29-03-2024 10:17 AM بتوقيت القدس المحتلة

إيـران أكبـر الرابحيـن.. ومصـر أكثـر المحرجيـن

إيـران أكبـر الرابحيـن.. ومصـر أكثـر المحرجيـن

غزة ما بعد العدوان لن تكون ما قبلها. الصواريخ الفلسطينية النوعية، التي سقطت على تل أبيب والقدس، غيرت الكثير من المعادلات وستفضي حتما الى عملية اعادة فرز في الساحة الفلسطينية


  
علي دربج

 

خبراء يناقشون تداعيات حرب غزة لبنانياً وإقليمياً:

غزة ما بعد العدوان لن تكون ما قبلها. الصواريخ الفلسطينية النوعية، التي سقطت على تل أبيب والقدس، غيرت الكثير من المعادلات وستفضي حتما الى عملية اعادة فرز في الساحة الفلسطينية. سريان وقف النار أو عدمه لن يعيدا الوضع في غزة الى ما كان عليه قبل العدوان الأخير.


يقسم رئيس «شبكة أمان للدراسات الاستراتيجية» أنيس النقاش، التداعيات المحتملة الى قسمين، الأول، عسكري، ويتمثل في اثبات فشل منظومة «القبة الحديدية» التي أدت بدورها الى سقوط نظرية الردع الإسرائيلي للصواريخ، وبالتالي أصبحت فلسطين تحت مرمى صواريخ معسكر المقاومة كما أن عدم القدرة على الدخول في حرب برية، يعني عجز هذا الجيش عن تحقيق أهداف إستراتيجية بسبب الكلفة العالية التي سيتكبدها.


أما القسم الثاني، يضيف النقاش، ثمة تداعيات سياسية تتعلق بتوقيت وقف إطلاق النار وشروطه ومسلكية أطراف المقاومة لناحية توجهاتها السياسية وتحالفاتها العربية والإقليمية والعالمية.


يرى النقاش أن الإسرائيلي حاذر الدخول في حرب برية بسبب كلفتها الباهظة، ويقول أن قرار المقاومة في لبنان واضح بأنه ليس مسموحا كسر محور المقاومة، «وبما أن غزة صامدة، يقتصر دور المقاومة اللبنانية على الدعم السياسي والمعنوي، أما في حال أصبحت المقاومة الفلسطينية في خطر، تبقى حينها جميع الاحتمالات مفتوحة».


يشدد النقاش على أن قرار فتح الجبهة اللبنانية هو بيد المقاومة، في حين أن فتح الجبهة السورية يتم بالتنسيق بين القيادة السورية و«حزب الله» إضافة الى إيران، ويعتبر أن «تحريك الجبهة المصرية غير وارد بتاتا، بالرغم من تغير النظام المصري»، ويلفت الانتباه الى «وجود جبهة مصرية موازية مؤلفة من عدة منظمات محلية وغير محلية تعمل على تقديم الدعم الى غزة بكافة الإمكانات، وسبق أن قامت بعمليات على الحدود في سيناء».


ويؤكد أن الحرب على غزة فضحت الدول التي تسلح المعارضة السورية، ولا تتجرأ في المقابل، على مد المقاومة الفلسطينية حتى بطلقة رصاص واحدة (قطر مثلا تدعم «حماس» ماليا واجتماعيا ولا تدعمها عسكريا).


يتوقع النقاش ان تسعى الدوحة بعد وقف إطلاق النار الى تكفل إعادة اعمار غزة انطلاقا من النظرية التي تقول أن الإكثار من الرخاء يضعف المقاومة. ويعطي مثلا على ذلك «تحويل السلطة الفلسطينية الى جيش من الموظفين ينتظرون المعاشات من الدول الأوربية».


خشان: دخول العرب الى غزة كان بضمانة أميركية


يختلف أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور هلال خشان، مع النقاش في تقييمه لدور المقاومة في لبنان، معتبرا ان «حزب الله»، لا يستطيع فتح الجبهة على أساس التوازنات الداخلية، كما انه لا يرغب في ذلك لأنها ستورطه في أمور كثيرة، فضلا عن أنها لن تغير الواقع الميداني في غزة. فهو يستطيع مساعدتهم بالأسلحة والخبرة والمشورة لكن الدخول في معركة هو أمر خارج الحسبان.


لكن خشان يلتقي النقاش في استبعاد الحرب البرية، مضيفا الى مسألة الخسائر البشرية، «الفيتو» الأميركي الذي يحول دون لجوء الاسرائيليين الى مثل هذا الخيار.


