28-03-2024 10:44 PM بتوقيت القدس المحتلة

إمكانيات مشيخة قطر بكاملها تستثمر لإسقاط الأسد

إمكانيات مشيخة قطر بكاملها تستثمر لإسقاط الأسد

"بات اللعب على المكشوف".. فلا حديث عن حوار ولا عن حلول سياسية، إذ لم يجد أمراء قطر إلا الزج بالعسكر كحل لأزمة سورية التي لا يجدون مخرجاً لها إلا بـ "إسقاط الأسد".

"بات اللعب على المكشوف".. فلا حديث عن حوار ولا عن حلول سياسية، إذ لم يجد أمراء قطر إلا الزج بالعسكر كحل لأزمة سورية التي لا يجدون مخرجاً لها إلا بـ "إسقاط الأسد". اما  لبنان فبات في كثير من الاحيان بنظر البعض منصة لاستهداف سورية سياسياً وعسكرياً سواء من ناحية المواقف التي تنال من النظام السوري والتي أطلقت من عاصمته وبحضور رئيس حكومته نجيب ميقاتي، أو من ناحية الفلتان الأمني الذي تشهده حدوده الشمالية مع سورية والتي تعتبر  ممراً للأسلحة والمسلحين من وإلى سورية.

الإقتراح القطري: إرتجالي وغير قابل للتطبيق

لقي اقتراح أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني، والقاضي بإرسال قوات عربية إلى سورية، انتقادات من سياسيين ومراقبين واعلاميين على السواء، فقرأ رئيس تحرير مجلة تحولات الأسبوعية الاعلامي اللبناني سركيس أبو زيد في الإقتراح القطري نوعاً من الهروب للأمام بعدما فشلت كل محاولات قطر في إسقاط النظام في سورية وفي عدم توحيد المعارضة السورية.

وفي حديث خاص مع الموقع الالكتروني لقناة المنار وصف ابو زيد الاقتراح القطري بـالإرتجالي، طالما أنه لا يوجد إجماع أو تضامن عربي، أو اي اتفاقيات دفاع عربي مشترك وفي ظل التفكك الذي تشهده جامعة الدول العربية، معتبراً أن الهدف من هذا الاقتراح هو التمهيد للتدخل الدولي في الأزمة السورية.

وتساءل لماذا لا يكون هناك معاملة بالمثل فيما بين الدول العربية فتطبق على نفسها ودولها أولاً قبل أن تطلبه من سورية من أنظمة ديمقراطية؟ واعتبر أن المبادرة العربية تجاه سورية كانت ايجابية، مضيفاً "ولكن مطلوب أن يكون هناك مبادرة مشابهة في الدول العربية ككل سواء في البحرين أو اليمن أو السعودية أو قطر، لحل الأزمات وايجاد حلول".

وتابع" فليتذكر العرب أن فلسطين والقدس يرزحان تحت نير الاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي فمن يمتلك القدرات والامكانيات فليقوم بهذا الجهد تجاه فلسطين، بدل أن ينغمس في محاور لا يمكن الا أن تزيد العرب انقساماً".

وعلق أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتور بسام أبوعبد الله على الإقتراح القطري بإرسال قوات عربية إلى سورية معتبراً أنه قرار غير واقعي وغير قابل للتطبيق، واعتبر أن دول الخليج تنفذ أجندات خارجية أكثر من كونها تخطط لمشاريع، وأضاف أنها  تنفذ مشروعاً يريد استهداف المحور الذي يبدأ  بطهران مروراً من بغداد إلى دمشق إلى لبنان. وشرح أبو عبد الله أن استهداف هذا المحور هو استهداف يتعدى كون العلاقة السورية – الإيرانية علاقة استراتيجية، ولكن لكون سورية نقطة توازن استراتيجية في المنطقة.

وفي حديث مع موقع المنار، اعتبر أبو عبد الله أن نتائج الأزمة السورية ستحسم الصراع الدولي القائم اليوم، مشيراً إلى أن العلاقات الدولية تشهد تحولاً غير محدد المعالم حتى الآن، فإما أن تسير الدول باتجاه إعادة سيطرة أميركية أو باتجاه عالم متوازن ومتعدد الأقطاب، وأضاف "لعل هذا ما يفسر العجلة في طرح هذا الاقتراح، خصوصاً وأن أميركا – وهي المحرك الرئيسي- بالإضافة إلى روسيا وفرنسا على موعد مع الانتخابات ما يعني أن الوضع العالمي كله سيتغير".

قطر سقطت في سورية وتونس وموريتانيا.. وأميرها لن يكون أغلى على قلب أميركا من مبارك أو من شاه إيران

وأضاف أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق "أمير قطر كلّف بمهمة، وهو من تعهد بالموضوع السوري، وعندما لم يفلح في مهتمه، رغم كل ما مارسته قطر من تضليل إعلامي وضخ أموال، ذهب لمعلميه الأميركيين وطلب تمديد مهلة تنفيذ المهمة."

وفسّر أبو عبد الله سياسة قطر المستميتة في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد بأنها نابعة من خشية الرئيس الأميركي على مستقبله السياسي، وأضاف " فلا أمير قطر أغلى من مبارك ولن يكون أغلى من زين العابدين أو من شاه إيران أو من أي عميل آخر، فهو يخشى على مستقبله وعلى نفسه أكثر مما يخشى على أي شيء آخر."

وأوضح بأن عداء أمير قطر مع الرئيس السوري بات عداءاً شخصياً، ولذلك فهو يسعى لاستثمار كل علاقاته وإمكانياته من أجل تحقيق هدفه، معتبراً أن حمد بن خليفة آل ثاني "سقط سقوطا كبيراً على المستوى الشعبي العربي، ونرى المواقف ضد قطر في تونس وموريتانيا ومصر وفي ليبيا".

ووافق كلام أبو عبد الله ما ذكره الإعلامي أبو زيد من أن "سياسة بعض الدول العربية مبنية على أمور شخصية لا تراعي مصلحة الأمن القومي العربي، وبشكل عام يسود العلاقات العربية ‘ما حب مفرط أو كره شديد"، لافتاً أن مشكلة بعض السياسات العربية الخارجية أنها مبينة على المواقف والعواطف والمصالح الشخصية .

القوى الدولية لا تريد حلاً للأزمة السورية

ورداً على سؤال حول أسباب الانتقادات القطرية التي تعرضت لها بعثة المراقبين العرب إلى سورية، قال أبو زيد بأن قطر "شككت ببعثة المراقبين العرب لأن تقرير المراقبين لم يتلاءم مع الرغبات القطرية، لذا اعتبرت قطر أن المراقبين لا يمتلكون الكفاءة ولا الخبرة اللازمة لإنجاز مهامهم".

ولفت إلى أن الحكومة السورية خيبت آمال القطريين عندما مضت بالمبادرة العربية، معتبراً أن اللجنة العربية هي من فشل في تطبيق المبادرة لأنها لم تمارس أي ضغط على المعارضة السورية الموجودة في الخارج، المرتبطة بأجندات أجنبية، للمباشرة بالحوار مع النظام، معتبراً الحل السياسي لا يمكن أن يكون من طرف واحد فقط.

"كان يفترض بالجامعة العربية أن تمارس ضغطاً على كل الأطراف، هذا فيما لو أرادت فعلاً الوصول إلى حل سياسي للأزمة في سورية" قال أبو زيد.

من ناحيته، قال أستاذ العلاقات الدولية بسام أبو عبد الله إن "هناك قوى دولية لا تريد أي حل للأزمة السورية"، معتبراً أن "بعثة المراقبين العرب تحدثت عن أمور لا يمكن إنكارها ولن تستطيع أي بعثة في العالم إنكارها، وهي التي تتعلق بوجود مجموعات مسلحة وعمليات قتل وتخريب".

وأضاف بأن "القطري كان يراهن على أن ترفض سورية البروتوكول، وقد أفشلت سورية رهاناته بقبولها بروتوكول الجامعة العربية، وهو اليوم يعوّل على التدويل، وعلى نقل الملف إلى مجلس الأمن وهناك سيصطدم بالروس".

بعد الأردن وتركيا.. لبنان منصة لإستهداف سورية

وفيما يتعلق بزيارة بان كي مون الأخيرة إلى لبنان وبمواقفه التي أطلقها من بيروت، اعتبر الأستاذ أبو عبد الله أن لبنان منصة مهمة لاطلاق التصريحات ضد سورية، نظراً للقرب الجغرافي بين البلدين ولاعتبارات أخرى تتصل بسلاح المقاومة وهو الاعتبار الأهم على حد وصفه.

وأضاف أن كلام بان كي مون أوضح أن هناك استهدافا لمحور بأكمله من خلال الحرب على سورية أو العقوبات الاقتصادية المهددة بها إيران، أو حتى التفجيرات اليومية التي يشهدها العراق والتدخلات التركية في الشؤون العراقية الداخلية.

وعلّق سركيس أبو زيد قائلاً: "هناك محاولة لجعل لبنان منصة لتمرير المواقف ضد سورية وذلك بعد فشل الأردن وتركيا بأن يكونا المنصة لشن هجوم سياسي أو دبلوماسي أو عسكري ضد سورية"، معتبراً أن الهدف قد يكون إيجاد مظلة دولية لخلق منطقة عازلة تستهدف سورية اعلامياً ودبلوماسياً، وايضاً للانطلاق منها في أي عمل عسكري مستقبلاً".

14 آذار والمعارضة السورية: وحدة مسار ومصير

كما قرأ المحلل السياسي اللبناني في الزحمة الدولية التي شهدتها الساحة اللبنانية الأسبوع الماضي بأنها أعطت "مصداقية لحكومة الأكثرية، وهو عكس ما كانت تدعيه قوى 14 آذار التي كانت تتهم بأن الحكومة الحالية تعاني من عزلة دولية، فتبيّن أن الدول تتعاطى مع مصالحها وليس مع رغبات فريق 14 آذار، فهذا الحضور الدولي أعطى مصداقية للحكومة وأثبت أن العالم مضطر للتعامل معها بغض النظر عن مشاريعه وأهوائه ومخططاته".

وحول المواقف التي يطلقها البعض ضد النظام السوري، أكد أبو زيد أنها تتعارض واتفاق الطائف الذي شدد على علاقات مميززة مع سورية، وأن لا يكون لبنان ممراً أو مقراً لأي مؤامرة تستهدف سورية، لافتاً أن المواقف التي تطلق لو استهدفت مشايخ الخليج لاعتبرت تدخلاً في الشؤون اللبنانية ولرفضت كونها تنعكس على العلاقات اللبنانية مع تلك الدول.

وتابع " واضح أن فريق 14 آذار منخرط في عملية اعلامية وسياسية ودبلوماسية وعسكرية ضد سورية، وهو ما يتعارض مع الطائف ومع شعار لبنان أولاً الذي روجوا له منذ سنوات، وها  هم يمارسون وحدة مسار ومصير مع المعارضة السورية".

وعن تصريحات زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أضاف أنه لا يزال يترنح بين الموقف الايجابي والسلبي كونه يقرأ التغييرات الاستراتيجية ويعلم أنها غير محسومة بعد، فهو "يحاول الإبقاء على علاقات ايجابية مع حزب الله وسلبية مع سورية للمحافظة مع طرفي الخيط، وذلك كي لكي يمتلك القدرة على لململة الوضع مهما تغيرت الظروف والتحولات".

من ناحيته اعتبر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق بسام أبوعبد الله أن الأيام والسنوات الماضية برهنت أن "بعض الزعماء اللبنانيين لم يكونوا دائماً قارئين جيدين للتحولات في المنطقة"، مضيفاً "ولنكن اكثر وضوحاً وليد جنبلاط معروف بمواقفه وهو  يتقلب وفقاً للمصلحة والآن باتت مواقفه أكثر وضوحاً، وسعد الحريري فنحن نعرف من يمثل وما فعل ببلده، قبل أن يتحدث عن مواقفه من سورية، وأنا استغرب عندما يأتي زعماء حزب  ليتسهدفوا سورية ويتآمروا عليها دون أن يراعوا انعكاسات ذلك على لبنان وأن عدم الاستقرار في سورية سينعكس على الاستقرار في لبنان ولكن أنا على يقين أنه الثمن الذي سيدفعونه بعد انتهاء سورية من ازمتها سيكون غالياً كثيرا".

أظهرت الأزمة السورية انقسامات العرب على أنفسهم، وفي حين يجمع فريق على رفض المؤامرة التي تتعرض لها سورية، يصر فريق آخر على اختلاف أطروحاته ومشاريعه على وجوب إسقاط النظام في سورية كونه يمثل عثرة أمام هيمنة الإدارة الأميركية التي رهن هؤلاء مستقبلهم السياسي بمشروعها في المنطقة.. الأزمة السورية إذاً ستحدد معالم عالم جديد تسيطر فيه هيمنة القطب الواحد، أو تسقط هذه الهيمنة لصالح إقامة توازن في عالم متعدد الأقطاب.