25-04-2024 01:33 AM بتوقيت القدس المحتلة

السيد نصر الله بذكرى نصر تمّوز: المنطقة بحال خطر وجودي ولبنان سيغير مسارها كما في تموز

السيد نصر الله بذكرى نصر تمّوز:  المنطقة بحال خطر وجودي ولبنان  سيغير مسارها كما في تموز

أكد سماحة الأمين لحزب الله السيد حسن نصرالله أن المقاومين هم الذين فرضوا على العدو ان يصرخ ويستغيث فكان النصر الالهي في حرب تموز


أكد سماحة الأمين لحزب الله السيد حسن نصرالله أن المقاومين هم الذين فرضوا على العدو ان يصرخ ويستغيث فكان النصر الالهي في حرب تموز

ورأى السيد نصر الله أن حرب تموز 2006 لم تكن معركة صغيرة بل حرباً حقيقية لها ابعاد واهداف وتداعيات في كل المنطقة حيث كان المطلوب فيها سحق المقاومة  ليتمكن الإسرائيلي من بعدها  إستكمال مخططه في إسقاط النظام في سوريا وإقامة نظام بديل صديق للولايات المتحدة و’’إسرائيل’’ ومن ثم ضرب المقاومة الفلسطينية في غزة .    

وأشار السيد نصر الله أن  الأميركيين  يريدون رأس المقاومة في لبنان ورأس المقاومة في فلسطين إلا أن  الميدان هو الذين اجبر الاسرائيلي ان يصرخ في حرب تموز ، ورأى السيد نصر الله أن صمود المقاومة والاحتضان الشعبي والصمود السياسي دفع الاميركيين والاسرائيليين الى التنازل عن اغلب شروطهم ، فقد فشلت الحرب وأثبتت المقاومة أنها قادرة على مواجهة هذه المخاطر وعلى اسقاط أي مسارات تآمرية على مقدسات شعوبنا وأرضنا .   

وحول ما يجري في قطاع غزّة فقد رأى السيد نصر الله أن  ما يجري  هو جزء من مسار جديد يهدف الى السيطرة على المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية مشيراً إلى أن المنطقة ولبنان في خطر وجودي

وأكد السيد نصر الله أن المسار الجديد المعد من قبل الاميركيين وغيرهم للمنطقة يتمثل في تدمير وتحطيم دول وجيوش وشعوب وكيانات ، لافتاً إلى أن الخريطة الجديدة للمنطقة مبنية على اشلاء ممزقة وعقول تائهة ويراد ان نصل جميعا الى كارثة .

ورأى السيد نصر الله العناصر الرئيسية في المسار الجديد هم الاسرائيليون والتيار التكفيري ويمكن إلحاق الهزيمة به بالعمل مشيراً إلى ضرورة إدراك التهديد الحقيقي الذي يواجه المنطقة وأكد السيد أنه يجب ان البحث عن وسائل لمواجهة هذا التهديد وعدم الذهاب الى اوهام 

وسأل السيد نصر الله كيف يستطيع  " داعش " بيع النفط ويحصل على التمويل أمام ناظر المجتمع الدولي ؟  مؤكداً ان "داعش" يريد فرض نمط حياة بقوة السلاح على المسلمين والمسيحيين.

وأشار السيد نصر الله أن  تنظيم "داعش" له ارضية في العديد من الدول العربية ينتمي الى نفس الفكر التكفيري ، مسلطاً الضوء على دور الدول الإقليمية ولا سيما الولايات المتحدة التي  ترعى "داعش" وتسهل حركته

السيد نصر الله أكّد على أن تنظيم "داعش" خطر على الجميع واولاً على أهل السنة والجماعة و امام اي خطر سيقال للمسيحيين في لبنان كما قالت فرنسا لمسيحيي العراق         

 ودعا السيد نصر الله الكل ان يضع العصبية على جنب ونفكر بين انفسنا ان خطر داعش على الكل وعلى أهل السنة والجماعة مؤكداً أن هذه ليست حرباً سنية شيعية هذه حرب داعش ضد كل من عاداه 

وحول التدخل الأمريكي فيما يجري بالعراق فقد أكّد السيد نصر الله أن الغرب يتدخل لحماية مصالحه والدليل لان  كردستان تعني ما تعني سياسيا واقتصاديا للادارة الاميركية وللغرب تدخلوا

وسأل السيد نصر الله  اللبنانيين مسلمين ومسيحيين هل اذا انسحب حزب الله من سوريا يزول الخطر عن لبنان؟ مؤكداً أن المسؤولية الوطنية تقول لنقم لحماية البلد