لخشان رؤيته الخاصة في حرب غزة. فهو يرى ان حرب غزة كانت بمثابة «كمين» من قبل الرئيس الأميركي باراك اوباما لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو(عدم حسم المعركة من خلال خيار الحرب البرية سيكون بمثابة إخفاق سياسي كبير لنتنياهو)، مضيفا ان الوفود العربية دخلت الى غزة بضمانة أميركية «وإلا لكانت قصفت، وهذا يعني أن اوباما يريد أن يحجم نتنياهو وهذا ما لم يكن واردا في حرب العام 2008».


ويتطرق خشان الى دور مصر الداعم للفلسطينيين، مشددا على أن القاهرة بالرغم من تغير النظام فيها لا تستطيع أن تعادي أميركا أو تزعجها. ويقول بوجوب ألا يتوقع احد اذا كان بكامل قواه العقلية إلغاء اتفاقية «كامب ديفيد»، أو أن تدعم مصر غزة عسكريا، «هذا الأمر سيكون بمثابة انتحار سياسي لمصر غير القادرة على الخروج من أميركا ومن الاتفاقيات الثنائية والمساعدات الأميركية».


يؤكد خشان ان «إيران لاعب أساسي في معركة غزة، فصاروخ «فجر 5» كان نجم الحرب، وقد غير المعادلات»، لافتا الانتباه الى أن «إسرائيل لا تستطيع ضرب طهران. فالقدرات الإيرانية لم تختبر بعد وليس بوارد أن تختبرها تل ابيب، لأنهم لا يعرفون مداها. فإسرائيل لا تعرف الكثير عن إيران. هناك نقص في المعلومات فهي لم تستطع ان تجدد جواسيسها هناك. ومن لا يملك المعلومات ليس بمقدرته شن الحرب. ومن لا يعرف النتائج لن يقدم عليها». يسري ذلك على لبنان، يقول خشان ردا على سؤال عن إمكان شن حرب مستقبلية على لبنان: «في غزة لم تتمكن إسرائيل من الحسم، فكيف ستحسم في لبنان»؟


حنا: «ابو مازن» أكبر الخاسرين


ويقول الخبير العسكري الاستراتيجي العميد المتقاعد الياس حنا ان «الإسرائيلي وضع نفسه الآن في ورطة كبيرة. فمن جهة، الحروب لا تحسم من الجو كما دلت التجارب التاريخية. ومن جهة أخرى، ليس بمقدور إسرائيل أن تسمح للمقاومة الفلسطينية بامتلاك قدرات صاروخية بعيدة المدى تؤثر على الأمن القومي الصهيوني، أما الحرب البرية، فتعني حرب مدن، وهذا يعني بدوره حرب استنزاف طويلة».


يستبعد حنا فتح أي جبهة غير جبهة غزة ذلك أن غرق إسرائيل في غزة، يعني إظهارها عاجزة عن خوض حرب مستقبلية بما في ذلك مع إيران.


يستبعد أيضا اقدام «حزب الله» على الانخراط في الحرب، وذلك بسبب التعقيدات المحلية والإقليمية، ويقول «طالما إسرائيل منهمكة في غزة لماذا يصرف الحزب رصيده». برأيه أن الحزب سيكتفي بالاستعداد ومراقبة الموقف على جبهتي غزة اولا وسوريا ثانيا.


يوضح حنا أن اكبر الخاسرين من نتائج معركة غزة سيكون رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، «إذ سيكون تواجده صوريا على المدى البعيد. أما القدرة القتالية والتفاوضية الفعلية، فستكون لغزة».


يبدى حنا تشاؤمه من مستقبل الوضع الفلسطيني، فهو معرض للتدهور والهامشية والمزيد من الانقسامات «هم يواجهون معضلة حقيقة، إذا سعوا نحو السلام، يحصلون على شبه دولة. وفي حال استمروا في المقاومة، قد لا يحصلون على الدولة الحلم. وبالتالي هم يواجهون معادلة «خاسر ـ خاسر».


أما مصر، فهي الأكثر إحراجا وتأثيرا في آن معا. يقول حنا إن مصر غير قادرة على إلغاء كامب ديفيد، ولا يمكنها ان تضغط على «حماس» حتى لا تستنسخ تجربة تعامل نظام حسني مبارك..


يخلص حنا الى نتيجة مفادها ان «إيران ستكون اكبر الرابحين من أي سيناريو قد يأتي بحل في غزة. فهي تستثمر القليل في غزة سلاحا ودعما ماديا، لكنها في المقابل تحصل على الكثير الكثير».

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه