19-04-2024 06:50 AM بتوقيت القدس المحتلة

"اسرائيل" و"النصرة": إرهابان في خندق واحد

لم تكن "مواساة" رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو جرحى الجماعات المسلحة التي تأويها "اسرائيل" في شهر شباط / فبراير الماضي ، الاعلان الصهيوني الرسمي الاول عن التدخل الاسرائيلي في الازمة السورية لصالح الجماعات المسلحة


حسين ملاح

لم تكن "مواساة" رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو جرحى الجماعات المسلحة التي تأويها "اسرائيل" في شهر شباط / فبراير الماضي ، الاعلان الصهيوني الرسمي الاول عن التدخل الاسرائيلي في الازمة السورية لصالح الجماعات المسلحة ضد وحدات الجيش السوري ، بل شكلت إعترافاً صهيونياً برعاية تلك الجماعات تحت عناوين إنسانية ، لتكر بعدها سبحة الاعترافات الاعلامية والسياسية  في تل ابيب ، والتي قطعت شك "البعض" باليقين بأن معركة المسلحين وتحديداً في الجنوب  السوري هي معركة اسرائيلية اولاً واخيراً هدفها ضرب الجيش وتفكيك سوريا وإضعاف محور المقاومة.




معارضون في "الحضن" الصهيوني

كثيرون قد يكونوا تفاجأوا باعلان القيادي في المعارضة السورية كمال اللبواني في شهر آيار / مايو الماضي حول وجوب التحالف مع الكيان الصهيوني "لهزيمة النظام السوري واقامة منطقة عازلة".

الكلام الذي ورد في مقالة للبواني على موقع ديلي بيست عبَر عن حجم تشابك المصالح بين الجماعات المسلحة وتل ابيب ، ولم يكتف اللبواني (الذي شغل عضو الهيئة السياسية في الائتلاف المعارض) بذلك بل حل ضيفاً على الاعلام الاسرائيلي الذي اشاد به كأنه "بطل قومي" ووصل الامر بموقع والاه الاسرائيلي الى حد وصف المعارض السوري بأنه "رمز المقاومة السورية. رجلٌ يحلم بالديموقراطية والحرية والسلام، ليس فقط داخل سوريا، وإنما أيضاً بين سوريا وجارتها الجنوبية، إسرائيل".

وصفٌ تبعته سلسلة تقارير اسرائيلية امتدحت الجماعات المسلحة في سوريا وكشفت عن عمق العلاقة بين "اسرائيل" وهذه الجماعات.وعلى سبيل المثال لا الحصر ، نُعيد نشر بعضاً مما سُرب للاعلام من تلك التقارير ، وفي هذا السياق كشفت صحيفة هآرتس العام الماضي تقريراً لمراقبي الامم المتحدة يوضح حجم التعاون بين الجماعات المسلحة وجيش العدو في الجنوب السوري ، حيث تحدث عن عقد عشرات اللقاءات بين المسلحين أو مما يسمون انفسهم ثواراً وبين جنود الاحتلال ، وتم الاتفاق بموجبها على نقل جرحى وصناديق سرية الى الاراضي السورية.

التقرير المذكور يشير ايضاً إلى قيام كيان العدو في عام 2013 بإنشاء مشفى ميداني قرب الحدود مع سوريا خاص بالمسلحين اضافة الى نقل جرحى الى المشافي الاسرائيلية.

في شهر آذار / مارس الماضي ، كشف اعلام العدو عن لقاءات بين المسلحين وجنود الاحتلال قرب نقطة المراقبة رقم 85 التابعة للامم المتحدة إضافة الى السماح للمسلحين من الجانب السوري الدخول الى الجانب المحتل من الجولان وهو ما احتجت عليه سوريا لدى الامم ، وكان الرد الاممي على قاعدة "لا حياة لمن تنادي" .وللتذكير فإن القناة الثانية كانت عرضت شريطاً مصوراً في شهر تشرين اول / اكتوبر الماضي حول قيام قوات الامم المتحدة  "الاندوف" بدفع فدية مالية لجبهة النصرة مقابل اطلاق الجنود الفيجيين العاملين في الاندوف وقيل حينها انها قطر تولت تغطية الموضوع مالياً.

