27-04-2024 01:05 AM بتوقيت القدس المحتلة

"ها هو اليتيم بعين الله" رواية إيرانية تحكي سيرة النبي (ص)

وقد أشاد السيد الإمام الخامنئي بهذا العمل حينما خاطب المؤلف قائلاً: "لهذا الكتاب قيمة عظيمة تستحق العمل وبذل المساعي وإن طال العقدان من الزمن ولم تأتِ بغيره".

غلاف رواية "ها هو اليتيم بعين الله"كتبت الرواية، وهي من تأليف الإيراني محمد رضا سرشار، بحس عقائدي عبر عن عاطفة الكاتب الدينيه ويقينه الراسخ الذي نقله الى المتلقي بشفافية مطلقة فقد وثق سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المهد الى اللحد بانسجام متقن في السرد والصياغة وبتقنيات فنية عالية فبدءا بالعنوان المفعّم بالروحانية والتسليم المطلق الذي شف شغف وعشق المؤلف لهذه الشخصية المقدسه والتي أعطاها دفق روحه وشذرات فؤاده وحتى البناء العام للرواية المصاغة باسلوب محترف وبتوثيق تأريخي مترابط الأحداث.

كتبت الأديبة خولة القزويني :

فاختياره الدقيق للعنوان يعطيك مدلولات عميقة لقراءة المؤلف لشخص النبي محمد ص واستكشاف أغوارها الباطنية ، فهذا اليتيم المتوحد بفكر سماوي صادما لعقلية مجتمع يحمل أرثا تراكميا متحجرا ينبت كسنبلة خضراء ناضحة بالخير الوفير في وحشة صحراء قاحلة قاسية سيتكفله الرب وسيودع في كيانه  المقدس أسرار الكون وغوامض المستقبل، فما هي تجليات ذلك العنوان الذي يفتح ناظريك وقلبك لأن تبدأ في رفقة هذا اليتيم منذ البدء.

الإمام الخامنئي يشيد بالرواية :

وقد أهدى المؤلف رائعته إلى الإمام الخميني، وإلى آية الله العظمى السيد الإمام الخامنئي، قائلاً في محبة: "إلى نادرة العصر، وواسطة العقل، سماحة الإمام الخميني، وإلى من كان لتحفيزه أكبر الأثر في مواصلة هذا السفر، ذلك العظيم، الحبيب، قائد الثورة آية الله الخامنئي". وقد أشاد السيد الإمام الخامنئي بهذا العمل حينما خاطب المؤلف قائلاً: "لهذا الكتاب قيمة عظيمة تستحق العمل وبذل المساعي وإن طال العقدان من الزمن ولم تأتِ بغيره".

لقد كانت لغة الرواية متينة قد وثقت الأحداث بيراع مؤرخ متمرس وأديب أتقن حرفة هذا الفن، في الحقيقة لها تميز ولمعة يجدر أن تتصدر العالمية والأنتشار فالأسلوب نابضا بالعاطفة يتغلغل إلى الوجدان والروح ويستحوذ على الفكر والوصف دقيقاً لبيئة الصحراء ومناخها القاسي، ملما بمزاج الفرد البدوي وذائقته المعبرة عن الغلظة والتمرد والمرهون بوجوده الكائن في خضم الجاهلية وصراعاتها الدمويّة، فقد أجاد المؤلف في تبيان معاناة الفرد في ظل طغيان الأعيان الذين سلبوا كرامته وأهدروا حقه واستدرج المتلقي ليتهيأ ذهنيا ونفسيا كي يستوعب مبررات الرسالة والرسول وأن مبررات الدعوة وتباشيرها على الأبواب.

الرواية تحلق في أنوار النبي محمد (ص) :

غار النور حيث اختبأ الرسول (ص) من كفار قريشتعيش فصول الرواية بمواسم تأخذك إلى مجتمع مكة ونظامها القبلي وقراهاالسابحة في فضاء معتم وانقساماتها والتفاصيل الدقيقة التي كونّت بيئة ذلك اليتيم الذي فارقه الأب (عبدالله)  في قافلة تجارة  ذلك الشاب الجميل المتميز الصبوح الوجه والأقرب مكانة الى أبيه دون أخوته والذي كانت الأفئدة تهوى اليه غادر زوجه ( آمنة بنت وهب)وهي حبلى بولده والعذاب والألم الذي ترعرع فيه اليتيم (محمد) وكيف تبلورت خواص النبوة فيه ليتمكن من تحطيم أصنام الجاهلية ونسف قواعدها الفكرية القائمة على موروثات وتقاليد تراكمية والأحجار القابعة حول بيت الله الحرام والتأسيس لعقيدة التوحيد والتشكيك في ولاءات هذا المجتمع الجاحد، وكم هي المسيرة طاحنة، ملبدة بالحروب والفتن، محمد اليتيم الذي شرب القدرة من نبع القادر يجاهد بمدد إلهي تطالعه العين الساهرة التي لا تغفل عنه ولا تنم وتؤيده بالنصر المؤزر حتى الرمق الأخير.

في كل مشهد من مشاهد هذه الرواية العصماء تشتعل روحك وتنسلخ لتعيش فضاءات الكاتب وتحليقه في أنوار النبي محمد (ص) القدسية بانعتاق ملكوتي بقوة بلاغية رائعة وألفاظ جزلة ترتقي بذائقتك وأحاسيسك، تعيش حياة الصحراء كفيلم سينمائي دقيق الوصف في الأعشاش والأحراش في الإبل والماعز في الأقدام المغمسة  في التراب في البئر المترع بالماء، في الضجة حول الكعبة، في الأحجار الصلدة وقيظ الصحراء في الحواس الملغمة بعنفوان وبالعين المحدقة في الأفق الممتد.. والجذبات الكونية تدرك النبي الصابر الحزين الملهوف على أمته, في المنعطفات الموحشة وليس من حوله إلا تلك العين الباصرة إليه برفق وعطف ، عين الله عز وجل الحارسة له في حراكه الرسالي , في جهاده الأصغر حينما يبتهل الى الله بقلب منفطر وبروح موله بالعشق الى الخالق لينطلق في جهاده الأصغر والمواجهة العسكرية ضد الكفار والمنافقين.

فحينما نحوّل التاريخ المتجمد في متون الكتب الصفراء إلى رواية ذات حس وصوت وصورة ولون يمكننا أن نوظف كل أحاسيسنا لنستوعب الحقيقة وبمعايير جمالية تفتح آفاق تفكيرنا لنهضم الفكرة بايمان ويقين يجمع العقل والعاطفة.. ومن قبل كتب(جرجي زيدان) أجمل روايات التاريخ الإسلامي في عصوره المتعاقبة فكان إلى العقل والقلب أقرب، ويجود علينا الزمان بروائي فذ كالأستاذ (محمد رضا سر شار) ليقدم لنا تحفته الرائعة (محمد ذلك اليتيم) نموذجاً للفن الروائي الخالد الذي يتميز بأُلق وعمق نادرين.