلك، كان لافتاً نشر «واشنطن بوست» تقريراً، في وقت سابق، تفيد فيه بأن البيت الأبيض اقترح أن تقوم طائرات عسكرية أميركية بإسقاط مناشير فوق كاراكاس. ورغم تخطّي الموعد المتوقع لتلك العملية، التي كان من المفترض أن تتزامن مع يوم عيد ميلاد مادورو الأحد، إلّا أن واشنطن لن تتخلى، على الغالب، عن استراتيجيتها الهادفة إلى دفع الرئيس الفنزويلي إلى «الفرار» عبر التضييق عليه؛ علماً أنها صنّفت، الإثنين، رسمياً، «كارتل دي لوس سولز» الفنزويلي كمنظمة إرهابية أجنبية، وفرضت عقوبات إضافية تتعلّق بالإرهاب على الجماعة التي قالت إنها تضمّ مادورو ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى، في إجراء وصفته الحكومة الفنزويلية بـ«السخيف»، نظراً إلى أنه يستهدف مجموعة «غير موجودة».

على الخطّ نفسه، نشر «مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية» توصيات باللجوء إلى «جملة من الألعاب» المتاحة، والتي «يمكن الفوز بها» بعيداً من الحرب. ومن بين تلك «الألعاب»، استخدام محرّكات الذكاء الاصطناعي لرصد «التغيرات» أو التوجهات في الرأي العام الفنزويلي تجاه حكومة مادورو، بما يتيح كسب «حرب المعلومات»، ولا سيما أن الشعوب المحلية «لم ترحّب»، تاريخياً، بالدخول العسكري الأميركي إلى أراضيها، حتى عندما كانت هناك «مبررات» قانونية، وهو ما لا ينطبق، حتى اللحظة، على كاراكاس. مع ذلك، وفي حين تدعو بعض الأصوات في الداخل الأميركي إلى تجنّب خوض «مغامرة عسكرية» إضافية، تهدف إلى قلب النظام في دولة جديدة عبر القوة العسكرية، مشدّدة على ضرورة الاستمرار في اعتماد التضييق الاقتصادي والترهيب النفسي وغيرها من الأدوات غير الحربية للإطاحة بمادورو، فإن بعض «الصقور» يشجّعون، بشكل متزايد، على اللجوء إلى الخيار العسكري. ومن بين هؤلاء، نائب مستشار الأمن القومي في عهد جورج بوش، والممثل الخاص لفنزويلا خلال ولاية ترامب الأولى، إليوت أبرامز، الذي نشر تقريراً في مجلة «فورين أفيرز»، في الأيام الماضية، جاء فيه أن انتصار المعارضة الديموقراطية وترامب، ونهاية النظام، «غير مضمونين».

وإذ يمكن أن يؤدي إبقاء الأسطول الأميركي في مكانه وتشديد العقوبات الاقتصادية، إلى تخفيض دخْل النظام بشكل مطّرد، والحدّ، بالتالي، من قدرته على «شراء الدعم»، إلا أن «النظام تمكّن لعقود من حماية نفسه من الانقلاب بمساعدة هائلة من كوبا». وعليه، يرى أبرامز أن «مجرد (تجويع) هذا النظام لن يكون كافياً، بل يجب إجباره على الخروج من السلطة بضربات عسكرية، بهدف هدم هياكله، بما في ذلك في الجيش، ووضعها في حالة من الفوضى والخوف على مستقبلها». وفي حين يشترك أبرامز مع غيره من المسؤولين الأميركيين المناهضين لكاراكاس، بالمحاججة بضرورة «مكافحة تدفق المخدرات»، إلا أنه يقرّ بأن الإطاحة بمادورو من شأنها أن «تعزّز مصالح واشنطن، وتحمي الأمن القومي الأميركي، وتفيد الفنزويليين وجيرانهم». كما يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الهجرة إلى الولايات المتحدة، «والمزيد من الحرية والازدهار في فنزويلا، وإنهاء تعاونها مع الصين وكوبا وإيران وروسيا، والذي يمنح الدول المعادية لمصالح الولايات المتحدة قاعدة عمليات في البرّ الرئيسي لأميركا الجنوبية».

ومن هنا، يرى المسؤول الأميركي السابق أنه «يتعيّن على إدارة ترامب أن تنهي حالة الغموض، وأن توضح أنها تعتزم التعامل ليس فقط مع أعراض المشكلة، أي الإتجار بالذهب والمخدرات والبشر والهجرة الجماعية وجرائم العنف وعدم الاستقرار، بل مع سببها الجذري، أي نظام مادورو». وينبّه أبرامز إلى أن إعلان ترامب، نهاية الشهر الماضي، في مقابلة تلفزيونية، أن أيام مادورو «باتت معدودة»، جعل الرئيس الأميركي وإدارته أمام خطر جديد؛ إذ إنّه عقب العدد الكبير من التعهدات واستعراض القوة البحرية، فإن ترك مادورو في مكانه سيضع الأخير في مظهر «الناجي» الذي تفوّق على ترامب، وأظهر أن النفوذ الأميركي في نصف الكرة الغربي هو، في أحسن الأحوال، محدود. وطبقاً للمصدر نفسه، وفي حين لن يخلو استخدام القوة العسكرية الأميركية للإطاحة بمادورو من المخاطر، نظراً إلى إمكانية أن يفشل في إنهاء النظام ويحرض على التمرّد ضدّ الولايات المتحدة، إلا أن التغيير لن يتطلّب، طبقاً لأبرامز، «أيّ انتشار بري للقوات الأميركية، باستثناء الغارات التي تشنها القوات الخاصة ضدّ شخصيات النظام التي وُجهت إليها بالفعل اتهامات بالإرهاب المرتبط بالمخدرات، من قبل أجهزة إنفاذ القانون الأميركية». وبالتالي، فإن «المكاسب المحتملة التي قد تجنيها الولايات المتحدة من انهيار نظام مادورو تفوق المخاطر بكثير»”.

المصدر: الصحف اللبنانية