26-04-2024 04:47 PM بتوقيت القدس المحتلة

غولدا مئير: الغرق في السياسة والعشق

غولدا مئير: الغرق في السياسة والعشق

في كل عام وعند حلول «يوم الغفران» اليهودي يتذكر كثير من الإسرائيليين رئيسة الحكومة السابقة غولدا مئير، ويرون فيها مثالا للافتقار للاستشراف وللتمسك بالتصورات المسبقة، وأنها قادت بذلك إلى حرب تشرين



حلمي موسى


في كل عام وعند حلول «يوم الغفران» اليهودي يتذكر كثير من الإسرائيليين رئيسة الحكومة السابقة غولدا مئير، ويرون فيها مثالا للافتقار للاستشراف وللتمسك بالتصورات المسبقة، وأنها قادت بذلك إلى حرب تشرين العام 1973 التي شعرت فيها الدولة العبرية للمرة الأولى أنها عرضة للفناء.وخلافا للصورة الذكورية التي تنطبع في الذهن من رؤية صورة غولدا مئير، أو من قراءة مواقفها وتصرفاتها، بما احتوته من شدة وعناد، يعرض مؤرخ إسرائيلي سيرة حياة مناقضة تظهر مئير كامرأة آسرة بل شهوانية. وتبدو السيرة الجديدة وكأنها سيرة «عشق غولدا» التي لم توفر في هذه المسيرة حتى الغرام برجل أعمال لبناني.وقد عرضت صحيفة «إسرائيل اليوم» للسيرة الجديدة ومقابلة مع المؤرخ يوسي غولدشتاين الذي اهتم بغولدا وسيرتها، منذ حرب تشرين وحتى اليوم. وأشارت الصحيفة إلى أن تلك الحرب دفعت غولدا مئير، وهي في الخامسة والسبعين من عمرها، لتدخين 90 سيجارة يوميا بدلا من 60 كانت معتادة عليها في الأيام العادية. فقد كانت ظروف الحرب ضاغطة جدا عليها لدرجة أنها أقرت لاحقا «أنني في اليوم الثاني للحرب قررت الانتحار». وقد نجمت هذه الضغوط أساسا من التقديرات الكارثية التي قدمها وزير الدفاع في حينه موشيه دايان حول المصير الأسود للدولة العبرية والخراب الثالث. ومع ذلك قاومت غولدا مشاعر اليأس هذه، وأدارت الحرب بطريقتها التي قادت إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى، وأعباء اقتصادية هائلة أشاعت انتقادات عنيفة ضدها.ويقول يوسي غولدشتاين، الذي يعلم في الجامعة مساقا حول تاريخ غولدا، إن أبحاثه قادته إلى الاقتناع بعكس ما هو شائع، وان غولدا كانت رئيسة حكومة ممتازة. وقد تبنت غولدا قبل حرب تشرين رؤية دايان القائلة بأنه إذا اجتاز المصريون قناة السويس فسنهزمهم. وكانت هذه الرؤية جزءاً من سياق ساد في القيادة الإسرائيلية أسمي «المفهوم» وخلاصته أن العرب لن يبادروا إلى حرب، فلماذا نحاور للسلام معهم.ويعتبر غولدشتاين أنه لم يكن بوسع مئير أن تقيم سلاما لأنها «كانت تجسيدا مخلصا جدا لسكرة القوة الإسرائيلية في تلك الأيام. وسيقال لمصلحتها إنها لم توهم أحدا يوما بأنها تثق بالعرب أو تؤمن بالسلام».عموما، وبقدر ما نقب غولدشتاين في تاريخ غولدا مئير كلما اكتشف أنها غير ما دأب الناس على رؤيتها. فهي في نظره منسجمة مع نفسها، صادقة، رقيقة وعاطفية ومتكيفة. كما أنها عنده امرأة متواضعة وآسرة، وليست كما أشيع عنها محافظة وغير لامعة ودوغمائية وذكورية وعنصرية. ويشير إلى أن بن غوريون كان أول من اكتشف قدرات غولدا وعينها وزيرة للخارجية بدلا من موشي شاريت. وفي نظر بن غوريون، الذي أرسلها العام 1948 لجمع الأموال من أميركا كانت «المرأة اليهودية التي جمعت المال الذي سمح بإقامة الدولة».وبعيدا عن السياسة، أو الأصح في دهاليزها، ابتعدت مئير عن دور الأمومة فخسرت عائلتها وزوجها. لكنها حتى في انغماسها في العمل العام في «الهستدروت» والحكومة ظلت تهتم باحتياجاتها كامرأة وخصوصا على الصعيد العاطفي. وهكذا يظهر التقرير عن سيرة حياتها أنها هربت من بيت أهلها في الخامسة عشرة من عمرها، لأن إخوتها حاولوا تزويجها من شخص بعمر والدها. وتزوجت وهي في السادسة عشرة من عمرها من موريس مئيرسون الذي منحها اسمها و«هاجر» معها إلى فلسطين بعد سبع سنوات من الزواج. ومارست نشاطها في «الهستدروت» إلى أن انتخبت عضواً في المجلس إلى جانب كبار القادة الصهاينة مثل بن غوريون وبيرل كاتسنلسون.وخدمها دافيد ريمز، وهو الرجل الثاني في «الهستدروت» بعد بن غوريون، وغدت عشيقته أثناء زواجها من مئيرسون. ويقول غولدشتاين إن ريمز رعاها في مستهل حياتها السياسية، ولكن من السخافة الاعتقاد أنها تقدمت عبر السرير. ولم يطلق مئيرسون غولدا حتى وفاته، لكنها كانت قد أسلمت أمر تربية أطفالها إلى مربية حتى تتفرغ لحياتها السياسية.ويشدد غولدستون على أنه رغم تنازل غولدا مئير عن حياتها العائلية إلا أنها لم تتخل عن حياتها الغرامية. وكانت، حسب رأيه، محاطة بالمغرمين، وأبرزهم من أصبح لاحقا رئيسا لإسرائيل وهو زلمان شازار. وكانت لها علاقة غرامية مع شازار وريمز في الوقت ذاته، حيث كانت تميل حينا لهذا وحينا آخر لذاك.وكانت لها علاقات غرامية أخرى كثيرة. وسرت شائعات قوية عن غرامها بسكرتير عام «مباي» لاحقا، زلمان أران وبزعيم «هشومير هتسعير» يعقوب حزان. ويوضح التقرير أنها لم تكرس سوى وقت قصير جدا لعشاقها، فقد كانت «مدمنة واستحوذ عليها العمل السياسي بدرجة ملأ كيانها».  وبعد ذلك أقامت علاقة غرامية مع هنري منتور الكندي الذي كان سكرتير عام الجباية الموحدة. وأشيع أنها أنشأت علاقة مع بيرل كاتسنلسون وحتى مع ديفيد بن غوريون.وتبين السيرة الجديدة أن غولدا مئير لم تنس عشقها، حتى وهي رئيسة للحكومة الإسرائيلية، حيث كانت على علاقة مع المليونير اليهودي الأميركي لويس بويار. وكان كتاب سليم نسيب اليهودي الفرنسي «العاشق الفلسطيني» قد كشف أنه كانت لغولدا مئير علاقة غرامية مع المصرفي والأرستقراطي اللبناني ألبرت فرعون، الذي كان مقيما في حيفا. ويبين التقرير أنه في ضوء «انعدام ثقة غولدا بالعرب، فإن غراما كهذا يشهد على أن شهوانيتها تغلبت على أيديولوجيتها، وهو ما لا يناسب الطابع العنيد لغولدا».

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه