29-03-2024 01:15 AM بتوقيت القدس المحتلة

عندما عاد ثراه من فلسطين إلى لبنان شهيداً..

عندما عاد ثراه من فلسطين إلى لبنان شهيداً..

عمد المحتل الإسرائيلي إلى أسر الجثمان الذي كان بين الجلادين أكثر حرية من نور الشمس، دفن في مقبرة العرب في فلسطين وبقي مزروعاً في الأرض التي أحبّها وهاتفاً باسم قدسها " زحفاً نحو القدس "

الشهيد محمد رفيق اليوسف رحمه اللهوتتوالى الحكايات عن أبطال أبى التاريخ إلاّ أن يخلّد سيرهم لتكون لنا ذخراً وكنوز مجد وإباء وجنات قيم وأخلاق حكايا اعتصرها الزمن دماً فكانت خيوط نور لأقمار ترحل عنّا أجسادهم وتبقى لنا قصصهم ننهل منها الكرامة والشرف لتضرب بجذورها في عقل كل إنسان في زمن الفتنة والشعارات المزيفة ...

إيمان اليوسف/ خاص موقع المنار

إليكم سيرة الشهيد محمد رفيق اليوسف المسلكية والجهادية، ولد الشهيد محمد في 7/2/1966 من بلدة زلايا (البقاع الغربي) التزم دينياً منذ صغر سنه فكانت محبة الله والسبيل إلى رضوانه من أسمى وأرقى الصفات التي تحلّى بها الشهيد وهذا ما رسم لمحمد طريق حق صعبة المسالك ضيقة المعابر لا يجتازها إلّا رجال اَمنوا بأنّ الحرية حق متأصّل كجذور السنديان المملوء بالغرم والحياة...

وفي هذا السياق تذكر زوجته لنا حكاية تطوي في ثناياها كل معاني الإيثار والتضحية فتقول أنه في إحدى العمليات أصيب محمد إصابات بالغة في جسده وكان ينزف لكثرة الجروح وكان بجانبه شهيدين فلم يرضى تركهما في أرض المعركة فحملهما متناسياً جراحه النابضة بالإصرار والثبات متحدياً الألم إلى أن أوصلهما إلى نقطة اَمنة.

وتتغنى إبنته زهراء بصفات عُجنتْ في وجدانه فتقول:" إنّ والدي كان كريم النفس عطوفاً وباراً بوالديه العجوزين فما كان ينجلي ضوء نهار من دون أن يزورهما ويتفقدهما متقاسماً ما أنعم الله عليه معهما ولا تنسى زهراء حديث أهل القرية إذ ما عرفوه إلاّ أنيساً في جلساته مرحاً وخدوماً"....

بدأ الشهيد عمله المقاوم في البقاع الغربي فكان كالعصفور المغرّد فوق بركان ثائر. شارك في عمليات نصب كمائن وزرع عبوات وهجوم على مواقع الاحتلال وعملائه ونقل أسلحة وكذلك في الإعداد لكافة العمليات في البقاع الغربي بين سنة 1986/ 1990.

في 14/9/1986 جرى اقتحام وتفجير لموقع التومة في جبل نيحا التابع لجيش العميل لحد وفي 20/12 من العام نفسه كان الهجوم على موقع لوسي فاستطاع المجاهدون تطهير الموقع وغنم ملاّلة وتكللت العملية بالنجاح وبمعراج شهيدين إلى محراب العشق الأزلي.

الشهيد محمد رفيق اليوسف رحمه اللهفي 2/8/1988 شارك الشهيد في استهداف دورية إسرائيلية بكمين على جسر الدلافة.وكان له مشاركات جهادية أخرى منها على موقع الأحمدية والجبور وزمريا حيث المحطة الأخيرة في حياة الشهيد وكذلك زرع ألغام في الديدبة– الناعمة السلطانة – المعسكر وزرع عبوات في تلال كوكبا.

وبما أنّ الجهاد عزم يلازم كيان هؤلاء الشباب ويوقظ فيهم إرادة صلبة تشرَّبتها قلوبهم من ثورة الإمام الحسين (ع) المبطّنة بالشهادة التي نالها محمد في 8/3/1990 حيث كانت المهمة تفجير معبر زمريا التابع لجيش لحد أثناء دخول موكب أمني فاستهدف المعبر بقذائف دبابة ميركافا من موقع زغلة فاستشهد وأربعة من إخوانه. 

عمد المحتل الإسرائيلي إلى أسر الجثمان الذي كان بين الجلادين أكثر حرية من نور الشمس، دفن في مقبرة العرب في فلسطين وبقي مزروعاً في الأرض التي أحبّها وهاتفاً باسم قدسها " زحفاً نحو القدس " ما يقارب الثماني سنوات حيث استعيد الجثمان إلى أرض الوطن ليخلد في ترابها خلود الحق وذلك إثر عملية تبادل سنة 1998.

ودّع محمد فلسطين معاهداً بأنّ روحه وأرواح كل الشهداء ستطلع صباحاً قريباً مشرقاً بالفتح الكبير فهول الليل وظلمته سيدحرهما قوافل رجال ولدوا من رحم أيار وتموز واَمنوا بربهم "فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا"....