الجمعة   
   07 11 2025   
   16 جمادى الأولى 1447   
   بيروت 22:57

ندوة في المجلس الشيعي عن تطبيق اتفاق الطائف ..الخطيب: لمؤتمر حوار وطني جامع يضع أسس استكمال تطبيق مندرجاته

أقيمت في مقر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الحازمية، ندوة بعنوان “تطبيق اتفاق الطائف .. إخفاقات وتحديات”، برعاية نائب رئيس المجلس العلامة الشيخ علي الخطيب، وبدعوة من مركز الدراسات والأبحاث في المجلس، حاضر فيها الوزراء السابقون: سمير الجسر، زياد بارود وعباس الحلبي والرئيس السابق للجامعة اللبنانية الدكتور زهير شكر، وأدارها الدكتور جهاد بنوت.

وحضر الندوة ممثل رئيسي الجمهورية العماد جوزاف عون ومجلس الوزراء الدكتور نواف سلام رئيس لجنة الاقتصاد والصناعة النائب فريد البستاني، الرئيس فؤاد السنيورة، ممثل الرئيس سعد الحريري الدكتور محمد الحجار، ممثل الرئيس تمام سلام نجله صائب سلام، سفير مصر علاء موسى، النائبان أيوب حميد وياسين ياسين، المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، نائب السفير السعودي حسين المعمادي، القائم بأعمال سفارة الجزائر، المستشار في السفارة الإيرانية في بيروت ميسم كهرماني، ممثل الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم غالب أبو زينب، شخصيات سياسية وديبلوماسية وقضائية وعسكرية وأمنية وأكاديمية ودينية واجتماعية وإعلامية.

وتزامنت الندوة مع جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا، ما حال دون مشاركة العديد من الوزراء الذين كانوا أبدوا رغبتهم بالحضور.

الخطيب
افتتحت الندوة بالنشيد الوطني، فكلمة نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الذي قال: “أود بداية أن أرحب بكم جميعا في هذا الصرح الكريم الذي أراده سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر، ملتقى وطنيا للبنانيين جميعا، قياسا إلى رؤيته الوطنية وشعاره الشهير: لبنان وطن نهائي لجميع بنيه”.

اضاف: “نلتقي اليوم بدعوة كريمة من مركز الدراسات والأبحاث في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، في باكورة نشاطاته التي تجمع اليوم نخبة وطنية كريمة، وأخوة أشقاء لنا كانت لهم أياد بيضاء في إنتاج حل وطني للبنان قبل ستة وثلاثين عاما، لكننا للأسف كلبنانيين لم نمحض هذا الحل محله وقدره من الإهتمام لإخراج البلاد من أزماتها المتراكمة.
لقد كان اتفاق الطائف تسوية لوقف الحرب، مفتوحة على إصلاح سياسي وإداري واجتماعي، كان يمكن أن يحقق استقرارا مستداما لو تم تطبيقه بالكامل”.

وتابع: “ما جرى أننا أوقفنا الحرب –أو هكذا توهمنا– ونظمنا السلطات، لكننا أهملنا الحل، وها نحن اليوم ندفع الأثمان الباهظة في كل المجالات نتيجة هذا الواقع. والحقيقة أنني لا أريد أن أدخل في التفاصيل التي أتركها للمحاضرين الكرام، لكننا كمكوِّن وطني في هذا البلد، أرغب في تظهير رؤيتنا بكل صراحة وموضوعية ووضع بعض النقاط على الحروف:

أولا: إن اتفاق الطائف بالنسبة لنا هو المخرج الوحيد للحل الوطني الجامع في لبنان، وهو المدخل إلى قيام الدولة القائمة على المواطنة التي لطالما نادينا بها. فنحن لم يكن وليس لدينا الآن أي رؤية وطنية خارج هذا الاتفاق، وليس لدينا مشروع سياسي مستقل خارج الإجماع الوطني. ولذلك ندعو إلى تطبيقه كاملا من دون زيادة أونقصان.
ثانيا: إنطلاقا مما تقدم، ندعو إلى مؤتمر حوار وطني جامع برعاية فخامة رئيس الجمهورية، يضع الأسس الضرورية لاستكمال تطبيق مندرجات هذا الاتفاق، وهي واضحة تمام الوضوح، وقد باتت دستورا للبلاد، وتحويل هذا الاتفاق من شقه الأمني والتنظيمي إلى شقه الإصلاحي.
ثالثا: نناشد الأخوة العرب الذين رعوا هذا الاتفاق، لا سيما المملكة العربية السعودية والدول الشقيقة، دعم هذا الحوار وعدم ترك لبنان في مهب الرياح، ونحن بصراحة مطلقة ومن دون عقد، نعوّل على دور المملكة، وكذلك مصر الشقيقة في هذا المجال.
رابعا: وبانتظار الظروف المناسبة لهذا المؤتمر، لا بد من العمل على تصحيح الوضع القائم الآن نتيجة العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، وذلك من خلال بذل أقصى الجهود لتحقيق الأهداف الآتية:
1- تأمين الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللبنانية .
2- بسط سيادة الدولة على كامل البلدات الحدودية، وعودة أهلنا إلى منازلهم أعزاء كراما.
3- البدء بمسيرة الإعمار في كل المناطق التي تعرضت للتدمير والأضرار.
4- الإفراج عن جميع الأسرى اللبنانيين لدى الكيان الصهيوني”.

واردف: “بناء على ما تقدم نقترح تشكيل لجنة متابعة لتحريك هذا الملف بصورة فاعلة لتحقيق الاهداف المطلوبة”.

وختم: “أتوجه إلى جميع اللبنانيين، فأقول إن لبنان لنا جميعا وإن أكثر ما يؤذي الوطن هو الإنقسام الداخلي، فامتثلوا لقوله تعالى: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”.

كلمة بنوت
بعد ذلك، قدم بنوت المحاضرين، وقال: “في هذا البيت الذي يتشرف اليوم باستضافتكم، صاغ الامام الصدر فكرة لبنان وطن نهائي الجميع أبنائه التي تصدرت أدبيات ونص اتفاق الطائف الشهير، هو ما يؤكد تمسك المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى منذ تاسيسه عام ١٩٦٩ وحتى اليوم، بثوابت الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي وكل المقررات الداعمة لبناء دولة المواطنة العادلة، حلم اللبنانيين الأحرار”.

اضاف: “تصدر اتفاق الطائف الخطاب السياسي والادبيات السياسية اللبنانية، وكُتبت حول مئات الأبحاث والدراسات وطاله النقد من جوانب متنوعة. لكن تبقى أهم نتائجه، إنهاء الحرب الأهلية اللبنانية التي دمرت عصر لبنان الجميل، وكلفت اللبنانيين الخسائر البشرية والمادية الفادحة. اتفاق الطائف: اتفاقات وتحديات، اتفاقات يؤكدها استمرار الخلافات السياسية والانقسامات الحادة وتحديات تواجه مصيره ودوره وأهدافه، وكلنا أمل أن يكون العهد الجديد برئاسة فخامة العماد جوزاف عون فرصة للخلاص والبناء”.

الجسر

بدوره، قال الجسر: “من نتائج الوثيقة وقف الحرب وعودة السلم الأهلي والعمل على إعادة إعمار البلاد، ولكن بالرغم من أنها مع كل ما تضمنت من مبادىء عامة وإصلاحات وقواعد لبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها، ومع ما حددت من أطر لتحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيلي ومع ما رسمت لتنظيم العلاقات السورية اللبنانية بما يضمن سيادة واستقلال البلدين، فإنها لم تؤد المرجو منها. مما يطرح السؤال هل المشكلة في الوثيقة أم في تطبيقها؟”.

اضاف: “لو أن قناعة اللبنانيين في أن المشكلة التي يعانون منها من أزمات الحكم هي في الوثيقة، فلماذا نرى أهلنا في لبنان عند كل أزمة صغيرة أو كبيرة أو عند المساس بأمن ومصير البلد أو عند أزمات الحكم المتتالية، يتنادون الى العودة لاتفاق الطائف والتمسك به؟ من هنا نفهم هذه الدعوة الكريمة الى دراسة ومراجعة تطبيق الطائف مع كشف إخفاقاته وبيان التحديات المطلوبة لتطبيقه”.

وتابع: “إن إخفاقات وثيقة الوفاق الوطني تأخذ صورا ثلاث:
في الاولى لم ينفذ بعض الإتفاق أو أدرج بعض الإتفاق في الدستور ولم يطبق، في الثانية نفذ الإتفاق جزئيا، وفي الثالثة نفذ الإتفاق وفسر خلافا لوثيقة الوفاق الوطني.

أولا، أدرج في الدستور ولم يطبق:

ج- ﻟﺑﻧﺎن ﺟﻣﻬورﯾﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﺑرﻟﻣﺎﻧﯾﺔ، ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ اﺣﺗرام اﻟﺣرﯾﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ، وﻓﻲ طﻠﯾﻌﺗﻬﺎ ﺣرﯾﺔ اﻟرأي واﻟﻣﻌﺗﻘد، وﻋﻠﻰ اﻟﻌداﻟﺔ الإجتماعية واﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق واﻟواﺟﺑﺎت ﺑﯾن ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣواطﻧﯾن دون ﺗﻣﺎﯾز أو ﺗﻔﺿﯾل. مقدمة الدستور.

زـ اﻹﻧﻣﺎء اﻟﻣﺗوازن ﻟﻠﻣﻧﺎطق ﺛﻘﺎﻓﯾﺎ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ رﻛن أﺳﺎﺳﻲ ﻣن أرﻛﺎن وﺣدة اﻟدوﻟﺔ واﺳﺗﻘرار اﻟﻧظﺎم. مقدمة الدستور.

ح ـ اﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﯾق ﻋداﻟﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻹﺻﻼح اﻟﻣﺎﻟﻲ والإﻗﺗﺻﺎدي والإﺟﺗﻣﺎعي.

وأشار الى اصلاحات سياسية لم تطبق، مثل الدوائر الانتخابية، إﻟﻐﺎء اﻟطﺎﺋﻔﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ، اﻋﺗﻣﺎد اﻟﻼﻣرﻛزﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ، ﻗﺎﻧون الإﻧﺗﺧﺎﺑﺎت اﻟﻧﯾﺎﺑﯾﺔ، إلزامية التعليم لم تنفذ وحماية اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﺧﺎص وإصلاح التعليم الرسمي والمهني وإصلاح أوضاع الجامعة اللبنانية ودعمها وإعادة النظر في المناهج التربوية وتطويرها لم ينفذ، إعادة تنظيم اﻹﻋﻼم لم تنفذ، وتعزيز القوات المسلحة لم ينفذ.

وقال الجسر: “بالنسبة الى التحديات التي تواجهنا لمعالجة الإخفاقات، فالتحدي الأول عندي، هو وجوب الإقتناع بأن وثيقة الوفاق الوطني قد سعت لعلاج جذور أسباب الحرب الأهلية من خلال المبادىء العامة التي أرستها (والتي تحوّلت فيما بعد الى مقدمة الدستور) والتي يجب أن تعتبر إطارا عاما عند قراءة الوثيقة أو محاولة تفسيرها أو وضع أي قوانين أو أنظمة لتطبيقها. وإن الوثيقة بما تناولت من إصلاحات سياسية وإصلاحات أخرى وإقرار بسط سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية والتأكيد على وجوب العمل على تحرير لبنان من الإحتلال الإسرائيلي كما ووجوب تنظيم العلاقات اللبنانية السورية في إطار سيادة واستقلال كلا البلدين، إنما عالجت جذور أسباب الحرب الأهلية. وقمة التحدي هي في الإقتناع بأن هذه الوثيقة لا تزال، من خلال تنفيذها، صالحة لإخراج البلد من الأزمات السياسية المتتالية”.
اضاف: “التحدي الثاني: هو وجوب الإقتناع بأننا نستطيع الوصول الى تنفيذ الوثيقة من دون وصاية. مع التذكير بأن الأوصياء مهما بلغت بهم الشهامة سيعملون لمصالحهم الخاصة وسيعملون على الإيهام بضرورة استمرارهم في أعمال الوصاية. التحدي الثالث: هو وجوب الإقتناع أن مصلحة الدولة العليا كما مصلحة اللبنانيين يكمنان في تقديم حقوق الإنسان على أي اعتبار آخر بما في ذلك حقوق الطوائف والأحزاب والمكونات السياسية والإجتماعية. وإن حقوق الطوائف يجب أن تقتصر على ما تضمنته المادة (9) من الدستور: “حرية الإعتقاد مطلقة والدولة بتأديتها فروض الإجلال لله تعالى تحترم جميع الأديان والمذاهب وتكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايتها على أن لا يكون في ذلك إخلال في النظام العام وهي تضمن أيضاً للأهلين على اختلاف مِلَلِهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية”.

وتابع: “التحدي الرابع: هو وجوب الإقتناع بأن النصوص الدستورية والقانونية كما نصوص وثيقة الوفاق الوطني إنما وجدت لتطبيقها لا لتعليقها، وإن كل محاولة لتفسير هذه النصوص أو تطبيقها بموجب مراسيم أو قرارات يجب أن تتقيد بالمبادىء العامة التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني والتي تحوّلت الى مقدمة الدستور اللبناني. التحدي الخامس: وجوب العمل على تطبيق ما لم ينفّذ من الطائف بالتدرج الذي وردت فيه النصوص في وثيقة الوفاق الوطني وعدم السقوط في هوّة التأجيل لأي داعي أو اعتبار. التحدي السادس: وجوب وقف التعسف في تفسير وتطبيق الفقرة (ي) من مقدمة الدستور والتي تنص على أن “لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك”. وهذه الفقرة التي تحوّلت الى شمَّاعة تعلق عليها كل موبقات السياسة إبتداء من رغبات التأجيل والتعطيل وجعل أي أقلية في مجلس الوزراء أو مجلس النواب تتحكم في القرارات تحت ستار إنعدام الميثاقية”.

