20-04-2024 02:00 PM بتوقيت القدس المحتلة

لبنان في أزمة مالية لكن الإفلاس مستبعد

لبنان في أزمة مالية لكن الإفلاس مستبعد

وربط التقرير سوء النمو بالاضطراب السياسي الحاصل في لبنان والمنطقة الذي يؤدي الصراع السياسي القائم فيه إلى إضعاف المؤسسات المحلية ما يجعلها عرضة لمختلف أنواع الأخطار.

لبنان في أزمة مالية لكن الإفلاس مستبعدثمة مخاوف في الأوساط السياسية والاقتصادية والشعبية في لبنان من احتمال إفلاس الدولة خصوصاً بعد التقارير الدولية التي صدرت عن الأداء الاقتصادي السلبي خلال العامين المنصرمين، إضافة إلى شغور مراكز سياسية رئيسة لصنع القرار كموقع رئاسة الجمهورية وتعطيل مجلسي النواب والوزراء.

وتضمن تقرير مؤسسة «ستاندرد اند بورز» للتصنيف الائتماني حول الوضع الاقتصادي اللبناني تهديدات خطرة على المستويات كافة، إذ قررت المؤسسة تغيير نظرتها إلى الاقتصاد اللبناني من مستقر إلى سلبي، الأمر الذي قد يعني «خفض التصنيف المالي للبنان».

وربط التقرير سوء النمو بالاضطراب السياسي الحاصل في لبنان والمنطقة الذي يؤدي الصراع السياسي القائم فيه إلى إضعاف المؤسسات المحلية ما يجعلها عرضة لمختلف أنواع الأخطار.

وسجل الناتج الملحي الإجمالي الاسمي اللبناني 52 بليون دولار في 2015 مقابل 50 بليوناً في 2014 و47 بليوناً في 2013، وهو ارتفاع متدن جداً ناهز 1 في المئة. وعلى الأثر، سارع خبراء إلى إطلاق صرخة متحدثين عن «إفلاس» سيصيب المؤسسات الحكومية والمالية اللبنانية، متحججين بأن خفض التصنيف بالإضافة إلى عوامل اقتصادية منها أزمة النزوح السوري والفساد الإداري المستشري وارتفاع خدمة الدين العام، ستوصل الحكومة إلى هذه الحال.

وعلى رغم صحة كل ما سبق، استبعد المحلل الاقتصادي مازن إرشيد في حديث أجرته معه «الحياة» حدوث «إفلاس» في المؤسسات المالية والحكومية على الأقل في المرحلة الحالية»، لكنه نبه إلى أن التقارير «لم تأت من فراغ، إذ يمر الاقتصاد اللبناني بأصعب أوقاته منذ تأسيس الدولة اللبنانية». وأضاف: «خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي بدأت في 1975، لم يشهد الاقتصاد اللبناني وضعاً بهذا السوء».

وأوضح أن «دراسة أعدتها مؤسسات دولية مستقلة بالتعاون مع باحثين مستقلين أفادت بأن لبنان ضمن قائمة الدول المعرضة للإفلاس، إذ سجل المرتبة الرابعة عشرة، أي بعد اليونان بمرتبتين، في قائمة هذه الدول»، مشيراً إلى «غياب البدائل والحلول لدى الحكومة اللبنانية لمعالجة هذه الأزمات». وقال إن «التصنيف يهتم بدراسة إجمالي الديون سواء داخلية أو خارجية، كنسبة من الناتج المحلي»، مشيراً إلى «أن النسبة فاقت الخطوط الحمر. وجاء قرار مراجعة التصنيف نتيجة شكوك في قدرة لبنان على تسديد الديون في الفترة المقبلة».

وحول اقتراب لبنان من الأزمة اليونانية، أشار إرشيد إلى أن لبنان لا يملك الميزة التي تملكها اليونان، إذ إن دائني الأخيرة بمعظمهم أعضاء في الاتحاد الأوروبي، ما مكنها من الحصول على السيولة اللازمة لتحقيق الاستقرار وإن كان ذلك الاستقرار على المدى القصير والمتوسط». أما في الحالة اللبنانية، فـ «تُطرح علامات استفهام حول الأطراف القادرة والمهتمة بشراء سندات الخزينة التي تطرحها الدولة مستقبلاً، أو الضمانات التي سيقدمها لبنان لهذه الأطراف». خاتماً حديثه بالتأكيد على قتامة الوضع في شكل عام.

واتفق الخبير الاقتصادي اللبناني غالب أبو مصلح مع النظرة السوداوية للاقتصاد اللبناني، مشيراً في حديث أجرته معه «الحياة» إلى أن السياسات التي تنتهجها السلطة السياسية منذ عقود ساهمت في تهميش القطاعات الإنتاجية أمام قطاع الخدمات وبالأخص المصرفية، بالإضافة إلى مساهمة هذه السياسات في الفساد المستشري عبر عدم المحاسبة والمحاصصة.

وأضاف أبو مصلح أن مستويات الدين في لبنان مرتفعة جداً، إذ تجاوزت 200 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يُشكل أخطاراً عالية على المُقرضين»، فيحجمون بالتالي عن تمويل القروض. واعتبر أن الحديث عن «إفلاس» هو أمر غير وارد أقله في المرحلة الحالية، فالمصرف المركزي لا يزال قادراً على إصدار سندات الخزينة والمصارف المحلية تستطيع تغطيتها»، موضحاً أن الأزمة الأساسية التي يعانيها لبنان هي أزمة «سياسية» أكثر منها اقتصادية.