26-04-2024 06:04 AM بتوقيت القدس المحتلة

الصحافة اليوم 3-1-2014: الارهاب يضرب الضاحية من جديد

الصحافة اليوم 3-1-2014: الارهاب يضرب الضاحية من جديد

تناولت الصحف المحلية الصادرة صباح اليوم الجمعة 3-1-2014 الحديث عن التفجير الانتحاري الارهابي الذي استهدف الشارع العريض في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبة لبيروت

 

تناولت الصحف المحلية الصادرة صباح اليوم الجمعة 3-1-2014 الحديث عن التفجير الانتحاري الارهابي الذي استهدف الشارع العريض في منطقة حارة حريك بالضاحية الجنوبة لبيروت، مخلفا وراءه 4 شهداء وعشرات الجرحى من المواطنين الابرياء.

 

السفير
 

فلنتوحّد خلف نعوش ضحايانا..


وكتبت صحيفة السفير تقول "... وها هو التفجير الثاني، «المتوقع»، وفي الضاحية تحديداً.. بعد التفجير الأول في الأسبوع الماضي والذي أودى بحياة الوزير السابق محمد شطح ومجموعة من الفتية الذين تلتمع عيونهم بحب الحياة.

بعد الانفجار الأول، تتفجّر الاتهامات قوية كما العبوات الناسفة، فإذا ما وقع الانفجار الثاني انتبه الجميع إلى أنهم، على اختلاف انتماءاتهم وتوجّهاتهم، على قائمة الضحايا المحتملين.. لكن لا بدّ من تجاوز هذه الحقيقة حتى يمكن اســتثمار الدم المهدور.

تسير الجموع خلف النعوش، يتقدّمها خطاب الاتهام وتتبعها عيون تلتمع بالغضب: سننتقم من القتلة! والقتلة هم الذين هناك، في المقلب الآخر، هم «الآخرون».

تدوس الرغبة في الانتقام، انطلاقاً من الاتهام المسبق، على الحقيقة فتمزقها وتنثرها نتفاً، بحسب الأغراض، على «الخصوم» المحليين و«حلفائهم الإقليميين»، فتتكاثف الأحقاد مستولدة الرغبة في الانتقام، وتعلو الهتافات باللعنات والشتائم وأوصاف التحقير وإخراج «الطرف الآخر» من وطنيته ومن دينه وحتى من إنسانيته.

تستمرّ اللعبة الجهنمية: تقتل هنا لتستثير الشارع الثاني، هناك، ثم تقتل هناك لتستفزّ الشارع هنا.

وهكذا يزداد منسوب التطرف في هذا الاتجاه وذاك، وتتسع المساحة الفاصلة بين هنا وهناك، لتستوعب المزيد من الجرائم التي تستولد الغضب العارم الذي يعمي العيون ويضلل العقول عن «القاتل الواحد» الذي يضرب هنا ثم يضرب هناك ليقرب موعد الاشتباك التالي.

... وتضيع الدولة المشغولون قادتها باستثمار الدم في التمديد أو التجديد لهذا المسؤول أو تلك المؤسسة، أو لتشكيل «حكومة الضد» لمحاسبة «الآخرين» ومعاقبتهم بالإبعاد، بل العزل انتقاماً لدماء «شهدائنا» بهدر دماء «شهدائهم».

الإرهاب واحد مهما كانت مسميات المنفذين ـ الأدوات.. والضحية واحدة، مهما تعددت هويات الضحايا ومناطقهم ومللهم.. والهدف واحد، مهما تعدد «بنك الأهداف»، ألا وهو الفتنة التي لا تبقي ولا تَذَر.

لم ينجز اللبنانيون معايداتهم. كانوا يتمنون سنة جديدة أقل ألماً وسواداً ومرارة ودماً وغضباً.. سرعان ما أردى القاتل فرحهم المتواضع بطلقة انتحارية حاقدة حصدت باقة جديدة من الأبرياء. رواد الشارع العريض. الشارع الذي يحمل اسم أول المقاومين الاستشهاديين أحمد قصير. شارع الناس البسطاء، الناس العائدين من كدح أياديهم وعقولهم الى عائلاتهم.

ضاق «الشارع العريض» ذرعاً بالموت. تحوّل في ثوانٍ الى كومة نار ممزوجة بالأحمر والصراخ والأبواق. أي جهنم تنتظر عابري الطرق كل يوم. أي مواعيد يمكن أن يتخلوا عنها وأي دروب يمكن أن يحذفوها وأي سـيارات تحمل ذلك السم وأيّ حقد يجعل بشرياً يفجر نفسه ببني جلدته؟

فجأة يصير العيد جنازة.. وتصير الجنازة مقدمة لجنازات. عدّاد الموت لا يجد من يوقفه. الإجراءات الأمنية لا تنهي اختبار الدم. القتلة يدورون في طول البلد وعرضه. يشترون سيارات أو يسرقونها أو يقتنونها ليس هذا هو المهم. المهم أنهم لا يجدون سياسة تقف في وجههم، ولا إجراءات أمنية تكبلهم.

لا سياسة ولا سياسيين. هي اللحظة التي تختبر بقسوتها خطاب الجميع. هل نواصل الانتحار بخطاب التخوين أم نتبنى جميعاً خطاب الوحدة الوطنيــة وباكورته دفن مشروع حكومة الأمر الواقع؟

بالأمس كانت بيروت، وقبلها بئر حسن وطرابلس والرويس وبئر العبد وصيدا، واليوم جاء دور الضاحية الجنوبية مجدداً. عملية إرهابية تمثلت بتفجير سيارة جيب «غراند شيروكي» زيتية اللون مفخخة بنحو عشرين كيلوغراماً من المتفجرات في أحد أبوابها في «الشارع العريض» في حارة حريك. الحصيلة شبه النهائية خمسة شهداء و77 جريحاً معظمهم عادوا الى منازلهم.. والى كوابيسهم المفتوحة.

ثمة أشلاء بشرية أبرزها بقايا رأس تدلل على هوية الانتحاري قائد سيارة الموت الجديدة التي بيعت قبل نحو سنة من مالكتها هـ. م. ع. إلى سامي ح. الذي سلم نفسه امس الى مخابرات الجيش. وبحسب معلومات لقناة «المنار»، فإن السيارة بيعت من قبل سامي بموجب وكالة الى (ع. ا. ا.) من بلدة عرسال وسكان مشاريع القاع الذي سلّمها الى صهره ( ر.أ.) الذي على صلة بسامي وإبراهيم أ. اللذين ارتبط اسمهما بالتفجير الإرهابي في الرويس.

أثار التفجير ردود فعل دولية وعربية ولبنانية منددة، أبرزها موقف «حزب الله» الذي أعلن بلسان نائب امينه العام الشيخ نعيم قاسم أن «مخطط الإجرام بكل ألوانه وأشكاله سيشرب الجميع من كأسه المرة.. والرد عليه هو بالتفاهم السياسي والمسارعة لتشكيل حكومة وحدة وطنية».

وعلى جاري عادته، ارتقى النائب وليد جنبلاط بخطابه السياسي مشدداً على ضرورة تشكيل حكومة جامعة لا تستثني أحداً، مؤكداً أنه سيحجب الثقة عن أي حكومة لا تشرك الجميع، ومبدياً تمسكه بصيغة 9 ـ 9 ـ 6 ."


النهار


المؤامرة الإرهابية بوتيرة جهنّمية: الحارة بعد الاغتيال 


وكتبت صحيفة النهار تقول "الجمعة 28 كانون الاول 2013 سقط الوزير السابق محمد شطح وسبعة مواطنين آخرين وعشرات الجرحى ضحايا تفجير "الستاركو" في قلب بيروت، والخميس 2 كانون الثاني 2014 سقط اربعة مواطنين وجرح العشرات ضحايا تفجير حارة حريك في الضاحية الجنوبية. لا تحتاج المؤامرة الارهابية الجهنمية الى أي تفسير، ما دام توازن الرعب والدم والاستباحة يعمم الشهداء على ضفتي المشهد اللبناني في مسعى محموم الى تفجير الفتنة المذهبية والحاق لبنان الحاقا قاتلا بما يجري في سوريا والعراق على خط زلازل اقليمية ومذهبية تضرب المنطقة بأسرها.

كانت الضاحية امس المسرح الاكثر تبكيراً في يوم العمل الاول من السنة الجديدة على موعد ضربه لها الارهاب، وقت لم تكن البلاد قد افاقت بعد من صدمة عودة الاغتيالات السياسية مع اغتيال الوزير السابق شطح. ولأن فصل الجولات الارهابية المتعاقبة بوتيرة سريعة ومثيرة للرعب عن مجريات الحرب السورية، لم يعد ممكناً، تزامن ضرب الضاحية بعملية يعتقد انها انتحارية مع تصاعد واسع للقتال في سوريا بين قوات النظام السوري ومقاتلي "حزب الله" من جهة ومقاتلي المعارضة من جهة اخرى على تخوم الحدود الشرقية مع لبنان، حيث دارت معارك ضارية وصلت امتداداتها الى جوسية المحاذية لبلدات رأس بعلبك وعرسال والقاع في البقاع الشمالي.

والتفجير الذي استهدف الشارع العريض في منطقة حارة حريك، سرعان ما أثار الشبهة في عمل انتحاري، اذ وجدت أشلاء بشرية يعتقد انها لمنفذ العملية داخل سيارة رباعية الدفع من نوع "غراند شيروكي" زيتية ركنت قرب مبنى كزما، وقد فخخت بنحو 20 كيلوغراماً من المواد المتفجرة. وأثار كشف المواطنة هلا مصطفى عثمان من مدينة بعلبك سرقة السيارة التي استعملت في التفجير لغطاً واسعاً، خصوصا ان وسائل الاعلام التابعة لـ"حزب الله" تحدثت عن "خطة سير" رصدت للسيارة عبر عرسال. واذ قالت المواطنة البعلبكية انها باعت السيارة من مواطنين عرساليين وانهما باعاها بدورهما من سامي علي الحجيري، وتردد ان الاخير عاد وباعها من مواطن من سكان القاع، سلم الحجيري نفسه مساء الى مخابرات الجيش في رأس بعلبك وفي حوزته المستندات التي تؤكد انه باع السيارة في وقت سابق. وقد حصل الانفجار في مكان لا يبعد سوى نحو مئتي متر من مقر المجلس السياسي لـ"حزب الله" وتسبّب بحفرة كبيرة امام المبنى القديم لتلفزيون "المنار".

وأثار التفجير ردود فعل سياسية شاملة عكست المخاوف المتسعة من تنقل جولات التفجيرات والاغتيالات بوتيرة هستيرية، مما يخشى معه اكثر من اي وقت مضى دفع البلاد الى متاهة زعزعة شاملة للامن والاستقرار، خصوصا ان التفجير الأخير جاء عشية العد العكسي لتشكيل حكومة جديدة وهي الخطوة التي كانت تُثار حيالها تساؤلات كبيرة عن التداعيات التي يمكن ان تتركها من جراء رفض فريق 8 آذار حكومة حيادية. لكن ردود الفعل اجمعت على التحذير من دلالات الارهاب الجوال وادانته من غير ان يبرز أي احتمال لامكان تقريب وجهات النظر في الخلافات السياسية المتعاظمة.

وبرز في هذا السياق الموقف اللافت الذي عبّر عنه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عقب التفجير اذ سارع الى الدعوة الى توافق "الحد الادنى من الخطاب اللائق لتلافي مزيد من الدماء"، واعلن انه مع تشكيل حكومة تشمل جميع الافرقاء، قائلا انه "على موقفه الثابت من حكومة جامعة ولن اعطي اي ثقة لاي حكومة تستثني اي فريق". واضاف: "لا بد من حكومة تحاول اخراج العناصر اللبنانية التي تقاتل في سوريا لنحاول ان نحمي لبنان، وان لم نجتمع في حكومة لن نستطيع ان نفعل شيئا".

اما موقف "حزب الله" من التفجير، فعبر عنه نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي قال ان "الاستهداف الاجرامي هو للبنان ولضرب استقراره، ولا قيمة ولا اهمية للجهة المنفذة فهي جهة خرقاء ومأجورة، انما الاهمية للمشروع المتكامل الذي يريد تخريب البلد واشعال الفتنة وصرف الانظار عن اسرائيل". واذ رفض "تراشق الاتهامات مع احد"، حذر من ان "مخطط الاجرام سيؤدي الى ان يشرب الجميع من هذه الكأس المرة". وخلص الى ان "الرد هو بالتفاهم السياسي والمسارعة الى تشكيل حكومة للوحدة الوطنية".

الحكومة

وقالت مصادر مواكبة لجهود تأليف الحكومة لـ"النهار"، ان امكانات ولادة تشكيلة حكومية في المدى القريب تلاشت بعد انفجار الضاحية الجنوبية، مشيرة الى ان ما صدر عن اوساط رئيس الجمهورية ميشال سليمان امس وقبل الانفجار أوحى بانسداد الافق وزاد الامر تعقيداً بعد الانفجار. ولفتت الى ان لبنان عاد الى المربع الاول للأزمة، حيث لا حلول وصارت الكلمة للتطورات الامنية بدلا من الجهود السياسية.

اما أوساط رئاسة الجمهورية فقالت لـ"النهار"، ان ما جرى يؤكد الحاجة أكثر فأكثر لقيام حكومة قد لا تكون كفيلة بمنع التفجيرات الامنية، انما هي حاجة في المطلق. وأوضحت ان الاتصالات بين القوى السياسية ورئيس الجمهورية والرئيس المكلف تمام سلام لا تزال قائمة للبحث في امكان "حكومة جامعة"، واستنفاد كل الوسائل لإسقاط الشروط والشروط المضادة القائمة في وجه حكومة كهذه.

ولم تنف الاوساط ان المحاولات لقيام حكومة جامعة لا تتعدى مهلتها منتصف الشهر، وان الذهاب في اتجاه حكومة حيادية لا مهرب منه اذا ما تعذّر قيام حكومة جامعة، وثمة توافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف على إنتاج حكومة من مستقلين يعرضها الرئيس المكلف اذا ما تعذرت الحكومة الجامعة، وعند الضرورة اي حكومة يتقدّم بها سلام سينظر فيها رئيس الجمهورية بإيجابية حتى لو كانت حكومة حيادية.

لكن الأوساط أكدت ان الاتصالات لا تزال قائمة بين القوى السياسية من اجل قيام حكومة جامعة واسقاط الشروط المتبادلة، والرغبة في قيام حكومة جامعة لا تزال قائمة والبحث عن وسيلة لاسقاط الشروط المتبادلة هو ايضاً قائم.

وفي ردود الفعل الدولية على التفجير، نددت الولايات المتحدة "بأقسى لهجة ممكنة التفجير الارهابي في حارة حريك"، و"حضّت جميع الاطراف على الامتناع عن الردود الانتقامية التي يمكن ان تصعّد التوتر اكثر وتهدد استقرار لبنان، وحياة الشعب اللبناني". ومع ان واشنطن لم تربط التفجير مباشرة بالحرب السورية، الا انها رأت انه مؤشر جديد لضرورة العمل "على انهاء النزاع في سوريا لانه يسبب الاضطرابات الى حد كبير". وصرحت الناطقة باسم الخارجية الاميركية ماري هارف: "يجب السماح للشعب اللبناني ان يعيش حياته دون خوف من مثل هذه الهجمات، ونحن نكرر دعمنا للقوات اللبنانية المسلحة وقوى الامن الداخلي والمؤسسات الحكومية الشرعية التي تحمي وتخدم جميع اللبنانيين، كما نجدد دعوتنا لتطبيق قراري مجلس الامن 1559 و1701 واتفاق الطائف واعلان بعبدا لضمان سيادة لبنان"."


الاخبار


«وحوش الصحراء» يضربون في الضاحــية


 محمد نزال

وكتبت صحيفة الاخبار تقول "إنه «مسلسل موت». ليس حادثاً عرضياً عابراً. بعد بئر العبد والرويس وطرابلس وبئر حسن، ها هو الموت يحطّ في الضاحية الجنوبية من جديد، في الشارع العريض ـ حارة حريك. سيّارة مفخخة، مع فرضية انتحارية، أودت بحياة العشرات بين شهيد وجريح. أهل الضاحية غاضبون، يقولون إن قاتلهم هو العقل التكفيري، ومن ورائه آل سعود.

هنا شارع الاستشهادي أحمد قصير. ثمّة لوحة رخامية، صغيرة، تحمل اسمه: «فاتح عهد الاستشهاديين». هنا قلب الضاحية الجنوبية لبيروت. قبل 31 عاماً، في الجنوب، دمّر قصير مقر «الحاكم العسكري الإسرائيلي» في مدينة صور. يوم أمس، تفسّخت اللوحة الصغيرة، من دون أن تنهار. بقيت مقروءة، رغم أن السيّارة التي انفجرت كانت أمامها تماماً.

الطريق المعروف باسم الشارع العريض، أيضاً، كان على موعد مع الموت أمس. ضربه الإرهاب، الآتي من الصحراء غالباً، بعدما ضربه الإسرائيلي، في المكان نفسه بالضبط، قبل أكثر من 7 سنوات، في حرب تموز ـــ آب 2006. هناك المباني التي رُممت، بعد العدوان الإسرائيلي، ومنها مبنى قناة «المنار» القديم. هناك الشارع الذي احتضن مركز حركة المقاومة الإسلامية في فلسطين (حماس) لسنوات طويلة. الشارع، ذو الاتجاهين، الذي كان يقيم حزب الله وسطه مجالس عاشوراء المركزية قديماً، قبل بناء مجمع «سيد الشهداء» في منطقة الرويس. هو أحد أكثر الشوارع شهرة في الضاحية.

الناس، وفي ردّة فعل ليست في محلها، يركضون من كل المسارب إلى حيث نقطة الانفجار. علامتهم عمود الدخان الذي ارتفع في السماء. الدموع في عيون بعضهم، فيما وجوه أخرى تضج بالغضب، وآخرون يقفون بصمت عند جوانب الطرقات. لو حصل انفجار ثانٍ لكنا أمام كارثة أضخم. لكن، كيف لا يركضون وكل منهم يفترض أن له قريباً هناك، صديقاً أو حبيباً، يودّون الاطمئنان أو أن يكونوا أول المسعفين. الفضوليون كثر، سيبقون في المكان رغم كل التحذيرات والدعوات الى الابتعاد، مثل كل مرّة، ولا قوة تفلح في إبعادهم، حتى إطلاق النار في الهواء.

التفجير لا يقارن بسلفه في منطقة الرويس الذي كان أضخم، وخلّف حريقاً هائلاً، أودى بحياة العشرات. انفجار أمس كان «صغيراً نسبياً»، إذ قيل إن زنة العبوة 20 كيلوغراماً من المواد المتفجرة. الأكيد أن سيارة انفجرت، لكن هل مع انتحاري أم من دونه؟ سؤال ظل بلا جواب حتى ساعات متأخرة من الليل. في الشارع أشلاء بشرية، صحيح. لكن، هل هي لانتحاري أم لمواطن بريء كان قريباً جداً من السيارة؟ في تفجير الرويس، رأى الناس أشلاء بشرية، قيل بداية إنها لانتحاري، ليتضح لاحقاً أنها سيارة مفخخة فقط. الناس هناك يختلفون في كل ما ذكر، لكنهم يجمعون على أن الفاعل هم «التكفيريون السلفيون». ستسمع كثيراً اسم بندر بن سلطان (رئيس استخبارات آل سعود) بين الحشود. بعض الناس كانوا يصرخون بوضوح: «الموت لآل سعود». بندر عندهم هو محرّك تلك المجموعات «الشيطانية». في ذاك الشارع الذي لطالما ضجّ، على مدى عقود، بعبارة الموت لإسرائيل، يجد أهله اليوم أنهم باتوا مستهدفين من بعض العرب. هكذا، في نظرهم، يرد عرب الصحراء وآل سعود الجميل للضاحية التي كسرت شوكة إسرائيل ومنها خرج أول انتصار عربي واضح على «عدو الأمة». العدو؟ من العدو، أو الأعداء، الآن؟ لقد خلطت الأوراق. أهل الضاحية يسألون اليوم: «ماذا فعلنا للعالم حتى نستحق هذه المكافأة؟». من أين يأتي كل هذا الحقد؟ ولماذا؟ في الضاحية ستسمع من يقول: ابحث عن مملكة القهر الوهابي ـــ السعودي. بعض الغاضبين، وبأصوات عالية، طالبوا حزب الله بوضع حد لـ«تلك الوحوش». بدا واضحاً أن المزاج الشعبي، بعد التفجير، ازداد اقتناعاً بضرورة مواجهة التكفيريين في سوريا ولبنان. ربما كان يظن القاتل أنه بضرب الناس الأبرياء سيجعلهم يخرجون من حزب الله، أو يطلبون منه الخروج من سوريا. ولكن ما يحصل، بعد كل انفجار، هو العكس تماماً. من لم يكن من الناس يعرف الوجه الحقيقي لهؤلاء، قبلاً، بات اليوم يعرف إجرامهم جيداً، وبات ممتنّاً لكل دور يقوم به حزب الله ضدهم. من كان يقف على الحياد، من بين هؤلاء الناس، أو أقله من غير المتحمسين، تجده يصبح أكثر رغبة في مواجهة الذين يقطعون الرؤوس ويأكلون القلوب. يُحكى كثيراً، في الآونة الأخيرة، عن أفواج من الشباب الذين يطرقون باب حزب الله للتطوع لديه في قتال هؤلاء. لن يكون صعباً على أحد أن يستشف هذه الحالة من داخل بيئة الضاحية.

عُثر على أشلاء بشرية على هيكل السيارة التي انفجرت، أمس، ما عزز فرضية وجود انتحاري. لكن ما جعل الأجهزة الأمنية تنتظر نتائج فحوص الحمض النووي (DNA) للجزم هو أن أحد من يعملون في المنطقة مفقود، وعُثر على دراجته النارية ملاصقة للسيارة التي انفجرت. السيارة هي من نوع «جيب غراند شيروكي» لون زيتي داكن طراز 1993، تحمل اللوحة رقم 341580/ج، بحسب ما ورد في بيان الجيش اللبناني (مثل نوع السيارة التي ضبطت في منطقة المريجة سابقاً قبل تفجيرها).

وزير الصحة علي حسن خليل أعلن أن الحصيلة هي 4 شهداء ونحو 80 جريحاً؛ بعضهم في حال حرجة. لاحقاً، تحدث البعض عن ارتفاع في عدد الشهداء، من دون حصيلة نهائية، ليبقى عداد الدم مفتوحاً. البعض، حتى ساعات متأخرة، كانوا لا يزالون يبحثون عن أقاربهم في المستشفيات. بعض قاطني الشارع تحدثوا عن أشلاء صغيرة طارت إلى أسطح المباني وبعض الشقق، تماماً مثلما حصل في التفجيرين الانتحاريين أمام السفارة الإيرانية. كان هذا مما يعزز فرضية الانتحاري.

السيارة كانت بملكية سيدة من آل عثمان، باعتها سابقاً إلى شخص يدعى محمد عز الدين، الذي باعها بدوره لشخص اسمه سامي الحجيري من بلدة عرسال. وفيما سلّم الاثنان نفسيهما للجيش، أمس، ذكرت قناة «المنار» أن السيارة اشتراها في ما بعد عبد الباسط أمون، ثم أعطاها لصهره ركان أمون. والأخير «باع السيارة قبل 4 أشهر لأشخاص سوريين ناشطين في المعارضة»، بحسب مسؤولين أمنيين لبنانيين.

هنا شارع الاستشهادي أحمد قصير. حلّ المساء وغابت الشمس. مئات المحتشدين، سيارات الإسعاف والصليب الأحمر، شاحنات المطافئ التابعة للدفاع المدني، عناصر الجيش والأجهزة الأمنية. كثيرون أمس، من أهل الضاحية، أيقنوا أنهم أمام «مسلسل موت». خرجوا من نظرية الحادثة العابرة، التي بدأت مع انفجار بئر العبد، ثم الرويس وبعده بئر حسن. الضاحية كلها، بكل من فيها، مستهدفة. لهذا همس شاب في أذن صديقه وسط الحشود، أمس، قائلاً: «لا شيء سيوقف هذا المسلسل إن لم تُدوّ الانفجارات في قصور آل سعود»."


http://www.al-akhbar.com/node/198014


المستقبل


شهداء وجرحى في الانفجار الثالث من نوعه في 6 أشهر .. والحريري يدين ويدعو لرد الاعتبار لمبدأ الحياد

الإرهاب يضرب الضاحية مجدّداً


وكتبت صحيفة المستقبل تقول "لم يختلف مشهد نهاية 2013 الحزينة باغتيال مستشار الرئيس سعد الحريري الوزير الشهيد محمد شطح وبين بداية العام 2014 التي رسمت مشهداً حزيناً مشابهاً من خلال تفجير تعدّدت الروايات في شأنه ما إذا كان نتيجة سيارة مفخخة أم انتحاري .. وذلك للمرة الثالثة في الضاحية الجنوبية لبيروت، سقط نتيجته شهداء وجرحى وأثار موجة واسعة من الاستنكارات المحلية والخارجية، لكنه فتح الباب على وسعه أكثر فأكثر أمام تلقّف تداعيات الحرب السورية، في ضوء إعلان "جبهة النصرة" و"تنظيم داعش" قراراً رسمياً بـ "الدخول إلى لبنان عسكرياً"، حسبما جاء في رسالة قيادي بارز في التيار السلفي الجهادي في الأردن وجهها إلى وكالة "يونايتد برس انترناشونال" ويقول فيها إن "زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني المكنى بـ الفاتح، وأمير دولة العراق والشام الإسلامية أبو بكر البغدادي المكنّى بـ الكرار، اتخذا اليوم (أمس) قراراً شاملاً بالدخول عسكرياً إلى لبنان، رسمياً وعلناً حتى خروج حزب الله من جميع الأراضي السورية وتحرير الأسرى الموجودين لديه".

وأشارت الوكالة إلى أن القيادي "لم يعط في رسالته المزيد من التفاصيل، علماً ان التيار السلفي الجهادي في الأردن يعتبر حليفاً لجبهة النصرة ولداعش التابعين لتنظيم القاعدة".

الحريري

وفيما أدان الرئيس سعد الحريري الإرهاب الذي ضرب الضاحية، اعتبر أن "لا صفة للإرهاب مهما تعددت وجوهه وتنوعت مصادره سوى الأجرام. والإرهاب الذي يستهدف المدنيين والابرياء والمناطق الآمنة هو أجرام معزول بالكامل عن أدنى المشاعر الإنسانية وينتسب بالتأكيد الى أفعال شيطانية هدفها القتل المجاني وإشاعة الخراب والدمار".

وإذ اعتبر أن التفجير الذي أصاب الضاحية الجنوبية يصب في خانة الإجرام، أشار إلى أن "المواطنين الأبرياء في الضاحية هم ضحية جرائم إرهابية وإجرامية تستهدفهم منذ أشهر، وهم في الوقت عينه ضحية التورط في حروب خارجية، وفي الحرب السورية خصوصا، التي لن يكون للبنان ولأبناء الضاحية تحديداً أي مصلحة في تغطيتها او المشاركة فيها".

وأكّد الحريري أن "هذه مناسبة جديدة لدعوة الجميع الى اعتبار تحييد لبنان عن الصراعات المحيطة، أمراً جوهرياً لتوفير الحماية المطلوبة للاستقرار الوطني، وهو القاعدة التي يجب أن يبنى عليها في مواجهة كل أشكال الإرهاب وتضامن جميع اللبنانيين على تحقيق مثل هذه المواجهة".

وذكّر بأن "الإصرار على زج لبنان في قلب العاصفة الإقليمية هو الخطر الذي يستدرج رياح الإرهاب الى مدننا وبلداتنا"، مؤكّداً أن "السبيل الوحيد للدفاع عن لبنان يكون بالعمل على حماية الوحدة الوطنية والتسليم بدور الدولة ومؤسساتها الشرعية في إدارة الشأن الوطني".

قاسم

وفي ما بدا أنه ردّ على إشاعات تردّدت عن استهداف أحد شخصيات "حزب الله"، ظهر نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم على شاشة تلفزيون "المنار" وقال إن "لا أهمية للجهة المنفذة لتفجير الضاحية إنما للمشروع المتكامل الذي يريد تخريب البلد".

وأضاف "إن لم يكن هناك تفاهم سياسي هذا يعني أن الأمور ستستمر وستتنقل من مكانٍ إلى آخر"، مُعتبراً أنَّ "مواجهة الإجرام تكون بالتفاهم السياسي، والردّ يجب أن يكون بتشكيل حكومة وحدة وطنية".

استنكارات محلية

وأشار رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان إلى أن اليد الارهابية التي ضربت منطقة الضاحية الجنوبية بعد ظهر اليوم (أمس) هي اليد نفسها التي تزرع الإجرام والقتل والتدمير في كل المناطق اللبنانية.

وأكّد أهمية تضامن اللبنانيين ووعي المخاطر المحدقة بلبنان والحوار بين القيادات من أجل تحصين الساحة الداخلية في وجه المؤامرات التي تحاك لضرب الاستقرار في الداخل ولمواجهة تداعيات الاضطرابات الحاصلة في المنطقة.

