29-03-2024 10:25 AM بتوقيت القدس المحتلة

الخبير مقلد لموقع المنار: إلغاء مصر لإتفاقية الغاز يعيد لها التوازن الاقتصادي

الخبير مقلد لموقع المنار: إلغاء مصر لإتفاقية الغاز يعيد لها التوازن الاقتصادي

ما هو مثير للاستغراب فعلا أنهم لا يكتفون ببيع الغاز لإسرائيل، بقيمة 1.25 دولارا للمليون وحدة حرارية، بينما التسعيرة العالمية تترواح بين 7 و8 دولار بل هم يبيعونه لها بسعر أقل مما يبيعونه للمواطن المصري

الخبير الاقتصادي اللبناني حسن مقلدكتب الدكتور فرنكلين لامب، في مقالة له خاصة لموقع المنار، أن المسؤولين الإسرائيليين، إلى جانب اللوبي الأميركي الصهيوني، رأوا في إلغاء إتفاقية الغاز المصري المصدر إلى الكيان الصهيوني "تهديداً وجوديّاً" لهم. إلى هذا المستوى الخطير هو إنعكاس تجميد أو إلغاء هذه الاتفاقية، هل رد الفعل هذا لانعكاسها على المستوى الاقتصادي بالدرجة الأولى؟.. ولكن ماذا عن مصر، بلد الفقراء في العالم العربي، وما يمكن أن يؤمنه لها إلغاء هذه الاتفاقية من نتائج اقتصادية، وبخاصة أن مصر تعاني من أزمة في توفير المنتجات البترولية منذ سنوات عديدة، فكيف بها وهي تعقد اتفاقية تقضي بتصدير الغاز إلى "إسرائيل" لمدة عشرين عاما؟!.. في حال تمّ الغاء الاتفاقية بشكل فعلي أو تعديلها إلى أي مدى يمكن أن يستفيد الشعب المصري، وما هي حقيقة انعكاس إلغائها على دولة الكيان الصهيوني؟.. الخبير اللبناني الأستاذ حسن مقلد يعطينا أجوبة واضحة حول هذه الأسئلة مؤكدا أن مجرد اتخاذ الخطوة، بغض النظر عن خلفياتها السياسية والاقتصادية، هو بحد ذاته تطور مهم تشهده مصر في هذه الأيام.

الخبير مقلد: الغاز يباع لإسرائيل بسعر أقل مما يباع للمواطن المصري.. وهذه الفضيحة..!!


موقع المنار: المثير للاستغراب أنه تمّ تمرير صفقة إمداد الغاز المصري إلى الكيان الإسرائيلي، في العام 2005، بطريقة التفافية عبر شركة قطاع خاص كوسيط تمّ إنشاؤها لهذه الغاية. وهو من نوع الخداع القانوني والسياسي الذي أتقنه نظام مبارك الفاسد.
الخبير مقلد: هي حركة التفافية صحيح، ولكن من حيث الأصل ليس بالضرورة أن تعقد أي اتفاقية بين دولة ودولة، بل يحق لكل شركات النفط والبترول في العالم أن تعقد الاتفاقيات مع شركات خاصة، لكن ما هو مثير للاستغراب فعلا أنهم لا يكتفون ببيع الغاز للكيان الإسرائيلي، بقيمة 1.25 دولار للمليون وحدة حرارية، بينما التسعيرة العالمية تترواح بين 7 و8 دولار، بل هم يبيعونه لإسرائيل بسعر أقل مما يبيعونه للمواطن المصري ابن البلد!! .. وهذا هو في الحقيقة فضيحة الفضائح!!...إذ لا يوجد سابقة في العالم أن تبيع دولة سلعة أساسية عندها لدولة أو لشركة أجنبية أقل مما تبيعه لنفسها..!!.. ولو قدر أن يبيع الغاز المصري لإسرائيل بالتسعيرة العالمية فسيكون الفرق بين السعرين بين 700 مليون دولار إلى 950 مليون دولار سنويا..

