25-04-2024 01:17 AM بتوقيت القدس المحتلة

الثائر الدمشقي.. يزف خبره الأخير ويرحل

الثائر الدمشقي.. يزف خبره الأخير ويرحل

منذ بدايات الأحداث في سورية، وذلك الوجه الشاب يبشر بأنه سيكون واعدا.. فأينما وقعت حادثة في دمشق كان من السباقين إلى مكان الحدث، شاب في بداية الثلاثين من عمره، وبصوته نبرة دمشقية متفائلة بالنصر..

خليل موسى - دمشق



منذ بدايات الأحداث في سورية، وذلك الوجه الشاب يبشر بأنه سيكون واعدا.. فأينما وقعت حادثة في دمشق كان من السباقين إلى مكان الحدث، شاب في بداية الثلاثين من عمره، وبصوته نبرة دمشقية متفائلة بالنصر..
حدّثني في بداية التعارف بيني وبينه عن أن سورية ستنتصر وابتسم بتفاؤله المعتاد،  هو ثائر العجلاني، قالها في اول لقاء لنا أثناء تغطية التفجير الإرهابي في مقر اتحاد العمال بدمشق، عرفت أنه متطوع وبشكل فردي للدفاع عن بلده بأي طريقة، كما أكد حينها.

شاب بدت عليه علامات الرفاهية، لكنه أصر على أن يكون في الميدان، وتدرج من العمل التطوعي الفردي ومن ثم الجماعي وصولا إلى العمل الإعلامي ، نقل الرسالة عن حقيقة الأحداث التي تجري في بلاده، وقف أمام العدسة مرات قليلة كمواطن سوري يعتز بوطنه ويرفض ما يجري عليه من حرب ونوايا التخريب، حمل بعدها العدسة مع عبء المهنة الأصعب، وجال بها آلاف الأماكن، ليكون على أصعب الجبهات مع الجيش العربي السوري.
هو ثائر من دمشق كما أحب أن يلقب نفسه و استحق أن يمشي معه هذا اللقب محمولا على نعشه شهيدا.

من هو..؟

في العديد من الاماكن الميدانية ظهر موثقا، مع تراب سورية  امتزج عرقه قبل دمه، وكان صوته فقرة خبرية أصبحت يومية على إذاعة شام إف إم  السورية، لينتظر متابعو  الإذاعة صوت المذيعة وهي تقول "ومعنا الصحفي الميداني ثائر عجلاني ليطلعنا على اهم التطورات" وكثيرا ما تحدث من أماكن عدة في جبهات محيط دمشق وريفها.
ولد الشهيد ثائر وهو الابن الأكبر لعائلة الكاتب شمس الدين العجلاني في دمشق عام 1981 في الثامن من آذار بحي العمارة،  درس في العاصمة ومن ثم تخرج من كلية الإعلام في جامعة دمشق، التحق بركب الصحافة بعد بداية الأحداث في سورية بفترة بسيطة، كان يعمل على التوثيق في جميع المراحل التي عمل فيها وهو مراسل حربي لصالح  لإذاعة شام إف إم ، إضافة إلى عمله في موقع الإعلام الالكتروني التابع لوزارة الإعلام السورية، ومراسلا للمؤسسة اللبنانية للإرسال (Lbc) كما عمل مديرا للمركز الإعلامي في قوات الدفاع الوطني،  كان يصدر الأخبار للعديد من المواقع الالكترونية الأخرى، كما تم اختياره أفضل صحفي في عام 2014 عبر مسابقة جماهيرية نظمت على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك.  متزوج وله ولدان.

ثائر في الميدان..

قرابة الخامسة من فجر الاثنين الماضي 27/7/2015، أورد الشهيد ثائر العجلاني على صفحته في فيس بوك خبر يوحي عن بدء عملية عسكرية على منطقة جوبر، فمن أرض المعركة  أخبر متابعيه عن صليات صاروخية تستهدف مواقع المسلحين في جوبر، انقطع الإرسال بعدها، ولم يستطع أن يلحق خبره بتفاصيل  جديدة، وما لبث أن أصبح بعدها خبرا عن الزميل الصحفي هو الأبرز، حيث بدأ المسلحون يستهدفون مواقع الخطوط المتقدمة للجيش السوري في منطقة جوبر شرقي دمشق وهو في هذه الطليعة، استشهد ثائر العجلاني بعد إصابته بشظايا الهاون في صدره ولم يتمكن رفاقه من إسعافه رغم محاولاتهم، إضافة لشهداء أربعة كان يرافقهم من الدفاع الوطني أثناء استهداف النقطة المتواجدين بها من قبل التكفيريين في الحي.

ولمعرفة المزيد عن الشهيد الإعلامي ثائر،  كان لا بد من لقاء مع صديق دربه وزميله في المهنة، الصحفي الميداني ماهر المونس.
 تزدحم الذكريات لدى ماهر صديقه المقرب، ولكن المونس تحدث بما رآه خلاصة التجربة في يوم عصيب يودع فيه من لازم دربه طيلة الحرب في التغطيات.
يقول الزميل ماهر المونس لموقع المنار " لم يرحل اليوم أخ عزيز وصديق ورفيق درب فحسب، إنما دمشق تفتقد زهرة من زهراتها ووردة من ورادتها، سورية كلها  تفتقد اليوم شهيدا آخر من كوكبة شهداء النصر". كما اعتبر المونس  هذه الحادثة ضريبة وكلفة غالية على الجميع دفعها لتحقيق الانتصار، مضيفا "ترجل الفارس اليوم وانتصر".

الزميل الصحفي ماهر وصف الشهيد بانه الملازم الأول له في كل التغطيات الميدانية وكان ثائر يدعو دائما لتغطية الميدان، وآخر هذه الدعوات كانت إلى مخيم اليرموك جنوب دمشق  يوم الجمعة الماضي،  وبنبرة حزينة تنخفض رويدا رويدا يعتريها التأثر الشديد يؤكد انه لن ينسى هذه التغطيات الميدانية إلى جانب رفيقه الشهيد، الذي اشتهر بجبهة حي جوبر . ويختم حديثه بالقول "ستبقى هذه الجبهة تذكرني بثائر" متمنيا أن يرتفع عليها العلم العربي السوري قريبا.

اما الكاتب السوري شمس الدين العجلاني فاليوم كان ضيف الإعلام بصفة جديدة ستلازمه إلى الأبد، هو والد الشهيد، هكذا قال عن نفسه وهو يفتخر بابنه؛ العجلاني الأب أكد انه كأي والد يتأثر برحيل ولده، لكنه أجمل فخره بكل ما أنجزه ولده، وبكل ما فعله، وأكد ان العناية التي نالها من الدولة السورية وعلى رأسها الرئيس السوري رغم كل مشاغله هي التي تخفف قليلا من ألم رحيل ولده الذي قال عنه "اليوم نزفه شهيدا عريسا"، بينما الدموع تعنون مكان سكن ابنه الجديد.

لا ينسى أحد ممن قرأوا عبارة الشهيد ثائر أن الحرب غدت كل حياته واهتمامه بكل تفاصيلها، أما عين الكاميرا التي حرص على ان تبقى ساهرة مع عيونه ، ها هي اليوم تدمع عليه، وستبحث عن ثائرها  كثيرا؛ فالرحمة لشهيد حقيقة جديد كما تمناها الجميع للثائر من دمشق، أما وجه  الشاب فكان واعدا كما وعد وصدق حتى آخر لقطة أخذها من أرض المعركة.