29-03-2024 01:58 PM بتوقيت القدس المحتلة

"درب الياسمين"؛ حكاية قرية مقاومة .. حين تنتصر العين على المخرز

الممثل كارلوس عازار :" فأنا مسيحي ماروني ألعب دور شخص مقاوم شيعي من جنوب لبنان فأين المشكلة ؟!! لا مشكلة بالعكس هذا شيء يزيد من تقارب اللبنانيين من بعضهم البعض .. ".

مسلسل درب الياسمين"الدراما المقاومة"- إن صحت التسمية- تؤدي منذ انطلاقتها مع مركز بيروت الدولي للإنتاج انقلاباً معرفياً في تسليط الضوء على الحياة الاجتماعية للمقاوم الإنسان، الذي تغرقه الذاكرة الجمعية بنمطية من التصوّرات البعيدة عن الواقع، بعد سلسلة من المسلسلات بدءاً مع "الغالبون" في الأعوام السابقة بجزئيه الأول والثاني (كتابة فتح الله عمر وإخراج السوري باسل الخطيب)، ومن ثم "قيامة البنادق" للكاتب محمد النابلسي والمخرج السوري عمّار رضوان، و"ملح التراب" (كتابة جبران ضاهر، وإخراج إياد نحاس)، يأتي اليوم مسلسل "درب الياسمين" (كتابة فتح الله عمر؛ إخراج إيلي حبيب) ليكون المدماك الأكثر ترسيخاً لصورة مغايرة للمقاوم عما هي عليه في أذهان الناس. وهي الفكرة التي أكد عليها الممثلون الذين قابلهم "موقع المنار" في موقع التصوير في مستشفى النجدة الشعبية في النبطية حيث كان يجري تصوير الحلقات الأخيرة من المسلسل.

الممثل كارلوس عازار : أنا مسيحي ماروني أؤدي دور مقاوم شيعي ..أين المشكلة؟!

الممثل كارلوس عازار، والذي لم نتمكن من التعرّف عليه للوهلة الأولى نتيجة ما طرأ على مظهره الخارجي من تحوّل كبير يحاكي تماماً مشهدية المقاوم الخارج من معركة التحم فيها مع جنود من العدو الإسرائيلي، إذ كان قد انتهى للتو من تصوير المشاهد الأخيرة من عملية "انصارية" التي وقعت في العام 1997، يؤدي دور قائد العملية ويحمل اسم "محمود ضاهر"، حيث هي المرة الأولى له التي يشارك فيها بمشاهد فيها هذا الشكل من المواجهة والتحدي مع ما تحمله من روح مقاومة في بعدها العسكري.

في المقلب الأخر من الشخصية يقول "كارلوس" :"أؤدي دور شاب مقاوم يعيش تفاصيل حياته اليومية مثل أي إنسان أخر، فمحمود ليس شخصاً مقاتلاً طوال الوقت هو لديه حياته ومسؤوليات من نوع مختلف على الضفة الأخرى من حياته الاجتماعية، فهو زوج وأب وواحد من الأفراد في المجتمع ..".

الممثل كارلوس عازار في دور المقاوموكان لافتاً أنها المشاركة الأولى للممثل "عازار" في هذا النوع من الدراما، على مستوى أوسع من مشاركته الأولى في مسلسل "زمن الأوغاد"، الذي مثّل فيه دور ضابط لبناني ينقذ مقاوماً على مدى ثلاث حلقات فقط. يقول عازار إن ذلك الدور مع قصره زمنياً في المساحة السردية للمسلسل إلا أنه ترك بصمة مهمة كانت كفيلة بنقله إلى تأدية أدوار أكثر تكاملية. وتصل به التجربة اليوم مع مسلسل "درب الياسمين" إلى درجة أنضج بكثير مما سبق بعد مضي 14 سنة على بداية مشواره الفني. والدراما نفسها أيضاً صارت أنضج مما سبق ويرافقه في هذا النضوج حركة الإخراج والتمثيل، وهذا ما يحتّم - حسب رأيه- مسؤولية أكبر على الدراما اللبنانية وعلى هذا النوع من الدراما بالذات في أن تكون مشاركاً فاعلاً في حركة المجتمع ككل. وهو في الوقت نفسه يؤكد على أهمية ما سيقدمه هذا العمل في الموسم الرمضاني المقبل قريباً، حيث يشارك إلى جانب عدد كبير من الممثلين المهمين ويشهد لهم بالكفاءة أمثال باسم مغنية وزينة مكي ونيكولا مزهر وغيرهم كثر.

