29-03-2024 10:12 AM بتوقيت القدس المحتلة

قانون الانتخابات العراقية.. أفضل الممكن

قانون الانتخابات العراقية.. أفضل الممكن

التنوع الموجود في العراق مذهبيا وقوميا وعرقيا يفرض قانونا حديثا وعصريا للانتخاب يواكب التطور الحاصل ويضمن مشاركة مختلف الاطياف العراقية، لا سيما الاقليات بالاضافة الى حفظ حق مشاركة النساء.

التنوع الموجود في العراق مذهبيا وقوميا وعرقيا يفرض قانونا حديثا وعصريا للانتخاب يواكب التطور الحاصل ويضمن مشاركة مختلف الاطياف العراقية، لا سيما الاقليات بالاضافة الى حفظ حق مشاركة النساء في الحياة البرلمانية والسياسية في العراق.

وبما ان الغالبية من العراقيين تتكون من: الشيعة، السنة والاكراد، فمن الطبيعي والمنطقي ان تحوز هذه المكونات على الاغلبية الساحقة من المقاعد في البرلمان العراقي، لكن القدرة على عدم إلغاء المكونات الاصغر حجما والوصول الى صحة تمثيلها يدلل على ممارسة ديمقراطية حقيقية.

ولكن أي قانون للانتخاب بقدر ما يحتاج ليكون عصريا ومتطورا يحفظ حقوق جميع مكونات الشعب، يحتاج ايضا الى ان يكون قانونا عمليا واضحا يمكن فهمه من الجميع، لا سيما عامة الناس، لا ان يكون مفهوما فقط من طبقة محددة دون اخرى، كما لو كان اهل السياسة يفهمونه دون الناس العاديين، لان ذلك قد يجعل الغايات الحقيقية للقانون لا تطبق وقد يجعل بعض السياسيين -إن لم نقل جميعهم- يستغلون هذا الامر، بشتى السبل، لحرف ارادات الناس عن اختياراتهم الحقيقية لممثليهم.

وفي سياق الحديث عن الانتخابات العراقية نتناول بعض مندرجات القانون الذي ستجري هذه الانتخابات على اساسه، وهنا لا بدَّ من التنويه بما يلي:

- شدد هذا القانون على ان الانتخاب حق لكل عراقي، له ان يمارسه دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو  الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي، كما اكد هذا القانون ان من حق كل ناخب ان يمارس حقه في التصويت للانتخاب بصورة حرة ومباشرة وسرية.

- نظّم القانون عملية الانفاق المالي للمرشحين في محاولة لايجاد فرص متساوية للتنافس بين الكيانات والمرشحين في الانتخابات وتحقيق الشفافية في كيفية جمع الموال وانفاقها في الحملة الانتخابية وحظر المصادر المالية غرير المشروعة في تمويل الحملة النتخابية محاربة شراء الصوات واحتكار العملية النتخابية وافساد الانتخابات والحياة السياسية.

- حدد قانون الانتخابات العراقي كوتا مؤلفة من ثمانية مقاعد لبعض المكونات من اصل 328 مقعدا يتألف منها البرلمان، واشار القانون الى ان هذه الكوتا تمنح للمكونات من دون ان يؤثر ذلك على نسبتهم في حالة مشاركتهم في القوائم الوطنية.

ووزع القانون هذه الكوتا على الشكل التالي: - المكون المسيحي خمسة مقاعد توزع على محافظات (بغداد ونينوى وكركوك ودهوك واربيل).
- المكون الايزيدي مقعد واحد في محافظة نينوى.
- المكون الصابئي المندائي مقعد واحد في محافظة بغداد.
- المكون الشبكي مقعد واحد في محافظة نينوى.

ويسجل هنا لهذا القانون انه امّن مشاركة الاقليات بكوتا محددة سلفا بغض النظر عن نتائج الانتخابات التي قد تعطي هذه الاقليات ماعد اضافية في شتى الدوائر الانتخابية، ما قد يزيد من تمثيلها في المجلس.

- طريقة الترشيح: جعل القانون طريقة الترشيح إما من خلال القائمة المفتوحة او الترشيح الفردي، وهذا يمكن الناخب من تشكيل اللائحة او القائمة التي يريدها، بمعنى يمكنه التصويت للقائمة المشكلة سلفا من قبل المرشحين كما يمكنه التصويت لبعض هؤلاء من قائمة واضافت آخرين، اي انه يمكن للناخب تكوين لائحة خاصة به للمرشحين الذين يراهم يعبرون عن طموحاته وتطلعاته.

- الكوتا النسائية: حفظ قانون الانتخابات العراقي كوتا للنساء هي 25 % للمرشحات في كل قائمة، و25 % لتمثيل النساء في المجلس بالحد الادنى، اي انه يمكن لتمثيل النساء ان يزيد عن ذلك كما يمكن للقائمة الواحدة ان تضم نسبة اعلى من النساء، وهذا يدلل على حفظ هذا القانون حقوق المرأة بنسبة مقبولة.

- راعى القانون وضع المهجرين داخل العراق، حيث سمح لهم بالتصويت في المكان الذي يقيمون فيه، على ان يصوتوا لدوائرهم الاصلية التي هجّروا منها، وكذلك يصوّت عراقيو الخارج -بحسب القانون- لمصلحة محافظتهم وفقا لاجراءات تضعها "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات".

طريقة توزيع المقاعد على القوائم المتنافسة:

اعتمد قانون الانتخاب العراقي نظام "سانت ليغو المعدل" في توزيعه للمقاعد على القوائم المتنافسة، كما يلي:  

- تقسم الاصوات الصحيحة للقوائم المتنافسة على الاعداد التسلسلية (1.6 - 3 -5 -7 -9 ...الخ) وبعدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية.

- يراعى في ذلك ضمان حصول المرأة على (25%) على الاقل من عدد المقاعد.

- توزع المقاعد داخل القائمة باعادة ترتيب تسلسل المرشحين استنادا على عدد الاصوات التي حصل عليها كلا منهم، ويكون الفائز الاول من يحصل على اعلى الاصوات وهكذا بالنسبة لبقية المرشحين.

ولكن ما هو نظام "سانت ليغو المعدل" المعتمد في القانون العراقي؟

وقبل الغوص في شرح نظام "سانت ليغو المّعدل" في توزيع المقاعد النيابية، لا بدّ من التعرف على نظام "سانت ليغو"، وهو نظام هدفه تقليل العيوب الناتجة عن عدم التماثل او التساوي بين عدد الاصوات المعبر عنها وعدد المقاعد المتحصل عليها، وهو العيب الذي عادة ما تستفيد منه الاحزاب او التيارات الكبيرة على حساب الاحزاب او التيارات الصغيرة.

وتستخدم الارقام المفردة في هذا النظام كمعيار(1-3-5-7-9...) لمعرفة عدد المقاعد التي تحصل عليها الحزب، وتقسم في جدول يتضمن جداول صغيرة على عدد مقاعد الدائرة، وتجري عملية حسابية حتى يمكن معرفة عدد مقاعد كل حزب او تيار، من خلال قسمة عدد الاصوات التي تحصّل عليها هذا الحزب في الدائرة الانتخابية على الارقام المفردة المذكورة اعلاه.

وعلى سبيل المثال الدائرة اذا افترضنا ان عدد مقاعد الدائرة الانتخابية ستة مقاعد ستكون القواسم(6) ، اي بعدد مقاعد الدائرة ، ويكون التوزيع كما يلي :

 

الكيان

عدد الأصوات

القاسم 1

القاسم 3

القاسم 5 

القاسم 7

القاسم 9

القاسم 11

عدد المقاعد

أ

27000

27000 (1)

9000 (4)

5400

3857

3000

2454

2

ب

23000

23000 (2)

7666 (5)

4600

3285

2555

2090

2

ج

15000

15000 (3)

5000

3000

2142

1666

1363

1

د

7600

7600 (6)

2533

1520

1085

844

690

1

هـ

7400

7400

2466

1480

1057

822

672

-

 
اما طريقة "سانت ليغو المعدلة"، فهي صورة معدلة من نظام "سانت ليغو" الكلاسيكي وذلك بهدف جعل عملية توزيع المقاعد لصالح القوائم الكبيرة.

وفي هذا النظام يعتمد نفس الارقام المفردة المذكورة اعلاه مع فارق بسيط هو استبدال الرقم 1 بالرقم 1.6 ، لتصبح الارقام المستخدمة للقسمة هي (1.6 - 3 - 5 - 7 - 9 ، ....)، بينما في بعض الدول تستخدم الارقام (1.4- 3-5-7-9-......).

ولتطبيق هذه الطريقة على نتائج مجموعة من القوائم المشاركة في انتخابات دائرة عدد مقاعدها افتراضا ستة مقاعد، يكون التوزيع كما يلي :

 

الكيان

عدد الأصوات

القاسم 1.6

القاسم 3

القاسم 5

القاسم 7

القاسم 9

القاسم 11

عدد المقاعد

أ

27000

16875 (1)

9000 (4)

5400 (6)

3857

3000

2454

3

ب

23000

14375 (2)

7666 (5)

4600

3285

2555

2090

2

ج

15000

9375 (3)

5000

3000

2142

1666

1363

1


ويعتبر هذا النظام معقدا الى حد معين مما يجعل البعض يعتبره ثغرة عملية يعيب من خلالها على قانون الانتخاب العراقي، لانه يجعل نظام حساب مقاعد كل دائرة ليست بالسهولة المطلوبة ليفهمها اغلبية الشعب العراقي، ولعل هذه الثغرة قد تكون الاهم والابرز للتصويب على هذا القانون.

لكن من ابرز ميزات نظام "سانت ليغو" ان المتضرر الأكبر منه هي الكتل الكبيرة، باعتبار انه يمنعها من حصد المقاعد جميعها لوحدها، بل يفرض تمثيل الكتل والمكونات الصغيرة او الاقل حجما، وبذلك فهذا النظام يعطي فرصة للأحزاب الصغيرة في التواجد تحت قبة البرلمان.

وتتنوع مواقف الكتل البرلمانية العراقية حول هذا القانون، ففيما يؤيد "التيار الصدري" نظام "سانت ليغو"، تعارضه كتلة "التحالف الكردستاني" لانها طالما طالبت بأن "تكون الانتخابات وفق القائمة المفتوحة على أن تكون هناك دائرة انتخابية واحدة في جميع العراق بدل الدوائر المتعددة"، وهذا ما يتعارض اصلا مع جوهر نظام "سانت ليغو" المعتمد في القانون الحالي، بنما تؤيد اغلب الكتل البرلمانية نظام تعدد الدوائر الانتخابية في العراق.