وقال: “إن استمرار الأزمات السياسية في لبنان بين تأخير في إنتخابات رئاسة الجمهورية وإثارة اللغط حول الإستشارات الملزمة وإشكاليات تأليف الحكومة مع كل ما يرافق ويستتبع هذه الاستحقاقات من تداعيات تجد سبَبَها في الخروج على الدستور وعدم تطبيقه ومحاولات تفسير النصوص وتحميلها ما لا تَحْتمِل طمعاً في استجلاب نفوذ إضافي من خارج النصوص إنما يعمل على خلخلة النظام وتعريض الدولة للفراغ الذي يودي بالبلد”.

اضاف: “إن لنا فيما حدث في لبنان في السنوات الأخيرة والذي أدى الى غياب السلطة عبرة لمن يريد أن يعتبر. فكيف اذا أضيف اليه إسقاط المساواة بين الناس في الحقوق والواجبات، وترك الخطاب الطائفي المسموم على عواهنه في الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي. ان ترك الأمر على غاربه يؤسس لأسباب مشابهة لما سبقت الحرب الأهلية، وان الخلاص يكون في الاستفادة من الحل الجاهز، من وثيقة الوفاق الوطني التي علينا ان نطبقها بالكامل”.

وختم: “علينا أن نتذكر أن البلد يتسع للجميع، وعلينا أن نفهم بأنه لا يمكن لفريق ان يستأثر بكل شيء او بمعظم السلطة، وعلينا أن نعلم بأننا في نظام ديمقراطي لا يسمح لأقلية، أيا كانت، أن تتحكم بما تتفق عليه الأكثرية. والطائف قد أوجد توازنات مهمة بين الطوائف (المسلمين والمسيحيين) حتى لا تطغى طائفة على أخرى. وعلينا ان نتفهم أنه في النظام الديمقراطي لا وجود لرابح دائم ولا لخاسر دائم بل يوم لك ويوم عليك. والحل معلوم من الجميع ويكمن في كلمات: تطبيق وثيقة الوفاق الوطني، تطبيق الدستور وتطبيق القانون من دون مواربة هو المدخل الأكيد للحل”.

بارود

من جهته، قال بارود: “أن تكون وثيقة الوفاق الوطني التي حملت إسم مدينةٍ في المملكة العربية السعودية التي احتضنت، مشكورةً، التفكير الوطني في زمن الحرب بين الأخوة وحرب الآخرين على أرضنا (غسان تويني)، أن تكون هذه الوثيقة التأسيسية موضعَ نقاش، فهذا منتهى الديمقراطية، لأن اللبنانيين محكومون بالوفاق، وإنما ليس أيَ وفاق، بل ذلك الذي ينطلق من أن “لا شرعية لأي سلطة تناقض العيش المشترك” (الفقرة “ي” من مقدمة الدستور التي أضيفت بالتعديلات الدستورية ما بعد الطائف). وعلى ذلك، سأقارب هذا التقييم من زاويتين: الأولى تتعلّق بما تُرجم من أحكام الاتفاق موادَ دستورية، والثانية تتناول أحكاما وردت في الاتفاق دون الدستور”.

اضاف: “في الشق الأول، ان التعديلات الجوهرية التي أُدخلت على دستورنا عام 1990 هي على نوعين:

  • تعديلاتٌ في النظام، بمعنى أنها تناولت صلاحيات السلطات الدستورية وموازين الحكم والمناصفة وغيرها من المسائل الهيكلية، فانتقلنا من نظامٍ رئاسي إلى نظامٍ يخلط بين البرلماني والهجين وقد أنتج، في مناسبات ومواقعَ عديدة، أزماتِ حكم و”ترويكا” وتعطيلا للمؤسسات. هل كان ذلك بفعل التعديلات؟ أم إن هذه التعديلات كانت مجرّد إطار لأزمةِ نظامٍ مستحكمة؟
  • النوع الثاني من التعديلات الدستورية هي تلك التي انطوت على آليات دونها ثغرات. منها على سبيل المثال لا الحصر، المهل، إن بالنسبة إلى رئيس الجمهورية لجهة الدعوة إلى الاستشارت النيابية الملزمة حال تسمية رئيسٍ لمجلس الوزراء، أو بالنسبة للأخير لجهة تشكيله الحكومة مع رئيس الجمهورية.”

وتابع: أما الشق الثاني في اتفاق الطائف، الذي جاء بأحكامٍ لم تترجم تعديلات دستورية، فقد أصابته أيضا معوقات في التطبيق وإخفاقات وتأجيل وجمود. منذ سنواته الأولى، لم يطبّق الاتفاق بالنسبة، مثلا، لإعادة تموضع الجيش السوري، أزمة التطبيق ليست إخفاقا تقنيا، بل هي قرار ضمني وإرادة غير معلنة بالتأجيل وربما التسويف. لا أحاكم النوايا ولكنني أقرأ في سنواتٍ 36 إما عجزا وإما رفضا. أما العجز، فممكن عند بعض الطبقة السياسية التي لم تستطع إلى إقرار الإصلاحات سبيلا وأما الرفض، فضمنيّ دائما ولا يبوح به بعض ممانعي الإصلاح لأنه غير شعبي ولكنه حقيقي. أكتفي باللامركزية الموسعة نموذجا”.

