23-04-2024 03:59 PM بتوقيت القدس المحتلة

معبر كسب... وَهمُ النصر وسراب التحرير!!

معبر كسب... وَهمُ النصر وسراب التحرير!!

إنها الهزائم والإنكسارات فعلت فعلتها في عقول ونفوس أطراف العدوان والتآمر ومشغليهم الإرهابيين على ىسوريا.


إبراهيم عبدالله

... إنها الهزائم والإنكسارات فعلت فعلتها في عقول ونفوس أطراف العدوان والتآمر ومشغليهم الإرهابيين على سوريا.

قالها الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في وقت ما " ولى زمن الهزائم وجاء زمن الإنتصارات"، هذه العبارة الشهيرة وقعت كالحجر الصلد في بحيرة النكسة والنكبة وسنين الخيبة والقنوط ... ولم يفهمها إلا اهل الصمود والإنتصار.

نحن اليوم نعيش تداعيات زلزال نصر تموز/ يوليو 2006 الإستراتيجية، حيث إستفاد منه الروسي الى اقصى الحدود وفقاً لمتطلبات مصالحه، فكان بمثابة الحافز والمحفز لولوج الملعب الدولي مجدداً بعد سبات عميق ، فترجم حضوراً شرساً في جورجيا وتجزراً متصلباً في سوريا وحاسماً في أوكرانيا حيث الخاصرة الرخوة والأمن القومي.

فهم الغرب ومعه الإسرائيلي جزءاً يسيراً من "لغز محور الممانعة والمقاومة" من خلال رسائل حامية الشكل والمضمون بعث بها الى المحتل الصهيوني في الجولان السوري وشبعا اللبنانية وغزة هاشم، فقرر المحور الاخر تهدئة جبهة الجنوب السوري واستبدالها بجبهة كسب الحدودية مع تركيا كونها أقل ضرراً وخطراً على الكيان الغاصب ، ولا ضير في ذلك على الشعب التركي...

معركة كسب تفتيش عن نصر وهمي في كومة هزائم وانكسارات

 هذه الإشتباكات ليست لها اهمية من الناحية الإستراتيجية والعسكرية، فكسب عبارة عن جيب ضمن الأراضي التركية ، وبالتالي حتى لو تمت السيطرة على هذه المنطقة ، لن تكون ذات أهمية إستراتيجية، هذا ما رآه الخبير الاستراتيجي الدكتور طالب إبراهيم في حديث لموقع المنار.

واعتبر ابراهيم أنَّ العصابات المسلحة التي أنهكتها الهزائم والإنكسارات تبحث عن نصر معنوي حتى ولو كان وهميا في مناطق أخرى من سوريا، وعلى الرغم من ذلك الضجيج الإعلامي، الجيش السوري أحكم السيطرته على تلة النسر الإستراتيجية والمرصد 45 ، ويواصل تقدمه في المنطقة.

وقد قرأ الدكتور والباحث الإستراتيجي حسن حسن معركة الشمال انها لم تكن مفاجئة لا للمواطن السوري ولا للجيش ، ومنذ أن بدأ الاعلام يتداول الحديث عن ما سُمي "معركة الجنوب" كان المقصود حرف الأنظار عن المعركة الحقيقية التي يخططون لها، وتورط رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في سفك الدم السوري لم يتوقف منذ اللحظات الأولى وحتى قبل أن تبدأ الأزمة في سوريا، و اعتبر أنَّ هذا الإنخراط السافر في المؤامرة جنباً الى جنب مع جبهة النصرة والموضوعة على "لائحة الإرهاب" الأميركية ، يؤكد الرواية السورية منذ بداية الازمة في 15 آذار/مارس 2011 ، ويفضح كذب وتلفيق كل ما كانت تتشدق به حكومة أردوغان.

وأشار حسن الى انه لا يمكن فهم ما حدث ويحدث إلا من خلال النظر الى واقع الأمور عبر التدخل الإسرائيلي بضرب مواقع للجيش السوري على الحدود الجنوبية، حيث يتكرر نفس الأمر مع تركيا بالنسبة للحدود الشمالية، ضمن سياق خلط الأوراق في المنطقة من جديد بسبب الهزائم المتكررة والإخفاقات الجمة والمتراكمة على إمتداد الأزمة السورية.

