28-03-2024 11:44 AM بتوقيت القدس المحتلة

"داعش" يستعير عنف الألعاب الرقميّة

أنّ طريقة تنفيذ إعلان لعبة "صليل الصوارم"، تبين بوضوح لمن يتتبع تطوّر ألعاب الفيديو، أنّ اللعبة بنسختها الداعشية لن ترى النور، وأنّ الهدف من الترويج لها، يقتصر على الضجة الإعلاميَّة التي من الممكن أن تثيرها مؤقتاً.

تناولت الصحافة الغربيّة بكثافة، خلال الأيّام الماضية، فيديو لنسخة "داعشية" من لعبة GTA الشهيرة. تحمل اللعبة المبتكرة اسم "صليل الصوارم"، ولم يتضح بعد ما إذا كان فيديو الترويج لها مجرّد محاكاة "جهاديّة" للعبة الأصليّة، أم إعلانا لأسطوانة يفكّر التنظيم بإصدارها بالفعل.

مأمون الحاج/ جريدة السفير

"داعش" يستعير عنف الألعاب الرقميّةتعدّ لعبة "غراند ثفت أوتو"، إحدى أكثر ألعاب حرب العصابات تداولاً وعنفاً، وقد حقّقت لصانعيها أرباحاً بملايين الدولارات.

بطلها، بلقاني هارب من "جحيم الحروب الأهلية في روسيا ومحيطها نحو بلاد الحرية ــــ أميركا"، وفقاً للقصة المرويّة في النسخة الأصليّة. مهمّة اللاعب تجميع النقاط والنقود من خلال سرقة السيارات، وقتل المارّة ورجال الشرطة، مع ما يتخلّله ذلك من مشاهد عنف ودماء، في شوارع نيويورك ولوس أنجلس.

يتضمن فيديو الترويج لـ"GTA الداعشية" (3:40 د.)، معالجة للملصق الأساسي للعبة، انطلاقاً من نسختها الخامسة، يظهر فيه مقاتل من "الدولة الإسلاميّة" ملثّماً، حاملاً بندقيته، إلى جانب شعار التنظيم. يبدأ الشريط بتنويه كتب بلغة عربيّة ركيكة: "ألعابكم التي تصدّرونها، نحن نمارس نفس هذه الأفعال المتواجدة في ساحة القتال". يلي ذلك، مشاهد ركيكة ومقتضبة من اللعبة الأصليّة، مع إدخال تعديلات طفيفة على الـ"غرافكس"، لتحاكي ما يشبه طبيعة بلاد الشام.

يظهر شعار "الدولة الإسلامية" في معظم المشاهد، ويتخللها هتافات "الله أكبر" في الخلفيّة الصوتيّة، كما يتغير لباس شخصية اللعبة الأساسية ليتناسب مع "المهمة الجديدة". ويوضح الفيديو، على وقع نشيد بعنوان "صليل الصوارم"، مهمّات اللاعب، وهي "القضاء على الجيش الصفوي"، وتنفيذ عمليّات "قنص ضدّ الجيش الأميركي"، وتفجير عبوات.
في تقرير حول اللعبة، ركّزت صحيفة "ذا دايلي تلغراف" البريطانيّة، على كون الشريط الترويجي لها، تحريضاً على قتال أميركا والغرب. واعتبرت أنّه دعوة لتجنيد المزيد من الفتيان الصغار في القتال مع التنظيم الإرهابي.

انتشر الفيديو الترويجي للعبة على مواقع التواصل، بعد أيّام من إصدار "داعش" إعلاناً على "يوتيوب" لفيلم قصير موجّه لأوباما بعنوان "لهيب الحرب"، وبالتزامن مع تشكيل واشنطن تحالفاً دولياً، بهدف القضاء على التنظيم. وكأنّ إنتاجات هذا الأخير الإعلاميّة المستجدّة، تصبّ في خانة تدعيم ذلك التحالف، من خلال تعميم الرعب من "داعش"، والتأثير على الشريحة الأوسع والأكثر نشاطاً في مجال ألعاب الفيديو، أي شريحة الفتيان بين 13 و18 عاماً، واستلابها. علماً أنّ طريقة تنفيذ إعلان لعبة "صليل الصوارم"، تبين بوضوح لمن يتتبع تطوّر ألعاب الفيديو، أنّ اللعبة بنسختها الداعشية لن ترى النور، وأنّ الهدف من الترويج لها، يقتصر على الضجة الإعلاميَّة التي من الممكن أن تثيرها مؤقتاً.

ترويج لداعشفي سياق متّصل، بدأت شركات مصنّعة لألعاب فيديو شهيرة، الترويج لتعديلات في نسخها الجديدة، تتضمن إشارات إلى "داعش"، منها لعبة "رد دراغون". وهنالك أيضاً لعبة "عصر الأساطير" التي تتضمّن في نسختها الجديدة صراعاً بين "إيزيس"، و"زيوس"، واضعةً رئيس آلهة الأولمب وأحد أبرز رموز الحضارة الغربيّة، في مواجهة "داعش" الذي سرق اسم الإلهة المصريّة الفرعونيّة. وبذلك، يعيد صانعو اللعبة تأكيد راهنيّة «صراع الحضارات»، وتحديداً بين «الغرب الحرّ المتقدم»، و«الشرق المتخلّف المتوحّش».

يعود بنا فيديو "GTA الداعشية" إلى بدايات الاشتغال الأميركي على ألعاب الفيديو، باعتبارها أداة حرب ثقافية من الطراز الأول، وقد كانت انطلاقتها الأهم مع لعبة "كونترا" التي ظهرت العام 1987. وكلمة "كونترا" هي الاختصار الانكليزي لمجموعة القوات الخاصة لمكافحة الشيوعية. الجديد في إصدار "داعش" الأخير، هو «الحرب المعاكسة»، أي الحرب على أميركا لا باسمها، ولكنه يصب في السياق ذاته، أي في المصلحة الأميركية. فالمطلوب أميركياً هو الحرب، ولذلك فإن خلق الأعداء، وتقوية صورتهم وتعزيزها باستمرار، أداة أساسية لاستمرار تلك الحرب.