يعترف "عازار" أن تأدية دور المقاوم مميزة من حيث المضمون، غير أنه مثل أي دور آخر، يتورّط فيه الممثل حين ينسجم مع روح الشخصية خصوصاً إذا كانت متميزة "أتمنى أن أكون قد أديت هذا الدور مثلما يجب، وأن أنقل للمشاهد حقيقة موقف المقاوم ومشاعره ووجدانه تجاه أرضه وأهله". وفي سؤال ربما فيه شيء من الأحراج لأي ممثل حيال خشيته من ردود فعل سلبية من الوسط الفني جراء مشاركته في هذا النوع من "الدراما المقاومة"، أكد "عازار"، أن الوسط الفني بكل ممثليه ورواده غير عابئ بالانقسامات السياسية في البلد، وأن الجميع مؤمن بأن إسرائيل عدو حقيقي ..". وأن هذه الدراما بدأت تجسد هذا النوع من الحياة وتعكسه على الشاشة وأصبحت تفرض نفسها ووجودها وبات العمل فيها امرا مهما لأي ممثل. و"لأقول لك لماذا لأن التجارب السابقة برهنت على أن لا مواقف سلبية سابقة من المشاركة بدءا من "الغالبون 1 " وصولا إلى اليوم.. إذ إننا في هذه الاعمال لا نتعاطى مع الأزمات الداخلية السياسية أو الطائفية أو مع سياسة تتعارض مع اللبناني الأخر .. فأنا مسيحي ماروني ألعب دور شخص مقاوم شيعي من جنوب لبنان فأين المشكلة ؟!! لا مشكلة بالعكس هذا شيء يزيد من تقارب اللبنانيين من بعضهم البعض .. ".
 
الممثل نيكولا مزهر : دوري في هذا العمل رسالة شكر للمقاومة

الممثل نيكولا مزهر في مقابلة مع مراسلة موقع المنار زينب الطحانالممثل نيكولا مزهر، يعتّز بمشاركته لأول مرة في دراما لبنانية تحكي عن مجتمع مناضل يحيي فيه المقاومون شباناً ورجالاً ضمن بيئتهم الاجتماعية الطبيعية في الجنوب اللبناني. وهو لا يشعر بأن دوره (يؤدي شخصية رسام يتعرّف على المقاومة وينضم إلى صفوفها)  الذي يؤديه في المسلسل بعيد عن حقيقة الواقع الذي كان يعيشه، فهو ابن جزين التي كانت محتلة وكان يرى هجمية الاحتلال وعدوانيته، لذا كرهه لإسرائيل أمر متأصل فيه. يقول :"من هنا نشأ لدي حب المقاومة وأهلها وناسها، فمن يحرّر أرضك لا يمكن إلا أن تحبيه وأن تشعري بالوفاء تجاهه. وهذا ما أشعر به تجاه المقاومة. وهذا الدور الذي أؤديه رسالة مني للمقاومة فيها شكر ومحبة". وأضاف مزهر :" كما أريد ان أساهم في مسلسل من هذا النوع الذي يكشف حقيقة العدو الإسرائيلي لأنه فعلا هناك اناس لا زالوا يتجاهلون حقيقية هذا العدو. ودورنا أن نكشف له كم هو بشع ومجرم. فالدراما عندما تقترب من التاريخ هي تتحمل مسؤولية كبيرة في نقل الحقيقة وفي مسؤولية لإيصال الصورة مثلما هي بالفعل  ..".

