الأربعاء   
   24 09 2025   
   1 ربيع الثاني 1447   
   بيروت 12:34

خبراء: ادعاءات ترامب بشأن “الباراسيتامول” غير مثبتة علمياً

أفاد خبراء أنّه لا ينبغي على النساء الحوامل الامتناع عن استخدام دواء “تايلينول”، ورفضوا ادعاءات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير المثبتة بأنّه قد يُسبِّب التوحد.

كرّر ترامب في مؤتمر ٍصحفي عُقد الإثنين، تحذيرًا عامًا قائلاً: “إذا كنتِ حاملاً، فلا تستخدمي دواء تايلينول. وبعد ولادة طفلك، لا تعطيه العقار قط إلا للضرورة القصوى”.

لكن دفعت سنوات من الأبحاث المنظمات الطبية الكبرى في الولايات المتحدة إلى دعم استخدام الأسيتامينوفين، المعروف بـ”تايلينول”، لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل، وتعكس التوصيات أنّ فوائده تفوق أي مخاطر محتملة.

أكّدت رئيسة الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال، الدكتورة سوزان كريسلي، في بيان: “كان حَدَث البيت الأبيض.. المتعلق بالتوحد مليئًا بادعاءات خطيرة ومعلومات مضللة تُرسل رسالة مُربكة للآباء المستقبليين، وتُسيء إلى المصابين بالتوحد”.

يُعتبر الأسيتامينوفين من بين أفضل الخيارات وأكثرها أمانًا لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل على نطاقٍ واسع حتّى الآن.

من جهتها، ذكرت الكلية الأمريكية لأطباء التوليد وأمراض النساء أن الأسيتامينوفين آمن للاستخدام أثناء الحمل، وتوصي به كعلاج أولي، وأكدت الكلية الأمريكية الإثنين أنّها لا تنوي تغيير هذه الإرشادات.

بينما قامت جمعية طب الأم والجنين بإعادة تأكيد إرشاداتها التي تنص أنّ الأسيتامينوفين “دواء مناسب لعلاج الألم والحمى أثناء الحمل”.

أما مجموعة الأبحاث التي تستكشف العلاقة بين التوحد واستخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل فليست قاطعة، وهناك أبحاث أقل تدرس انتشار التوحد عند استخدام الأسيتامينوفين خلال مرحلة الرضاعة أو الطفولة المبكرة.

ورغم أن الإفراط في استخدام الأسيتامينوفين يتضمن مخاطر جسيمة تؤثر على الرضع والأطفال، إلا أن المخاطر المحددة تتعلق بتلف الكبد وليس التوحد. لذا يجب على الآباء مراجعة إرشادات الجرعات بعناية واستشارة طبيب الأطفال قبل الاستخدام.

وقال أخصائي علم نفس الأطفال ومدير عيادة “ييل” للإحتياجات التنموية، الدكتور جيمس ماكبارتلاند، لـCNN: “أهم ما قيل خلال المؤتمر يتمثل بإن التوحد مرض معقد وله أسباب متعددة، وهذه هي الحقيقة”.

المخاطر مقابل الفوائد

صرّح ترامب الإثنين بأنّه “لا يوجد أي ضرر” لعدم استخدام دواء “تايلينول” أثناء الحمل، لكن من المفهوم على نطاق واسع أن ترك الألم أو الحمى دون علاج أثناء الحمل ينطوي أيضًا على مخاطر جِديّة.

ووجدت مراجعة بحثية نُشرت في مجلة “Pediatrics” أنّ المعاناة من الحمى خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل قد تكون خطيرة بشكلٍ خاص، كونها تزيد من خطر الإصابة بعيوب القلب الخلقية، وعيوب الأنبوب العصبي، والشقوق الفموية بما يصل إلى ثلاثة أضعاف.

كما يمكن أن تؤثر الإصابة بالحمى أثناء الحمل، وخاصةً الحمى الشديدة، على نمو دماغ الجنين، وقد حدّدت بعض الدراسات الحمى نفسها كعامل خطر لاضطرابات النمو العصبي مثل التوحد.

رأى الخبراء أنّ هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع، وتوجد أدلة على أنّ استخدام أدوية خفض الحرارة قد تتمتع بأثر وقائي.

تحيزات خطيرة

خلال مؤتمر صحفي الإثنين، أعلن مسؤولو الصحة أنّ إدارة الغذاء والدواء الأمريكية “FDA” ستصدر إشعارًا للأطباء “حول خطر استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل” وستعمل على تغيير ملصق السلامة على منتجات من بينها “تايلينول”.

صرّح وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكي، روبرت إف. كينيدي الابن، بأنّ الوزارة ستنصح الأطباء “بوصف أقل جرعة فعالة لأقصر مدة ضرورية وعند الحاجة للعلاج فقط”.

يتماشى هذا بشكلٍ عام مع الإرشادات الحالية الصادرة عن المنظمات الطبية، إذ أوضح ماكبارتلاند: “توصي الإرشادات الحالية باستخدام عقار تايلينول، وأي دواء آخر، أثناء الحمل باعتدال قدر الإمكان. لذا، فإن ما تمت مناقشته.. يتماشى تمامًا مع ما هو موجود منذ فترةٍ طويلة”.

أظهرت مراجعة حديثة للدراسات أن عقودًا من الأبحاث، المستمدة من دراسات واسعة النطاق، وجدت أنّ الأسيتامينوفين “آمن بشكلٍ عام” عند استخدامه وفقًا للتوصيات الخاصة بفترة الحمل.
لكن رأى الباحثون أنّ الأبحاث الحديثة التي ركزت على الروابط المحتملة بين استخدام الأسيتامينوفين أثناء الحمل والنتائج النمائية العصبية، بما في ذلك التوحد، “تتضمن تحيزات خطيرة”.

راجعت جمعية طب الأم والجنين هذه الدراسات قبل نشر إرشاداتها الحالية، ووجدت أنّها تتضمن قيود كبيرة أيضًا.

يعتمد العديد من الدراسات على الاستخدام المبلغ عنه ذاتيًا للأسيتامينوفين من دون ذكر تفاصيل حول مقدار الجرعة أو مدة الاستخدام.

كما يعتمد بعضها على الإبلاغ الذاتي فيما يتعلق باضطراب النمو العصبي لدى الطفل من دون تأكيد ذلك سريريًا.

لذا، أصبح السؤال يتمحور حول ما إذا كان الأسيتامينوفين نفسه مرتبطًا بالتوحد، أم أنّ أعراض الألم أو الحمى التي تدفع بالحامل لاستخدام العقار هي الرابط الأقوى، وفقًا لما ذكره رئيس الكلية الأمريكية لأطباء التوليد وأمراض النساء، الدكتور ستيفن فليشمان، لـ CNN الإثنين.

التواصل هو الأساس

قالت أخصائية علم النفس السريري بجامعة “كولومبيا” بأمريكا، الدكتورة إليزابيث فيرنر إنه من الشائع أن تشعر الحوامل بضغط كبير للقيام بالأمور على أكمل وجه، وقد يكون هذا الضغط شديدًا.

وأضافت فيرنر، المتخصصة في العمل مع النساء أثناء الحمل ومرحلة ما بعد الولادة: “أوصي الأشخاص بشدّة بالحديث مع طبيبهم وتحليل المعلومات مع طبيب على دراية بتفاصيل حياتهم ووضعهم حتى يتمكنوا من اتخاذ قرار مدروس بشأن أفضل السبل للمضي قدمًا في أمر مثل العلاج الطبي الذي قد يحتاجون إليه”.

المصدر: سي ان ان