25-04-2024 03:14 AM بتوقيت القدس المحتلة

النسبية في لبنان.. مدخل للاصلاح تعرقله مصالح البعض

النسبية في لبنان.. مدخل للاصلاح تعرقله مصالح البعض

قبل ما يقارب العام على موعد الانتخابات النيابية في لبنان المقررة في العام 2013 بدأت التحضيرات الجدية لهذه الانتخابات على اكثر من صعيد، ويبقى الحديث عن قانون الانتخاب هو الموضوع الاكثر تداولا في لبنان.

قبل ما يقارب العام على موعد الانتخابات النيابية في لبنان المقررة في العام 2013 بدأت التحضيرات الجدية لهذه الانتخابات على اكثر من صعيد، فالحكومة اللبنانية اقرّت السماح للمغتربين بالانتخاب حيث بدأت التحضيرات اللوجستية والفنية والقانونية لاتمام ذلك، كما طرح في السياسة اجراء الانتخابات المقبلة مع الغاء الطائفية السياسية في ظل انشاء مجلس للشيوخ بحسب ما نص عليه اتفاق الطائف، ولكن يبقى الحديث عن قانون الانتخاب هو الموضوع الابرز والاكثر تداولا على الساحة السياسية اللبنانية عندما نخوض في تفاصيل الانتخابات.


وفي لبنان ليس مستغربا ان يخرج بعض السياسيين يطالبون بشيء في الاعلام فيما يعملون خلف الكواليس على تحقيق اشياء مناقضة تماما لكل الذي يطالبونه به في العلن، وانطلاقا من ذلك غير مستغرب ان يقول بعض السياسيين انهم مؤيدون لقانون الانتخاب على اساس النسبية مع شرح فضائل وميزات وخصائص هذا القانون ومصلحة لبنان واللبنانيين فيه ومدى تحقيقه للديمقراطية وتكريسه لمبدأ المواطنة، بينما يسعون الى خوض الانتخابات على اساس قوانين طائفية تشرذم الوطن وتدخله في نفق التقوقع الطائفي تحصيلا لمصالح آنية شخصية تدمر طوائفهم قبل تدمير لبنان الكيان الواحد الجامع لكل ابنائه، كل ذلك غير مستغرب في لبنان.

 

البعض في لبنان يرفض "النسبية" لاسباب واهية؟


لكن الغريب ان يخرج في لبنان من يرفض مبدأ النسبية في قانون الانتخاب (الذي لا يتصور ان هناك في العالم من يقول انه ليس الافضل في اي انتخابات برلمانية او محلية او طالبية او نقابية ذلك ان النسبية تتفق مع العدالة وتحقق تمثيلا صحيحا للاتجاهات المختلفة في الرأي العام). والرفض اللبناني لـ"النسبية" يؤسس على أسس واهية ليس أسخفها انها تسعى للقضاء على شخص او حزب او طرف، فمن القائل ان الانتخابات وقوانينها يجب ان تؤسس على قياس شخص او لمصلحة حزب او تيار او فئة؟.


والغريب ان هناك من يرفض النسبية على اساس ان هناك خطوات اصلاحية الاولى القيام بها قبل قانون الانتخاب، فهل هناك خطوات اصلاحية اولى من قانون الانتخاب الذي ينتج مجلسا نيابيا يمثل الشعب الذي هو من المفترض مصدر السلطات في الانظمة الديمقراطية، فإذا كان القانون "أعوجا" وغير سليم فبالتأكيد ان من سيمثل الشعب سيكون برلمانا لا يعبّر عن شعب لبنان تعبيرا صحيحا وبالتالي قاصرا عن تحقيق الخطوات الاصلاحية التي يريدها الشعب.

 

ما علاقة "النسبية" بسلاح المقاومة كي ترفض بسببه؟


والانكى من كل ذلك ان هناك من يطالب في لبنان برفض "النسبية" لان هناك سلاح للمقاومة لم يسحب بعد، فهل ان سلاح المقاومة يتعارض مع النسبية بينما يتوافق هذا السلاح مع قانون الستين او النظام الاكثري او "قانون غازي كنعان" الشهير الذي فَصّل الدوائر على قياس افراد معروفين؟ وهل ان سلاح المقاومة منع من يطالب بسحبه من الفوز في الانتخابات في عامي 2005 و2009؟ وهل ان من يطالب بسحب سلاح المقاومة قبل الانتخابات في العام 2013 على اساس قانون النسبية يضمن ان تحصل هذه الانتخابات خاصة ان لبنان سيكون وقتها قد فقد احد ابرز نقاط قوته امام اي عدوان محتمل من قبل العدو الاسرائيلي؟ فهل ان المطالب بسحب سلاح المقاومة يضمن عدم الاعتداء على لبنان وهل سيواجه بـ"النسبية" العدوان ساعة وقوعه؟

 

نعمان: من يرفض النسبية لم يقدم الحجج المقنعة لذلك


حول كل هذه التساؤلات توجهنا بالسؤال الى النائب والوزير السابق عصام نعمان الذي قال إن "خصوم نظام التمثيل النسبي يوردون اسبابا واعذارا شتى لرفضه غير انه يستفاد من مما يطرحونه في هذا المجال ان السبب الرئيسي هو شعورهم ان نظام التمثيل النسبي يستهدفهم فالبعض يعزو الاستهداف الى خصومه بمعنى ان خصوم رافضي التمثيل النسبي اختاروا هذا النظام للنيل من رافضيه من دون ان يقدم الرافضون الحجج والاسباب المقنعة في هذا السبيل".


