20-04-2024 07:00 AM بتوقيت القدس المحتلة

البحرين... أصوات "داعش"

البحرين... أصوات

"إذا كان من دولة تعتقد بإمكان دعم هذا التنظيم وتوظيفه، عندما تصل النوبة إليها فلن ترحمها داعش"-أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله

"حيث يوجد أتباع للفكر التكفيري توجد أرضية لـ"داعش"، وهذا موجود في الأردن والسعودية والكويت ودول الخليج. وإذا كان من دولة تعتقد بإمكان دعم هذا التنظيم وتوظيفه، عندما تصل النوبة إليها فلن ترحمها داعش."

أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في مقابلته مع جريدة "الأخبار"

لن يكون غريباً أن تتشكل في البحرين بيئة حاضنة للفكر التكفيري، وهذا ما يفسر انخراط مقاتلين بحرينيين في عداد المجموعات التكفيرية المسلحة سواء في سورية أو حتى في العراق، أبرزهم "شيخ الداعشيين" البحريني تركي البنعلي. ففي الجزيرة التي تميّز حراكها الشعبي بالسلمية، كان للسلطة ولإعلامها الرسمي دورا خطيرا في ترسيخ الإنقسام المذهبي، دمرت سلطات المملكة آكثر من ٣٨ مسجداً، كما أقدمت على انتهاك مقام الصحابي صعصعة بن صوحان، ونقلت عشرات اللقطات المصورة  اعتداء الأمن على شعائر ومراسم عاشورائية ، وترديد رجال الأمن لإهانات طائفية عبر مكبرات الصوت. ممارسات السلطات البحرينية وُظف لها دعاة أيدوها وقدموا لها المبررات حتى اعتاد عليها المجتمع البحريني.

أما الغريب اليوم هو التبرير الرسمي العلني أو التستر على وجود عناصر مرتبطين بالتنظيم داخل المملكة، وخروج دعوات تأييد رسمية لتنظيم تلاحق السعودية- الداعمة للنظام في البحرين- تمدده على أراضيها. ومجاراةً للموقف السعودي كانت وزارة الداخلية البحرينية أصدرت في 27 آذار/ مارس الماضي، بياناً أمهلت فيه البحرينيين المنضمين لجماعات قتالية في الخارج مدة أسبوعين للعودة إلى البحرين، مهددة بإجراءات قد تصل إلى إسقاط الجنسية عنهم، "ولم تصدر من حينها أية معلومات رسمية عن عودة أحد من الذين تم رصدهم من عدمه"، وفق تعليق صحيفة "الحياة" اللندنية الممولة من السعودية.

ما تقرؤه المملكة العربية السعودية من خطر التمدد التكفيري قد لا تقتنع به البحرين، التي لم تسلم من تهديد ووعيد مقاتليها في الخارج الذين توعدوا بإزالة عروش آل خليفة وتحويل حكام المملكة إلى أشلاء.

"داعش" في البحرين

وزارة الخارجية الأميركية أصدرت تقريراً ذكرت فيه ١٣١ ممولاً للتنظميات الإرهابية موزعين على ٣١ دولة، بينهم داعيان بحرينيان، هما: شوقي بن عبد الرحمن المناعي وعادل بن علي الشيخ، وفق ما نقل موقع "مرآة البحرين".

وعلى الانترنت، انتشرت صورة أظهرت كتابات مؤيدة للتنظيم الإرهابي على أحد المنازل في منطقة البسيتين شمال البحرين. كما حملت نسوة يافطات أعلنت مبايعة ونصرة أبي بكر البغدادي الذي نُصب "خليفة للمسلمين". وبات معلوماً في البحرين أن مؤيدي "داعش" ينتشرون في مناطق  الحد وعراد والبسيتين.