تفجير أنبوب الغاز المصري إلىا لكيان الصهيونيفإذا عدلت مصر في هذه الاتفاقية وعملت بالتسعيرة العالمية، ونحن هنا لا نتحدث عن القطع النهائي، فسوف تربح ما بين 750 و950 مليون دولار دفعة واحدة وعلى الفور.. وما يثير الاستغراب أنه أصعب ملف كان يمكن أن يفتح في مصر هو ملف تصدير الغاز لإسرائيل، وهذا موقف يحسب لها خصوصا أن هناك تهديدا أميركيا من الكونغرس بأنه سوف يوقف المساعدات للحكومة المصرية والتي تبلغ ملياري دولار أميركي، بحال أوقفت مصر العمل باتفاقية الغاز. ومن المناسب أن نذكر هنا أن هذه المساعدات تنخفض قيمتها عندما تفقد حوالي 700 مليون دولار هي عبارة عن بدل أتعاب لخبراء أميركيين ولشراء تجهيزات ومعدات وما هنالك.. وفتح مصر لهذا الملف هذا يعني أنها مضطرة لتراجع اتفاقياتها مع الدول الأخرى التي تصدر لها الغاز وهي الأردن واسبانيا وإيطاليا، حيث هي بسعر متدن وتحت السقف العالمي لسعر الغاز. وهذا من شأنه ان يُربح مصر مليار و800 مليون دولار من مراجعات هذه العقود وحدها. .. فإذا حسبنا هذا المبلغ مع المبلغ الذي ممكن أن تحققه مع تعديل الاتفاقية مع الكيان الإسرائيلي يصبح لدينا حوالي مليارين و 500 أو 600 مليون دولار أميركي... وهذا ما يثير الاستغراب فعلا !!..

مقلد: خسارة تصدير الغاز يوقع مصر بحاجة إلى 20 مليار  لتوظفها في الداخل المحلي


موقع المنار: ولكن هناك دراسات لخبراء تشير إلى إن معدلات الاستهلاك في حالة ارتفاع كبير سنويا، ولا يصلح مع ذلك التزام مصر بعقود تصدير طويلة الأجل لتصل إلى عشرين عاما وفق الاتفاق مع "إسرائيل"؟!!.
السوق المصريالخبير مقلد: ما تتفضلين به هو صحيح إلى درجة كبيرة. مصر اليوم بحاجة إلى كميات تغطي الاستهلاك المحلي، وهناك تقديرات تحكي عن 16 و 20 مليار دولار تحتاجها مصر لتساهم في دفع آليات الدعم الاجتماعي والصناعي، وهذه أرقام جدا ضخمة، بحاجة لها مصر لتضعها في سوقها الداخلي، فهذا التصدير لو عوض عنه بالذهاب إلى الداخل المحلي فسيكون له الأثر الكبير جدا على مجمل الأوضاع الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية .. وعندما تبيع دولة سلعة هي في حاجة لها تصبح أمام خيارين : تصدرها إلى الخارج وهذا يجعلها تقع في فراغ صناعي وزراعي وحتى في قطاع الخدمات الاجتماعية أو أنها يلجأ إلى وسائل ثانية مكلفة أكثر كي تؤمن هذه السلعة .. وهذا ما يحدث حاليا في مصر.

40 % من اعتماد "إسرائيل" على الغاز المصري وهذا يوقعها فعلا بالعجز


موقع المنار: في اللحظات الأولى من إصدار القرار المصري صدرت تصريحات إسرائيلية توصف بالذهول وعدم التصديق، ولكن في اليوم التالي تناقضت لتصل إلى حد وصف القرار بغير المؤثر، ما هي حقيقة الوضع الإسرائيلي في هذا الجانب؟.
الخبير مقلد:  صحيح، هذا ما تم رصده في اللحظات الأولى، ولتبيان حقيقة الواقع أكدت الأحداث أنه بمجرد ما بدأ الأنبوب الذي ينقل الغاز إلى الكيان الإسرائيلي يتعرض إلى تفجيرات متتابعة وأصبح هناك تقطعا في وصول هذه السلعة، التي يعتدم عليها بنسبة 40%، إليه ارتفعت أسعار الكهرباء بنسب لم ترفعها "إسرائيل" منذ عشرين عاما!!... وثم بدأت تفكر بشكل جدي وعلني عن مصدر أخر للغاز السائل .. فهي إذا اعتمدت شراء الغاز من السوق العالمية وفق شروطها المالية إلى جانب إمكانية نقله من المسافات البعيدة وإعادة تشغيله هذا سيجعلها تدقع كلفة اقتصادية باهظة وضاغطة .. من هنا فالموجة الهستيرية التي صدرت في اللحظات الأولى من إصدار القرار هي الأصدق والأقرب للواقع الإسرائيلي، وما كلام بنيامين نتنياهو رئيس وزراء العدو أنهم سيتحولون إلى أكبر مصدر للغاز في العالم وأن قطع الغاز المصري عنهم موضوع لا يمسهم .. هو كذب بالاقتصاد، وما حاولوا القيام به منذ سنتين لإستخراج الغاز باء بالفشل..