وفيما يتعلّق  بالجيش اللبناني  فقال السيد نصر الله ادعو الى البحث عن عناصر القوة وتجميعها لمواجهة الخطر واولها الجيش اللبناني والقوى الامنية ،  الجيش والقوى الامنية معنية بحماية الجميع والمطلوب دعم شعبي ورسمي ومعنوي ومادي للجيش اللبناني

وقال السيد نصر الله كل لحظة تمر وهناك اسرى للجيش والقوى الامنية عند الجماعات المسلحة هي لحظة اذلال ،مشيراً إلى ضرورة الحفاظ على الحكومة الحالية لانها المؤسسة الوحيدة العاملة الى حين انتخاب رئيس للجمهورية ، ووقف التحريض الطائفي والحزبي وبعدها اجراء مصالحات مناطقية ووطنية .

وحول ما جرى في عرسال أكد السيد نصر الله أن عرسال مستقبلها في البقاع الشمالي اي في بعلبك - الهرمل وليس مع "داعش" والنصرة ، مشيراً إلى ضرورة  التعاون مع سوريا بالحد الادنى في ملف النازحين الأمر الذي يتطلب اجراء كلام رسمي بين لبنان وسوريا فيما خص النازحين لافتاً إلى أهمية التنسيق مع الجانب السوري فيما يتعلق بالحدود المشتركة بين لبنان وسوريا .

وفيما يتعلّق بالإستحقاق الرئاسي أكد السيد نصر الله دعم فريقه ترشيحاً محدداً  في الاستحقاق الرئاسي ويجب اجراء حوار مباشر .

وأكد سماحته على جهوزية المقاومة أن تقدّم التضحيات لخوض معارك الشرف والكرامة مشيراً إلى أنه مكن الحاق الهزيمة بداعش ومن يدعمها بسهولة كما يمكن الحاق الهزيمة بهذا المشروع ، داعياً الى موقف وطني مسؤول على مستوى الحكومة والجيش والشعب .

وختم سماحته قائلاً أن المقاومة لن تتخلى عن مسؤولياتها ولبنان كما في حرب تموز سوف يغير وجه المنطقة .

       

الكلمة الكاملة لسماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بذكرى نصر تمّوز:


اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا أبي القاسم محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم جميعا ورحمة الله وبركاته.

نلتقي اليوم في هذا الحديث، في الذكرى السنوية العزيزة والغالية لذكرى الصمود والمقاومة والبطولات والنصر والملحمة التاريخية.

في هذه المناسبة العزيزة والغالية يجب أن نجدد شكرنا لله تعالى على دفعه للبلاء وتثبيته للقلوب وهدايته للعقول ونصره العظيم الذي منّ به على لبنان وشعب لبنان ومقاومة لبنان وجيش لبنان، وفي الحقيقة على الأمة كلها. هذه نعمة إلهية كانت على الأمة كلها لما كان يتهدد هذه الأمة، من خلال هذا العدوان كما سنعود لذلك بعد قليل.

والشكر لله تعالى دائما على جميع ألطافه ونعمه التي لا تعد ولا تحصى، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها".
ثم من الواجب في هذه الليلة أن نتوجه بالشكر والتحية إلى أرواح الشهداء الذين بذلوا مهجهم ودماءهم لنحيا جميعا بعزة وكرامة والذين مازالوا يتقدمون الواحد تلو الآخر بكل إقدام وشهامة. من الواجب ان نخص هذه الليلة بالذكر الشهيد القائد الحاج إبراهيم الحاج المعروف بالأخ ابو محمد سلمان، والذي تولى قيادة الصمود والمواجهة في بلدة عيتا الشعب الحدودية طوال 33 يوماً. التحية إلى جميع الشهداء، شهداء المقاومة بكل حركاتها وقواها وأحزابها، شهداء الشعب، شهداء الجيش والقوى الأمنية، شهداء الدفاع المدني ووسائل الإعلام، إلى كل شهيد ارتفع إلى خالقه في تلك الحرب العدوانية الظالمة. والتحية إلى كل جريح وفيّ وإلى كل صامد أبيّ وإلى كل مهجّر صابر، كان واثقاً بالعودة العزيزة، إلى كل العوائل الشريفة، عوائل الشهداء عوائل الجرحى، والعائلات التي صمدت والتي هجّرت والتي استقبَلت والتي استُقبِلت والتي احتضنت، التحية والشكر مجدداً إلى كل من تحمّل المسؤولية وشارك في صنع النصر من رؤساء وقادة، من لم يشارك و"اللي مالن خصّه" الذين ـ بالعكس ـ عطّلوا "خلّيهم على جنب ما بدنا نفتح مشكل مع حدا"، لكن إلى كل الذين تحملوا المسؤولية وشاركوا في صنع النصر من رؤساء وقادة وقوى ونخب وكل ما تضامن وأعان من دول وحكومات وشعوب، وخصوصاً إلى من لم يبخل بأي نوع من أنواع الدعم رغم المخاطر، أعني كلاً من الجمهورية الإسلامية في إيران وسورية، لكن يجب أن أخص بالشكر من لهم الفضل الأول بعد الله سبحانه وتعالى في صنع هذه  الملحمة التاريخية، وهم المقاومون البواسل الذين صمدوا في كل المواقع وقاتلوا بكل شجاعة وفاجأوا العدو وأرهبوه وأسقطوا كل خططه وتكتيكاته وعقوله ونقلوا المعركة إلى ميدانه ولم يكلّوا ولم يملّوا ولم يترددوا ولم يهنوا ولم يحزنوا ولم يضعفوا بالرغم من بشاعة العدوان ومجازر العدوان على أهلهم وعلى أحبائهم في القرى والمدن والبلدات، وهم ـ أي المقاومون ـ الذين فرضوا في نهاية المطاف على العدو أن يصرخ وأن يستغيث بسادته الأمريكيين لإنهاء الحرب في الأيام الأخيرة، فكان النصر الإلهي التاريخي في حرب تموز.
 
