الثلاثاء   
   23 09 2025   
   30 ربيع الأول 1447   
   بيروت 22:12

يوميات معركة أولي البأس (2024).. اليوم الأول

سلسلة “أُولي البأس”… ليست مجرد عرضٍ للأحداث، بل هي وثيقة تاريخية، عبر حلقات يومية، تسطّر بطولات رجالٍ كتبوا بدمهم وصمودهم فصولًا ساطعة من تاريخ المقاومة. “أُولي البأس”… حكاية الذين لم يُهزَموا، بل صنعوا بدمائهم ذاكرة المجد والخلود التي ستبقى حيّة.

خاضتِ المُقاوَمةُ الإسلاميَّةُ مَعْرَكَةَ استنزافٍ مُتواصِلَةً على مَدى عامٍ كاملٍ مع العَدُوِّ الإسرائيليِّ، دعمًا وإسنادًا لِلمُقاوَمةِ الفِلسطينيَّةِ في قِطاعِ غزَّة، نَفَّذَت خلالها أكثرَ مِن ثلاثةِ آلافِ عَمَليَّةٍ عَسكريَّةٍ ضدَّ مواقِعَ وتَجَمُّعاتِ العَدوِّ في شَمالِ فِلسطينَ المُحتَلَّةِ، وكبَّدَتْهُ خَسائِرَ فادِحَةً في الأرواحِ والمُعَدّاتِ، وأَجبَرَت مِئاتِ الآلافِ مِنَ المُستَوطِنينَ على الفِرارِ مِنَ المُستَوطَناتِ الشَّماليَّةِ حتّى باتَت شِبهَ مَهجورَةٍ.

لَقَد شَكَّلَت جَبهةُ الإسنادِ أكثرَ مِن مُجرَّدِ دَعمٍ لِلمُقاوَمةِ الفِلسطينيَّةِ، بَل كانَت شَريكًا حقيقيًّا في المَيدانِ، أَربَكَت مَنظومَةَ العَدُوِّ ومَنَعَتْهُ مِنَ الاستفرادِ بِأَهلِنا في غزَّة.

وإذ عَجَزَ العَدُوُّ عن إخمادِ نارِ جَبهةِ الإسنادِ، اختارَ أن يَنقُلَ المُواجَهَةَ إلى لُبنان، تَنفيذًا لِقَرارٍ مُبَيَّتٍ بِحَربٍ كانَ يُعِدُّ لَها العُدَّةَ ويَنتَظِرُ لَحظَتَها المُناسِبَةَ.

في أواخِرِ أيلولَ مِنَ العامِ 2024، شَنَّ العَدُوُّ حَربَهُ على لُبنانَ عَبرَ سِلسِلَةِ اعتِداءاتٍ مُمنهَجَةٍ بَدَأَها بِمَجزَرَةٍ مُروِّعَةٍ، مِن خِلالِ تَفجيرِ أَجهِزَةِ النِّداءِ (البيجَر) وأَجهِزَةِ الاتِّصالِ اللاسلكيِّ التي يَستَخدِمُها المُقاوِمون، إلى جانِبِ عَدَدٍ كَبيرٍ مِنَ المَدَنيِّينَ.

أَفضَتِ المَجزَرَةُ إلى ارتِقاءِ كَوكَبَةٍ مِنَ الشُّهَداءِ الأبرارِ، وإصابةِ المِئاتِ مِنَ المَدَنيِّينَ بَينَ حالاتٍ حَرِجَةٍ ومُتَوَسِّطَةٍ. وقد وَصَفَ الشَّهيدُ الأقدَس، سَماحَةُ السَّيِّدِ حَسَن نَصرَ الله (رِضوانُ اللهِ عَلَيهِ)، هذِه الجَريمَةَ بِأَنَّها حَدَثٌ لَم يَشهَدْ لَهُ العالَمُ مِثلًا في الإجرامِ والوَحشيَّةِ.

وأمامَ هذا الإجرامِ الإسرائيليِّ، أَكَّدَتِ المُقاوَمةُ الإسلاميَّةُ، على لِسانِ شَهيدِها الأقدَسِ السَّيِّدِ حَسَن نَصرَ الله (رِضوانُ اللهِ عَلَيهِ)، أَنَّ هذا العُدوانَ ليس مُجرَّدَ اعتِداءٍ عابِرٍ، بَل هو إعلَانُ حَربٍ على لُبنانَ وشَعبِهِ، بَدَأَ بِمُحاوَلَةِ إبادةٍ جَماعيَّةٍ خِلالَ دَقيقَةٍ واحِدَةٍ.

