19-03-2024 10:29 AM بتوقيت القدس المحتلة

حقائق عن الاقتصاد الأميركي: فقر غير مسبوق

حقائق عن الاقتصاد الأميركي: فقر غير مسبوق

يقول الخبير الإحصائي الأميركي جون وليامز إن" المدخرين الأميركيين يخسرون من أموالهم ما بين 3,9 و4,4% في السنة، وذلك حسب الإحصائيات الحقيقية لنسبة التضخم التي تبلغ 11,5%".

سمير التنير- السفير

يقول الخبير الإحصائي الأميركي جون وليامز إن" المدخرين الأميركيين يخسرون من أموالهم ما بين 3,9 و4,4% في السنة، وذلك حسب الإحصائيات الحقيقية لنسبة التضخم التي تبلغ 11,5%. أما البنوك فتدفع 0,5% على الإيداعات. ولا تدفع سندات الخزينة الأميركية أية فائدة، يعني صفر في المئة. كما ارتفعت أسعار السلع الغذائية 4,4% وكلفة الانتاج 9,6%".
لا يتلقى المتقاعدون الأميركيون أية فوائد على مدخراتهم، ولذلك يجب عليهم الانفاق من أموالهم الخاصة. كما ان نسبة التضخم تخفض قيمة أموالهم سنوياً، مما يعرضهم إلى الانحدار في الفقر المدقع.
يعيش 1/6 من الأميركيين على بطاقات الإعاشة. وتبلغ نسبة البطالة الحقيقية 23%. أما المؤشرات الأخرى (غير الاقتصادية) فهي أكثر سواداً، إذ تحتل الولايات المتحدة اليوم المرتبة الـ12 في التخرج الجامعي، بعد ان كانت في المقدمة لسنوات عديدة، وتتأخر إلى المرتبة الـ79 في التسجيل المدرسي الابتدائي، وطلابها يحلون في المرتبة الـ17 في مجال العلوم و25 في الرياضيات. اما في البنية التحتية فتأتي في المرتبة الـ24. وتحافظ أميركا على المرتبة الأولى بنسبة انتشار البدانة وفي كثرة عدد المساجين.
استفادت طبقة الـ1% من السوبر ـ أغنياء من نسبة الفائدة المحددة بـ1%. وازدادت أرباحهم تبعاً لذلك. أما الإجراءات المالية التي اتخذها كل من جورج بوش الإبن وباراك أوباما للتغلب على الآثار الكارثية للأزمة المالية العالمية التي حدثت في خريف عام 2008 فقد كانت كلها لصالح الطبقة الغنية، ولم يستفد منها الفقراء بأي شيء.
وفيما يتعلق بمستقبل الاقتصاد الأميركي فإن التوقعات تشير إلى نسبة نمو متدنية تبلغ في أحسن الأحوال 2,7% ما بين عامي 2010 و2030. أما إذا أصيبت منطقة اليورو بانتكاسة قاسية، تولد أزمة مالية عالمية جديدة، فإن نسبة النمو ستنخفض إلى 1,5% خلال الفترة المذكورة.
يتمثل التراجع الأميركي الاقتصادي بانخفاض نسبة الصادرات، وفي جودة الانتاج والتقدم التكنولوجي، الذي كانت رائدة فيه. إذ تنافسها اليوم الصين، وخاصة في المجالات العسكرية. كما ان تراجع التعليم في الولايات المتحدة يلقي بثقله عليها، إذ لم تعد قادرة على إنتاج مبدعين ومخترعين كما من قبل. وهي تبعاً لذلك تستوردهم من جميع أصقاع الأرض وتقدم لهم حوافز مغرية، وتلعب قيمة الدولار دوراً هاماً، إذ عند اهتزاز ثقة العالم بالعملة الأميركية كاحتياطي نقدي بما فيه مدفوعات النفط، يشير السيناريو السوداوي هذا إلى إمكانية توقف الولايات المتحدة عن دفع فواتيرها