الممثل حسن حمدان : أنا أعمل في التمثيل من وحي عقيدتي

عودّنا الممثل المخضرم حسن حمدان على أدواره المتعددة في الدراما التي تحكي عن قصص المقاومة، وهو يرى مشاركته المستمرة مسألة مبدأ منطلقة من عقيدته الدينية التي يلتزم بها. وهو يعترف أن هذا الالتزام قد يحدّ من انتشاره عربياً إلا أن الأمر لا يهمه، إذ يؤكد رفضه التام للمشاركة في أي عمل درامي يمكن أن يسيء لتاريخ هذه الأمة ولمقاومتها عبر الأجيال وصولا إلى اليوم. إذ يقول :" أنا أعمل في التمثيل من وحي عقيدتي، ومال الدنيا كله لا يغير لي عقيدتي فلا يمكن مثلا أن أشارك في عمل يشوّه صورة ما من تاريخ بلادي المشرق أو من صورة المقاومة أو أن يسيء لشخصية تاريخية كبيرة لها وزن في وجداننا العربي والإسلامي.. ولا أبيع مبادئي لأجل حفنة من الدولارات وحصل أن عرض علي أحد المسلسلات من هذا النوع واعتذرت عن التمثيل فيه .. ".

في مسلسل "درب الياسمين" يؤدي "حمدان" دور شيخ القرية المحترم والمقدر بين أهلها، ويشكل بالنسبة إليهم عونا أساسيا في حل مشاكلهم الاجتماعية، وهو في الان نفسه عنصر مقاوم. أما عن النص وتجربة "الدراما المقاومة"، يقول حمدان : المسلسل بشكل عام جديد من نوعه يطرحه مركز بيروت الدولي للانتاج لن نرى فيه عسكرا وسلاحا كثيرا بقدر ما سنرى حياة اجتماعية لقرية لبنانية مقاومة فيها شيء من الواقع وشيء من التصرف الدرامي الذي يعده السيناريست .. وحبكة المسلسل دقيقة ونتركها مفاجأة للمشاهدين وحلوة وقوية فقد أتى نص الدكتور فتح الله عمر هذه المرة أنضج من كتاباته السابقة عن المقاومة ومجتمعها..

الممثل حسن حمدان في مقابلة مع مراسلة موقع المنار زينب الطحانوهذه التجربة من الدراما في الحقيقة نضجت كثيرا ولم يعد ينقصها الشيء الكبير لأنه صار هناك نوع من الاهتمام والحاضنة المناسبة لهذا النوع من الدراما والتي يجب أن تراها الناس .. وأن يعلموا أن خط المقاومة واقعي ومعاش .. ".. فمن كان يظن للحظة أن إسرائيل ستندحر فعلا دون قيد أو شرط ومن كان سيصدق أن العين تحارب المخرز.. واكتشفنا أن ذلك ممكن بالفعل مع شباب المقاومة اللبنانية. وكانت علينا الحروب شرسة ولا زالت لم تنته ولكن بفضل هذا الايمان والمثابرة والعقيدة نحن مستمرون بالانتصارات ان شاء الله". وختم "حمدان" بالتعبير عن اعتزازاه أنه يعيش في زمن فيه رجال أمثال "السيد حسن نصرالله .. الحمدلله أننا لم نعش مثل الجيل السابق زمن الهزائم بل إننا اليوم في زمن الانتصارات".