ولَم يَكتَفِ العَدُوُّ بِهذا الاعتِداءِ الغادِرِ، بَل واصَلَ عُدوانَهُ بِسِلسِلَةٍ مِنَ الاغتِيالاتِ الجَبانَةِ في قَلبِ الضّاحِيَةِ والجَنوبِ، مُستَهدِفًا عَدَدًا مِن قادَةِ المُقاوَمةِ الإسلاميَّةِ، وعلى رَأسِهِم القائِدُ الجِهاديُّ الكَبيرُ إبراهِيم مُحَمَّد عَقيل “الحاج عبد القادِر”، ومَعَهُ مَجمُوعَةٌ مِن قادَةِ قُوَّةِ الرِّضوانِ، والقائِدُ إبراهِيم موسى قَبِيسي “الحاج أبو موسى” ومَعَهُ ثُلَّةٌ مِن قادَةِ القُوَّةِ الصّاروخيَّةِ في المُقاوَمةِ، إضافةً إلى قائِدِ القُوَّةِ الجَوِّيَّةِ القائِدِ مُحَمَّد حُسَين سُرور “الحاج أبو صالِح”.

وعلى إِثرِ ذلك، أَعلَنَتِ المُقاوَمةُ الإسلاميَّةُ، بتارِيخِ الثّالِثِ والعِشرينَ مِن أيلولَ 2024، بَدءَ مَرحَلَةٍ جَديدةٍ مِنَ التَّصَدِّي لِلحَربِ الإسرائيليَّةِ على لُبنان، تَحتَ عُنوان: “دِفاعًا عن لُبنانَ وشَعبِهِ”.

وفي هذا الإطارِ، نَفَّذَتِ المُقاوَمةُ، يَومَ الإثنَينِ الواقِعَ فيهِ الثّالِثُ والعِشرونَ مِن أيلولَ 2024، سَبعَ عَمَليّاتٍ عَسكريَّةً استَهدَفَت ثَكَناتٍ وقَواعِدَ تابِعَةً لِقُوّاتِ العَدُوِّ الإسرائيليِّ شَمالَ فِلسطينَ المُحتَلَّةِ بِصَلَياتٍ صاروخيَّةٍ كَبيرَةٍ، كانَ أبرَزُها:

مَجمَّعاتُ الصِّناعاتِ العَسكريَّةِ لِشَرِكَةِ “رَفائيل” في مِنطَقَةِ زوفولون شَمالَ حَيفا المُحتَلَّةِ.
قاعِدَةُ رامَات ديفيد الجَوِّيَّةُ.
مَقرُّ قِيادَةِ الفَيلقِ الشَّماليِّ في قاعِدَةِ عَينِ زَيتيم شَمالَ غَربِ صَفَد المُحتَلَّةِ.
قاعِدَةُ نِمرَا غَربَ بُحَيرَةِ طَبرِيَّا.

بِالمُقابِلِ، أَفادَت وَسائِلُ إعلامٍ إسرائيليَّةٌ عَن دَوِيِّ صَفّاراتِ الإنذارِ لأَوَّلِ مَرَّةٍ في حَيفا المُحتَلَّةِ، وسُقوطِ إصابَاتٍ في كِريَات بياليك شَمالَ المَدينَةِ نَتيجَةَ سُقوطِ صَواريخَ.

بَدَورِهِ، أَشارَ المُتَحَدِّثُ بِاسمِ جيشِ العَدُوِّ الإسرائيليِّ إلى إِطلاقِ مِئَةٍ وخَمسَةٍ وَسِتِّينَ صاروخًا مِن لُبنان، سَقَطَ بَعضُها في الجَليلِ الأَسفَلِ والجُولانِ السُّوريِّ المُحتَلِّ. وقالَت مَصادِرُ عِبريَّةٌ إنَّ حِزبَ الله وَسَّعَ مَدى القَصفِ إلى مِئَةٍ وعِشرينَ كيلومِترًا.

وسُجِّلَ في هذا اليَومِ إِطلاقُ صَفّاراتِ الإنذارِ سَبعًا وَعِشرينَ مَرَّةً في مُختَلِفِ مَناطِقِ فِلسطينَ المُحتَلَّةِ، تَركَّزَت في مُستَوطَناتِ إصبَعِ الجَليلِ، والجَليلِ الأَعلَى وَالأَسفَلِ، والجُولانِ السُّوريِّ المُحتَلِّ، وعلى الخَطِّ السّاحِلِيِّ مِن رَأسِ النّاقُورَةِ شَمالًا حتّى الكَرمَلِ جَنوبًا.

المصدر: الاعلام الحربي