نتيجة لتدني قيمة عملتها وذلك في عام 2020، مما يضطرها إلى تقليص ميزانية دفاعها الباهظة وسحب قواتها من عدد من بقاع الأرض التي تنتشر فيها حالياً (لعل هذا السيناريو بدأ منذ الآن بانسحاب القوات الأميركية من العراق وأفغانستان). ويهدد هذا السيناريو النسيج الاجتماعي وتبرز الخلافات بين المجموعات العرقية، في حين ترتفع نسبة البطالة وتنخفض نسبة النمو الاقتصادي إلى أدنى مستوياتها، أو تتحول إلى نمو سلبي (تحت الصفر). وفي حين تنحدر أميركا تتابع الصين وروسيا والهند صعودها كقوى اقتصادية وسياسية (تتراجع أميركا في حين يتقدم الآخرون).
ستواجه أميركا في المستقبل الأزمة النفطية وارتفاع أسعار الخام. كما ان الغاز الطبيعي سيكون له الدور البارز في موازنة الطاقة العالمية. لذا فإن استمرار مرابطة الأساطيل الأميركية في البحار المحيطة بالخليج العربي، لحماية امدادات النفط ستتقلص تبعاً لتسارع الانحدار الأميركي في كافة المجالات.
يعيش المواطن الأميركي العادي في ضائقة مالية مستمرة. وهو مجبر على الاختيار بين شراء المواد الغذائية الغالية الثمن وبين دفع ايجار شقته. هذا عدا عن نفقات الطبابة الباهظة، وتلوث البيئة المؤثرة على الصحة. كما ان الأجور تبقى متدنية إذ لم يطرأ عليها تغييرات تذكر منذ سنوات التسعينيات من القرن الماضي. ولذا فإن شراء شقة، واستكمال الدراسة في الجامعات الأميركية، وأغلبها تابع للقطاع الخاص ومن ثم الحصول على فرصة للعمل، أصبح أمراً صعباً جداً اليوم، على العكس مما كان عليه من قبل.
انطلقت حركة «احتلوا وول ستريت» من مقولة التفاوت الكارثي في المداخيل والثروة بين أقلية الـ1% وبقية طبقات الشعب الأميركي. واستناداً إلى دراسات اقتصادية عديدة، أدت خلاصاتها إلى ان 1% من الطبقة العليا في المجتمع الأميركي تستولي على 20% من الناتج المحلي الاجمالي. أي ان فئة صغيرة جداً من الناس تستفيد من أموال الدولة. ويؤدي التوزيع غير العادل للأموال إلى انخفاض نسبة النمو الاقتصادي في البلاد وهو ما أظهرته دراسات متخصصة كثيرة، تشير إلى انخفاض الاستهلاك تبعاً لتدني القوة الشرائية للأجر.
انتشرت حركة «احتلوا وول ستريت» سريعاً، وبلغت مدينة أوكلاند حيث أوقفت العمل في الميناء، كما انتشرت في العديد من المدن الأميركية بالرغم من مضايقات الشرطة التي أجلتهم عن بعض الميادين التي نصبوا خيامهم فيها. ولا تزال الحركة ناشطة حتى اليوم بالرغم من الثلج والصقيع. في حين تقف الحركة اليمينية المسماة بـ«حزب الشاي» على النقيض منها، والتي تؤثر حالياً في الانتخابات الرئاسية.
في بداية القرن الحادي والعشرين، فعلت الولايات المتحدة كل شيء لبسط هيمنتها على العالم غير عابئة بالقانون الدولي، والمبادئ الأخلاقية، وأصول العلاقات بين الدول، وأطلقت لقوى «وول ستريت» فرض سياساتها الاقتصادية الليبرالية الجديدة. وما رافقها من تراجع للنمو وانتشار غير مسبوق للفقر.