29-03-2024 11:41 AM بتوقيت القدس المحتلة

أصدقاء المؤرخ عبد الوهاب الكيالي يتذكرونه بعد ثلث قرن على استشهاده

أصدقاء المؤرخ عبد الوهاب الكيالي يتذكرونه بعد ثلث قرن على استشهاده

قتل غيلة وغدرا من فئة ظالمة وجاهلة اعطت لنفسها الحق فيما حرم الله تعالى ، تماما كما تفعل مثيلاتها اليوم ، متجاهلة انه كان مفطورا على الخير مشدودا الى الصراط المستقيم

شهدت "دار الندوة" احتفالاً مميزاً وفاء للمؤرخ والقائد الفلسطيني العربي الدكتور عبد الوهاب الكيالي في الذكرى الثالثة والثلاثين لاستشهاده إثر اغتياله في مكتبه في بيروت خلال حضوره إلى لبنان للمشاركة  في معرض الكتاب العربي السنوي لعام 1981 الذي يقيمه النادي الثقافي العربي.

الاحتفال الذي صادف الذكرى السادسة والعشرين لانتفاضة الحجارة دعا اليه المنتدى القومي العربي والحملة الاهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة في (دار الندوة) وحضره بالاضافة إلى المتحدثين حشد من الشخصيات السياسية والثقافية والاجتماعية اللبنانية والفلسطينية والعربية.

مرهج

للمؤرخ والقائد الفلسطيني العربي الدكتور عبد الوهاب الكياليالوزير السابق بشارة مرهج افتتح اللقاء باسم دار الندوة وجاء في كلمته: لقد اغتيل عبد الوهاب الكيالي الاسم الساطع في سماء فلسطين والعروبة لا لجريمة اقترفها وهو من المؤمنين ، ولا لخيانة ارتكبها وهو من الوطنيين، ولا لفرية اطلقها وهو من الصادقين ، ولا لبدعة اختلقها وهو من العارفين ، وانما قتل لنقيض ذلك كله ، قتل غيلة وغدرا من فئة ظالمة وجاهلة اعطت لنفسها الحق فيما حرم الله تعالى ، تماما كما تفعل مثيلاتها اليوم ، متجاهلة انه كان مفطورا على الخير مشدودا الى الصراط المستقيم، داعية للوحدة بين العرب، مناديا بالتآخي بين المسلمين وكل همه تنمية الوعي بالقضية الفلسطينية والمشاركة في نضالاتها وصولا الى استعادة الحق وتحرير الارض من براثن الغزاة والصلاة في الاقصى المبارك التي تتفاداه وتتناسى محنته اليوم جماعات التطرف والغلو متشبهه بالانظمة التي تتحدث عنها في الاعلام ولا تتجرأ على مد يد العون لأهله ورفع الأذى عن رحابه .

وقال مرهج: لم يعرف عبد الوهاب المثقف المتفوق والمناضل القيادي عملا حقيقيا يقوم به في حياته ، الى جانب عمله المهني ، سوى خدمة فلسطين التي احبها مع عائلته من صميم قلبه فكتب في قضيتها المقدسة الدراسات العلمية الرصينة ، والمقالات السياسية الملهمة ، والكتب التاريخية الرفيعة حتى اجمع الكتاب والنقاد واعتبروه من ابرز كتابها وقد وضع كل جهده وعبقريته لتأليف المرجع الاكثر شهرة عن تاريخها الحديث .

بكري

وقدم الخطباء السيد محمد بكري (جبهة التحرير العربية ) رحب باسم الهيئات الداعية وقال: أصدقاءً أوفياءً تؤكدون أن أمثال الشهيد الكبير لا تنطفئ أنوارهم، ولا تخبو جذوتهم، ولا تذهب أفكارهم سدى، ولا دماؤهم هدراً فهم خالدون في ذاكرة شعبهم وأمتهم.فيا رفيق ياسر عرفات وجورج حبش، وخليل الوزير وكمال ناصر، وخالد اليشرطي وعبد الرحيم احمد، نقول لك نحن أبناؤك في جبهة التحرير العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية، انك حاضر بأفكارك ومسيرتك في العقول والقلوب معاً.