يجب أن نذكر بكل الإجلال والتقدير أيضا جميع قادة المقاومة، وخصوصاً الشهداء منهم، لا سيما سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي وشيخ شهدائها الشيخ راغب حرب، والقائد الشهيد الذي كان فضله كبيراً وكبيراً جداً في هذه الحرب الحاج عماد مغنية الحاج رضوان وكل الذين بنوا وأسسوا هذه المقاومة يوماً بعد يوم، جيلاً بعد جيل. يجب أن نذكر القائد المؤسس لهذه المقاومة الباسلة في لبنان سماحة الإمام السيد موسى الصدر وخصوصاً ونحن على بعد أيام قليلة من حادثة اختطافه الإليمة.

أيها الإخوة والأخوات: لقد قيل الكثير في حرب تموز وأُلقيت خطب ومحاضرات ودروس، وألّفت كتب ووضعت دراسات وأجريت تحقيقات واستخلصت عبر ودروس عند العدو وعند الصديق وعندنا، في المنطقة وفي العالم، وما زالت هذه الحرب ومجريات هذه الحرب ونتائج هذه الحرب على كل صعيد هي موضع بحث وتدارس وتحقيق ونقاش.

لأنها ببساطة لم تكن معركة صغيرة ولا حادثة عابرة وإنما كانت حرباً حقيقية لها أبعاد وأهداف سياسية ومعنوية وإقتصادية وتاريخية تتخطى لبنان وفلسطين إلى كل المنطقة بل إلى المعادلة الدولية، يكفي أن نتذكر في تلك الأيام ما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق كوندوليزا رايس عن عدوان تموز: "أنه مخاض ولادة شرق أوسط جديد" موضوع كان له أهداف إقليمية وأبعاد إقليمية وأيضاً أهداف وأبعاد دولية، كانت كل المعطيات بعد انتهاء الحرب ـ أثناء الحرب هناك الكثير ظهر ـ لكن بعد انتهاء الحرب مما كتب، مما سجل من مقابلات صحافية  والتحقيقات التي أجريت، والدراسات التي أجريت، المذكرات التي كتبت لرؤساء وقادة دول وجنرالات ووزراء خارجية، كله بدأ يقدم المعطيات والمستندات والوثائق وخصوصاً فيما قاله الإسرائيليون وشرحوه، وقاله الأمريكيون وشرحوه، وقاله لي أيضا أحد المفكرين الأمريكين الكبار، وهذا ليس سراً، هو كتبه في عدد من المقالات.

