الأحد   
   07 12 2025   
   16 جمادى الآخرة 1447   
   بيروت 20:33

اسطنبول تستضيف مؤتمر العهد للقدس بحضور حاشد ومشاركة حزب الله

في تركيا، انطلقت فعاليات “مؤتمر العهد للقدس”، بمشاركة وفد من حزب الله الى جانب أكثر من 300 شخصية عربية، إسلامية وعالمية..

نص كلمة مسؤول العلاقات العربية والدولية في حزب الله عمار الموسوي، خلال فعاليات “مؤتمر العهد للقدس”، بمشاركة أكثر من 300 شخصية عربية وإسلامية وعالمية من أكثر من 30 دولة:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى صحبه والتابعين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السيد رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية الدكتور محمد سليم العوَّا،
السيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة الشيخ حميد بن عبدالله الأحمر،
الأخوة الأعزاء جميعاً،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

التحية كل التحية لأرواح الشهداء العظام، الشهداء القادة، والشهداء المقاومين، وسائر شهداء شعبنا في غزة والضفة والقدس ولبنان وسوريا واليمن وإيران والعراق، وفي كل ساحة من ساحات المواجهة التي تقوم بها الأمة في مواجهة هذا العدو الغادر.
الشكر والتقدير للحكومة والشعب التركيين على هذه الاستضافة.

السلام عليك يا قدس، يا عاصمة الأرض ويا عاصمة السماء. هكذا أسماكِ، وهكذا كان يحب أن يطلق عليك سيدنا الشهيد السيد حسن نصر الله.
السلام عليك أيتها البقعة المباركة التي بارك الله فيها وبارك حولها.
أيتها العروس الغالية، مهركِ كان ولا يزال وسيبقى فيضاً من الدماء الزكية والطاهرة.
بعظيم الافتخار والاعتزاز كنا نزف شبابنا وقادتنا شهداء على طريق القدس، بالعشرات، بالمئات، بالآلاف. ولو كان لدينا أغلى من دماء السيد حسن لقدَّمناها على طريق القدس.
وأقسم بالله ما بخلنا ولن نبخل، وما وهنوا لما أصابهم، وما ضعفوا وما استكانوا.

أيها الإخوة والأخوات،
إن عملية “طوفان الأقصى” لم تكن مغامرة، وإن حرب الإسناد لم تكن مجازفة. بل إن الخذلان العربي والإسلامي على مدى عامين أو أكثر من الجهاد والتضحية والصبر والدموع والعطش والألم هو المؤامرة، وهو المغامرة بمصير هذه الأمة وبمصير فلسطين.

فما معنى أن لا تستجيب أمة ناهزة المليارين لتضحيات شعب ومقاومته، ومقاومة صنعت المعجزات؟
وما معنى أن يسود الصمت ربوع عالمنا العربي؟
وما معنى أن لا نستجيب لأهل غزة بكسرة خبز أو شربة ماء؟
لقد عاب علينا كثيرون مشاركتنا في مساندة غزة، وقالوا عنها إنها خطأ أو خطيئة، وجوابنا أن ما تعيبونه علينا كان ولا يزال وسيبقى مبعث افتخارنا واعتزازنا، ويكفينا أننا نأتي يوم القيامة – نأتي ربنا يوم القيامة – منحازين إلى غزة وأهلها وشعبها ومقاومتها وتضحياتها وصبرها وآلامها.

إن المعركة التي خاضتها على مدى عامين طلائع من هذه الأمة كانت عظيمة في آثارها وفيما حققته. لقد اهتز كيان العدو وتزلزل، كما لم يحصل في أي من الحروب العربية الصهيونية السابقة. والطوفان كشف هذا الكيان مرتين:
“طوفان الأقصى” فضح إسرائيل مرتين؛ مرة عندما أظهرها هشة متهاوية (متهاوية)، ومرة أخرى عندما أظهرها قاتلة متوحشة.

أليس غريباً أيها الإخوة والأخوات أن يتفجر وعي الملايين من شباب الغرب وأهله ونسائه في أنحاء العالم، ثم لا يظهر في مدننا وساحاتنا أي استجابة أو رد فعل لما جرى ويجري؟
هل تعتقدون أن مالاً عربياً في مكان ما ذهب إلى تمويل الحرب على غزة وأهلها؟ أنا أعتقد أن مالاً عربياً مَوَّلَ آلة الحرب والقتل الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني.

إن محاولة تصوير ما قام ويقوم به الكيان الصهيوني من توحش وتغول في منطقتنا – من غزة إلى الضفة إلى لبنان إلى سوريا إلى الجمهورية الإسلامية في إيران إلى اليمن وأخيراً إلى الدوحة – على أنه رد فعل أو ردة فعل على عملية “طوفان الأقصى”، هي محاولة قاصرة في فهم طبيعة هذا الكيان وداعميه الأمريكيين والغربيين، بل هي مُوافقة (موافقة) للعدوان الأمريكي الصهيوني على أمتنا.
والذي، وإن جاء من بوابة غزة وفلسطين، لكنه يتطلع إلى السيطرة والهيمنة في كل منطقتنا، من الخليج إلى المحيط.
والعدو لم يخجل من الإفصاح عن نواياه وغاياته، فهو “الشرق الأوسط الجديد” كما وصفه نتنياهو، وهو “السلام عبر القوة” كما وصفه ترامب.

هذا يعني أن المطلوب من هذه الأمة أن تستسلم، أن تخضع، أن تتبع.
وهذا يعني أننا أمام مشروع استعماري جديد، أُعِدَّ له منذ سنوات طويلة. القضية ليست قضية رد على عملية “طوفان الأقصى”، والقضية ليست قضية رد على حرب الإسناد، إنها خطة أُعِدَّت بسرية محكمة، وبجهد كبير، وبقيادة أمريكية من الأمام ومن الخلف، وبمشاركة أوروبية على نطاق واسع.
أُعِدَّ لها منذ سنوات طويلة، وتقوم على مبدأ ضرب كل القوى المقاومة في الأمة والتخلص منها، ومن ثم الذهاب إلى فرض التصور الأحادي الأمريكي الصهيوني لمنطقتنا.

ولكن تطورات ومواجهات العامين الماضيين برهنت أن تفوق الكيان الصهيوني العسكري والتكنولوجي في ظل الدعم الغربي والأمريكي المطلق، لم يمنحه القدرة على إنجاز المهمة وتحقيق الهدف.
لقد أثبتت وقائع التخبط العسكري في تحقيق أهداف الحرب في غزة، والإخفاق في إنجاز مهمة القضاء على حزب الله في لبنان، والصفعة التي تلقاها هذا العدو خلال حربه العدوانية على الجمهورية الإسلامية في إيران، والعجز عن إسكات الصواريخ اليمنية، أثبت أن هذا الكيان المتوحش لا يزال عاجزاً عن إنهاء المهمة التي يتباهى بأنه يخوضها على سبع جبهات.

إن التهديد باستئناف الحرب على إيران، وشن حرب واسعة ضد لبنان، بعد عامٍ على حربٍ وقف جنوده فيها عاجزين عند أسوار بلدة الخيام الحدودية، إنما هو إقرار بأن الحروب التي سبقت كانت بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها.

لقد خُضنا، أيها الإخوة والأخوات، إن التهديد المتواصل منذ أشهر بشن حرب مدمرة على لبنان ومقاومته، وموافقة ذلك من قبل الأمريكيين والأوروبيين وبعض العرب والقوى المحلية اليمينية، بالتهديد والتهويل والحصار الإعلامي والسياسي والاقتصادي، وانصياع بعض أركان السلطة اللبنانية لهذه الإملاءات، يجعلنا على يقين بأننا ما زلنا أقوياء، وننتعش من جراحنا.
وأنه رغم الأثمان الكبيرة التي بذلناها من فقد القادة والمقاومين الشهداء، وتحويل عشرات القرى والبلدات الحدودية إلى مناطق منكوبة ومدمَّرة – في استعادة لمشاهد قطاع غزة في مناطق في جنوب لبنان تشبه تماماً معظم مناطق قطاع غزة من حيث الدمار ومن حيث الإبادة – فإننا رغم كل ذلك لن نستسلم.
ولو كان الاستسلام وارداً في قاموسنا – يعني لو كان هذا المصطلح موجوداً عندنا – لفعلناه عندما استشهد السيد حسن نصر الله؛ كان في فرصة أن نرفع الرايات البيضاء طالما أن قائدنا قُتِلَ (استشهد)، نرفع الراية البيضاء، هذه هي الفرصة المناسبة. لكن من لم يستسلم في هذه اللحظة يعني لا وجود لمصطلح الاستسلام في قاموسه أبداً.

لن نستسلم، ولن نرفع أي راية بيضاء، ولن نسلم السلاح الذي هو عزنا وكرامتنا يا دكتور خالد.
نعم، كما ذكرت حضرتك، لقد خضنا هذه الحرب المقدسة – حرب الإسلام – إلى جانب إخواننا المجاهدين والمقاومين في الجماعة الإسلامية قوات الفجر، وفي الحزب القومي السوري، وفي حركة أمل، وسائر الأحرار والشرفاء من أبناء الشعبين اللبناني والفلسطيني، وكل مؤمن بأن المقاومة ليست درعاً لحزب الله، وليست درعاً لحماس، وليست درعاً للجهاد الإسلامي، المقاومة هي درع لكل هذه الأمة من أقصاها إلى أقصاها.

لن تسقط راية المقاومة في لبنان، كما لم ولن تسقط راية المقاومة في فلسطين وفي غزة الأبية.
فليطمئن الصديق الغيور والمحب، ولييأس العدو والحاقد والشامت.