من جهته، اتصل الرئيس السنيورة بكل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان والعلامة السيد علي فضل الله لاستنكار الجريمة والتعزية بالشهداء، فيما اعتبر رئيس مجلس النواب نبيه بري أن "الأيدي التي اغتالت الوزير الشهيد محمد شطح هي نفسها التي فجّرت في الضاحية بالامس واليوم وهي التي فجّرت في طرابلس".

وأكد الرئيس أمين الجميل أن الطريقة الوحيدة لمواجهة هذه الاحداث هي بالتكاتف، معتبراً أن "كلنا على متن مركب واحد فاذا سقط لن يوفر احداً"، في حين وصف رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع هذا العمل بـ"الارهابي والمجرم"، مبدياً أسفه على "تكرار المشهد الدموي المأسوي إلى ما لا نهاية دون وجود رادع ليد الإرهاب".

واعتبر رئيس جبهة "النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط أن "الأهم الآن أن نستطيع أن نتوافق على الحد الأدنى من الخطاب اللائق وأن نخرج أنفسنا من هذه الخطابات لتلافي المزيد من الدماء".

وقال في حديث إلى محطة "المستقبل" تعليقاً على جريمة التفجير "الحكومة ضرورية وأنا مع تشكيل حكومة تشمل جميع الفرقاء. سأبقى على موقفي وهو ثابت بحكومة جامعة ولن أعطي أي ثقة لأي حكومة تستثني أياً من الفرقاء اللبنانيين، ولا بد من حكومة تحاول إخراج العناصر اللبنانية التي تتقاتل في سوريا لنحاول أن نحمي لبنان"، معتبراً أننا "إن لم نجتمع في حكومة لن نستطيع أن نفعل اي شيء".

.. ودولية

ودان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشدة التفجير، داعياً اللبنانيين "إلى ضبط النفس والاجتماع معاً من أجل دعم مؤسسات الدولة، على الأخص الجيش وقوات الأمن في عملها على منع العمليات الإرهابية والحفاظ على الاستقرار والأمن في البلاد"، مشدّداً على "ضرورة إحالة مرتكبي التفجير والمحرضين أمام العدالة".

أما وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا، هيو روبرتسون، فأكّد إدانته للتفجير، مذكّراً إن "حكومة المملكة المتحدة تقدّم مساعدات أمنية إلى لبنان، وملتزمة التزاماً كاملاً دعم استقرار مستقبله".

من جهتها، دانت وزارة الخارجية الفرنسية بشدّة التفجير، مؤكّدة "حرصها على الاستقرار في لبنان"، داعية اللبنانيين إلى "العمل لتفادي تصعيد العنف والحفاظ على الوحدة الوطنية"، معربة عن "دعمها للسلطات اللبنانية في تصميمها على مواجهة كافة أشكال الإرهاب".

وقالت السفارة الأميركية في بيروت في تغريدة عبر حسابها على (تويتر) إنها "تدين التفجير الإرهابي في الضاحية الجنوبية"، وأعربت عن تعازيها لعائلات الضحايا.

التفجير

وكان انفجار دوّى غروب مساء أمس واستهدف الشارع العريض في منطقة حارة حريك، تبيّن أنه ناجم عن سيارة مفخخة انفجرت في وسط الطريق على مسافة قريبة من المكتب السياسي لـ"حزب الله"، ما أدى الى دمار كبير في المباني السكنية والمحال التجارية والسيارت والمنشآت العامة والخاصة.

ولاحقاً تقاطعت معلومات أمنية مع أخرى كشفها مسؤولون في الحزب عن أن "الإنفجار نفذه إنتحاري بسيارة من نوع "غراند شيروكي" من دون اتضاح تفاصيله.

لكن قيادة الجيش أعلنت في بيان أنه "نتيجة الكشف الاولي للخبراء العسكريين الختصين على موقع الانفجار الذي ناجم عن كمية من المتفجرات زنة نحو 20 كلغ موزعة داخل سيارة نوع جيب غراند شيروكي لون زيتي داكن طراز 1993 تحمل اللوحة رقم 341580/ج، ويجري التحقق من وسيلة التفجير المستخدمة".

وترددت مساء معلومات تحدثت عن "العثور على أشلاء بشرية داخل السيارة التي انفجرت من دون أن يعرف ما إذا كانت عائدة للإنتحاري المفترض الذي نفذ عملية التفجير".

يشار إلى أن النائب عن كتلة "الوفاء للمقاومة" بلال فرحات كان أول من أشار إلى أن "انتحارياً نزل من السيارة وفجّر نفسه بالقرب منها..".

وكان لافتاً السرعة التي كُشفت فيها التفاصيل عن السيارة وكيف بيعت ولمن. وقالت مصادر أمنية إن "السيارة تعود إلى المواطنة هلا مصطفى عثمان، من بلدة رأس العين، التي باعتها الى شخص من عرسال يدعى سامي الحجيري باعها بدوره الى شخص من بلدة القاع، وأن الأخير أفاد أن السيارة سرقت منه قبل سبعة اشهر".

ولاحقاً افادت الوكالة الوطنية للأنباء أن الحجيري، الذي ورد اسمه في قضية السيارة التي انفجرت في الضاحية، سلّم نفسه إلى مخابرات الجيش، قرب حاجز محطة رأس بعلبك، في البقاع الشمالي، وبحوزته المستندات التي تؤكد أنه كان باع السيارة في وقت سابق.

يشار إلى أن الضاحية الجنوبية كانت قد استهدفت للمرة الأولى في محلة بئر العبد في 9 تموز 2013 حيث انفجرت سيارة مفخخة أدت إلى إصابة أكثر من 51 مواطناً بجروح، والمرة الثانية انفجرت سيارة مفخخة في 15 آب 2013 في محلة الرويس أدت إلى مقتل 18 شهيداً وجرح أكثر من 291 جريحاً. وفي 19 تشرين الثاني 2013، حاول انتحاريان تفجير مبنى السفارة الإيرانية في محلة بئر حسن ما أدى لوقوع 23 شهيداً وجرح أكثر من 160 شخصاً آخرين.