وفي حديث له مع  صحيفة "غلف ديلي نيوز" البحرينية، قال النائب السلفي البحريني عبد الحليم مراد إن أعضاء في مجموعة البسيتين قامت بزيارات للمدارس الإعدادية للبنين لتجنيد مقاتلين لصالح تنظيميات تكفيرية مسلحة تقاتل في العراق وسورية. الداعية البحريني صلاح الجودر قال إن "الجماعات تستهدف الشباب دون سن الـ 17 وذلك باسم الإسلام للمشاركة في الحروب المقدسة".

وبعد سقوط الموصل في العراق  بيد "داعش" جابت بعض السيارات المدنية أحياء بحرينية رافعة أعلام التنظيم الإرهابي. وقد تكرر رفع علم "داعش" خلال أداء صلاة عيد الفطر في مسجد الفاتح، أكبر مساجد البحرين، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة". وقد أثارت الصحيفة القضية مع مسؤولين بحرينيين ، فكان الرد أن الحكومة تضع المتعاطفين مع التنظيم تحت الرقابة.

ونقلت صحيفة "الحياة" عن وزارة الداخلية البحرينية أنَّها عمدت إلى إيقاف ٧ مركبات، تضع ملصقات لتنظيم "داعش" على طريق البحرين-السعودية. وقالت الوزارة إنه جرى التحقيق مع عائلة سعودية قبل أن يتم الإفراج عنها، كونها تجهل أنَّ الشعار يعود للتنظيم الإرهابي!

ومما تداوله الإعلام البحريني، هو ما كشف عنه الباحث البحريني بشار الحادي من أن دائرة الأوقاف السنية البحرينية تدرِّس منذ العام ٢٠١٢ الكتاب نفسه الذي اعتمده تنظيم "داعش" عام ٢٠١٤ في الأماكن التي احتلها في سورية والعراق.

إلا أن أخطر نُقل، كان ما نشره موقع "مرآة البحرين" من تصريح الداعية عادل الحمد، خطيب جامع "النصف" في الرفاع وأحد أبرز قادة الفكر الجهادي في البحرين، عقب مقتل ابنه عبدالرحمن في صفوف تنظيم "جبهة النصرة" التكفيري. فالأب الذي قال إن ابنه نال ما يتمنى، أضاف ان ابنه "قام بحياكة مخازن الأسلحة وتلقي بعض التدريبات في البحرين"، وفق ما نقل موقع "مرآة البحرين".

رسميو البحرين: متعاطفون مع "داعش"

ويبدو أن رقابة الحكومة البحرينية للمتعاطفين مع "داعش" لم تطل مسؤولين رسميين في المملكة، بينهم أعضاء الحكومة نفسها وبرلمانيين حاليين وسابقين، مؤيدون للنظام البحريني.

في أول تعليق رسمي على سيطرة "داعش" على الموصل، اعتبرت المتحدثة باسم الحكومة ووزيرة الإعلام البحريني سميرة رجب أن "داعش" اسم للتغطية على "إرادة الشعب العراقي في الحرية والكرامة". وأضافت "قد تكون أحداث الأنبار ثورة ضد الظلم والقهر الذي ساد العراق لأكثر من عشر سنوات"، على حد تعبيرها.

وفي محاولة للتشكيك فيما ينقل عن التنظيم الإرهابي من ممارسات في العراق، غرّد رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بمجلس الشورى خالد آل خليفة على "تويتر": "داعش خلال الثلاث سنوات الاخيره في سورية لم تحتفظ بأسير واحد..فكيف في العراق لديها اسرى..هل هي داعش بالفعل في العراق؟". وأشاد بنتائج المعركة التي تخوضها "داعش".



النائب في البرلمان البحريني وخطيب جامع سبيكة النصف في مدينة عيسى الشيخ جاسم السعيدي دعا إلى دعم التنظيم في مواجهة ما سماه "النظام الصفوي" في العراق، واصفا ما جرى بأنه "ثورة، بحسب صحيفة "أخبار الخليج".