وقال نعمان "من تحليل واقع بعض رافضي المشروع يتبين ان هؤلاء لهم مصلحة اكيدة في اعتماد نظام التمثيل النسبي مثل حزب القوات اللبنانية وحزب الكتائب اللبنانية وقد سبق ان اعلنا وخاصة القوات التأييد لهذا المشروع لكن يبدو ان حلفاء القوات لا سيما تيار المستقبل الذي رفض المشروع مما حمل القوات على رفضه ايضا".

 

نعمان" جنبلاط والحريري يرفضان النسبية لانها تحول دون سيطرتهما على مقاعد المسيحيين في الانتخابات


ولفت نعمان في حديث له لموقع "المنار" الى انه "بالنسبة للنائب وليد جنبلاط يعتقد خبراء قوانين الانتخاب لا سيما خبراء النسبية ان نظام التمثيل النسبي لن ينال من كتلة جنبلاط على صعيد عدد المقاعد لكن جنبلاط يرفض هذا النظام لانه يحول بينه وبين الحصول او وضع يده على سبعة مقاعد تخص المسيحيين في قضائي الشوف وعاليه"، واضاف ان "نفس الامر ينطبق على الحريريين الذين يضعوا ايديهم على 19 مقعد للمسيحيين من عكار الى بيروت الى البقاع الغربي وزحلة"، ولفت الى ان "الغاية ليست خسارتهم او ربحهم لعدد من المقاعد بقدر ما هو سيطرتهم عل مقاعد تخص المسيحيين في لبنان".


واعتبر نعمان ان "الحديث عن سلاح المقاومة ورفض النسبية هي حجج واهية لرفض النسبية امام الناس فقط"، وسأل "لماذا يكون سلاح المقاومة الموجه ضد اسرائيل عاملا سلبيا في النظام النسبي ولا يكون كذلك في النظام الاكثري"، واضاف ان "الانتخابات جرت عدة مرات في ظل سلاح المقاومة اخرها كان في الـ2009 فلماذا لم يعترض احد آنذاك ولماذا الآن أردوا ان يطرحوه في الانتخابات لرفض ما لا يريدونه تحت حجة سلاح المقاومة"، موضحا ان "الهجوم على سلاح المقاومة يندرج ضمن العمل لمهاجمة خصومهم من دون مراعاة لمصلحة البلد".

 

نعمان: اعتماد قانون الـ1960 وصفة للحرب الاهلية في لبنان


وقال نعمان ان "وقف تفصيل قوانين الانتخاب على قياس البعض من اشخاص واحزاب يتوقف على الشعب اللبناني والقوى الوطنية الحية في تجمع 8 آذار الذين يجب ان ينشطوا في هذا المجال وان يوسعوا دائرة تحالفاتهم وان يشعروا الناس جميعا ان لا سبيل الى  اعتماد قانون 1960 لان ذلك يعتبر وصفة للحرب الاهلية"، واكد ان "هذا الامر ليس للتهويل وانما هو نتيجة تحليل دقيق بأن هذا القانون قد يوصل فعلا الى حرب اهلية في لبنان".


وقال نعمان إن "موقف بعض قوى 8 آذار خصوصا حزب الله وحركة امل بتأييد النسبية يعود لشعورهما ان هناك قوى موجودة ولها حيثيات على الارض ولكنها غير ممثلة تمثيلا صحيحا في البرلمان بالاضافة الى شعورهما بأن نظام التمثيل النسبي يجنّب البلد حربا اهلية".


وحول سؤالنا لماذا لا يسأل او يستفتى الشعب اللبناني هو رأيه من النسبية من عدمه، قال نعمان إنه "لا يوجد في الدستور اللبناني اية مادة تشير الى امكانية اجراء الاستفتاء في لبنان"، واضاف ان "هناك استطلاعات للرأي تبين ان اكثر من ثلثي اللبنانيين يؤيدون التمثيل النسبي ولذلك يرفض 14 آذار وخاصة جنبلاط والمستقبل لانه لا يعود عليهم بالخير"، واعتبر انه "يصعب منذ الآن البت أي قانون سوف يعتمد في الانتخابات النيابية في العام 2013 لان القوى لا تزال في حالة مشادات الآن حول اي قانون تريد".


انطلاقا مما سبق لا بدَّ ان يتذكر الجميع ان الاوطان اكبر من الاحزاب والاشخاص لذلك يجب ان تكون مصلحة الوطن اولى وتقدم على مصلحة اي حزب او شخص مهما علا شأنه او كثر ماله او زادت عراقة عائلته التاريخية او السياسية، من ذلك يجب على البعض في لبنان ان لا يغلق باب النقاش حول اي قانون انتخاب سيعتمد في الانتخابات المقبلة بل يجب التفاوض والتباحث بين جميع اللبنانيين للوصول الى القانون الانسب والاعدل والافضل لجميع اللبنانيين خاصة انه لا يزال هناك متسع من الوقت لذلك.