ويوم أمس الجمعة عرضت صحيفة يديعوت احرونوت الاسرائيلية تقريراً طالب خلاله جرحى "النصرة" في "اسرائيل" جيش العدو بالتعاون معهم "للتخلص" من حزب الله والجيش السوري بعد العجز والارباك الاسرائيلي الذي ظهر عقب العملية البطولية الاخيرة للمقاومة الاسلامية في مزارع شبعا اللبنانية ، حيث بدا ان مسلحي النصرة يقدمون أنفسهم كحليف ومساند للكيان الصهيوني في معركته ضد سوريا والمقاومة.

التعاون الصهيوني مع الجماعات المسلحة تُرجم ميدانياً على اكثر من جبهة في الداخل السوري وتحديداً في الجنوب حيث تمكنت بعض الجماعات من الاستيلاء على مواقع للجيش السوري سواء في محافظة القنيطرة او في درعا بينها مراصد هامة كان هدفها مراقبة القوات الصهيونية في هضبة الجولان كـ"تل الحارة" و"تل الجابية"....الخ التي استولت عليهما جبهة النصرة بمساعدة اسرائيلية تمثلت بتقديم الدعم الاستخباراتي واللوجستي من مراصد العدو المنتشرة في مرتفعات جبل الشيخ المحتلة.

وحتى الان فإن الكثير من المعارك التي تدور في مناطق الجنوب وغيرها ، تؤكد تزايد التورط الصهيوني لصالح المسلحين ، ووصل الامر الى حد التدخل المباشر عبر سلسلة اعتداءات نفذتها قوات العدو ضد مواقع الجيش السوري في القنيطرة لتسهيل تقدم مسلحي النصرة.

التدخل الصهيوني لم يقتصر على الحدود الجنوبية بل إمتد الى الريف الدمشقي ولفتت سلسلة تقارير اعلامية عن تمدد الايدي الاسرائيلي الى الغوطة الشرقية .ففي خريف عام 2013 قيل ان اجهزة التنصت الاسرائيلية في مرتفعات الجولان تعمدت التشويش على رادارات الجيش السوري المنتشرة حول الغوطة لتسهيل هجوم مسلحي النصرة و"جيش الاسلام" على مواقع الجيش بهدف كسر الحصار المفروض على معاقلهم ، وهو ما افشلته وحدات الجيش السوري واستعادت السيطرة على مساحات واسعة من المناطق التي استولت عليها الجماعات المسلحة مكبدة اياها خسائر فادحة.

بعض المتابعين ذهب ابعد من ذلك وتحدث عن تدخل اسرائيلي بشكل او بآخر في المعارك التي خاضتها وحدات الجيش السوري  والقوات المساندة لها وبين الجماعات المسلحة في القصير وريفها وجبال القلمون ، والتي انتهت بهزائم مذلة للنصرة وحلفائها رغم ما قيل عن دعم استخباراتي وتسليحي واسع ، وعزا المتابعون التورط في تلك المنطقة الى خشية اسرائيلية واضحة من سيطرة الجيش السوري على تلك المناطق التي تُعتبر استراتيجية وتضاهي بموقعها وارتفاعاتها المواقع الاسرائيلية في جبل الشيخ.

تنوع التدخل الاسرائيلي الى جانب المسلحين تُرجم في  اعتداءات مباشرة نفذتها طائرات العدو على مواقع عسكرية ومدنية سورية بدءاً من الاشهر الاولى للازمة وانتهاء بالعدوان الذي نُفذ اواخر العام المنصرم على كل من منطقتي الديماس وقرب مطار دمشق الدولي المدني.

عجز الجماعات المسلحة عن إنجاز "المهمة" في الريف الدمشقي ، دفعت بقادة العدو الى الإتكال على مسلحي النصرة في الجولان المحتل لإنشاء مناطق عازلة من اجل حماية الكيان الصهيوني من نيران الجيش السوري وحلفائه في خطة مماثلة لتجربة جيش لحد في جنوب لبنان .وفي الخانة نفسها صب الاعتداء الاسرائيلي الاخير في القنيطرة ، وحاول العدو فرض معادلة جديدة ولكن أتاه الرد من حيث لا يحتسب..