27-04-2024 05:10 AM بتوقيت القدس المحتلة

حز الرؤوس واكل القلوب وتدنيس المقامات ...ما كل هذا الحقد

حز الرؤوس واكل القلوب وتدنيس المقامات ...ما كل هذا الحقد

في حمأة المعارك الدائرة على الارض السورية برز فكر يريد ارجاع البلاد مئات السنين الى الوراء وإدخال العباد في نفق قائم على الحقد والكراهية وإبادة واستئصال كل ما يخالف هذا الفكر وان كان من نفس الدين او المذهب

 

حسين ملاح

في حمأة المعارك الدائرة على الارض السورية برز فكر يريد ارجاع البلاد مئات السنين الى الوراء وإدخال العباد في نفق قائم على الحقد والكراهية وإبادة واستئصال كل ما يخالف هذا الفكر وان كان من نفس الدين او المذهب.

لعل أخطر ما يواجهه الشعب السوري في ازمته الراهنة هو السعي من قبل بعض الجماعات الى تدمير الانسان السوري عبر تمرير اليأس اليه وإيهامه ان لا افق لحل ازمته سوى اعتماد الخيارات المتطرفة والمتشددة التي لا تقبل بالآخر مهما كان هذا الآخر سواء مسلماً او مسيحياً او غير ذلك.

ولتحقيق هذا الهدف بدأ اصحاب هذه الافكار بوضع خطة من مراحل متعددة ، بدأت مع ضرب البنى التحتية والحيوية اضافة الى الاماكن السكنية ، وبعدها روج لثقافة التحريض الطائفي والمذهبي والعرقي ، فأدخل السوريون في حروب ضد بعضهم غزتها عناصر أجنبية إستجلبت عبر اجهزة استخبارات خارجية من شتى البلدان القريبة والبعيدة تحت عنوان "الجهاد والوصول الى الجنة".

"الوصول الموعود" هذا أول ضحاياه كان السوريون أنفسهم الذين اضحوا تحت رحمة ثقافة سفك الدماء من قتل للأنفس البريئة وحز للرؤوس واكل للقلوب وغيرها من صور اجرامية قل نظيرها في عصرنا الحديث.

ابشع صور الاجرام تلك تمثلت باستباحة دم السوريين من علماء دين وفكر عبر فتاوى زُجت في معركة لتبرير القتل باسم الدين كما جرى مع الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي الذي استشهد وهو يلقي خطبة دينية بواسطة تفجير انتحاري استهدف منبره في احد مساجد العاصمة السورية ، ناهيك عن خطف رجال الدين المسيحيين كالمطرانيين اليازجي وابراهيم والعمل على تهجير فئات واسعة من المسلمين اضافة الى الاقليات بعد ارتكاب شتى المجازر بحقها.

وتزامناً مع محاولات ارهاب الاخرين سعت جماعات تحمل فكراً تكفيرياً الى تدمير كل ما هو مقدس عند السوريين غير آبهة بحضارة تمتد لمئات بل لالاف السنين وتضم مقامات لأديان سماوية متنوعة من الاسلام والمسيحية.

عند الحديث عن تلك المقامات لا نختصر ديناً او طائفة او مذهباً معيناً  لان الانتهاكات تطال الجميع دون استثناء على قاعدة "من ليس معنا وجب الاقتصاص منه" وعلى سبيل التذكير فقط لا الحصر فان جماعات مسلحة عمدت وخلال فترات مختلفة من عمر الازمة السورية الى انتهاك المقدسات من نبش القبور حتى لصحابة رسول الله (ص) وتدنيسها (حجر بن عدي) واستهداف المساجد (المسجد الاموي في دمشق) والكنائس (الرقة ، معلولا...) اضافة الى تدمير بعض المقامات كما جرى مؤخراً في مدينة الباب الواقعة بريف حلب ، ووصل الامر بتلك الجماعات الى قطع رؤوس تماثيل شيدت تكريماً لشخصيات ادبية في التاريخ العربي والاسلامي كما حصل مع تمثال ابي علاء المعري ، ولم تكتف الجماعات المذكورة بذلك بل حولت عشرات المساجد ودور العبادة المسيحية والاسلامية كمقرات عسكرية لها واماكن لسجن وتعذيب كل من يخالفها الراي.

مشاهد وزعها ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام تظهر تدنيس المقامات في ريف حلب 

هذا جزء مما يُرتكب يومياً على الارض السورية من قبل أصحاب فكر يُريدون تعميمه على شعوب المنطقة بغية ادخالها في نزاع لا يبقِ ولا يذر ويخدم فقط انظمة ملكية تسعى للحفاظ على نفسها وطبعاً الحفاظ على أمن الكيان الصهيوني الذي يعتبر اكبر المستفدين مما يجري من فرقة ونزاع في بلاد العرب.

طبعاً ما تسعى الى تحقيقه تلك الجماعات باسم الاسلام في سورية لم يكن مفاجئاً لدى العديد من مفكري ونخب الامة والذين دأبوا على التحذير من خطورة تلك الافكار على بلادنا ويرى عضو تجمع العلماء المسلمين في لبنان الشيخ صُهيب حبلي لموقع المنار ان هؤلاء يقومون بتدمير المقامات التي يعتبرونها شركاً في باكستان وافغاسنتان وهم استباحوا دماء المسلمين ممن خالفهم الرأي كما جرى مع الشيخ برهان الدين رباني الذي قضى على يد جماعات متشددة في افغاستان.

وحول الامعان في انتهاك امكان العبادة الاسلامية كالمقامات والاضرحة يقول الشيخ حبلي ان تلك الجماعات تعتبر زيارة القبور بدعة وفي كتبها ان الانسان الذي يستشفع بالصالحين هو مشرك وجب استباحة دمه وعرضه.

ويوضح الشيخ صهيب حبلي ان "هؤلاء لا يمثلون الاسلام بل يمثلون انفسهم ونرفض زج الاسلام في تلك الامور لأن هذه الجماعات شاذة وضالة وفرق بينها وبين الاسلام بُعد المشرق عن المغرب ولا يسلم منها الاحياء والاموات".

اما المسؤولية الاساس عن الانتهاكات التي تقوم بها تلك الجماعات فتقع بالدرجة الاولى على "علماء السلاطين" بحسب الشيخ حبلي الذي يقول "ان بعض هؤلاء العلماء الذين حرموا تفجير النفس ضد العدو في فلسطين المحتلة أباحوا هذا الامر في سورية " ، ويضيف ان "هؤلاء يتحدثون باسم المشروع وليس الدين وللأسف ضعفاء العقول يستجيبون لهم".

اذاً المعركة ليس كما يُروج او يراد لها ان تكون بين السنة والشيعة او المسيحيين والعلويين وغيرهم وانما هي معركة بين اسلام صحيح اي اسلام كما بشر به رسول الله (ص) قائم على التسامح ومحاورة الاخر بالتي هي احسن ، و"اسلام" يقلب الموازين ويريد ان يجعل من الاخ عدواً ومن العدو صديقاً...!!!