29-03-2024 07:08 AM بتوقيت القدس المحتلة

فلسطين تلاحق "اسرائيل" قضائيا.. الاولوية للمقاومة

فلسطين تلاحق

يبدو ان السلطة الفلسطينية ستفعلها وستقدم ضد كيان العدو الاسرائيلي اول دعوى في الاول من نيسان/ابريل المقبل امام المحكمة الجنائية الدولية، بهدف وضع حكومة الاحتلال وقادته امام المساءلة والملاحقة.

يبدو ان السلطة الفلسطينية ستفعلها وستقدم ضد كيان العدو الاسرائيلي اول دعوى في الاول من نيسان/ابريل المقبل امام المحكمة الجنائية الدولية، بهدف وضع حكومة الاحتلال وقادته امام المساءلة والملاحقة  عن كل جرائمه التي اقترفها بحق الشعب الفلسطيني وليس آخرها العدوان الصهيوني على قطاع غزة في العام 2014.

ورغم ان السلطة الفلسطينية حاولت اكثر من مرة التلويح بأنها ستذهب باتجاه المؤسسات الدولية للمطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني، وإدانة قادة العدو على الجرائم التي طالما ارتكبوها بحق الفلسطينيين، إلا أنها حتى اللحظة تبدو جدية في المضي في تنفيذ تهديدها، على الرغم من محاولة الصهاينة الاستهانة بالاعلان الفلسطيني وتسخيفه او محاولة ذلك امام الرأي العام الاسرائيلي اولا ومن ثمّ الرأي العام العربي والدولي.

خطوة قد تبدو جريئة نوعا ما، لا سيما انها ستصدر ممن لطالما حاول الحفاظ على المسار التفاوضي مع الصهاينة في أشد الظروف قساوة في مسار قضية الشعب الفلسطيني، فمنذ "اتفاقية أوسلو" في العام 1993 لم تترك السلطة مبدأ الخوض بالدخول بمفاوضات مباشرة حول مواضيع عديدة وشائكة مع العدو، وكانت تقدم خدمات مجانية للعدو وتضيع الفرص لجعل القضية الفلسطينية حاضرة في كل المحافل الانسانية الدولية بما يدين "اسرائيل" على ارهابها وجرائمها بحق الفلسطينيين.

وكانت السلطة كلما تقرر الابتعاد عن طاولة المفاوضات تعود وترضخ للضغوط الاميركية او العربية او للتهديدات الاسرائيلية للعودة الى طاولة المفاوضات من دون التخلي بشكل مطلق وصريح عن هذا المسار او حتى اللجوء الى المؤسسات الدولية السياسية والقضائية لتحصيل بعضٍ من الحقوق المهدورة للشعب الفلسطيني او حتى الاعلان عن إدانة للصهاينة في المحافل الدولية.

ورغم ان التجربة الطويلة مع هذا العدو أثبتت بما لا يقبل الشك انه لا يفهم إلا لغة القوة ولغة المقاومة ولا يمكن ان يردعه إلا النار، مع ذلك فإن التشهير بالعدو وابراز عدوانيته امام الرأي العام العالمي المُضَلَل في بعض الاحيان هو جزء من الواجب الذي يجب عدم التخلي عنه، بالاضافة الى الحصول على إدانة كيان العدو وقادته العسكريين والامنيين والسياسيين عن كل ما ارتكب بحق الانسانية ممثلة بالشعب الفلسطيني خاصة والعربي عامة.

وخطوة اللجوء الى المحكمة الجنائية الدولية لا يجب ان تقف فقط عند حدود الفلسطينيين بل يجب على كل حر ان يقوم بما يستطيع في هذا الاطار وغيره من الاطر المشابهة لفضح ارهاب الكيان الصهيوني وابراز انه اصل كل ارهاب في هذا العالم، حيث يمكن ملاحقة بعض القادة الصهاينة امام محاكم بعض الدول بالاضافة الى ملاحقة الكيان الاسرائيلي عن جرائمه امام مؤسسات قضائية وحقوقية دولية.

ولكن ما هي دلالات وغايات الخطوة التي قررتها السلطة الفلسطينية وهي التي حافظت دائما على المسار التفاوضي مع العدو؟ فهل الهدف ملاحقة العدو ام ان هناك غايات سياسية تقف خلفها؟ وكيف يمكن ان تساهم هذه الخطوة في خدمة القضية المحقة للشعب الفلسطيني؟ وهل هكذا خطوة تساهم في تحصيل حقوق الشعب الفلسطيني ومعاقبة قادة العدو فعليا عن جرائمهم التي ارتكبوها بحق شعوبنا؟

حول كل ذلك شدد مسؤول "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" في لبنان علي فيصل على "ضرورة ان لا تكون هذه الخطوة الفلسطينية خطوة يتيمة او ان توظف لتحسين الموقع التفاوضي للفريق الفلسطيني المفاوض مع العدو وان لا تكون في موقع المناورة التكتيكية للضغط على اسرائيل للعودة الى طاولة المفاوضات"، واضاف "نريدها ان تكون خطوة كفاحية ولذلك دعونا ان تكون جزءًا من استراتيجية فلسطينية متكاملة فاعلة في الميدان".

ودعا فيصل في حديث لموقع "قناة المنار" الى "تكتيل أوسع قوى سياسية وشعبية فلسطينية وقوى عربية ودولية داعمة للقضية الفلسطينية حتى تشكل عاملا محفزا وقيدا على القيادة الفلسطينية حتى تأخذ الامور مجراها للوصول الى مقاطعة اقتصادية ودبلوماسية شاملة لاسرائيل"، وطالب "بعقد مؤتمر دولي اسوة بالقضايا والازمات الدولية الكبرى وليس بقاء وترك المسار بيد الولايات المتحدة الاميركية لما نعرفه من سيطرة اميركية على المؤسسات الدولية التي تخضع للابتزاز الاميركي"، ولفت الى ان "هناك العديد من الامثلة التي مارست فيها واشنطن الفيتو لمنع الفلسطينيين من الحصول على حقوقهم في مجلس الامن وغيره من المؤسسات الدولية كي لا تتم إدانة اسرائيل"، وتابع "نأمل اليوم ان لا يحصل هذا التدخل الاميركي السافر لعرقلة ملاحقة كيان العدو وقادته".

وبالنسبة لاولوية المقاومة بوجه العدو الصهيوني رغم المساءلة القضائية، اوضح فيصل ان "الدعوة ليكون هناك استراتيجية فلسطينية موحدة يعني ان تكون ملاحقة العدو جزءًا من هذه المنظومة فيكون العمل على كل الجبهات وفي طليعتها العمل المقاوم في الميدان"، وأكد ان "الرهان دائما على الميدان وعلى المقاومة الشعبية الشاملة بكل اشكالها وفروعها من العسكر الى المقاطعة الاقتصادية الى الملاحقة القضائية والقانونية".

وفي هذا الاطار، لفت القيادي الفلسطيني الى "أهمية دعوة العالم كله لمقاطعة العدو الصهيوني بالتوازي مع تطوير علاقة كل الفصائل الفلسطينية مع حركات المقاومة وفي طليعتها المقاومة في لبنان والاحزاب العربية المناضلة وتطوير العلاقة مع كل حر في هذا العالم"، منبها من ان "خطوة ملاحقة العدو قانونيا وقضائيا اذا كانت مجتزأة ستكون ضعيفة بينما اذا كانت محمية برؤية واستراتيجية مكونة من شبكة امان فلسطينية عربية دولية فاعلة في المؤسسات الدولية ستكون خطوة مؤثرة".

واشار فيصل الى انه "لا يجب ان يكون الهدف تقديم خدمة للمفاوضين مع العدو لانه بذلك سنعود للزمن الذي يقفل الطريق على الشعب الفلسطيني للوصول الى حقوقه المشروعة"، ولفت الى انه "لا يجب العودة الى مربع الصفر المتمثل في المفاوضات بل يجب التمسك بالعنصر الذهبي في تاريخ الشعب الفلسطيني وهو المقاومة والانتفاضة والمعركة الدبلوماسية في خدمة المقاومة ومعاقبة اسرائيل على المستوى الدولي وصولا للاعتراف بالدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين وصولا لتحرير كامل فلسطين التاريخية".

ورأى فيصل انه "يجب تدويل القضية الفلسطينية لتحصيل الحقوق الفلسطينية وعزل العدو الاسرائيلي واتخاذ اجراءات قانونية ودبلوماسية واقتصادية من شأنها تسخين ميدان النضال الفلسطيني"، وشدد على "ضرورة بناء جبهة مقاومة فلسطينية موحدة بغرفة عمليات موحدة وقيادة موحدة في غزة وإطلاق العنان للمقاومة الشعبية الشاملة في الضفة الغربية"، داعيا "لوقف التنسيق الامني مع العدو وإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي والالتزام بالثوابت الفلسطينية وفي طليعتها الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس والتمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين ووقف وتفكيك المستوطنات وجدار الفصل العنصري".

ورغم أهمية التشهير بالعدو الاسرائيلي وفضح جرائمه امام الرأي العام في العالم، يبقى ان المقاومة هي السلاح الانجح لردع هذا العدو وتحقيق العزة للامة واسترداد الحقوق المسلوبة للشعب الفلسطيني وقضيته المشروعة، فالمقاومة هي الاسلوب الذي يفهمه هذا العدو الذي أثبتت الايام انه لا يفهم إلا لغة القوة، لذلك فأي أسلوب مهما كان مفيدا يجب ان يكون متماهيا مع المقاومة العسكرية اولا وباقي اشكال المقاومة، للحفاظ على القضية المركزية للامة وضمان تحرير كل فلسطين.