بتول زعرور : أعكس صدى صبر زوجات المقاومين في خضم الصراع مع العدو

الممثلة بتول بلال زعروربتول بلال زعرور، ممثلة شابة (22 سنة) صاعدة يتوقع لها مستقبل واعد في عالم الدراما مع أنها تصف "التمثيل" هواية بالنسبة إليها وليس مهنة، وهي التي درست الصحافة والإعلام. وهذه ليست المشاركة الأولى لبتول، بل هي الثالثة من نوعها، كانت البداية مع "قيامة البنادق"، حيث أقدمت على تجربة أداء للتمثيل، فانطلقت في هذا العمل وشاركت في مسلسل "باب المراد" في إيران. في مسلسل "درب الياسمين"، تؤدي دور زوجة مقاوم وأم، وصاحبة مهنة، تعمل صيدلانية في القرية، وهي شخصية مثقفة ومحبة يلجأ إليها ويؤخذ برأيها. ويكشف دورها عن مدى صبر زوجات المقاومين وقدرتهن على تحمّل المسؤوليات الصعبة والمجهدة حين يتعلق الأمر بتربية الأولاد في ظل الغياب الكبير للوالد المقاوم عن المنزل. ففي الدور كما تقول معاناة كبيرة تتمحور خصوصاً حول كيف يمكنها زرع الأمل عند أولادها وحثّهم على الصبر وتحمّل طريق ذات الشوكة.

المخرج إيلي حبيب : "أعيدها وعلى راس السطح"

ولكن المفاجأة الأجمل التي قام بها مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني أنه لأول مرة استعان بمخرج لبناني وهو إيلي حبيب، الذي لم يتردد لحظة واحدة في التعبير عن سعادته بهذه التجربة، إن قال " أعيدها وعلى راس السطح". وهي التجربة الأولى له في هذا النوع من الدراما الذي يحكي قصص المقاومة والمقاومين، والفرق بين هذه التجربة وغيرها يكمن في المضمون والذي يتعرّض لبيئة المقاومة ومجتمعها وناسها. وأهم شيء في الأمر كما يقول هي فكرة المقاومة الشعبية، التي تنمّي ثقافة المقاومة وروحها عند الجمهور. إلا إن الجديد أيضاً بالنسبة إليه هي لأول مرة يشارك في صنع مشاهد فيها عسكر وسلاح لحركة مقاومة، بعدما خاض تجارب سابقة اقتصرت على عناصر محدودة من الجيش والدرك.

مخرج درب الياسمين ايلي حبيبوعن رأيه في مستقبل "الدراما المقاومة" وانتشارها عربياً، يقول حبيب : هذا النوع من الدراما تطور بشكل ملحوظ لسبب بسيط هو  أن اليوم للانتاج مكوّنات أساسية والمنتج الذي يعمل سنة بعد سنة يصبح مدركاً لماهية هذه المكونات التتي يحتاجها المشاهد ليحقق نسبة أكبر من المشاهدة. أم هل من الممكن الانتشار عربياً؟.. نعم  ستنتشر عربيا لأننا نقدم الفكرة بشكلها الإنساني. والمقاومة في الأساس قضية انسانية ونحن نقدمها هنا في هذا القالب الذي يجلب التعاطف غير المشروط من قبل الجمهور مهما كانت انتماؤاته. وعندما نقول إنساني يعني هذه رسالة عالمية يفهمها الجميع، لما فيها من عاطفة وظلم وظالم ومقاوم وعميل واحتلال .. لكن أهم رسالة يقدمها المسلسل هو تعريف الجمهور على صورة المقاوم الإنسان أولا قبل أن يكون عسكرياً وأن تعيد للمشاهد نظرة موضوعية عن هذا المجتمع المقاوم وتنسف ما لديه من أفكار مسبقة سيئة وغير واقعية عنه.  وهنا تصبح الدراما في شكل من الأشكال إحدى مرجعيات الواقع الصادق وناقلة لمجرياته التاريخية بأمانة. إذ ننقل ما هي صورة المقاومة بوصفها مجتمعا وبيئة على حقيقتها دون تزييف أو تشويه الذي يطالها عادة من بعض وسائل الاعلام ..".

* مسلسل "درب الياسمين"؛ يعرض على شاشة قناة المنار طيلة شهر رمضان المبارك.