أردوغان كبش محرقة ... لأجل ذلك أسقطت الطائرة السورية

أردوغان شخصياً في أزمة ، وهو في صراع مع عبدالله غول ومع علي باباجان داخل حزب العدالة والتنمية، ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل تعداه ليشمل الجيش وكتلة العلمانيين، ويبدو برأي إبراهيم أن هناك بوادر حركة ما  داخل الجيش التركي حيث بدأ يستعيد توازنه في الحياة السياسية التركية، بدليل الإفراج على الجنرال ألغير باشكورغ الذي أدين في قضية الإنقلاب المشهورة التي لفقها أردوغان، ويريد رئيس الوزراء التركي بكل بساطة أنَّ يزج الجيش التركي في حرب خارجية ليعلن بعدها حالة إستثنائية معينة تمنع حصول إلانتخابات في 30 آذار/مارس من الشهر الجاري، منعاً لتنفيذ تعهد كان قد قطعه على نفسه أمام الرأي العام التركي بالإنسحاب من حزبه والحياة السياسية في تركيا في حال خسارته في الإنتخابات.

أردوغان بدأ يشعر أنه كبش محرقة في الأزمة السورية ، وهو يحاول التفلت من هذه القضية ، ولكن الأمر لن يكون كما يريد وفق الدكتور طالب ابراهيم.

في حين يرى حسن أن هذا التدخل يندرج ضمن مجموعة من النقاط يتوجب التوقف عندها.

اولا:  ان ما يجري عدوان سافر على السيادة السورية خارج عن القرارت الشرعية الدولية.

 ثانيا: يأتي هذا الإعتداء بسبب الإنجازات المتلاحقة في الميدان على يد الجيش السوري في يبرود والحصن وكامل القلمون والغوطة ومناطق اخرى على إمتداد الجغرافيا السورية، للتغطية على تلك الإنجازات والتقليل من أهميتها وصرف الأنظار عنها من خلال فتح جبهة الساحل السوري إنطلاقاً من الحدود التركية السورية.

ثالثا:  اردوغان يحاول خلق ضجة كبيرة قبيل الإنتخابات البلدية المقبلة من خلال تصدير أزماته الداخلية بعد تفشي فضائحه التي أصبحت تلاحقه على صعيد الفساد، وبعد إنكشاف زيف الديمقراطية التي ينادي بها خصوصاً اثر حجب التويتر عن الشعب ، وإمعانه في خنق الحريات على إمتداد تركيا ، وإيهام الشعب التركي أن هناك عدوا سوريا على الحدود في تذكير للدعاية الأميركية التي كانت دائماً تحاول اثارة مخاوف الشعب الاميركي بالحديث عن ان الجيش الأحمر الروسي على الأبواب،  مع العلم أن مختلف النخب داخل الشارع التركي تعرف أن القيادة السورية حريصة كل الحرص على  تعزيز العلاقات مع الشعب التركي الصديق والجار.

جبهة كسب بديل عن جبهة الجنوب... أردوغان يقاتل نيابة عن الإسرائيلي

أردوغان يقاتل نيابة عن الإسرائيلي ، والأخير يعلم أنه بمجرد فتح جبهة الجنوب ، فإن الرد سوف يطال العمق الصهيوني ، وسيتم ضرب هذا الكيان الغاصب بكل قوة من قبل محور المقاومة، وهذا سيؤدي الى هزيمة مدوية .

ويعتقد إبراهيم أن رائحة يهود الدولما (التي ينتمي اليها اردوغان بحسب ابراهيم) تفوح من هذا العمل الأردوغاني ، والحديث عن فتح جبهة الجنوب مجافٍ للمنطق العسكري ، اي لا يمكن الحديث عن جبهة بعمق 100 كيلومتر ومرور الأعداء مرور الكرام دون حسيب او رقيب مع وجود الثقل العسكري للجيش السوري في تلك المنطقة ، ولأجل ذلك تم تسعير جبهة الشمال ، وبالتالي ستلقى هذه المحاولة المصير نفسه التى تلقته في يبرود والغوطة والقصير وغيرها ، ناهيك عن الوجود الروسي القوي في تلك المنطقة على البحر المتوسط .

 ودعا ابراهيم الى قراءة الوجود الروسي قراءة متأنية وهادئة حتى يعلموا ان هذا المنفذ لن يكون بمتناول أيديهم، معتبراً أن هذه المحاولة إستعراضية بهلوانية أردوغانية بالفرار الى الأمام من الواقع التركي الذي بدأ يضغط عليه بقوة.