وقال: “ان تقييم اتفاق الطائف لم يحصل فعليا وكليا، بل جزئيا وبمبادرات خجولة. تقييم الاتفاق بعد 36 عاما على إقراره هو تمرين ضروري لتحصينه ولتحسينه، لهدف وطني نبيل وهو انتظام الحياة السياسية. وكما بدأت: تقييما، لا تجريما ولا تبجيلا.

2- يقع على الطبقة السياسية مجتمعة أن تبادر إلى نفض الغبار عن أحكام الطائف التي لم تطبّق وتذهب إما إلى تصويب المسار، إذا تبيّن أن المشكلة في النص والآلية، أو تذهب إلى إزالة المعوقات، لأن الإخفاق ليس قدرا، بل جريمة متمادية بحق لبنان واللبنانيين الذين لهم على الدولة أن تكون دولة حامية، حاضنة ومتطورة.

3- في زمن الكلام عن إعادة رسمٍ لخرائط المنطقة، من سايكس-بيكو إلى تسمياتٍ أخرى، من مصلحة لبنان أن يقدّم نموذجا حضاريا لإدارة التنوع الغني الذي يميّزه، من خلال الإصرار أولا على وحدة الدولة وعلى نهائية الكيان وعلى ضرورة هذا الكيان لجميع مكونات الدولة.
4- تعالوا نذهب، كما دعانا الإمام المغيّب السيد موسى الصدر، إلى كلمةٍ سواء. تعالوا نسير عكس السير، عكس التعصّب والتقوقع والجهل، تعالوا نذهب إلى مستقبل لبنان بوعي وإدراك لتحديات جمّة قد تقتل معنى لبنان ورسالة لبنان”.

وختم: “اتفاق الطائف، كما الإرشاد الرسولي، عملية تشاركية ومضمون قابل للحياة والتطوير. لم نطبّق الإثنين كليا، ومع ذلك يبقى الإثنان رجاء متجّددا للبنان، وإيمانا متجدّدا بلبنان. عسانا لا نكون أمام إخفاق متجدّد في بناء الدولة والسلام”.

الحلبي

أما الحلبي فقال: “لقد سنَحَتَ لي الفرصةُ أن أكونَ شاهدًا شخصيًّا على ولادةِ وثيقةِ الوفاقِ الوطني في 22 تشرين الأول من العام 1989 في مدينةِ الطائف. كما كنتُ منِ أوائلِ الذين كتبُوا عنه ونشرُوا المقالاتِ لتوضيحِ مضامينِه وتفسيرِ نصوصِهِ، وشاركْتُ في العديدِ منَ الندواتِ والمداخلاتِ حولَهُ”.

اضاف: “في رأيي، يكمنُ الأثرُ الأبرزُ لهذه الوثيقةِ في ما أتَتْ بهَ منْ حمايةِ الحقوقِ والتوازنِ بينَ الدولةِ والمكوّناتِ الطائفيّةِ، مِن خلالَ المبادئ العشْرِ الأولى التي، لو طُبّقت بالكاملِ، لكانَ لبنانُ قد نَعمَ بدولةٍ عصريةٍ فاعلة لسنواتٍ طويلة “.

وتابع: “منذُ إبرامِ اتفاقِ الطائفِ، لم يهدأ الجدلُ حولَ مدى قبولِ الطائفةِ الشيعيّةِ به. وكثيرًا ما قيلَ إنَّ هذهِ الطائفةَ لم تكنْ مؤيّدةً له بالكامل. غير أنَّ الوقائعَ التاريخيةَ تؤكدُ عكسَ ذلك، فالطائفةُ الشيعيةُ كانت ممثلةً في اجتماعاتِ الطائفِ عبرَ نوّابِها، كما أنَّ دولةَ الرئيسِ نبيه بري، يؤكدُّ كلَّ يومٍ تمسّكَهُ بالاتفاق، ِويعدُّهُ أساسًا لحمايةِ الوطن وضمانةً لتوازنِ الطوائفِ في بنيتِهِ السياسيّة. ومعَ ذلك، يستمرُّ بعضُهم في القول إنَّ الشيعةَ لم ينالُوا ما يكفي من الحقوقِ في توزيعِ السلطةِ، وإنَّ المستفيدَ الأكبرَ من الطائفِ هم السنّةُ، الذين تَعزّزَ موقعُ رئاسةِ الحكومةِ لديهم على حسابِ رئاسةِ الجمهورية. لكنَّ الحقيقةَ، أنَّ هذا الطرحَ غير مُنصفٍ. فالاتفاقُ لم يُصَغْ ليمنحَ طائفةً امتيازاتٍ على أخرى، بل كان تسويةً وطنيةً متكافئةً، هدفُها: إرساءُ التوازنِ بينَ الجميعِ، وتوزيعُ الصلاحياتِ بما يضمنُ المشاركةَ ويمنعُ الهيمنةَ”.

