عظيمةٌ تلك العلاقة التي كانت تربط سيد شهداء الأمّة الشهيد السيد حسن نصر الله (رضوان الله عليه) بكشافة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، كانت علاقة الأب العطوف، تفيض حبًا وحنانًا ورعايةً ودفئًا.
لقد أحبّ السيّد الشهيد (رضوان الله عليه) الجمعية كما يُحبّ الأب أبناءه، وكان لهم مربّياً ومرشداً وقائداً وهادياً وملهمًا. وهو القائل عنها بكلماتٍ تنبع من صميم القلب: “إنها جمعيةٌ لها رسالة وثقافة وعقيدة وفعل”. وكان يعتبر: “إنها جديرةٌ بحمل اسم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)”.
كان السيد الشهيد (رضوان الله عليه) يرى في كشافة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) منارةً ساطعة، ومدرسةً تفيضُ بإشراقات الروح، تُعِدُّ الأجيالَ ليكونوا رجالاً يبنون الوطن، ويخدمون الناس، ويصونون القيم، ويُعدُّون أنفسهم جنوداً في موكب التمهيد لدولة العدل الإلهي.
لقد شرّفَ السيد الشهيد (رضوان الله عليه) الجمعيّةَ، بأن كان قائدَها العام في تسعينيات القرن الماضي لعدة سنوات، فمنحَها زخماً معنوياً هائلاً، وجعلها تنمو وتكبر وتتعاظم حتى بلغ عددُ أفرادها اليوم أكثر من مئة ألف كشفي.
ومن أبلغ شواهد حبّه ووفائه، تلك الهدية التي هزّت القلوب، حيث أهدى –قبل بضع سنوات- بيته (السابق) لكشافة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ذلك البيت المتواضع بمساحته، الثمين بروحه، المبارك بظلال الطهارة التي سكنته.
لقد كان ذلك البيتُ الهديةُ شاهدًا على أنّ هذا القائد لم يحتفظ لنفسه بشيء في هذه الدنيا، وجعل كل ما يملكه وقفًا على المسيرة والأجيال، وكان رسالةً أبويةً حاضنة، تختزل كل معاني العطاء والنقاء والتجرد والزهد. كما كان دلالةً واضحة على ثقة عالية وغالية بمسيرة الجمعية، ورهانًا على دورها العظيم في بناء الجيل المؤمن المُمهّد لدولة العدل الإلهي.
كانت الجمعيةُ حاضرةً في وجدان السيّد الشهيد؛ يسأل عنها ويتابع برامجها وأنشطتها، وكان لقاؤه السنوي بآلاف القادة والقائدات، في الخامس عشر من شعبان الذي يوافق ذكرى ولادة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وتأسيس الجمعية، من المحطات المنتظرة، فكان يصف هذا اللقاء بأنه من أحب اللقاءات إلى قلبه، ينتظره ويستأنس به، يطّلع من خلاله على “حصاد العام” بكل رغبة وشوق، ويستمع إلى تفاصيل الإنجازات والصعوبات. ثم يفيض على الكشفيين بكلمات تمتد قرابة ساعتين من الزمن، فينصتون إليه بقلوبهم قبل آذانهم، ويتمنّون لو أنّ الساعات لا تنقضي. وكانت توصياته في ختام كل لقاء خارطة طريق لبرامج وخطة العام الجديد.
كان هذا اللقاء يشكل شحنة معنوية وعاطفية كبيرة، يحملها القادة والقائدات لتشكل حافزا للعمل وزخما في الاستمرار بحمل مشعل هذه المسيرة المباركة بخطى واثقة نحو المستقبل.
كان السيد الشهيد (رضوان الله عليه) يركز في خطاباته مع القادة والقائدات على بناء الشخصية الإيمانية والأخلاقية، ليكون القائد الكشفي مثالًا للتدين والالتزام، ومن أقواله: “مهمّة الجمعية تربية أجيال مؤمنين ممهدين” ويضيف: “أنا أشهدُ أنّ الجمعيةَ مخلصة لهذا الهدف وواعية له وتعمل له بكل جدية واهتمام وحققت إنجازات مضيئة”.
كما كان يركز على تعزيز الثقافة المهدوية والارتباط بإمام الزمان (عجّل الله فرجه)، حيث كان يقول: “مهمّةُ كشافة المهدي ان تربي جيلا للمولى صاحب الزمان”. وقد تأثّر كثيرًا بنشيد “سلام يا مهدي” وكان يتابع فعالياته باهتمام ودعم وتشجيع بعد أن رفض أن يُدرج اسمه لكي يبقى تركيز الاهتمام والتعلّق بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
وقد أُعجب (رضوان الله عليه) ببرنامج “الأربعون صباحًا” في الجمعية، الذي يتضمن صلاة الصبح جماعة في المسجد ودعاء العهد لإمام الزمان، فشّجع وحثّ على المشاركة فيه، وقبِلَ أن يوقّع بيده آلاف الإفادات للمشاركين في البرنامج، وقال: “أنا أعتبر المشاركة في الأربعين صباحًا مثل المرابطة على الجبهات”.
كما كان يركّز السيد الشهيد (رضوان الله عليه) في خطابه مع الكشفيين على زرع ثقافة الأمل والثقة بالله وبالمستقبل، وحمل أمانة الشهداء ورحية الجهاد والمجاهدين، والاهتمام بالعلم والمعرفة، وخدمة الناس، والمساهمة الفعّالة في تنمية المجتمع ومحاربة الآفات الإجتماعية …
ستبقى الجمعية على قدر رهان السيد، تكمل المسيرة التي أرادها بكل قوة وزخم، وسيكون تجمع “أجيال السيّد” المهيب في 12 تشرين الأول في المدينة الرياضية في بيروت، الذي سيشارك فيه عشرات الآلاف من الكشفيين من كل أرجاء الوطن هو تعبير عن الوفاء لدماء من كان الأب الرؤوف والراعي الداعم لمشروعها الكشفي والتربوي.
كما سيشكل هذا التجمع رسالة عهد وعزم وأمل، ستؤكد كشافة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) خلاله، أن أجيال السيّد التي نشأت وتربّت تحت قيادته المهدوية، هي على مستوى الرهان والتحديات؛ تحفظ إرثه، وتحمل فكره، وتلتزم بوصاياه.
إنها حكاية أبٍ ترك فينا روحاً لا تموت، وترك خلفه أجيالاً تسمو وتمهد حتى يتحقق النصر الموعود، والأمل المنشود.
المصدر: موقع المنار