26-04-2024 04:49 PM بتوقيت القدس المحتلة

"لا نشهد على عروبة آل سعود ولا على إسلامهم"

أما الشهادة على إسلام آل سعود فهي مجروحة من كل الجوانب...

طلال ياسر
 

 "من يعتدي على الشعب اليمني يجب أن يبحث عن شهادة على إسلامه وعروبته"..

 هذا ما قاله سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله، في معرض تذكير الناس بأن الشعب اليمني هو الذي يمثل العرب العاربة التي لم تختلط بهجنة، ولا يستطيع أحد أن يشكك أبداً بعروبته الخالصة التي لا تشوبها شائبة إن كان الحديث عن العروبة بمعنى الانتماء إلى الأصول العربية الخالصة.

فالقبائل اليمنية شمالاً وجنوباً وصولاً إلى أبها التي هي محافظة يمنية في الأساس كلها قبائل عربية عاربة، وهي تعرف جيداً بحكم خبرتها الطويلة بعلم الأنساب مَن هي القبائل العربية الخالصة التي عاشت بينها، ومَن هي القبائل المستعربة التي اختلطت بغيرها، فكيف بالقبائل التي لا أساس لها ولا أصل في هذه المنطقة، وفي هذا إشارة إلى ادّعاء آل سعود في مرحلة معيّنة انتماءهم إلى فخذ معيّن من قبيلة "عنزة" كان موجوداً في نجران هم المساليخ، وقبائل نجران ويافع وغيرهما تعرف جيداً من هي القبائل التي قطنت هذه المنطقة وتستطيع أن تفنّد ادّعاءات آل سعود في هذا المجال.

 وأما الشهادة على إسلام آل سعود فهي مجروحة من كل الجوانب، وليس ذلك لأن الكاتب ناصر السعيد رحمه الله في كتابه: تاريخ آل سعود، فضح آل سعود وعرّاهم وأعادهم إلى أصولهم اليهودية، بل لأن سيرتهم منذ جدّهم الأول تقول إنهم يعملون على تحريف الأنساب وتزويرها وقتل زعماء العشائر الموجودة في نجد وتقمّص شخصياتهم. ثم إنهم تبنّوا الفكر الوهابي الذي صمّمته الاستخبارات البريطانية الموجودة في الخليج، لمحاربة الفكر الإسلامي الذي كان سائداً والذي هو حصيلة اجتهادات ومعايشة بين المذاهب الإسلامية دامت قروناً من الزمان، وكذلك الحضارات الإسلامية التي تعاقبت على الحواضر الإسلامية الرئيسية (دمشق وبغداد والقاهرة) طوّرت هذا الفكر الإسلامي وصقلته وجعلت التعايش بين المذاهب الإسلامية طبيعياً، إلى أن جاء الفكر الوهابي الذي رفض التعايش مع كل المذاهب الإسلامية التي كانت سائدة وكفّر منذ البداية المذهب المالكي (نسبة إلى مالك بن أنس رضي الله عنه) الذي كان سائداً في الحجاز، ثم ما لبث أن كفّر سائر المذاهب الإسلامية بذريعة العودة إلى "الدين الحنيف"، وهو في الحقيقة عمل ممنهج لتدمير الفكر الإسلامي الذي تبلور عبر عقود طويلة من التطوّر، والعودة به إلى الجهل والتخلف، فكان العمل على "تنقية الدين الإسلامي" كما يقولون، مبنيّاً على أساس إلغاء كل التفاسير التي كانت موجودة والاجتهادات وإسقاط كل النظريات التي أنشأها  علماء الإسلام طوال قرون الخلافة الإسلامية والعودة بها إلى مزاجية علماء الوهابية الذين لا يخفى على أحدٍ ما  أفتَوا من فتاوى تتناقض مع العلم والقرآن نفسه، ومنها فتاواهم الشهيرة في أن الأرض ليست كروية وإنما مسطّحة.

كل ذلك بالتزامن مع إنشاء معاهد وهابية حول العالم لتحريف الدين الإسلامي السمح وحرفه عن سيرته، ونشر التطرّف والتمحّل والتغوّل إمعاناً في تشويه صورة هذا الدين، والسؤال المطروح: كلّ ذلك خدمة لمَن؟.

وبعد كل البدع التي ابتدعها الوهابيون توصلوا في النهاية إلى أن الكعبة يجب أن تُزال حتى لا تتحوّل إلى صنم للعبادة، وهنا مربط الفرس بالنسبة لحقيقة انتماء آل سعود الديني.

 فالدعوات الوهابية المتتالية إلى هدم الكعبة خرجت من أشخاص يتّبعون الفكر الوهابي ذاته الذي تبنّاه آل سعود وعملوا على ترسيخه في المنطقة والعالم، من خلال ضخ الأموال الهائلة في هذا الاتجاه، وموضوع الكعبة هذا لا يخصّ أتباع الدين الإسلامي فقط، وإنما يتعدّاهم إلى أتباع الديانات السماوية الثلاث، فمعلوم أن مَن بنى الكعبة هما نبيّا الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، وأن مشكلة اليهود قائمة مع العرب المستعربة "نسل إسماعيل" وليس مع العرب العاربة فقط، وأنهم يحاولون تاريخياً إثبات فرضية أن الذبيح هو "إسحق" عليه السلام وليس "إسماعيل"، وبالتالي يكون "إسحق" أسبق من إسماعيل في الوجود، وهو ما يجعل تلقائياً اليهود أسبق من العرب "المستعربة" وأحقّ منهم في مسألة "الاصطفاء" التي يحاجج فيها علماء اليهود كثيراً، لأنهم يريدون أن يثبتوا للعالم أنهم شعب الله المختار وأنهم أحق من غيرهم بحكم هذه المنطقة من العالم، وبما أن وجود الكعبة يعني بقاء شاهد تاريخي وديني على أسبقية "إسماعيل" والعرب من بعده في هذه المنطقة، لذلك لا بد أن يعمل علماء بني إسرائيل تاريخياً على هدم هذا الصرح الديني والتاريخي، وهو ما يتلاقى مباشرة مع ما تقوم به التنظيمات التكفيرية الوهابية في كل من سورية والعراق "داعش والنصرة وغيرهما" من هدم للأبنية التاريخية والدينية الحضارية التي تُرجع أحقيّة الوجود في المنطقة للعرب وليس لليهود، وبالتالي يكون إفراغ المنطقة من الوجود المسيحي عبر إلغاء كل آثار وجود المسيحيين في المنطقة، حلقة من حلقات تزوير التاريخ لتشريع حكم اليهود لها، وهم ينتظرون اللحظة التاريخية التي يقوم فيها الوهابيون الأغبياء بهدم الكعبة حتى يقوموا هم بتبرير هدم المسجد الأقصى وإزالته وإلغاء آخر رموز العرب والمسلمين في المنطقة لإعلان دولتهم  المزعومة "اليهودية" من الفرات إلى النيل، وهو في الحقيقة ما يقوم به آل سعود بحكم وظيفتهم الأصلية، لذلك فإن قيام "إسرائيل اليهودية" مرتبط عضوياً ببقاء هذه العائلة في الجزيرة.

 ومن هنا ينبغي على الجميع أن يعلم أن القضية في اليمن ليست مرتبطة حقيقة بتهديدات يمنية لأحد، ولا بوجود عنصر فارسي في اليمن لأن اليمنيين عرب عاربة، ولا بصراع بين الزيدية والشافعية "الشيعة والسنّة" لأن المذهبين نشآ معاً وتعايشا في اليمن، وهما قريبان جداً أحدهما من الآخر لدرجة قدرتهما على الاندماج، وليس ذلك مرتبطاً بشرعيّة لأن مَن يطالبون بشرعيّته فقد كل أسباب مشروعيته، وإنما بتحويل اليمن إلى إمارة وهابية تخدم في النتيجة حلم "إسرائيل اليهودية" في الوجود وليس بشيء آخر، وهو ذاته السبب الذي جعل آل سعود يشنّون حربهم على سورية عبر وهابيّتهم المجرمة، فالهدف في النهاية "إعلان يهودية إسرائيل".

موقع المنار غير مسؤول عن النص وهو يعبّر عن وجهة نظر كاتبه