29-03-2024 12:29 AM بتوقيت القدس المحتلة

الخيانة بوقاحة: قطر وخريطة فلسطين الجديدة

الخيانة بوقاحة: قطر وخريطة فلسطين الجديدة

طلعت علينا قطر بخريطة فلسطين بحدودها الجديدة التي رسمتها الاتفاقات الفلسطينية مع إسرائيل، أو التي رسمها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988.

عبد الستار قاسم

طلعت علينا قطر بخريطة فلسطين بحدودها الجديدة التي رسمتها الاتفاقات الفلسطينية مع إسرائيل، أو التي رسمها المجلس الوطني الفلسطيني عام 1988. لم يرسم عربي الخريطة الجديدة كوثيقة أطلسية مقرّة رسميا من منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية أو الجامعة العربية أو أي دولة عربية، فقط قطر ملكت الجرأة والشجاعة ونشرت الخريطة التي تتضمن الضفة الغربية وقطاع غزة على أنها فلسطين الجديدة. وإذا كانت قطر قد اختلفت عن الآخرين، فإنها فقط أكثر شجاعة منهم جميعا، ووضعت الرسم وفق مطالب بعضهم، ووفق قرارات غيرهم الذين يشتملون على بعضهم. فقط قطر تحدت مشاعر كل العرب والمسلمين المتمسكين بعروبة فلسطين، والمتمسكين بإسلاميتها، وقررت أن الصلافة والوقاحة جائزة ما دام هناك من التراجعات والتنازلات العربية والفلسطينية ما يبررها. وهنا أشير إلى:
 
أولا: قطر تعترف بإسرائيل ممارسة على الرغم من أنها لا تعترف بها رسميا ولا تتبادل معها السفراء. إنها تقيم علاقات سياسية وتجارية مع إسرائيل منذ زمن طويل، وهناك شائعات بأن ماسونيي قطر يزورون مراكز الماسونية في تل أبيب وغيرها من التجمعات السكانية اليهودية. بالإضافة، تستضيف قطر أكبر القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، وتربطها مع أمريكا معاهدات أمنية، ومن يرتبط مع أمريكا أمنيا يرتبط مع إسرائيل. ومجمل العلاقات القطرية مع أمريكا وإسرائيل لم تكن توحي بأن قطر سترفع راية الإسلام أو القومية العربية. صحيح أن قطر قدمت دعما لغزة، ومن المتوقع أن تقدم لها مزيدا من الدعم، لكن ذلك يبقى ضمن البعد الإنساني المرتبط بالخريطة الجديدة لفلسطين، ولا يصب في فكرة المقاومة ودعم المقاومين والتحرير.
 
ثانيا: الفلسطينيون هم الذين فتحوا الطريق أمام الأنظمة العربية لتجهر بعلاقاتها مع إسرائيل، وهم الذين قبلوا بداية المطالبة بدولة على الضفة الغربية وقطاع غزة فقط ، وهم ثاني من اعترف بإسرائيل من العرب بعد مصر. ليس من حق الفلسطينيين الرسميين ومن والاهم الاعتراض على قطر، وإذا أرادوا ذلك فإن عليهم أن يغسلوا عن أنفسهم عار الاعتراف بإسرائيل أولا. حتى إن الفلسطينيين لم يصروا على كتابة بند يلزم إسرائيل بإقامة دولة فلسطينية في الاتفاقات مع إسرائيل، وتركوا الأمر فقط لتصريحات بوسائل الإعلام. لا توجد اتفاقية مع إسرائيل تنص على الالتزام بإقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة. فضلا عن ذلك، قبل الفلسطينيون الحكم الذاتي تحت حراب الاحتلال، ويقومون باستمرار بالتنسيق الأمني مع إسرائيل مباشرة، الأمر الذي ربما لم تصله قطر بعد. ومن يستمع إلى وسائل الإعلام الفلسطينية سواء كانت وسائل للسلطة أو للمانعة والمقاومة فإنه يجد تعبير الأراضي الفلسطينية يتكرر، والذي يعنون به الضفة الغربية وقطاع غزة. كل وسائل الإعلام الفلسطينية تستعمل هذا المصطلح اعترافا منها بأن أرض عام 1948 لم تعد فلسطينية. ومن الفلسطينيين من يريد أن يكون فصيحا أكثر من اللازم فيتحدث عن الضفة الغربية وغزة على أنهما شطرا الوطن. هناك قادة فلسطينيون من مختلف الأطياف يستعملون هذا التعبير لإثارة الوطنية الوهمية، شطر الله ألسنتهم وأخرسهم.
 
ثالثا: على المستوى العربي، تقدمت القمة العربية عام 2002 بمبادرة بيروت التي اعترفت بإسرائيل، وطالبت بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، أي على الضفة الغربية وغزة. وقد وافقت على المبادرة كل البلدان العربية بما فيها سوريا والسلطة الفلسطينية. أي أن القمة العربية قد رسمت خريطة فلسطين والتي بثتها قطر في تحد واضح لمشاعر كل العرب والمسلمين الذي يرفضون التنازل عن الوطن والمقدسات. وعموما، تعترف أغلب الأنظمة العربية بإسرائيل بطريقة أو بأخرى، والكل متفق على الخيانة، ولا يوجد أمامهم سوى الخيانة كمخرج لحل القضية الفلسطينية. هم يريدون التخلص من القضية الفلسطينية، والإصرار على العجز لا يورث إلا التخلي عن الوطن بخطابات وطنية.
 
إجمالا، نحن في مأساة. هذه مأساة لن يحلها إلى قوى تردع إسرائيل. العالم يتغير، وقناعتي أن منطقتنا في طور التغيير. 

 

إن موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبر إلا عن وجهة نظر كاتبه