يرى الباحث الاستراتيجي حسن حسن أن جبهة الشمال تندرج ضمن التنسيق الكلي بين الإسرائيلي والتركي ، وليس إستبدالاً لجبهة بأخرى ، والعمل يتم بتبادل الأدوار وتكاملها معاً، وعندما حاول الصهيوني التصعيد وصلته الرسائل من محور المقاومة بشكل جدي حتى بات على قناعة راسخة بأن أي حماقة غير محسوبة سوف تؤدي لنتائج غير متوقعة في العقل الإسرائيلي ، وبالتالي تسعير "جبهة كسب" بالتوازي مع جبهة حلب هي آخر الأوراق التي يمكن ان يستخموها كون اللعبة أصبحت على مشارف إنتهاء فصلها الأخير.

ترابط الأزمتين السورية والأوكرانية على المسرح الدولي والعالمي

تركيا جزء من الحلف الأطلسي ، وهي تتبع وتنفذ وتخطط مع هذا الحلف الإستراتجيات المختلفة في محاولة للضغط على روسيا ، وهنا كشف طالب إبراهيم معلومة لم تتطرق اليها وسائل الإعلام وهي أنه في أيلول/ سبتمبر من العام 2010 وُجد نائبُ رئيس المخابرات العسكرية الروسية مقتولاً على الشاطئ التركي ، وكان يقوم بمهمة خاصة جداً قرب شاطئ اللاذقية، لافتاً أن للروس قواعد مهمة للغاية وحساسة للأسطولهم الحربي، إذاً الصراع هو قديم ، ولن يتمكن الحلف الأطلسي من فعل أي شيئ كون الغرب يحتضر ، وأمريكا مجبرة على إخلاء المنطقة ذليلة خاسئة .

وما يحدث في سوريا واكرانيا ليس منفصلاً عن المسرح الدولي والعالمي حسبما رأى حسن حسن ، وبالتالي الصفعة المؤلمة التي تلقتها أميركا والإتحاد الأوروبي على يد الروسي، من خلال عودة شبه جزيرة القرم الى أحضان الوطن الأم روسيا، بناءً على إستفتاء شعبي بما يتلائم مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، شكَّل إنتكاسة كبيرة لأطراف التآمر والعدوان على سوريا، وأشار الى أن بعض الوسائل الإعلامية كشفت أن الغرب حاول أن يفاوض القيصر الروسي على نوع من المقايضة بين أوكرانيا وسوريا ، لكن الرفض كان سيد الموقف عند بوتين  كونه يدرك ان الصمود الأسطوري الذي حصل في سوريا هو ما أنتج هذه البيئة الإستراتيجية الجديدة التي مكنت روسيا من العودة بقوة الى الملعب الدولي ، وبالتالي قد يكون هذا التصعيد في الشمال السوري بإيعاز أمريكي ، لأن الأتراك والخليجيين لا يملكون قراراً، وإذا كانوا يريدون رد الصفعة في أوكرانيا عبر التصعيد في شمال سوريا  سوف يتلقون صفعة أكثر إيلاماً من سابقاتها برأي حسن.

تحرير يبرود ينسف الحلم الإسرائيلي بفصل مكونات محور المقاومة

اعتبر إبراهيم أن مدينة يبرود كانت عبارة عن مقر للموساد الإسرائيلي ، وجبهة النصرة هي احد أزرعه ، وتحريرها يعني سقوط أهم معاقل النصرة الإستراتيجية ، ليس فقط على الحدود السورية اللبنانية ، بل على طريق دمشق الداخل والمتشعب ، وبالتالي تداعيات تحرير يبرود أهم بكثير من تحرير القصير ، واليهود يعرفون جيداً هذا الأمر، ولهذا السبب تدخل أردوغان يندرج تحت عنوان القتال نيابة عن الإسرائيليين والغربيين في الشمال السوري.

ويرى حسن في تحرير يبرود ، وما تمثله للعصابات المسلحة المشغلة من قبل الموساد سقوطا وزوالا للحلم الإسرائيلي الطامح بإقامة جدار فاصل بين مكونات محور المقاومة من لبنان وسوريا الى العراق وفلسطين والجمهورية الاسلامية في إيران، ورد حركة الجهاد الإسلامي في غزة من خلال إطلاق الصواريخ يقرأ في هذا الإتجاه، وبالتالي تحرير يبرود نقطة البداية لتحرير كامل منطقة القلمون ومقدمة لرفع العلم السوري فوق هضبة الجولان بحسب الخبير الاستراتيجي حسن حسن.