دبور

وتحدث سفير فلسطين الاستاذ اشرف دبور فقال: في الذكرى السابعة والعشرين لانتفاضة اطفال الحجارة التي اعلن فيها الشعب الفلسطيني اننا باقون هنا وان ثورتنا منتصرة، وفي امسية الوفاء التكريمية التي يقيمها الاوفياء في المنتدى القومي العربي للمؤرخ والمفكر السياسي الدكتور عبد الوهاب الكيالي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احد الذين ساهموا مع كوكبة من المناضلين في صناعة وصياغة الوعي النضالي الفلسطيني الذي انتح حقبة ثورة مستمرة في مراحل نضالية متتالية.

واضاف السفير دبور : ايها المؤرخ والمفكر والمناضل والقائد الذي لطالما  تمتع بصدق الحدس وسلامة التكهن واستشراف المستقبل، ستبقى علماً من اعلام النضال الفلسطيني، إسماً خالداً في سجل الخالدين ، لمن أحبك الرئيس الرمز الشهيد ياسر عرفات وللشهداء جميعاً .

الحوت

المؤرخة والمناضلة الدكتورة بيان نويهض الحوت تحدثت عن اربع مزايا للشهيد عبد الوهاب الكيالي الاولى : ترتبط بالمكان والزمان، بمدينة بيروت في الستينات يوم كانت عاصمة الكتاب والثقافة والنشر في الوطن العربي، في سنة 1963 شهدت بيروت الحدث الثقافي الفلسطيني الاول من نوعه منذ النكبة، يوم أنشئت مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ثم كان انشاء مركز الابحاث بعد عامين لذلم لم تكن مصادفة ان يبرز اسم الكيالي على الكتاب الاول الصادر عن مركز الابحاث، في سلسلة "دراسات فلسطينية" سنة 1965 وعنوانه "الاستعمار الصهيوني في فلسطين" من تأليف الدكتور فايز صايغ وترجمة الطالب الجامعي عبد الوهاب الكيالي، الميزة الثانية: هي نهجه العلمي واسلوبه فهو في كتابه الاشهر "تاريخ فلسطين الحديث"، اما المزية الثالثة فتكمن في روحه النضالية، فهو من اصحاب العقائد الذي يتعايشون مع عقائدهم فكريا ووجدانيا ونضالياً، المزية الرابعة وهي تتعلق بسر تفوقه في الميادين النضالية والتنظمية والفكرية والسياسية ،

د. نعمان

الوزير السابق د. عصام نعمان جاء في فتحدث عن علاقته بعبد الوهاب الكيالي في ايام الجامعة وصعوده المبكر في العمل القيادي واكبته غزارة لافتة في العمل الانتاجي. ففي العام 1968 ترأس تحرير محلة "فلسطين الحرة" وبعدها بسنوات خمس اصدر مجلة "قضايا عربية" ثم اسس في لندن مركز العالم الثالث للدراسات والنشر". وأضاف نعمان:لئن كان عبد الوهاب الكيالي مفكراً قومياً وقائداً حزبياً بامتياز ، الا انه لم يكن مغلقاً على التيارات الفكرية والسياسية المغايرة، كما لم يكن متزمتاً قط، فقد انفتح بعد هزيمة 1967 على الفكر الماركسي والتراث الاسلامي وقام عبر مؤسسته بترجمة العديد من النصوص  الماركسية الوازنة، وافسح  في المجال لنشر كتب ناقدا للفكر والاداء القوميين، غير ان ذلك كله لم يصرفه عن قضية فلسطين والنضال من اجل تحريرها.

شبلي
الشاعر عمر شبلي باسم حزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي القى قصيدة كان قد كتبها إلى روح الشهيد عبد الوهاب الكيالي.

شبارو

اما الاستاذ عماد شبارو عضو مجلس ادارة دار الندوة تحدث باسم اصدقاء الشهيد عبد الوهاب الكيالي فعرض لمراحل علاقته بالكيالي من ايام الجامعة وحتى لحظة استشهاده وتحدث عن مؤسسة الدراسات العربية التي ارتكزت إلى اثنين اولاً اعادة نشر كتب المؤلفين والمفكرين التنويريين المجددين امثال الشيخ جمال الدين الافغاني والامام الشيخ محمد عبده والمفكر علي عبد الرزاق والشيخ رفاعة الطهطاوي. وقد اعانه في ذلك مجموعة من خيرة كتاب مصر  ابرهم محمد عمارة ورجاء النقاش وعلي مختار وجلال امين.ثانيا: اصدار موسوعات عربية تسعى إلى توحيد النظرة العربية إلى المفاهيم السياسية والاحداث التاريخية لايجاد مرجع موحد للطالب وللدارس وللباحث بلغ مجموعها 17 موسوعة.