وفي مقطع فيديو نشره موقع "يوتيوب" أعلن البرلماني السابق ناصر الفضالة، وهو مرشح للانتخابات المقبلة ومحسوب على التيار الاخواني، تأييده العلني لتنظيم "داعش"، وقال: طال انتظار هذه "الثورة". ووصف ما ينقله الإعلام عن جرائم منسوبة للجماعات التكفيرية بأنه تدليس وكذب.

وتحدث موقع "المنامة بوست" عن معلومات رشحت عن جهاز الاستخبارات الأميركي تفيد بأن العقيد السابق في المخابرات البحرينية عادل فليفل، يعمل على إنشاء تنظيم في البحرين تابع لـ "داعش". وفليفل، المعروف بتشدده، دعا وبشكلٍ علنيّ في وقتٍ سابقٍ إلى تشكيل ميليشيات مدنيّة مسلّحة لمواجهة المعارضين للنظام البحريني. وفي موقف يتقاطع مع الفكر التكفيري، وصف فليفل الشيخ عيسى قاسم، أعلى مرجعية دينية في البحرين، بأنه "كافر" داعياً اياه للدخول في الاسلام.

وأبعد من مجرد التأييد لـ "داعش"، فالنزاع بين التيارات التكفيرية كان له صداه في الشارع البحريني أيضاً. وفي تغريدة على "تويتر" مرر الداعية عادل الحمد، خطيب جامع "النصف"، قراءة حول "إعلان الخلافة الإسلامية" معلقاً: "مقال جميل جداً".  وتخلص القراءة التي أعدّها المشرف العام على مؤسسة الدرر السنية، علوي بن عبدالقادر السقاف، إلى أن "الولايةَ التي لا تجتمع الأمةُ عليها، ليستْ ولايةً عامَّة، ولا يجوز أن تُسمَّى خلافة وإنْ أعلنها مَن أعلنها".

مقاتلون بحرينيون: "داعش" ستزيل عروشكم

ورغم الاحتضان الرسمي لدعوات التعاطف والتأييد للتنظيمات التكفيرية، إلا أن النظام البحريني لم يكن بمنأى عن تهديدات هذه التنظيمات.

نجل الداعية البحريني نفسه عبدالرحمن الحمد (١٩ عاماً)،  كان من أوائل البحرينيين الذين أُعلن عن مقتلهم في سورية، في صفوف تنظيم "جبهة النصرة" التكفيري.  في احدى تغريداته على موقع "تويتر" بحساب (@almooslm) كتب الحمد الإبن: "أنا مع الثورة الخليجية القادمة ضد طواغيتكم الذين تدافعون عنهم". ويقول في تعليق آخر على أحد سجناء منطقة بريدة، في الملكة العربية السعودية: "الله يفك أسره ويجعل مكانه من يستحق السجن (آل فلان)"، في إشارة إلى (آل سعود) العائلة المالكة السعودية.

وفي مقطع فيديو عرضه "يوتيوب"، ظهرت مجموعة من المقاتلين بينهم شاب يحمل جواز سفره البحريني، فقام بتمزيقه، مؤكداً أنّه سيعود للبحرين، ليس بجواز سفر بل بالسلاح الذي أشار إليه.

وقال المقاتل البحريني في سورية، منتقداً تحذيرات الداخلية البحرينية ومهلة الأسبوعين التي منحتها للمقاتلين  للعودة تحت طائلة إسقاط الجنسية، : "يا أيه المساكين أما علمتم أننا جنود دولة الإسلام في العراق والشام ركنا جناسيكم، وتبرئنا منها ومنكم ومن جنسياتكم وقوانينكم ودساتيركم وهي تحت أقدامنا". وأضاف: "داعش ستتمدد حتى تزيل عروشكم"، وتوعد حكام المملكة بالقول: "والله لنمزقنكم أشلاءً أشلاء، نتقرب بها إلى الله... والله لن نجلس حتى ندق آخر مسمار في نعوشكم".