اتضح فيما بعد أن حرب تموز، أن عدوان تموز، كان جزءاً أساسياً من مسلسل في مراحل وله أهداف نهائية، كان المطلوب في عام 2006  أولاً من خلال الحرب إنهاء المقاومة في لبنان، سحق المقاومة في لبنان، وليس فقط نزع سلاح المقاومة في لبنان، ليس فقط نزع السلاح وبقاء البنية أو بقاء الأشخاص أو بقاء هذا الكيان الذي يمكن أن يتسلح مجدداً، لا، كان المطروح ليس نزع السلاح أو حل المقاومة، كان المطلوب سحق المقاومة، قتل قادتها وكوادرها وضرب مفاصلها ومجاهديها واعتقال أكبر عدد منهم. وتذكرون في ذلك الوقت كانوا يجهزون سجن إحدى المستوطنات في الشمال أو في الوسط لاعتقال 10000 شخص.
كان هناك تغيير بنيوي يراد تحقيقه من خلال الحرب. حسناً، هذا حلقة في المسلسل، يكمل عندما ينهي المقاومة في لبنان بحجة – هذا معطيات ومعلومات ولا أحلل – وبحجة أن سوريا وقفت إلى جانب المقاومة وأعطتها السلاح ودعمتها بالصواريخ وبعض السلاح النوعي، يكمل الاسرائيلي ضرب سوريا مما يؤدي إلى إسقاط النظام وقيام بديل صديق متحالف مع الولا يات المتحدة الأميركية.

أريد أن أذكر أن هذا كله عام 2006 بعد احتلال العراق والتواجد العسكري الأميركي الكبير في المنطقة.
الجزء الثالث أو الحلقة الثالثة في المسلسل كان ضرب المقاومة الفلسطينية وخصوصاً في قطاع غزة. هؤلاء الذين ذكروا هذه المعلومات قالوا إن هذا كله كان يفترض أن يطبق في 2006 أي قبل انتهاء 2006 لأنه كان هناك انتخابات نصفية للكونغرس الأميركي كان جورج بوش والمحافظون الجدد يريدون الدخول بحسب التعبير الاميركي نفسه الى الانتخابات التشريعية حاملين ثلاثة رؤوس "تشلي" دم ، رأس المقاومة في لبنان، رأس المقاومة في فلسطين، رأس النظام في سوريا.

ولذلك قبل حرب تموز،  الذي كان يراقب الاعلام الاميركي كان يرى أن هناك تضخيماً كبيراً جدا لحزب الله بالتحديد، لحماس للجهاد وللنظام في سوريا ودورهم في "الإرهاب".

كان هذا كله تحضيراً نفسياً وإعلامياً ومعنوياً،  حتى إذا قطعت هذه الرؤوس الثلاثة يأتي جورج بوش ويقول للأميركيين: أنا قطعت لكم ثلاثة من رؤوس الإرهاب الدولي، تفضلوا انتخبوني، باعتبار إنني أنا الضامن لمصالح ولمستقبل الولايات المتحدة، والخطوة اللاحقة بعد الفوز في الكونغرس الاميركي كانت التحضير للحرب على ايران وإسقاط نظام الجمهورية الاسلامية عام 2007، الهدف من هذا المسار أن لا أتحدث من أجل التاريخ إنما سأقف عنده.

الهدف من هذا المسار أمران رئيسيان:

الأول: سيطرة أميركية محكمة ومطلقة على كل منابع النفط والغاز والطاقة في المنطقة، "خلص، طيب"، هذا العراق في يدهم يأخذون المنطقة هنا، يضربون حركات المقاومة، يسقطون النظام في إيران ويضعون يدهم على إيران، في الخليج هم متواجدون، هذه أهم مصادر الطاقة في العالم موجودة في هذه المساحة.
ثانياً: وهنا الاستهداف الحقيقي لحركات المقاومة وإيران ولسوريا بالتحديد هو إنهاء القضية الفلسطينية وفرض تسوية على الفلسطينيين وعلى العرب بالشروط الاسرائيلية، هذا كان الهدف.

عمل هذا المسار للوصول إلى هذا الهدف، عناصر هذا المسار كانت الاحتلال الأميركي المباشر للعراق وسابقاً لأفغانستان التي احتُلت كردة فعل على 11 أيلول. ثانيا إسرائيل والحرب الإسرائيلية حيث كانت إسرائيل مكلّفة بضرب المقاومة في لبنان، إسقاط النظام في سوريا من خلال الحرب، إنهاء المقاومة في فلسطين من أجل تحقيق هذه الأهداف.

هذا المسار كيف تعطّل؟ من عطّله؟ لماذا سقط؟

المقاومة في لبنان، الصمود اللبناني الأسطوري وكل من وجهت لهم الشكر بداية، انتصار المقاومة في حرب تموز أسقط هذا المسار أو بالحد الادنى عطله.

لماذا؟ لأن الميدان ـ وهذا كنت تحدثت عنه في يوم القدس والآن نجدده ونحن نخاطب غزة ومقاومة غزة وأهل غزة وإخواننا الفلسطينيين ـ لأن الميدان هو الذي أجبر الإسرائيلي أن يصرخ، عندما وصل إلى نقطة لم يعد قادراً على فعل شيء، استنفد سلاح الجو، استنفد القوات البرية، البحر خرج من المعادلة، العمليات خلف الخطوط أصبحت مغامرة خطيرة جداً نتيجة التطورات الميدانية التي حصلت. الإسرائيلي وصل إلى محل أنه ذاهب إلى كارثة عسكرية، طلب من الاميركيين وقف الحرب. كل ما كتب في المذكرات وما قيل معنا من وزراء خارجية ومسؤولين عرب كانوا في قلب المحادثات في نيويورك في مثل هذه الأيام والليالي، كله يؤكد هذا المعطى.

إذا صمود المقاومة وصمود لبنان، صمود المقاومة في الميدان أولاً، ثانياً: الصمود الشعبي والاحتضان الشعبي للمقاومة، ثالثاً: الصمود السياسي، مع العلم إنه كان عندنا مشكل سياسي كبير في الداخل، لكن الصمود السياسي كناتج أوصل أن الأميركيين والإسرائيليين والأوروبيين ومجلس الأمن الدولي يتنازل عن أغلب الشروط التي كان يضعها في الأسبوع الأول والأسبوع الثاني والأسبوع الثالث لوقف العدوان على لبنان .

النتيجة ماذا كانت:
 
أولاً: بقيت المقاومة في لبنان، لم تُسحق، لم تُضرب بنيتها، لم يُنزع سلاحها، بل أكثر من ذلك، تعاظمت المقاومة في لبنان، في بنيتها وفي عديدها وفي عتادها وفي شعبيتها وفي احترامها وفي الثقة بها.
ثانياً: لم تصل الحرب الإسرائيلية إلى سوريا لأنها عجزت في لبنان، إذا أكمل في لبنان كان ذاهباً إلى كارثة، فكيف سيوسع الحرب؟

ثالثاً: لم تحصل الحرب أو أجّلت الحرب على قطاع غزة بعام 2006 وقبل الحرب على لبنان كان هناك عمليات قصف جوي عنيف تحصل على قطاع غزة، وقد أجّلت بالحد الأدنى إلى آخر الـ2008.
بل أكثر من ذلك تصاعدت المقاومة في العراق للاحتلال الأميركي، أيضاً الصمود السياسي في العراق والمقاومة في العراق والإرادة الوطنية العراقية أدت الى خروج المحتل الاميركي دون أن يحتفظ لنفسه بثكنات أو يحصل على حصانة لجنوده وضباطه وسقط المحافظون الجدد في الانتخابات وجاءت إدارة جديدة وسقط كل هذا المسار.

هذا لا يعني أن الأهداف الأميركية سقطت، لا، دائماً يجب أن يبقى في وعينا شيء اسمه هناك أهداف أميركية ثابتة في المنطقة.
 
من أجل الوصول إلى هذه الأهداف تتبّع مسارات معينة أو تضع خططاً ومشاريع معينة، عندما يسقط مسار تلجأ إلى مسار آخر، إلى مسار ثالث، رابع، خامس، إلى أن تلحق الهزيمة النهائية بكل هذا المشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة، عندها لا يبقى لا مشروع ولا أهداف ولا مسارات، لكن طالما هذا المشروع الاميركي الاسرائيلي وهذه الأهداف الأميركية ـ التي جزء منها إسرائيلي ـ قائمة فهي دائماً تبحث لها عن مسارات على ضوء الإمكانات والمستجدات والتطورات والعناصر القائمة.
 
حسناً هذه الحرب فشلت.

نتحدث هكذا لندخل للبحث الأساسي الذي هو الجزء الأساسي هذه الليلة، وثانياً لنذكّر بحجم الانتصار السياسي والتاريخي الذي حصل في حرب تموز حتى لا يُنسى في خضم الاحداث والتطورات.
 
لبنان، الشعب اللبناني، المقاومة اللبنانية، الدولة، الجيش، كل من كان له صلة حقيقية بهذا الانجاز وهذا الانتصار التاريخي، صنع هذا الانجاز التاريخي السياسي العسكري الفكري الثقافي الاخلاقي
الانساني الكبير، ولا تزال تداعياته قائمة إلى الآن.

ثالثاً: لنؤكد اليوم أمام المخاطر والتهديدات الحاضرة والقادمة إننا جميعا قادرون على مواجهة هذه المخاطر وقادرون على إسقاط أي مسارات تآمرية على منطقتنا وبلدنا وبلداننا وشعوبنا ومقدساتنا،
لأنه في حرب تموز عندما ذهب الأميركيون إلى هذا المسار كان لديهم كامل عناصر القوة، بل أنا أدعي أنه في تلك اللحظة كان الأميركيون في ذروة القوة، بل لم تصل قوة في التاريخ والعالم إلى هذه القمة التي وصل إليها الأميركيون بعد الـ 2001 و2002. قمة القوة الأميركية العسكرية الأمنية السياسية المخابراتية الإعلامية، قمة السيطرة، قمة التهويل والتغوّل الأميركي، كان في هذا العقد من الزمن.

ثانياً: الظروف الإقليمية والدولية، اتحاد سوفياتي "ما فيه"، معسكر اشتراكي "ما فيه" عالم عربي، "ما فيه شي"، كله كان منهاراً أمام الولايات المتحدة الأميركية، الظروف الإقليمية والدولية المساعدة جداً.

من قدر أن يواجه في ذاك الوقت، لا أتحدث عن جهة محددة، هذا المجموع، في لبنان وفي المنطقة من لبنان إلى فلسطين إلى سوريا إلى العراق إلى إيران إلى بقية المنطقة، كلّ بحسب إمكاناته وموقعه وقدراته، الذي قدر أن يواجه هذا المسار ويسقطه هو قادر على أن يواجه أي مسار آخر ويسقطه. هدف التذكير أيضا هذا.
اليوم، ما يجري في قطاع غزة هذه الأيام من حرب وعدوان اسرائيلي على القطاع برأينا هو جزء من مسار جديد، قلنا هذا المسار سقط، وانتقلت المنطقة إلى تطورات وإلى أحداث قد نختلف في تقييمها وقراءتها وأسبابها، لكن دخلت المنطقة العربية كلها إلى وضع جديد.

حسناً، على ضوء هذا الوضع الجديد، الأميركيون رسموا مساراً جديداً أو المشروع الآخر المعادي رسم مساراً جديداً لتحقيق أهدافه التي هي نفسها السيطرة على المنطقة وعلى منابع النفط في المنطقة وغلبة إسرائيلية وتصفية القضية الفلسطينية وفرض شروط على الفلسطينيين والعرب بشروط إسرائيلية، نفس الأهداف لا تتغير. من وقت إلى آخر مسارات وتكتيكات تتغير.
الذي يحصل في غزة اليوم هو جزء من هذا المسار الجديد الذي كان بدأ قبل الحرب على غزة. الآن غزة هي حلقة من حلقات المسلسل، أو مرحلة من مراحل هذا المسار الجديد الذي يحمل عنصرين مثل ما كان في العقد الماضي. في العقد الماضي قلت إنه كان هناك عنصران: الأول هو العمل العسكري الاميركي المباشر الذي أدى إلى احتلال العراق والسيطرة على منطقة الخليج من خلال هذا الاحتلال.
الثاني: إسرائيل والجيش الإسرائيلي والحرب الإسرائيلية.
اليوم الأميركيون بعد كل ما لحق بهم وخروجهم من العراق ومأزقهم في افغانستان ووو  هم حذريون جداً من العودة العسكرية إلى المنطقة أو بالحد الأدنى من العودة البرية، لذلك عندما يتحدثون عن التدخل الآن في العراق، كل يوم أوباما ووزير الخارجية ووزير الدفاع والأمن القومي (يقولون): لا لن نرسل قوات برية ولن نرسل جنوداً ولا مشاة، وهذا يعبّر عن شيء ما على كل حال.

حسناً، اليوم يوجد عاملان أساسيان يستخدمان في المسار الجديد، وأنا هنا سأتكلم عن الأمور بأسمائها، سأتحدث عن المسميات بأسمائها، واسمحوا لي ـ  لمن يسمعني ـ بأن نفتح قلوبنا قليلاً وعقولنا قليلاً، لأننا جميعاً في لبنان وفي المنطقة في مرحلة خطر وجودي، هنا نحن لن نتكلم بالامتيازات وبالكمالات وبالأحسن والأفضل والأوفر، نحن نتكلم بالوجود.

حسناً، يوجد الآن مسار جديد وبعدها أعود إلى العنصرين الموجودين فيه. المسار الجديد أصعب وأخطر من المسار السابق لأنه ليس مسار إسقاط أنظمة وإقامة سلطات بديلة. في هذا المسار عندما تسقّط نظام وتأتي بسلطة بديلة يعني البلد بقي ككيان، والدولة بقيت والحدود بقيت والنسيج الاجتماعي بقي أو تأذى، الجيش بقي أو تأذى، لكن تقوم بإزاحة سلطة وتأتي بسلطة بديلة.
 
المسار الجديد ليس مسار إسقاط أنظمة وإيجاد سلطات بديلة، إنما هو المسار الذي تكلمنا عنه في أكثر من مناسبة، هو مسار تدمير وتحطيم دول وجيوش وشعوب وكيانات، ولسنا بحاجة لدليل على ما يحصل ولكن نأتي عليه لاحقاً، فمسار تدمير وتفتيت وتهشيم وتحطيم كل شيء، هذا المسار الأميركيون ماضون فيه، ومن هم مع الاميركيين بالمنطقة ومعهم إسرائيل أيضاً، يراد بناء خريطة جديدة للمنطقة، لكن على ماذا؟ بعد الحرب العالمية الأولى والثانية، حسنا، الآن على ماذا تبنى الخريطة الجديدة؟ على أشلاء ممزقة، ليس أشلاء افراد فقط بل أيضاً على أشلاء دول وشعوب مجتمعات وعلى ركام، ليس أنه سوف يبقى عواميد وحيطان نعود ونرممها ونسقفها أو ما شاكل، (تُبنى) على عقول تائهة، نتيجة الأحداث التي تحصل أو المخطط أنها تحصل في المنطقة، حتى العقول تحتار، أين نذهب؟ ما الخيارات التي لدينا؟ ماذا سنفعل؟  وعلى قلوب مرتعبة، هناك منظر مؤثر جداً، هناك مروحية في منطقة سنجار، هل هي عراقية أو اميركية "أنا نسيان" وأظن عراقية، لما كانت تحمل نساء وأطفال من الأرض، انظروا إلى وجوههم، إلى عيونهم وتذكروا نساءكم وأطفالكم لتعرفوا على ماذا ستبنى الخريطة الجديدة، على أشلاء ممزقة، على ركام وحطام، على عقول تائهة، على قلوب مرتعبة، يراد أن نصل جميعاً، كلنا في المنطقة إلى كارثة ومن أجل التخلص من هذه الكارثة نقبل بأي شيء، بأي إملاءات، ولكن خلّصونا  من هذه الكارثة، "طلعونا من هذه المصيبة" وستحصلون على ما تريدون، "على عيننا"، نحن حاضرون. كارثة اجتماعية وأمنية وسياسية واقتصادية وفكرية وعقلية وقلبية وعاطفية، بل الأسوء من ذلك، يتحول عندها العدو الأساسي إلى المنقذ وإلى المخلّص في نهاية المطاف، هذا ما تُجر المنطقة إليه.
حسناً، من هم العناصر الأساسيون في هذا المسار الجديد؟

الإسرائيليون، وهذا ما تحدثت عنه فيما يجري في غزة من تدميروتحطيم، الهدف الواقعي والحقيقي مثل ما تكلم الإخوة الفلسطينيون وحُكي عنه، هو ضرب المقاومة ونزع سلاح المقاومة وإنهاء بنية المقاومة، تيئيس الناس من كل شيء اسمه مقاومة، أن تستسلم الناس في قطاع غزة، أن لا يبقى شيء، حطام، ركام.

والعنصر الآخر الذي لا يقل خطورة هو ما سمي بالتيار التكفيري، الذي اليوم أصبح أبرز مصاديقه وأوضح تجلياته، هو داعش، وداعش هي المصداق الكبير الآن لهذا التيار.

حسناً، هذه هي عناصر المسار الجديد، سوف أعود لاحقاً عندما أتكلم عن داعش وعن المسار الجديد، لكن أريد أن أدخل إلى البحث من خلال هذا السؤال وهي الفكرة المركزية بكل خطاب الليلة: هل يمكن التغلب على المسار الجديد وإلحاق الهزيمة به؟ نعم، أنا اقول للبنانيين للسوريين للعراقيين والفلسطينيين، لكل شعوب المنطقة: نعم يمكن إلحاق الهزيمة بالمسار الجديد، كما الحقت الهزيمة بالمسار السابق، لكن هذا لا يأتي بالتمني، هذا يأتي بالعمل، والدعاء يسند العمل، هذا بحاجة إلى شروط وعناصر، ويتطلب جهداً معيناً يُعمل عليه.

يوجد عنوانان أريد أن اركز عليهما لأقول: نعم يمكننا أن نصل نحن إلى مكان نلحق فيه الهزيمة بهذا المسار الجديد.

العنوان الأول هو أن ندرك وأن نفهم ونصدق أولاً أن هناك تهديداً حقيقياً وتهديداً وجودياً يواجهنا جميعاً، في البداية يجب أن نلتفت بأنه هل يوجد تهديد وخطر من هذه الشاكلة أم لا؟

ثانياً، إن هذا خطر جدي حقيقي أم أن هذه مزحة أو نكتة سخيفة ؟ أبعاد هذا الخطر، إمكانيات هذا الخطر ومقدرات هذا الخطر. يجب أن ندركه ونفهمه ونستوعبه ونصدّق في البداية، وليس أن نقول إنه لا يوجد شيء، هنا: لا إفراط ولا تفريط، يأتي أحدهم ليقول لك: لا يوجد شيء في المنطقة، لا يوجد أي خطر، وهذه نكتة سخيفة، هذا حادث عابر، لا يوجد شيء.

حسنا، هنا هذا خطأ لماذا؟ لأنه ممكن في لحظة من اللحظات تصبح أنت مثلاً في لبنان أمام الخطر وجهاً لوجه، لم تجهز شيئاً ولم تعد لشيء وليس لديك استراتيجة وليس لديك عناصر قوة، ولم تحضّر وليس لديك خطة، فتندم حيث لا ينفع الندم، وقد ضاع منك كل الوقت، هذا خطأ. والذي يقول بأنه لايوجد شيء، هذا منفصل عن الواقع ومكابر، كل ما يحصل وتقول لا يوجد شيء؟! لا يوجد خطر؟!

ثانياً: بين الافراط والتفريط أن تأتي وتقدم الأمور بأكبر من حجمها الحقيقي مما يؤدي إلى حالة رعب وهلع ويأس وإحباط وتسلل روح الهزيمة والاستسلام، وأن تبدأ الناس تفكر بانها كيف ستجمع أغراضها وحقائبها وتسافر، وهذا "يقطع PASSPORT"،  وهذا أين يريد أن يخفي نفسه، "لأنه خلص"، يوجد خطر قادم ولا قدرة على مواجهته مثل ما حصل للمنطقة على زمن الاجتياح المغولي مثلا.

لا هذا صحيح، انه لا يوجد شيء والذي يحصل هو مزحة، ولا أنه لا امكانية للمواجهة ويصبح هناك حالة إحباط ويأس وهزيمة، فهذان المساران مخطئان. الصح بهذا العنوان أن ندرك الخطر، حجم الخطر، إمكانيات الخطر، مقدرات الخطر، ونصدق أنه يوجد خطر. هذا أولا.

العنوان الثاني، لأنني أريد أن أعود وأبني على هذين العنوانين، العنوان الثاني هو أن نبحث عن وسائل مواجهة هذا التهديد، وإسقاطه وإنهائه وإلحاق الهزيمة به، الوسائل الحقيقية الواقعية الجادة، أن لا نذهب إلى أوهام وأن لا نذهب إلى خيارات سراب، أن لا نذهب إلى خيارات تم تجربتها وفشلت ولم تؤدِّ إلى أي نتيجة، أن نذهب إلى خيارات واقعية من تاريخ منطقتنا، من تاريخ شعوبنا ومن تاريخ أمتنا ومن تاريخ البشرية كلها بالنظر إلى كل الوقائع والمعطيات والمعادلات الدولية والإقليمية والمحلية، نأتي ونقول نعم، يوجد هذه الوسائل واحد اثنان ثلاثة أربعة وخمسة، أن نضع خطة ونقول هذه هي عناصر هذه الخطة ونذهب لنحضّر لمواجهة هذا التهديد. بهذين العنوانين، نعم ممكن، عندما نأتي إلى التجربة، من خلال حرب تموز وحرب غزة اليوم وحرب غزة سابقاً، من خلال تجارب المقاومة وما جرى في المنطقة، الفلسطينييين واللبنانيين وشعوب المنطقة، بل كل العالم العربي وكل العالم الاسلامي كلنا نحن على مدى عشرات السنين، يعني منذ قبل الـ48 إلى اليوم عشنا تجربة أليمة ومحزنة، وفي بعض الحالات مخزية وكانت قاسية جداً على شعوب وعلى حكومات وعلى أجيال وهذا الذي ورثناه نحن وهي تجربة إسرائيل، المشروع الصهيوني التوسع الصهيوني الخ...
 
بالبداية وفقط لتقريب الفكرة، بالبداية، ببدايات القرن العشرين، عندما بدأوا يأتون بالصهاينة، عائلات عائلات، وفلاحين وحرف وتجار ويـأتون بهم الى فلسطين....

العرب كم كان عددهم واليهود كم كان عددهم؟ اليهود كم كان عددهم في فلسطين؟ لا شيء.
إذا قلت لأي فلسطيني أو لأي عربي أن ال?