وقال: “لقد نصَّ الطائفُ بوضوحٍ على مبادئَ أساسيةٍ لا يمكنُ تجاهلُها: المناصفةُ الكاملةُ بين المسلمينَ والمسيحيينَ في مجلسِ النواب، توازنُ السلطةِ داخلَ مجلسِ الوزراء، الإنماءُ المتوازنُ للمناطقِ، التوازنُ في تعييناتِ الفئة الأولى، إخضاعُ قرارِ استخدامِ القوةِ لسلطةِ مجلسِ الوزراءِ مجتمعًا، ضمانُ حقوقِ الطوائف جميعها من دونِ المساسِ بحقِّ أيٍّ منها.

هذه المبادئُ تشكّلُ جوهرَ العدالةِ السياسيةِ في لبنانَ. لكنّ، للأسفِ، ظلَّ تنفيذُها ناقصًا. فالضمانةُ الحقيقيةُ لا تكمنُ في النصوصِ، بل في الإرادةِ السياسيةِ لتنفيذِها”.

اضاف: “لا شكَّ أنَّ اتفاقَ الطائفِ أنهى حربًا أهليّةً داميةً، وكرّسَ استقلالَ لبنانَ وهويّتهُ العربية، وأعاد تثبيتَ النظامِ الجمهوري البرلماني، ووضعَ خريطةَ طريقٍ واضحةٍ لبناءِ دولةٍ مدنيّةٍ عادلةٍ. لكنَّ التطبيقَ، للأسفِ، لم يرقَ إلى مستوى النّصَ. فبعضُ البنودِ تُطَبّقُ استنسابيًّا، وبعضُهَا الآخر جُمّدَ بالكامل، بينما أصبحتْ مؤسساتُ الدولةِ رهينةً للمحاصصةٍ، واستُبدلَتْ روحُ الميثاقِ بروحِ التنازعِ على الصلاحيات”.

وتابع: “لقد كانَ الهدفُ من الطائفِ إصلاحُ النظامِ بعدَ الحربِ، لا تثبيتُ الطائفيةِ التي أشعلَتْها. غيرَ أنَّ اللبنانيين، في كثيرٍ من المراحلِ، حادُوا عنِ هذا الهدفِ، ولو طُبِّقَ كما أرادَه أصحابُه، بعيدًا من المصالحِ الضيقةِ أو الرهانات الخارجيّة، لكانَ لبنانُ اليومَ نموذجًا للاستقرارِ والعيشِ المشترك”.

واردف: “من أبرزِ مظاهرِ الإخفاق، تعطيلُ بندِ إلغاءِ الطائفيةِ السياسيّة، كذلك بقي مجلسِ الشيوخ مُجرّدَ فكرةٍ في الدستور. أما المجلسُ الدستوري، الذي أنيطَتْ به مهمّةُ تفسيرِ الدستورِ ومراقبةِ القوانين، فقدْ خضعَ بدورِه للتجاذباتِ السياسيةِ. ولم تكنِ اللامركزيةُ الإداريةُ أفضلَ حالاً، فقد أرادَها الطائفُ وسيلةً لتحقيقِ الإنماءِ المتوازنِ، لكنها بقيَتْ أسيرةَ الخلافاتِ السياسيةِ والتنافسِ على النفوذِ، بدلًا منْ أن تكون جسرًا لوحدةِ الوطنِ”.

وقال: “التحديّ الأساسي أمامَنا اليومَ يكمنُ في كيفيّةِ تطبيقِ الطائفِ من خلال مرجعيةٍ دستوريةٍ حيّة، مع إمكانيةِ تطويرِ بعضِ بنودِه بما يواكبُ المتغيراتِ، شرطَ المحافظةِ على روحِهِ ومضمونِه. فالعودةُ إلى نصوصِ الطائفِ هي السبيلُ الوحيدُ لإعادةِ تنظيمِ العلاقةِ بين مكوّناتِ الدولةِ، وضمانِ المشاركةِ المتوازنةِ في الحكم”.

