26-04-2024 02:44 AM بتوقيت القدس المحتلة

قطاع الكهرباء السوري في ظل الحرب: شهداء.. أضرار.. واستراتيجية

قطاع الكهرباء السوري في ظل الحرب: شهداء.. أضرار.. واستراتيجية

حوار خاص لمراسل موقع المنار مع معاون وزير الكهرباء السوري



حوار: خليل موسى - دمشق

في قلب العاصمة السورية قصد موقع قناة المنار وزارة الكهرباء السورية حاملا الكثير من تساؤلات يرددها المواطن، وكثيراً من عنائه، وطبعا السؤال الأبرز كان حول اوضاع التيار الكهربائي في ظل الحرب على سوريا.
المسؤول لم ينكر حق المواطن في السؤال، ولم يسخط على احتجاج المواطن،  بل أثنى على رغبة المواطن وأبدى ما يمكن أن يضع النقاط على الحروف، مجيباً على كل  ما يدور في ذهن  السائل، وحتى ما يدور في ذهن الإعلام.

فقد كلف وزير الكهرباء السوري، المهندس عماد خميس معاونه المهندس نضال قرموشة،  صاحب الدراية بكل ملفات قطاعه في البلاد، وعلى مستوى كل المساحات السورية، فلدى الدخول إلى مكتب المعاون، كانت طاولاته تمتلئ بأوراق الدراسات والإحصائيات ويراقب عن كثب أي تطور يجري بما يتعلق في شؤون الوزارة، لتدارك أي خلل قد يطرأ في القطاع.

المهندس قرموشة شرح بدقة متناهية أسباب هذا الانقطاع ولم يكن التبرير بجديد لكنه كان أوضح، فلدى الدخول في الأرقام الإحصائيات، تتوضح الأمور أكثر.

شبكة الكهرباء السورية قبل الحرب..

شرح معاون الوزير لموقع قناة المنار، كيفية بناء الشبكة الكهربائية في سورية على أنها مصممة بطريقة فنية هندسية ممتازة على مدار الاربعين عاما الماضي، أي منذ بداية عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، بجهود واستثمارات كبيرة في شبكات التوليد والنقل والتوزيع، واستمر بناء هذه الشبكة في عهد الرئيس السوري بشار الأسد، فوصل معدل النمو في الشبكة إلى 7% سنوياً، بامتياز منح سورية الطاقة الكهربائية للدول المجاورة، وتطوير الصناعة الكهربائية السورية إلى أفضل الأحوال، ووصل في عام 2011 الإنتاج إلى 50 مليار كيلوواط ساعي، 99% منها من المصادر السورية للتيار الكهربائي، وانخفض خلال الحرب إلى قرابة النصف.

البنية التحتية لقطاع الكهرباء في سورية..

كوادر بشرية تعمل على تطوير الشبكة وتشغيلها، ويتم تدريب هذه الكوادر على كل جديد حسب اختصاص كل شخص، تأتي أنابيب نقل الغاز الطبيعي، والسكك الحديدية التي تنقل مادة "فيول أويل" هي من أساسيات توليد الطاقة الكهربائية، حيث وصل الانتاج من خلالها في سورية، حوالي 93% من كامل الانتاج، وكلها كانت من مصادر محلية، تُدار وتشغل من قبل وزارة النفط والثروة المعدنية. والباقي من مصادر كهرومائية.

أدرك الإرهابيون أهمية المصادر الأساسية للطاقة في سورية، فعمدوا إلى ضربها، محاولة منهم لقطع أهم القطاعات الحيوية في سير الحياة، كما ضربوا عددا من شبكات توليد الكهرباء ونقلها.

والطريقة الهندسية التي تم فيها تصميم الشبكات التي تخرب قسم كبير منها، استطاعت أن تحفظ قسما من الطاقة وتؤمن جزءا منها رغم التخريب الكبير فيها. وهذا التخريب يأتي بسبب انتشار الشبكات على كامل مساحات القطر ما يجعا ضرب قسم منها كفيلا بقطع التيار عن منطقة بأكملها إلى أن يعاد إصلاحها من قبل الوزارة، ويتم حماية الاساسيات منها، وهي منتشرة في مناطق عدة، عن طريق وحدات الجيش السوري. وتصل قدرتها إلى 8500 ميغاوات.

وهنا يوضح معاون الوزير أن السبب الرئيس في انقطاع الكهرباء هو النقص الكبير بالوقود نتيجة ضرب الإرهابيين للخطوط التي تغذي محطات التوليد وخاصة الغاز الطبيعي، منوها إلى أن عمليات الإصلاح والصيانة تكون بطريقة إسعافية من خلال ورش الصيانة المنتشرة وعلى أهبة الاستعداد لأي طارئ، وبمتابعة مباشرة وميدانية من وزير الكهرباء.

إضافة إلى أن العوامل الجوية تزيد من الضغط على الشبكات خاصة في فصل الصيف نتيجة الحرارة العالية جدا، وفي الاوقات التي يزيد فيها الضغط على استخدام الكهرباء.

كما ان التغييرات العشوائية، والحاصلة نتيجة هجرة السكان من مناطقهم هربا من الإرهاب والحرب نحو المدن الآمنة، زاد من الضغط على الشبكات بالتالي زيادة في المصروف الاستهلاكي للطاقة، ما استدعى زيادة في التقنين.

 
اختلاف تغذية مناطق وأخرى

 عزا المهندس نضال قرموشة سبب وجود مناطق يتم فيها التقنين وأخرى تحظى بالتيار الكهربائي أكثر من غيرها، الى أن هناك مناطق يكون فيها منشآت حيوية، مثل المشافي أو الأفران الآلية أو حتى الوزارات ومنشآت الدولة وقطعات عسكرية، حيث يلزمها ثبات أكثر في التزويد، وهنا تعمل الوزارة محاولة على تحقيق عدالة بين مراكز المدن والأرياف، وهنا يستطرد أنه لا يمكن تحقيق هذه العدالة بشكل كامل جراء النقص في الوقود بسبب التخريب الإرهابي.

وبشأن الموظفين الفاسدين، صدرت قرارات عقابية بحق الذين يقومون بالتلاعب بالتقنين وساعات التزويد بالكهرباء لفئات من المواطنين على حساب آخرين في نفس المناطق، وتم فصل قسم منهم من العمل مع إجراءات قانونية صارمة كما وضح المعاون.

شهداء ومخطوفون.. وخسارات مادية هائلة..

270 شهيداً حتى الآن، 177 جريحاً منهم من أصيب بعطب دائم، 49 مخطوفاً، هؤلاء من أكد معاون وزير الكهرباء بأنهم يشكلون خسارة بشرية فادحة في قطاع الكهرباء، وكل هذا أتى أثناء الخروج لأعمال الصيانة الطارئة على المناطق التي يستهدفها الإرهابيون لضرب محطات الكهرباء او شبكاتها ووقودها، من خلال اعتداء ممنهج على القطاع المذكور.

أمّا القيمة التقديرية للأضرار حتى نهاية الشهر السادس من العام الحالي فقد بلغت حوالي 372 مليار ليرة سورية، وذلك فقط في المناطق التي استطاعت ورش الصيانة والدراسة أن تصل إليها أي هناك قيمة أعلى بكثير لو تم إدخال إحصائيات المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة والتي يتحكم بها الإرهاب.

واكد معاون الوزير أن ما يجري من اعتداءات على شبكة الكهرباء، إنما هدفه بالدرجة الأولى جلب المعاناة الانسانية للمواطنين إضافة لضرب الاقتصاد باعتبار القطاع من اهم القطاعات الحيوية، كما يؤكد قرموشة أن في مضمون الاعتداءات محاولة لضرب العلاقة بين المواطن السوري الصامد وحكومته، ولكن فشكلت تلك المحاولات وأصبح المواطن يعرف الكثر من مشكلات هذا الجانب ويعيها تماماً.

الشبكة الكهربائية وفي الأزمة بين رؤية استراتيجية ومشاريع اسعافية..

المهندس قرموشة وخلال حواره مع موقع المنار تحدث عن رؤية استراتيجية تضعها وزارته، وفي الخطوة الاولى تمتد لثلاث سنوات، إضافة إلى مشاريع اسعافية لتعويض ما أمكن من النقص في التيار الكهربائي.

وإضافة لذلك يوجد رؤية استراتيجية تأتي على خمس عشر سنة قادمة، فيها محاور استراتيجية، أهمها، إعادة هيكلة الشبكة بما يتناسب مع أسواق الكهرباء العالمية، ويتيح للقطاع الخاص بالاستثمار والدخول مشددا على صفة التشاركية مع الدولة بدون خصخصة العمل.

كما تشمل محور إحصائيات نهائية وكاملة تتزامن مع إعادة تأهيل كامل الشبكة وإصلاحها وبناء ما يساعد منها كتأمين المصادر البديلة من كهروضوئية وكهروريحية، وأيضا الاستفادة من مخلفات الثروة الحيوانية، والفحم الحجري المستورد من الخارج.

استثمارات الدولة والامتيازات..

بدون أي مواربة، باشر معاون وزير الكهرباء في إجابة على تساؤل حول هذا العنوان العريض بأن الحصة الأكبر من الاستثمارات ستكون للدول الصديقة التي وقفت مع سورية في أزمتها، وعلى رأسها الجمهورية الاسلامية الإيرانية وروسيا، للاستفادة والتطوير قدر الإمكان في توليد الطاقة ونقلها، مشددا على المصلحة الوطنية وتشغيل اليد العاملة السورية كأولوية في شروط الامتياز التي ستمنح فور المباشرة بالخطط الاستراتيجية، حيث يصل إلى حد الآن عدد العاملين في قطاع الكهرباء بكافة المجالات والاختصاصات إلى 40 ألف موظف.

وإدارة هذه الاستثمارات ستتم حسب قوانين وأنظمة تضبط العمل، وتضمن المصلحة الوطنية والمواطن من جهة، ومصلحة المستثمر من أخرى، على أن يتم شراء الدولة لكامل الانتاج من الشركات الخارجية، وبالتالي بيعها للمواطن حيث تضمن الوزارة بذلك أن تبقى الكهرباء سلعة مدعومة.