الخبير مقلد: مزاعم إسرائيل في "حقل تامارا" غير واقعية في ظل سلاح المقاومة


موقع المنار:  هنا هم معتمدون على حقل تامارا النفطي المشترك بين قبرص ولبنان وفلسطين المحتلة.. ويدعون أنه سيمنحهم القدرة على التصدير ؟.
خريطة لحقل تاما النفطيالخبير مقلد: الأمر ليس بهذه البساطة التي تحكي عنها "إسرائيل" في قدرتها على استغلال هذا الحقل في البحر الأبيض المتوسط.. إسرائيل اليوم إذا لم تتغير المعطيات  الجيو سياسية في المنطقة ويجري ترتيب الحدود مع لبنان والمنطقة المجاورة لها ليس بمقدروها فعل ذلك.. ثم من قال إن اسرائيل عندها المقدرة التقنية وسياسية الجدية كي تستفيد من هذا الحقل ؟!!..  لبنان اليوم بعد وجود المقاومة وسلاحها هو جانب أساسي في أن يبين فعاليته في هذه المعركة .. فليس نزهة أن يأتوا ويسرقوا الغاز في منطقتنا .. هذا كله عدا أن استخراج الغاز نفسه مسألة تحتاج إلى وقت طويل وإمكانيات كبيرة .. والإسرائيليون يقولون أكثر من ذلك هم يقولون إنهم يريدون بناء خط للغاز في البحر يربط بين إسرائيل وقبرص، ويطل على أوروبا. فيرون أنه خط باتجاهين يفيدهم حين يحتاجونه قبل أن يصدروا .. ولكن هذه مشاريع بعيدة المدى ويفترض لتحققها أن يوجد سلام حقيقي في المنطقة يمكّنها أن تعمل ما تريده دون أن يسألها أحد .. إذاً فحتى قبل تجميد الاتفاق بفعل الانفجارات، التي تعرض لها الأنبوب لـ 14 مرة، أصبح عندها أزمة حقيقية في موضوع الكهرباء والغاز. لأن الغاز هو الذي يولد الكهرباء لديهم .. إذ إن نسبة 43 بالمئة من كهرباء إسرائيل تعتمد أصلا على الغاز المصري.. و40 بالمئة من مؤسساتها تعتمد على الغاز المصري.. نحن هنا نتحدث عن ان نصف طاقة لبلد معتمدة على هذا الأنبوب .. فببساطة لا يقدرون أن يقولوا إن عندهم بدائل، خاصة في ظل تأثرهم بنسبة مهمة بالأزمة المالية العالمية، إذ عندهم مشاكل اقتصادية ومالية متراكمة ورأينا السنة الماضية كيف أن 400 ألف متظاهر نزلوا إلى الشارع تدفعهم شعارات اقتصادية واجتماعية لأول مرة لم نرها في إسرائيل من قبل.

موقع المنار: وفق ما تقدمتم به من معطيات هل تتوقع أن يعاد تصدير الغاز المصري إلى الكيان الصيهوني وفق اتفاقية جديدة معدلة تحسّن من السعر؟.
الخبير مقلد: إني أرى أن هذا مربوط بتطور الصراع السياسي في مصر بين الإخوان المسلمين وبين المجلس العسكري، وإلى أي مدى يمكن دخول قوى جديدة على هذا الخط لتستفيد من الخطوة. ولكن من المؤكد أنه أصبح من الصعب جدا العودة إلى الوراء، وإبقاء السعر نفسه.... وعلى كل حال هناك مجموعة قوى كانت تسعى لإلغاء المعاهدة برمتها، مهما كان شكلها، فإذا نجحوا في ذلك من المؤكد أنهم أقدموا على تطور كبير جدا في مصر، وإن مجرد فتح هذا الملف مع الكيان الإسرائيلي يعد بحد ذاته تطورا في مصر بغض النظر عن أسبابه الاقتصادية أو السياسية.