24-04-2024 07:30 AM بتوقيت القدس المحتلة

الشيخ دعموش: الحوار هو الطريق الوحيد الكفيل بمعالجة أزمات المنطقة.

الشيخ دعموش: الحوار هو الطريق الوحيد الكفيل بمعالجة أزمات المنطقة.

تهديد الجماعات التكفيرية بات داخل دول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً أن الانتحاريين الذين فجروا في الكويت والسعودية هم سعوديون

أكد سماحة الشيخ علي دعموش في خطبة الجمعة: أن الحوار هو الطريق الوحيد الكفيل بمعالجة كل أزمات المنطقة لا الحروب وارتكاب المجازر, وخاصة في اليمن الذي لا يزال يواجه العداون السعودي الأمريكي الوحشي بالمزيد من الصبر والتحمل والثبات. وقال: على الدول الخليجية التي تدعم الجماعات التكفيرية بالمال والسلاح والإعلام والسياسة أن تتوقف عن ذلك, لأن أرهاب التكفيريين بات في داخلها, وهو نتيجة البيئة الفكرية والثقافية الداخلية الملائمة والتحريض الموجود في هذه الدول.

واعتبر: أن الصراع الجاري ضد التكفيريين الإرهابيين ليس صراعاً مذهبياً أو طائفياً، فهو ليس صراعاً بين السنة والشيعة, ومخطىء بل واهم من يعتقد أننا في صراع مع السنة أو أن السنة في صراع مع الشيعة, أبداً, الصراع إنما هو صراع بين محورين: محور تكفيري صهيوني لا دين له ولا طائفة ولا مذهب, يريد إلغاء الآخر وسحقه ومحوه من الوجود, وهو مستعد للتعامل مع كل شياطين الأرض لتحقيق ذلك، ومحور يرفض التكفير ويدعو إلى الوحدة والتماسك والتعاون بين المسلمين, ويلتزم خيار المقاومة ضد العدو الصهيوني..

وشدد: على أن  المستوى غير المسبوق من التحريض المذهبي الذي تمارسه دول ووسائل إعلام ومرجعيات دينية وأئمة مساجد ودوائر أمنية واستخبارية تساهم بشكل أساسي في إيجاد مناخ ملائم للجماعات التكفيرية من أجل أن تقوم بأعمالها الإرهابية وأن تتوسع وتستقطب المزيد من البيئات الحاضنة.

وختم بالقول: إن تهديد الجماعات التكفيرية بات داخل دول مجلس التعاون الخليجي خصوصاً أن الانتحاريين الذين فجروا في الكويت والسعودية هم سعوديون, وهذا يستدعي من هذه الدول إجراء مراجعة ليساساتها وحساباتها ورهاناتها وللأسباب التي أدت إلى نشوء هذا الواقع الذي إذا تفاقم سيشكل تهديداً حقيقياً لأمنهم واستقرارهم وأنظمتهم, فهل سيتداركون ذلك قبل فوات الأوان؟.

نص الخطبة

الشيخ دعموش: الحوار هو الطريق الوحيد الكفيل بمعالجة أزمات المنطقة.نبارك لولي أمر المسلمين ولعموم المؤمنين والموالين الذكرى العطرة لولادة الإمام الثاني من أئمة أهل البيت(ع) الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب(ع) الذي ولد في الخامس عشر من شهر رمضان في السنة الثالثة من الهجرة في المدينة المنورة، وكان أول مولود لفاطمة وعلي (عليهما السلام) وأول حفيد لرسول الله (ص).لقد عاش الحسن (ع) مع جده المصطفى (ص) حوالى سبع سنوات، وكانت هذه السنوات السبع على قصرها كافية لتجعل من شخصية الحسن (ع) شخصية شبيهة بشخصية رسول الله (ص).

لقد كان الحسن (ع) صورة مصغرة عن رسول الله (ص) في خَلقِه وتكوينه وجماله, وفي أخلاقه وسلوكه وصفاته العظيمة والنبيلة, ولذلك استحق ذلك الوسام النبوي من رسول الله (ص) عندما قال له: (لقد أشبهت خلقي وخلقي).
 ولذلك كان الناس إذا اشتاقوا إلى رسول الله (ص) بعد وفاته كانوا ينظرون إلى الحسن (ع) ليجدوا فيه صفات رسول الله (ص).كان رسول الله (ص) يرعى الحسن كما الحسين (ع) رعاية خاصة ومميزة، فكان يحتضنهما ويلاحقهما بالتربية والتعليم, ويعطيهما خُلُقاً من أخلاقه وعلماً من علمه وروحانية من روحانيته. 

كان يحضر الحسن(ع) في مسجد رسول الله (ص) وعمره سبع سنين, وكان يستمع إلى جده وهو يحدث المسلمين بما أوحى الله إليه, فكان يحفظ الوحي ويأتي إلى أمه الزهراء(ع) يحدثها به، وكان علي (ع) يأتي إلى البيت ويجد كل ما تحدث به رسول الله (ص) في المسجد عند فاطمة(ع) فيقول لها: من أين لك ذلك؟ فتقول: إنه من ولدي الحسن. وكان رسول الله (ص) يُرفق بالحسن والحسين (ع) ويلاعبهما ويحملهما على ظهره, ويحتضنهما بكل محبة وعطف وحنان.
وكان يقول(ص) أمام المسلمين جميعاً: هذان إبناي, اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما. 

 ويقول(ص):الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. ويقول(ص): الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا. ويقول(ص): من كان يحبني فليحب إبنيَّ هذين, فإن الله أمرني بحبهما. فالنبي (ص) كان يحبهما ليس من موقع الأبوة فقط لأنهما إبناه، بل لأن الله أمره بحبهما.وهذا يدل على أن للحسن والحسين(عليهما السلام) منزلة خاصة عند الله.
 والنبي (ص) كان يريد من خلال كل تلك المواقف وغيرها التي كان يطلقها بحق الحسن والحسين (عليهما السلام) أن يلفت الأمة إلى هذه المنزلة الرفيعة والمكانة العظيمة للحسن والحسين(ع), وإلى ما ينتظر هذين الرجلين من مستقبلٍ ودورٍ مهمٍ وأساسي على مستوى قيادة هذه الأمة. 

إن هذه التربية وهذه الرعاية من رسول الله (ص) للحسن (ع) جعلت من شخصيته شخصية عظيمة آنذاك, بحيث يروي أحدهم فيقول: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله (ص) ما بلغ الحسن بن علي (ع) ولقد رأيته في طريق مكة ماشياً فما من خلق الله أحدٌ رآه إلا نزل ومشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي.وقد عُرف الإمام(ع) بكثرة عبادته لله، وخشيته من الله سبحانه.فقد كان كثير المشي إلى بيت الله, وكان يقول: إني لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمشي إلى بيته.فمشى عشرين مرة من المدينة إلى بيت الله في مكة, وفي رواية أخرى: حج الحسن خمساً وعشرين حجة ماشياً. وكان (ع) إذا توضأ ارتعدت فرائصه واصفرّ لونه, فسئل عن ذلك؟ فقال (ع): حق على من وقف بين يدي رب العرش أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.وكان (ع) إذا وصل إلى باب المسجد رفع رأسه وقال مستأذناً: إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم. 

وكان (ع) فيما يروي الإمام الصادق (ع): أعبد الناس في زمانه، وكان إذا حج حج ماشياً وربما مشى حافياً, وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث بكى, وأذا ذكر النشور أو الممر على الصراط بكى، وإذا ذكر العرض على الله شهق شهقة يخشى عليه منها {[يومئذٍ تعرضون لا تخفى منكم خافية] في ذلك اليوم, يوم القيامة, تبلى السرائر وتتكشف الحقائق وتتبين الأمور وتعرض الأعمال وكل شيء ولا تخفى خافية لا صغيرة ولا كبيرة, عندما كان الإمام يذكر ذلك اليوم لم يكن يكتفي بالبكاء بل كان يشهق شهقة يخاف عليه منها}وكان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي الله عز وجل, وإذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم (المريض العليل الذي يتألم من أوجاعه) وسأل الله الجنة وتعوذ من النار.

وكان لا يقرأ في كتاب الله آية يقول الله فيها: [يا أيها الذين آمنوا] مثل: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد} أو {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة} إلا رفع صوته ويقول: لبيك اللهم لبيك إجابة بعد إجابة.وكما كانت حياة الإمام الحسن (ع) مليئة بالعبادة والطاعة وذكر الله سبحانه، فقد كانت مليئة بالعمل والجهاد في سبيل الله.ومن المعروف أن الإمام (ع) ومن خلال الصلح مع معاوية قدم تضحيات عظيمة وكبيرة.

الصلح الذي كانت تقتضيه مصلحة الإسلام ومصلحة الأمة آنذاك برهن فيه الإمام (ع) عن شجاعة فائقة, وقدم لنا نموذجاً في الشجاعة, خلافاً لما قد يعتقده بعض السطحيين من أن الإمام الحسن(ع) لم يكن شجاعاً كأخيه الحسين(ع) فشجاعة الحسن لا تقل عن شجاعة الحسين إلا أنه لكل منهما موقفه الذي كانت تقتضيه الظروف وطبيعة المرحلة التي عاشا فيها, فمصلحة الإسلام والمسلمين كانت تقتضي من الإمام الحسن(ع) أن يصالح معاوية بحسب الأوضاع والظروف السائدة آنذاك, ومصلحة الإسلام والأمة كانت تقضي من الإمام الحسين(ع) أن يخرج الى كربلاء ويصنع تلك الملحمة التاريخية.

هناك شجاعة الإقدام في المعركة والقتال حتى الشهادة, وهناك شجاعة تحمل المظلومية والأذى وحتى الإهانة والإساءة الشخصية, وشجاعة تحمل ضريبة الموقف الشرعي المسؤول من أجل مصلحة الإسلام والمسلمين.القتال والجهاد بحاجة إلى شجاعة وجرأة، ولكن هناك مواقف أخرى أحياناً بحاجة إلى شجاعة وجرأة أقوى وأكبر وأصعب, لأنها قد تفرض على الإنسان مواقف صعبة من النوع الذي فرض على الإمام الحسن(ع) عندما صالح معاوية.فقد تحمل الإمام بسبب الصلح أذىً شديداً وكبيراً حتى من أقرب الناس إليه، حتى تجرأ البعض عليه فكان يقول له عندما يلتقيه: السلام عليك يا مذل المؤمنين!.

كان الإمام(ع) يتحمل ذلك بصدر رحب وحلم واسع, ويشرح لهؤلاء حقيقة الموقف وأبعاده.وهكذا كان يواجه الإمام الحسن (ع) الإساءات بالصبر والتحمل وسعة الصدر والحلم والأخلاق الرفيعة. ومما ترويه السيرة عن أخلاقه وحلمه وسعة صدره وتحمله, أن شامياً ممن ثقفهم معاوية على سب وشتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) رأى الإمام الحسن (ع) في الطريق فجعل يسبه ويشتمه والحسن لا يرد عليه, فلما فرغ من سبه وشتائمه, أقبل إليه الحسن (ع) فسلم عليه وتبسم في وجهه وقال له: أيها الشيخ، لو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حركت رحلك إلينا وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود علينا, لأن لنا موضعاً رحباً وجاهاً عريضاً ومالاً كثيراً.

فلما سمع الرجل هذا المنطق بكى ثم قال: أشهد أنك خليفة الله في أرضه والله أعلم حيث يجعل رسالته، وحول رحله إليه وكان ضيفه حتى ارتحل.هذه الروح الرسالية النبوية القرآنية..نحن بحاجة إليها في مواجهة كل السبابين والشتامين والحاقدين والمبغضين والمحرضين.فالله تعالى يقول:[ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم].
نحن في مواجهة الأعداء لا ننطلق من موقع التشفي والتنفيس عن الغيظ والأحقاد والبغضاء ورد الفعل على السباب والشتائم والتحريض, وإنما ننطلق من موقع الوعي الذي يجعل هدف الإنسان إماتة الباطل وإطفاءه وإحقاق الحق وإحياءه. 

هكذا ربانا أهل البيت(ع) .. أن لا ننطلق في أي مواجهة من موقع التنفيس عن غيظ يعتمل في داخلنا تجاه الآخرين وانما ننطلق بهدف إطفاء الباطل وإحياء الحق. فقد روي عن علي (ع) أنه قال: فلا يكن أفضل ما نلت في نفسك من دنياك بلوغ لذة أو شفاء غيظ (أي لا يكن هدفك أن تشفي غيظك وأن تنفس عن أحقادك وغضبك) ولكن اطفاء باطل وإحياء حق. 

فالهدف هو إحياء الحق وإطفاء الباطل.. وليس الانتقام أو شفاء غيظ أو تنفيس عن حقد.. واليوم عندما نواجه التكفيريين والصهاينة فنحن نواجه من هذا الموقع من موقع مواجهة الباطل لإحقاق الحق ولإحياء الحق.. لأن الصراع ضد التكفيريين خاصة, ليس صراعاً مذهبياً أو طائفياً، ليس صراعاً بين السنة والشيعة, مخطىء بل واهم من يعتقد أننا في صراع مع السنة أو أن السنة في صراع مع الشيعة, أبداً, الصراع إنما هو صراع بين محورين: محور تكفيري صهيوني لا دين له ولا طائفة ولا مذهب, يريد إلغاء الآخر وسحقه ومحوه من الوجود, وهو مستعد للتعامل مع كل شياطين الأرض لتحقيق ذلك، ومحور يرفض التكفير ويدعو إلى الوحدة والتماسك والتعاون بين المسلمين ويلتزم خيار المقاومة ضد العدو الصهيوني..

ويوماً بعد يوم ومن خلال مجريات الأحداث وكل ما نشاهده في هذه المنطقة يتأكد أن الصراع ليس مذهبياً، وإن خطر الإرهاب التكفيري يداهم الجميع..فخلال الأسبوع الماضي نفذ التيار التكفيري الدموي عدة تفجيرات وعمليات إرهابية استهدفت مصنعاً للغاز في مدينة ليون الفرنسية, ومصلين في مسجد الإمام الصادق (ع) في الكويت, وفندقاً سياحياً في مدينة سوسة التونسية, واغتيال النائب العام المصري في القاهرة, إضافة إلى الهجمات في شمال سيناء في مصر.

الرسالة الأساسية التي يريد الإرهاب التكفيري أن يؤكدها من خلال كل هذه التفجيرات والهجمات والمجازر المتنقلة, هي أن دائرة تهديده واستهدافه تشمل الآخرين كل الآخرين من دونه, سواء كانوا سنة أوشيعة أوأجانب, مسلمين أو مسيحيين, وأن معركته مفتوحة على مدى الجغرافيا التي يستطيع أن يصل إليها من دون تمييز بين قارة وأخرى, وبين بلد وبلد وشعب وشعب ودين ودين ومذهب ومذهب أو خصم وخصم, الجميع بلا استثناء أعداؤه, هو ضد كل المكونات البشرية التي لا توافقه الرأي والتي تقع خارج إطاره.

بالتأكيد المستوى غير المسبوق من التحريض المذهبي الذي تمارسه دول ووسائل إعلام ومرجعيات دينية وأئمة مساجد ودوائر أمنية واستخبارية تساهم بشكل أساسي في إيجاد مناخ ملائم للجماعات التكفيرية من أجل أن تقوم بأعمالها الإرهابية وأن تتوسع وتستقطب المزيد من البيئات الحاضنة.

ما جرى من تفجيرات في الكويت وقبل ذلك في السعودية يستهدف تفجير الفتنة والصراع المذهبي السني الشيعي في هذين البلدين وعلى امتداد بلدان العالم الإسلامي. وهذا يعني أن تهديد الجماعات التكفيرية بات داخل دول مجلس التعاون الخليجي, خصوصاً أن الانتحاريين الذين فجروا في الكويت والسعودية هم سعوديون, وهذا يستدعي من هذه الدول إجراء مراجعة ليساساتها وحساباتها ورهاناتها وللأسباب التي أدت إلى نشوء هذا الواقع الذي إذا تفاقم سيشكل تهديداً حقيقياً لأمنهم واستقرارهم وأنظمتهم, فهل سيتداركون ذلك قبل فوات الأوان؟.

على الدول الخليجية التي تدعم الجماعات التكفيرية بالمال والسلاح والإعلام والسياسة أن تتوقف وترتدع عن ذلك, لأن أرهاب التكفيريين بات في داخلها, وهو نتيجة البيئة الفكرية والثقافية الداخلية الملائمة والتحريض الموجود في هذه الدول.الحوار هو الطريق الوحيد الكفيل بمعالجة كل أزمات المنطقة, لا الحروب وارتكاب المجازر, وخاصة في اليمن الذي لا يزال يواجه العداون السعودي الأمريكي الوحشي بالمزيد من الصبر والتحمل والثبات.