المجذوب

د. محمد المجذوب رئيس المنتدى القومي العربي  قال : ان شهيدنا البطل قد اثبت بجذوره الحلبية، وبطفولته الاردنية والفلسطينية، وبانتسابه إلى اسرة كريمة اهدت الوطن العربي كباراً في حقل السياسة والادب والفكر ، وبتجربته الرائدة في "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" التي تكاد تكون مشابهة لتجربة المفكر العربي بشير الداعوق في "دار الطليعة" وبصموده الرائع المستند إلى ايمان عميق لا يتزعزع بمستقبل العروبة بعد مأساة الخامس من حزيران 1967 والانتشار الافكار الانعزالية والتيارات الانهزامية. لقد اثبت الشهيد انه كان عروبياً اصيلاً بامتياز فاخر، في مناسبة بانتمائه إلى العروبة الحضارية التي تتجاوز كل اشكال الانقسامات والعنعنات الطائفية والمذهبية والسياسية. وظل كل ولائه القومي رغم كل المغريات، مدججاً بارادة صلبة وآمال لا تعرف الحدود ومستمداً قوته من ثقافته وكفاءته، وايمانه بانه ينتمي إلى خير امة اخرجت للناس.

واضاف المجذوب لقد ابدع شهيدنا في مسيرته حياته في أمرين كانا متلازيمن : النضال القومي والانجاز الفكري. فقد انضم منذ يفاعته إلى حزب البعث العربي واصبح عضوا فاعلاً فيه في اواخر الخمسينات من القرن الماضي وتجلى عمله الفكري في بيروت عندما تسلم مسؤولية صفحة الرأي والدراسات في مجلة الاحرار التي كان يصدرها حزب البعث في لبنان في ستينيات القرن الماضي.

شفيق

المفكر منير شفيق المنسق العام للمؤتمر القومي/الاسلامي قال: عبد الوهاب الكيالي من الرجال الذين يتركون في نفسك ذكريات لا تمحى ، ولو كانت حصيلة صداقة قصيرة الامد، ولقاءات لم تتحول إلى علاقة شخصية ممتدة وعميقة.
كان لا بد لي من اشعر مع عبد الوهاب الكيالي منذ اللقاء الاول والحوار الاول الذي دام اكثر من ساعتين انك امام مشروع صديق ثمين يمكن ان تتعلم منه وتطمئن لصداقته وصدقه ومبدئيته وبعد ذلك تعززت تلك العلاقة في اوائل السبعينيات في ظل الثورة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية وقد اصبح عضوا في اللجنة التنفيذية. وربما كان الاصغر سنا بينهم، وهو المؤرخ الاكاديمي الذي يجمع بين المثقف العقدي والقائد المناضل وهو ما تجلى اكثر تجلى عندم طرح مشروع النقاط العشر في الساحة الفلسطينية واذا بعبد الوهاب الكيالي يأخذ موقفا مبدئياً صارماً في رفض هذا المشروع

ابو فخر

الباحث صقر ابو فخر جاء في ورقته التي القاها بالنيابة عنه منسق "نشرة التواصل" الالكترونية ديب حجازي:
  في ذاكرتي أُقرِنُ دائمًا بين بشير الداعوق وعبد الوهاب الكيالي على اختلاف المصيرين. ومع أنني عرفت عبد الوهاب الكيالي قليلًا، واقتربت لاحقًا من بشير الداعوق، فقد اكتشفت في الاثنين خصالًا رفيعة وعقلًا نيّرًا وسلوكًا راقيًا. وللأسف، فقد أمضى عبد الوهاب الكيالي في هذه الحياة اثنين وأربعين عامًا فقط، لكنها، بحساب الأثر، أنجز في الفكر والسياسة والكفاح الفلسطيني ما لا تنجزه عدة مؤسسات مجتمعة. ولعل أعظم أنجاز له تجسد في ميدان الأخلاق والنضال والفكر. ولا عجب في ذلك، فالشهيد ياسر عرفات أسس حركة فتح وهو في الثلاثين، وكان إلى جانبه خليل الوزير (أبو جهاد) الذي بالكاد بلغ الثمانية والعشرين، وأسس جورج حبش حركة القوميين العرب وهو في الثلاثين أيضًا.