حكومياً

وفي الجانب السياسي، أكّدت مصادر مواكبة لجهود التأليف لـ "المستقبل" أن رئيس الجمهورية "لم يحدّد أية مواعيد لتأليف الحكومة إنما أفصح بأن مساعي التأليف ستتكثّف مع مطلع العام الجديد".

ودعت المصادر إلى "عدم التسرّع في تحديد مواعيد لولادة الحكومة العتيدة"، مشيرة إلى أن "الاتصالات في شأن ذلك ستشمل كل القوى المعنية"."


اللواء


«التراشق بالأبرياء»: 5 قتلى و77 جريحاً بانفجار حارة حريك

الحريري للردّ بتحييد لبنان عن الصراعات المحيطة .. و«حزب الله للردّ بحكومة وحدة وطنية


وكتبت صحيفة اللواء تقول "قبل ان يهبط الليل على ضاحية بيروت الجنوبية، وبعيد الساعة الرابعة بقليل، دوى انفجار هائل في الشارع العريض في حارة حريك، وأوجد الانفجار حالة من الذعر عززت المخاوف من التمادي الجاري في لعبة قذرة: تراشق بالابرياء، قتلى وجرحى من المدنيين المسالمين، اما في احيائهم او في منازلهم، او متاجرهم او مساجدهم، او في الطريق الى اعمالهم او مكاتبهم، ممن فيهم الاطفال والتلامذة، وكل ما لا ناقة له ولا جمل، لا في هذه الجماعة الحزبية، ولا في ذاك «التنظيم الارهابي»، ولا في التدخل العسكري اوالتورط هناك، وكأن لعبة القدر ضربت الابرياء على مذبح الخلافات السياسية ولعبة المحاور الكبرى.

التاسعة وبضع دقائق من صباح الجمعة 27 كانون الاول 2013، هز انفجار سببه سيارة مفخخة، محلة ستاركو في وسط بيروت، فخر الوزير السابق محمد شطح شهيداً مع سبعة شهداء آخرين وعدد من الجرحى، فضلاً عن الاضرار المعنوية والمادية والنفسية.

الرابعة وبضع دقائق من عصر الخميس، 2 كانون الثاني 2014 دوى انفجار في ضاحية بيروت الجنوبية ناجم عن سيارة مفخخة بـ20 كيلوغراماً من المتفجرات، هو الرابع من نوعه، منذ 6 تموز الماضي، تردد انه كان يستهدف مقر المجلس السياسي «لحزب الله»، الا ان الحصيلة كانت قتلى وجرحى من المدنيين الابرياء، وحالة من البلبلة والاسئلة بلا اجوبة، وكأن لعبة الدم الجارية في المنطقة تمددت الى لبنان، متخذة من المدنيين منصة للرسائل والضغوطات المتبادلة.

وتتفق الاطراف السياسية عند كل محطة ان ثمة مسلسلاً يستهدف لبنان، وان الفراغ على الابواب، وان هذه الجهة او تلك هي المسؤولة عما يحصل، من دون تلمس اي سبيل للتفاهم على اغلاق «الثغرة» السياسية التي تطيح بالاستقرار، وتضع البلد، بأهله ومؤسساته، على كف عفريت.

لم يصدر حزب الله بياناً حول الحادث، بل اكتفى بما اعلنه نائب الامين العام الشيخ نعيم قاسم بأن ما جرى في الضاحية يستهدف عامة الناس وليس حزب الله حصراً، مؤكداً ان حزب الله لن يتراشق بالاتهامات ولن يرد على الافتراءات، معتبراً ان الرد على مخطط الاجرام هو التفاهم السياسي والمسارعة الى تشكيل حكومة وحدة وطنية، فيما طالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط بقليل من التواضع والتنسيق وعدم استبعاد الآخر، وان اي مغامرة باستبعاده وباتهامه ستزيد الارهاب يميناً ويساراً، مصراً على موقفه بأن تكون الحكومة جامعة.

واعتبر رئيس تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري ان الارهاب الذي يستهدف الابرياء والمدنيين والمناطق الآمنة هو اجرام معزول عن ادنى المشاعر الانسانية، مشيراً الى ان الابرياء في الضاحية هم ضحية جرائم ارهابية واجرامية تستهدفهم منذ اشهر، وفي الوقت عينه ضحية التورط في حروب خارجية وفي الحرب السورية، داعياً الى اعتبار تحييد لبنان عن الصراعات المحيطة امراً جوهرياً لتوفير الحماية للاستقرار الوطني.

ودان رئيس كتلة المستقبل الرئيس فؤاد السنيورة ما وصفها بالجريمة النكراء، داعياً لوقف الانزلاق الى آتون الإرهاب المجرم، متصلاً بكل من الرئيس نبيه بري والشيخ عبد الأمير قبلان والعلامة السيد علي فضل الله.

وفي خطوة متقدمة على طريق جلاء حقيقة الجريمة، سارع البائع الأول لسيارة جيب غراند شيروكي زيتية اللون التي استخدمت في التفجير سامي الحجيري الى تسليم نفسه الى مخابرات الجيش التي كلفها مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر بإجراء التحقيقات اللازمة، من دون إسقاط أي فرضية من فرضيات من نفّذ العملية وعمّا إذا كانت انتحارية أم لا، علماً أن أشلاء جثة تردد أنها للإنتحاري نقلت الى مستشفى «بهمن» لإجراء فحوصات الحمص النووي، وهي عبارة عن الجزء العلوي من الجسم وبعض ملامح وجهه والرأس.

وعلى غرار ما جرى من ردود فعل دولية، على جريمة اغتيال الشهيد شطح، سارع المجتمع الدولي الى إدانة تفجير الضاحية الجنوبية، والذي رآه الأمين العام للأمم  المتحدة بأنه «يعكس تصعيداً مثيراً للقلق للعنف الذي يشهده لبنان في الأشهر الماضية»، داعياً اللبنانيين الى ضبط النفس والاجتماع معاً من أجل دعم مؤسسات الدولة، وعلى الأخص الجيش والقوى الأمنية.

كما دانت الخارجية الأميركية «التفجير الإرهابي»، فيما جددت الخارجية الفرنسية حرصها على الاستقرار في لبنان، داعية اللبنانيين الى العمل على تفادي تصعيد العنف والحفاظ على الوحدة الوطنية.

وندد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي بالتفجير الارهابي، معتبراً أن هذا العمل الاجرامي يندرج في إطار مسلسل يحاول استهداف السلم الأهلي اللبناني وإشعال الفتنة وتفجير الأوضاع في لبنان على وقع الأحداث الدائرة في المنطقة.

وكذلك دان وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هيو روبرتسون التفجير، مؤكداً دعم بلاده لتحقيق الاستقرار والأمن في لبنان.

واستنكرت السفارة المصرية في بيروت الحادث الإرهابي الأليم بأشد العبارات.

قيادة الجيش

واثر الانفجار أعلنت قيادة الجيش أنه بنتيجة الكشف الأولي للخبراء العسكريين المختصين على موقع الانفجار الذي حصل بعد ظهر اليوم (أمس) في محلة حارة حريك - الشارع العريض، تبيّن أن الانفجار ناجم عن كمية من المتفجرات زنة نحو 20 كلغ، موزعة داخل سيارة نوع جيب غراند شيروكي لون زيتي داكن طراز 1993 تحمل اللوحة رقم 341580/ج ويجري التحقق من وسيلة التفجير المستخدمة.

وبحسب مصادر أمنية فإن سيارة الغراند شيروكي التي انفجرت كان الجيش قد عمم مواصفاتها على أنها قد تكون مفخخة منذ نحو 10 أيام، وكانت تملكها هلا عثمان وباعتها لمحمد عز الدين ولكنها  ادعت على عز الدين في شباط 2013 لأنه لم يسجلها، ومن ثم باعها عز الدين لسامي الحجيري في شهر آذار من العام 2013 ثم تبين في قيود مصلحة تسجيل السيارات أنه تم تحويلها الى أنقاض.

ماذا بعد الانفجار؟

مصادر سياسية توقعت أن يتريث الرئيسان ميشال سليمان وتمام سلام في السير في أي خيار حكومي قد لا يلقى توافقاً وطنياً، لأن المطلوب ان تفتح خطوة الحكومة الباب امام تفاهم وطني وليس تأزماً سياسياً، لا سيما بعد موقف كل من الرئيس نبيه بري والنائب جنبلاط.

واكتفت المصادر في هذا المجال، بالاشارة إلى أن محاولات يجريها الرئيس برّي والنائب جنبلاط لتسويق حكومة أقطاب أو حكومة من 14 وزيراً، بحيث لا تستثني أحداً، لأن المرحلة لا تحتمل «دعسات ناقصة» وفقاً لأوساطهما.

وبانتظار عودة الرئيس سليمان غداً، لم تشأ مصادر مقربة من الرئيس المكلف ضرب مواعيد لإصدار مراسيم الحكومة الجديدة، بل اكتفى الرئيسان في لقائمهما الأخير بالتفاهم على تحريك عجلات التأليف.

إلى ذلك، رفضت مصادر واسعة الاطلاع الربط الحاصل بين الجرائم من زاوية الفعل ورد الفعل، واعتبرت أن تداعيات الحرب السورية هي من أبرز الأسباب التي تؤثر في تحريك عمليات الإرهاب أو التفجيرات في هذه المنطقة أو تلك.

واعتبرت أن المهم الآن تحصين الإجراءات الأمنية وعدم التلهي بإطلاق التحديات ومواقف الاستفزاز.

وفُهم من مصادر سياسية مطلعة أن ما حُكي عن حكومة مطلع الأسبوع المقبل قد لا يكون دقيقاً، مع العلم أن زوّار رئيس الجمهورية نقلوا عنه مؤخراً تأكيده أهمية أن تتسم اتصالات التأليف بالجدية، بعد عطلة رأس السنة.

ولفتت المصادر نفسها إلى أن هناك رغبة رئاسية بعدم حصول تأخير في ولادة الحكومة، إلا أن ذلك لا يعني توليد مشكلة، بل حض الأطراف جميعاً على تحمل مسؤولياتهم، مؤكدة أنه فور عودة الرئيس سليمان من اجازته ستنشط الاتصالات المتعلقة بملف الحكومة، آخذة بعين الاعتبار المستجدات الأمنية في الضاحية وغيرها.

ماجد الماجد

الى ذلك، كشفت معلومات موثوقة أن قدرات تقنية عالية ساهمت في عمليات مراقبة تنقلات أمير «كتائب عبدالله عزام» السعودي ماجد الماجد، وتحديد مساره منذ خروجه من مخيم عين الحلوة، وأدت إلى توقيفه من قبل مخابرات الجيش اللبناني.

ولم تستبعد هذه المعلومات أن يكون لبنان قد استعان بخبرات وتجهيزات دولة غربية كبرى، لملاحقة الماجد المطلوب رقم 70 على لائحة الإرهاب السعودية والتي تضم 85 إرهابياً قاموا بأعمال تحت هذا التوصيف في المملكة.

وأشارت هذه المعلومات إلى أن ماجد الماجد هو في حالة صحية متردية قبيل دخوله إلى مستشفى المقاصد للمعالجة وغسل الكلى، ثم تفاقمت هذه الحالة بعد توقيفه، وقد تعيق مجرى التحقيق.

تجدر الإشارة إلى أن عينات من الماجد ارسلت إلى السعودية للتأكد من هويته، فيما أكّد سفير المملكة علي عواض عسيري بأن المملكة تبلغت من السلطات اللبنانية نبأ القبض عليه، وانه في ضوء الاتصالات الجارية والتأكد من نتائج فحوصات الحمض النووي، يمكن ان تطلب المملكة تسليمه إليها، فيما أعلن السفير الإيراني في لبنان غضنفر ركن ابادي، بأن طهران طلبت رسمياً المشاركة في التحقيقات معه، باعتباره هو المتهم الرئيسي في تفجير السفارة الإيرانية."

 

    

الموضوعات المدرجة تعرض أبرز ما جاء في الصحف، وموقع المنار لا يتبنى مضمونها