اضاف: “كذلك يبرزُ أمامَنا تحديان يُعيقان تطبيقَ وثيقةِ الوفاقِ الوطني: الأوّلُ، يتعلّقُ بالعلاقاتِ مع سوريا في ضوء تغيرِ النظامِ وعدم وضوحِ موقف النظام الجديد في دمشقَ تجاه لبنانَ. والثاني يكمنُ في مسألةِ تحريرِ لبنانَ من الاحتلالِ الإسرائيلي كما وردَ في الوثيقةِ، وفي مدى قدرةِ الدولةِ اللبنانيةِ على تنفيذِ القرارِ الأممي 1701، بعد أن كانت نجحت سابقاً في تطبيقِ القرارِ 425. ويزدادُ هذا التحدي أهميةَ مع اقترابِ موعدِ انسحابِ قواتِ الطوارئ الدوليةِ نهايةَ هذا العامِ، واستمرارِ الاعتداءاتِ الإسرائيليةِ في الجنوب ومناطقَ لبنانيةٍ أخرى. كذلك تبرزُ مسألةُ قدرةَ الدولةِ على فرضِ حصريةِ السلاح بيدها، ليس جنوبُ نهر الليطاني فقط، بل على كاملِ الأراضي اللبنانية، وفقاً لما نصّت عليه الترتيباتُ الأمنية”.

وتابع: “يبقى اتفاقُ الطائفِ المرجعيةَ الوطنيّةَ والدستوريةَ الأولى للبنان. والعودةُ إليه ليست تراجعًا إلى الوراء، بل عودةٌ إلى الأساسِ الصلبِ الذي قامَتْ عليه الدولةُ بعدَ الحربِ. ومن خلالِ الالتزامِ بنصوصِه وتنفيذِ إصلاحاتِه، يمكنُنا أن نعيدَ بناءَ مؤسساتِنا، ونرسّخَ الحكمَ الرشيدَ، ونحفظَ وحدةَ وطنِنا في وجِه العواصف”.

واردف: “إنَّ الدرسَ الأهمَ الذي يجبُ أن نتعلّمَهُ، هو أنَّ الدستورَ لا يصنعُ الدولةَ ما لم يُحترمْ ويُطبّقْ بروحِه. فالمشكلةُ ليستْ في النصوصِ، بل في من يَملِكُ السلطةَ لتطبيقِها. لقد كانَ اتفاقُ الطائفِ فرصةً تاريخيةً لبناءِ دولةٍ عادلةٍ يشعرُ فيها المواطنُ بالمساواة، والطوائفُ بالأمان. لكنَّ هذهِ الفرصةَ ضاعتْ تحتَ وطأةِ المصالحِ الضيقةِ. واليومَ تتكرّرُ الفرصةُ ذاتُها، فإمّا أن نَغتنِمَها لبناءِ دولةٍ حقيقيةِ، وإمّا أن نستمرَّ في دوّامةِ الأزماتِ التي لا تنتهي”.

وختم: “علينا أن نعترفَ بشجاعةِ: لبنانُ لن ينهضَ ما لم يُصحَّحِ الخللَ البنيويّ في نظامِهِ السياسيّ. لن ينهضْ إلا بتجديدِ الإيمانِ بالدولةِ لا بالطائفةِ، وبالقانونِ لا بالمحسوبيّات. وإنّني أدعو أصدقاءَ لبنانَ وشركاءَه في المجتمعِ الدولي بألّا يتركوهُ وحيدًا في هذه المرحلة، لأنهم يعرفون جيدًا أينَ تكمُنُ المشكلةُ، كما يدركونَ أنَّ إرادةَ الإصلاح لا يمكنُ أنْ تُولدَ في عزلةٍ أو يأس. فلنعدْ إلى الطائفِ، لا كوثيقةٍ سياسيّةٍ فحسب، بل كفكرةٍ وطنيةٍ كُبرى. لنُحي فيه روحَهُ الإصلاحيّةِ، ولنطبّقَ نصوصَهُ كاملةً من دون انتقاءٍ أو تأويل. فبِه نستعيدُ الدولةَ، وبه نحفظُ الوطن، وبه نَحمي صيغةَ العيشِ المشتركِ التي تميّزُ لبنانَ بينَ أممِ العالم”.

شكر

وقال شكر: “ان وثيقة الوفاق الوطني لها قيمة ما فوق دستورية باعتبارها الوثيقة الاساسية للدستور اللبناني المعدل والتي ادت فيه التعديلات الدستورية الى قيام الجمهورية الثانية، حيث تحولت جذريا طبيعة النظام الدستوري اللبناني من نظام هيمنة رئيس الدولة تمييزا له عن النظام الرئاسي الى نظام هيمنة البرلمان. علما ان الجميع يؤكد على برلمانية النظام اللبناني منذ الاستقلال” .

اضاف: “الغالبية الساحقة من اللبنانيين وخاصة بين المثقفين، مؤمنة بأن خلاص لبنان يكمن في تنفيذ كل الاصلاحات الدستورية والادارية والقضائية وغير ذلك التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني .اهل السلطة اكتفوا عند تعديل الدستور بما يعزز صلاحياتهم، لذلك منذ 35 سنة لم يصدر أي قانون خاص بتطبيق المواضيع التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني الا قانون تنظيم القضاء الذي اقر مؤخرا “.

وتابع: “وثيقىة الوفاق الوطني بناء متكامل لا تعطي كامل مفاعيلها الا بتطبيق كل بنودها الاصلاحية .طبعا هذا لا يعني ان ننفذ جميعها دفعة واحدة، ذلك ان الدستور نص في الفقرة الاولى من المادة 95 على تشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية، مهمتها درس واقتراح الطرق الكفيلة بالغاء الطائفية وتقديمها الى مجلس النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية. وهذه الهيئة لم تشكل لغاية اليوم، والاسباب المعلنة كثيرة ولكنها غير موضوعية. وثمة من يرى ان هذا الموضوع خطير جدا وقد يشكل سببا حرب اهلية جديدة، الى من يناور بربط الغاء الطائفة السياسية بالعلمنة الشاملة”.

وعرض لما “أنجز من اتفاق الطائف وماذا عجزت السلطات عن تنفيذه او بالاحرى لم ترغب او تمنعت عن انجازه”، وقال: “يمكننا ان نصنف المواقف السياسية من وثيقة الطائف في ضوء الممارسة على الأقل منذ خروج القوات السورية العسكرية من لبنان وما شاب هذه الممارسة من ملابسات واختلاف في تفسير النصوص الدستورية وتوزيع الصلاحيات بين رأس السلطة التنفيذية من جهة وبينها وبين البرلمان من جهة ثانية وفقا لما يلي :

أ – تيار رافض للاصلاحات الدستورية ويعتبرها تنتقض من صلاحيات رئيس الدولة ويعيق قيام سلطة تنفيذية دينامية وفاعلة .

ب – تيار ينادي بضرورة اجراء تعديلات على التعديلات ويقر ان الممارسة الدستورية والسياسية وما تخللها من اشكالات واختلاف في التوازن فيما بين البرلمان والحكومة او فيما بين اطراف السلطة التنفيذية .

ه – تيار في اوساط الفئات المثقفة خاصة بدلا من ان يتعزز بعناصر جديدة نرى انه بعد مرور 35 سنة على اقرار التعديلات الدستورية دون اي خطوات اصلاحية من السلطات الدستورية يتضاءل نتيحة اليأس من الطبقة السياسية الحالية، يطالب باستكمال الاصلاحيات التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني ليبنى على الشيء مقتضاه” .

اضاف: “بعد مرور سنة واحدة على اقرار التعديلات الدستورية وفقا لوثيقة الوفاق الوطني، وبناء على تقييمي للنظام السياسي اللبناني قلت مقوما بصورة اولية التجربة الدستورية، ويبقى الحل المنشود وهو قيام الدولة العادلة والقادرة على ممارسة وظائفها الدستورية والسياسية والاجتماعية الكاملة وما لم تقدم السلطات الدستورية والقوى السياسية الممثلة لطوائفها على اتخاذ التدابير اللازمة على كل الصعد فإن الجمهورية الثانية والتي كانت وفقا لوثيقة الوفاق الوطني جمهورية إنتقالية ستكون غاية بحد ذاتها وتتكرس كصيغة طائفية للحكم مع ما قد ينتج عن ذلك من امكانية انفجاز هذه الصيغة في المستقبل” .

وتابع: “صحيح ان الجمهورية الثانية هي صيغة طائفية ولكنها صيغة ذات افق مفتوح وما لم تكن مدخلا الى الجمهورية الثالثة فإنها ستكون اسوأ من الجمهورية الاولى لأنها ستكرس نظام كونفدرالية الطوائف وهي اسوأ من صيغة الميثاق الوطني لعام 1943 والتي طبقت حوالي نصف قرن باعتبارها صيغة فدرالية الطوائف”.

وقال: “اليوم أي بعد مرور 35 سنة على اقرار التعديلات الدستورية ما زال النظام السياسي الطائفي يتجذر يوما بعد يوم ليمتد الى كل المؤسسات والوظائف وما زال الوفاق الوطني غائباً. وباختصار فإن وثيقة الوفاق الوطني التي شكلت اساسا للنظام الدستوري لم تتحقق بعد الغاية المنشودة منها . ومع ذلك ما زال يوجد امكانية للتوافق بين القيادات الحاكمة على قيام الدولة العادلة والراعية لكل ابنائها ومناطقها” .

اضاف: “في ظل شبه انعدام الحياة الحزبية بكل ما تعني من مضامين وعناوين وبرامج وانتشار على المستوى الوطني، نبقى مضطرين للتعويل على الدور النخب المثقفة والتي تمكن عدد منها من الوصول الى البرلمان عام 2022”.

المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام