29-03-2024 06:55 AM بتوقيت القدس المحتلة

المؤتمر للحوار الوطني الإقتصادي في تونس يتجه إلى الفشل

المؤتمر للحوار الوطني الإقتصادي في تونس يتجه إلى الفشل

وقال الخبير الإقتصادي محسن حسن ان الحوار الإقتصادي ولد ميتا، معتبرا أن الحكومة طرحت هذا المقترح حتى تجعل منه غطاء حاميا لها، فيما تواصل الأحزاب المشاركة في جلساته سلسلة التجاذبات فيما بينها.

المؤتمر للحوار الوطني الإقتصادي في تونس يتجه إلى الفشلقال خبراء إقتصاديون في تونس انهم لا يتوقعون أي جدوى من إنعقاد المرحلة الثانية من المؤتمر الوطني  للحوار الإقتصادي، الذي دعا اليه رئيس الحكومة مهدي  جمعة في وقت سابق من العام الجار، بينما تؤكد الحكومة أن  الجلسات الاولى من المؤتمر  أعطت اُكلها وساعدت بطريقة فعالة على وضع الخطوط العريضة لمشروع الموازنة التكميلية لهذا العام.

ويعتقد بعض المراقبين أن المرحلة الثانية من المؤتمر الوطني للحوار الإقتصادي ستعقد بعد مصادقة البرلمان التونسي على مشروع الموازنة التكميلية للعام الجاري.وكانت الحكومة التونسية قد أوضحت أن الحوار الإقتصادي سيتم على مرحلتين الاُولى بمثابة مرحلة تحضيرية تخصص لتحديد الإجراءات العاجلة القادرة على إنعاش الإقتصاد اما الثانية فستخصص لإقرار الإصلاحات الهيكلية.

وبحسب الحكومة فقد انطلقت المرحلة الاُولى من مؤتمر الحوار الوطني الإقتصادي والتي تمخضت عنها توافقات في مقدمتها مشروع الموازنة التكميلية لهذا العام.وأصدرت الحكومة التونسية منذ أكثر من اُسبوعين  الوثيقة الرسمية لمشروع قانون المالية التكميلي تحت شعار» على طريق الإنتعاش الإقتصادي» بعد المصادقة عليه من قبل مجلس الوزراء  وعرضه على البرلمان في إنتظار المصادقة عليه ودخوله حيز النفاذ.

وأوضحت الحكومة التونسية التي تسعى إلى تخفيض مستوى عجز الموازنة بنحو نقطة مئوية أن الأولويات الرئيسية التي يرتكز عليها مشروع الموازنة التكميلية تتجسد أساسا في كيفية دفع النمو الإقتصادي والإستثمار، في اشارة  إلى أن نسبة النمو المرتقبة لسنة 2015 تقدر بنحو 3.5٪. 

وبحسب تصريحات إعلامية سابقة لرئيس الحكومة مهدي جمعة تتمثل النقاط الرئيسية  للمؤتمر الإقتصادي في مسائل عدة يتلخص أهمها في: ترشيد دعم الدولة لبعض السلع الأساسية وتوجيهه إلى مستحقيه، وتحسين القدرة التنافسية والانتاجية في القطاع العام، ومحاولة ايقاف نزيف التهريب والتجارة الموازية، وتحديد قانون التشجيع على الإستثمار، والحد من البطالة.

وقال الخبير الإقتصادي محسن حسن ان الحوار الإقتصادي ولد ميتا، معتبرا أن الحكومة طرحت هذا المقترح  حتى تجعل منه غطاء حاميا لها، فيما تواصل الأحزاب المشاركة في جلساته سلسلة التجاذبات فيما بينها.
ودعا محسن حسن إلى ضرورة أن يكون الحوار الإقتصادي في شكل مؤسسة تتكون من خبراء وإطارات وأحزاب كبرى، تكون مهمتها الرئيسة  حل المشاكل الظرفية، والبحث عن نمط تنمية جيدة، وتطبيق إصلاحات هيكلية لتعديل مسار عجلة الإقتصاد الوطني.

وفي السياق ذاته، أوضح لطفي بن عيسى، الخبير في المالية العمومية والجباية، أن مؤتمر الحوار الإقتصادي بدأ متعثرا وانتهى فاشلا‘ معتبرا  أن الاجراءات التي جاء بها المؤتمر لم تبعد عما ما جاءت به حكومة علي العريض، التي استقالت في مطلع العام الجاري تطبيقا لإتفاق للخروج من أزمة سياسية مستمرة منذ أشهر في تونس.

وقال بن عيسى ان رئيس الحكومة رتب جدول أعمال هذا الحوار حسب أولويات التوافق حول جملة من الاجراءات الجبائية والمالية التي ترمي لانعاش الإقتصاد، معتبرا أن ذلك  لن يخرج عن اطار ما حددته الحكومة السابقة.
وأضاف الخبير أن الحوار تبنى غالبية الإجراءات التي أقرتها الحكومة السابقة في موازنتها الأصلية، التي قدرت بنحو 28.1 مليار دينار تونسي  (16.5 مليار دولار)، بزيادة 2.3٪ عن النتائج المحتملة لموازنة العام الماضي.
واعتبر بن عيسى أن النتائج الناجمة عن الحوار الإقتصادي ومحاولة تحقيق التوافق حول قضايا إستراتيجية  كبرى أفرزت عددا من الإجراءات الفاقدة للتناسق فيما بينها مشيرا إلى أن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات قادرة على إلغاء بقية جلسات الحوار.

وشرعت الحكومة التونسية منذ مطلع الشهر الحالي في تطبيق الزيادة التي أقرتها مسبقا في سعر البنزين، والتي حددتها بنحو 0.1 دينار في اللتر الواحدة بنسبة ارتفاع 6.3٪، ليبلغ سعره 1.67 دينار مقارنة بـ 1.57  دينار قبل إقرار الزيادة .

ويرى لطفي بن عيسى أن الحكومة تنتظر  بعد التوافق على قانون المالية التكميلي استئناف جلسات الحوار الإقتصادي  للتطرق إلى اصلاحات هيكلية وتحديد نمط التنمية الجديدة. وألمح بن عيسى إلى امكانية إنسحاب الأطراف الإجتماعية  التي تنادي بدعم حقوق العمال والمحافظة على مستواهم المعيشي في إشارة إلى «الاتحاد العام التونسي للشغل»،  المنظمة النقابية المركزية في تونس.

وختم بن عيسى قوله نحن اليوم أمام  مشروع موازنة تكميلية لن تحظى بتوافق واسع وحوار توقف في هذا الوقت ليست له أفق أخرى. ودعا عز الدين سعيدان الخبير الإقتصادي إلى ضرورة  تحلي الحكومة الحالية بدرجة أعلى من الشجاعة والإستقلالية والسرعة في تنفيذ قراراتها باعتبارها حكومة غير معنية بالانتخابات.ويرى الخبير أن إلتجاء الحكومة لإقامة الحوار الإقتصادي يشير إلى إمكانية الحد من حريتها  وإرجاع قراراتها إلى الفاعلين السياسيين.

وقال الخبير  إنه ليس هناك جدوى من الحوار، وهو ما جعل الحكومة تتقدم بمشروع قانون مالية تكميلي دون إستكمال جلساته، معتبرا ان اصدار قانون الموازنة التكميلي هو عبارة عن حل منقوص لكنه يعد خطوة إلى الامام.
وحث سعيدان حكومة جمعة على  ضرورة إتخاذ إجراءاتها بالسرعة والفاعلية اللازمة، مؤكدا على ضرورة عدم عودتها إلى  آراء السياسيين أثناء اتخاذ القرارات.

من ناحية أخرى، أكد وزير الإقتصاد والمالية التونسي حكيم بن حمودة على أن  الحوار الوطني الإقتصادي ساهم مساهمة ملحوظة وفعالة في انتاج مشروع الموازنة  التكميلية. من جهته قال نضال الورفلي، الناطق الرسمي باسم الحكومة التونسية، ان مشروع الموازنة  التكميلية بني على التشاور والتوافق وارساء مبدأ المسؤولية، مشيرا إلى  أن عقد الحوار الإقتصادي منحه قيمة اضافية.

وأضاف أن كل المقترحات التي طرحت خلال الجلسات التحضيرية  للحوار، البالغة أكثر من 35 جلسة وشارك فيها ما بين 250 – 300 شخص من منظمات مدنية على غرار اتحاد الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وإتحاد الفلاحة والصيد البحري وهيئات وخبراء، تم التوافق حولها وإدراجها في المشروع.

وذكر الورفلي أنه جرى خلال الجلسات طرح مقترحات جديدة ساعدت على سن مشروع قانون المالية، مشيرا إلى المشاركة الملحوظة لمختلف الأحزاب السياسية الفاعلة  في المجلس الوطني التأسيسي( البرلمان).
ويبقى  مؤتمر الحوار الإقتصادي محل أخذ ورد بين المراقبين والحكومة والأطراف السياسية  في الوقت الذي  تعاني فيه تونس من أزمة إقتصادية خانقة ألقت  بظلالها  على  التوازنات المالية الكبرى.