لذلك لا أجازف في القول إن من مدعاة افتخاري أنني عايشتُ أنيس صايغ الذي جمعني إلى عبد الوهاب الكيالي، وعشت في زمن كنت ألتقي فيه كبارًا وأتعلم منهم أمثال قسطنطين زريق ووليد الخالدي وبرهان الدجاني ونقولا زيادة وياسين الحافظ وأدونيس ومحمود درويش وإحسان عباس وشفيق الحوت وأبو ماهر اليماني ورفعت النمر، وعشت أيضًا في عصر ياسر عرفات وكمال جنبلاط وميشال عفلق وجورج حبش وأبو جهاد وأحمد بن بلّة والتقيت معظم هؤلاء مرارًا، وتكونت هوياتنا السياسية على إيقاع تواريخ الشهداء أمثال معروف سعد وغسان كنفاني وكمال ناصر وحسين مروة وحنا ميخائيل (أبو عمر) والأخضر العربي (أمين سعد) وأبو علي حلاوي وجورج حاوي وعلي أبو طوق، وهؤلاء جميعًا كانوا شوطًا نادرًا في مسار تاريخي طويل.

بشور
الاستاذ معن بشور الرئيس المؤسس للمنتدى القومي العربي قال: لقد كان شعار المدرسة التي برز عبد الوهاب الكيالي علماً من أعلامها، ومعلماً من معالمها، هو شعار "تكامل لا تحامل"، تكامل مطلوب بين الأجيال والأحلام، بين الأفكار والأقطار، بين التيارات التنظيمات، فيما التحامل لا يقود إلا إلى عمى البصيرة، وانسداد الأفق، وتوتر العلاقات، واحتدام الصراع.

بهذا المعنى، كان المفكر والمؤرخ والمناضل والقائد عبد الوهاب الكيالي الذي نلتقي حول ذكراه اليوم، قيمة أخلاقية باسقة مثلما كان قيمة علمية مضيئة، وقيمة وطنية وقومية متدفقة.واضاف بشور: كان عبد الوهاب الكيالي، المناضل النهضوي والمفكر الرؤيوي مناهضاً  لكل انقسام داخل كل قطر،  وعلى مستوى الأمة، رافضاً للتناحر داخل كل حزب، وعلى مستوى المجتمع كله، وكثيراًُ ما كان رفضه للانقسام والتناحر مدعاة لسوء فهمه من كثيرين، بمن فيهم بعض رفاقه وأصدقائه، ثم يعودون بعد ذلك للإقرار بسلامة منطقه وحسن معالجته للأمور وبأنه صمام أمان للوحدة الوطنية الفلسطينية وللوحدة الشعبية العربية.

وحين أري اليوم لافتات مرفوعة في تظاهرات أوروبية وأمريكية تقول "فلسطين حرة Free Palestine " أتذكر تلك النشرة المتواضعة التي كانت تصدر في لندن ويترأس تحريرها عبد الوهاب كيالي حين كان يعدّ لشهادة الدكتوراه في أواخر الستينات في لندن والتي تحولت أطروحتها فيما بعد إلى كتاب "تاريخ فلسطين الحديث". وكان وهو المؤرخ العالم بأسرار المشروع الصهيوني يقول أن عزل الكيان الغاصب دولياً هو احد وسائل إضعافه وإسقاطه، وان لا بد من تلازم بين المقاومة المسلحة والمقاومة الثقافية والإعلامية والديبلوماسية.

الكيالي

د. ظافر الكيالي تحدث باسم العائلة فشكر الحضور والقيمين على الاحتفال على احياء هذه الذكرى وقال قبل ايام اعادوا في فلسطين طباعة كتابه (موجز تاريخ فلسطين الحديث) ليكون الاول في سلسلة مشروع الكتاب الشعبي  الذي تصدره مؤسسة فلسطين الغد وبالامس صدرت الطبعة الاسبانية من كتابه (تاريخ فلسطين الحديث) بعد الانجليزية والفرنسية والفارسية وخلال اسابيع ستصدر طبعة جديدة من موسعة السياسية في تسعة اجزاء.

وهنا اعود بالذاكرة الى ايام الطفولة والشباب والجامعة لأذكر كم كان عبد الوهاب محباً لكل من حله من الاصدقاء والرفاق والزملاء .  وكم كان عبد الوهاب فخوراً بصداقته لبشارة مرهج ومعن بشور ورغيد الصلح وعماد شبارو وثقته كبيرة بمستقل زاهر لكل منهم.