20-04-2024 12:07 PM بتوقيت القدس المحتلة

نتنياهو يشكل حكومة حرب

نتنياهو يشكل حكومة حرب

لا احد يستطيع ان يعرف ماذا يدور في ذهن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي هذه الايام تجاه العديد من القضايا الاقليمية، ولكن ما يمكن التنبؤ به ان هذا الرجل يضمر شرا

صحيفة القدس العربي

لا احد يستطيع ان يعرف ماذا يدور في ذهن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي هذه الايام تجاه العديد من القضايا الاقليمية، ولكن ما يمكن التنبؤ به ان هذا الرجل يضمر شرا ويخطط للحروب بعد ان قتل عملية السلام من خلال سياساته الاستيطانية المتغولة في الاراضي العربية المحتلة.
فاجأنا نتنياهو يوم امس، مثلما فاجأ الاسرائيليين انفسهم عندما اعلن عن تشكيل حكومة وحدة وطنية اسرائيلية تحظى بدعم 94 نائبا في الكنيست من مجموع 120 نائبا، وهي اعلى نسبة تأييد برلماني منذ قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين المحتلة.

بنيامين نتانياهونتنياهو كان يريد انتخابات مبكرة في شهر ايلول  (سبتمبر) المقبل حتى يحظى باغلبية اكبر في الكنيست للحصول على تفويض اكبر لتنفيذ سياساته بل بالاحرى حروبه التي يعد لها مع شريكه اللصيق ايهود باراك وزير دفاع. فالائتلاف الجديد يضم احزابا من اقصى اليمين مثل حزبي اسرائيل بيتنا بزعامة افيغدور ليبرمان وزير الخارجية وشاس بزعامة عوفاديا يوسف واقصى اليسار اي حزب العمال، ومن ثم حزب الوسط (كاديما) بزعامة شاؤول موفاز رئيس هيئة الاركان السابق.
انه تحالف حرب، وليس تحالف سلام، والاهداف قديمة متجددة، ايران اولا، وقطاع غزة ثانيا وجنوب لبنان ثالثا، فنتنياهو ما زال يعتبر التهديد النووي الايراني المزعوم تهديدا وجوديا لدولة اسرائيل، واثار الكثير من علامات الاستفهام عندما حرص في الخطاب الذي القاه امام مؤتمر ايباك السنوي على المقارنة بين الخطر الايراني والخطر النازي، والجزم بانه لن يسمح بحدوث هولوكوست آخر.
حكومات الوحدة الوطنية في اسرائيل لا تتشكل عادة الا لخوض الحروب في معظم الاحيان، والحروب الاقليمية على وجه الخصوص، فلا يستطيع حزب واحد باغلبية نيابية محدودة ان يأخذ قرارا في هذا الخصوص، ويتحمل مسؤوليته وحده، وقد يكون نتنياهو لوح بتقديم موعد الانتخابات البرلمانية لمدة عام على الاقل اي في ايلول (سبتمبر) المقبل للضغط على الاحزاب الاخرى، وتخييرها بين دخول الائتلاف بزعامته والمشاركة في القرار، او ان يذهب وحده الى الحرب بدعم من حزب الليكود الذي يتزعمه والتحالف اليميني المتطرف شريكه في الحكومة الحالية.

هل نفهم من هذا ان الحرب باتت وشيكة وفي غضون اسابيع ليس اكثر بالنظر الى الاستعدادات الاسرائيلية العسكرية مثل المناورات والقبب الحديدية المضادة للصواريخ ام ان نتنياهو يريد ان يوجه رسالة تحذير رئيسية الى ايران للتخلي عن طموحاتها النووية وتقديم تنازلات في مفاوضات 1 + 5 التي ستعقد في بغداد الاسبوع المقبل؟
الحرب خدعة، وقرار خوضها يظل دائما في ادراج محكمة الاغلاق لكن الاستعداد لها يكون دائما علنيا، سواء في اطار الحرب النفسية لارهاب العدو، او من منطلق تهيئة المؤسسة العسكرية للمهمة الصعبة.
نتنياهو لم يؤمن مطلقا بجدوى العقوبات الاقتصادية وظل يؤمن دائما انها ليست بديلا عن الخيار العسكري، مثلما حرص على التأكيد بان اسرائيل لن تتنازل مطلقا عن حرية اتخاذ قراراتها السيادية بما فيها، او بالاحرى على رأسها، قرار الحرب ضد ايران.
ان قرار الحرب لو اتخذ سيؤدي الى تغيير منطقة الشرق الاوسط، وربما تكون اسرائيل أحد اكبر الخاسرين خاصة اذا اقدم نتنياهو على اشعال فتيلها (اي الحرب) دون موافقة ادارة الرئيس اوباما وبتنسيق معها.

بريطانيا خالفت امريكا وخاضت حرب السويس دون التنسيق معها فخسرت امبراطوريتها، اما خسارة نتنياهو فستكون اكبر، لان بريطانيا خسرت الامبراطورية ولم تخسر وجودها، بينما اسرائيل لا تملك عمقا امبراطوريا.
اوباما لا يريد حربا في الاشهر الستة المقبلة حتى موعد الانتخابات الرئاسية، ولكن نتنياهو لن يتورع عن توريطه ومن ثم احراجه فهو يعتقد، وبحكم سيطرته على الكونغرس انه حاكم امريكا الحقيقي وليس ساكن البيت الابيض.
ربما يفيد التذكير بان اكبر الخاسرين المحتملين بعد اسرائيل، وقبلها، هم العرب الذين ستصل نيران الحرب الى طرف ثوبهم، وقد تحرقه بالكامل. انها ام الحروب ان لم تكن آخرها.