28-03-2024 04:28 PM بتوقيت القدس المحتلة

مصادر: عروض سعودية وأردنية لتسليح العراق ضد داعش لم ترضِ أميركا

مصادر: عروض سعودية وأردنية لتسليح العراق ضد داعش لم ترضِ أميركا

ماذا جرى في كواليس لقائي الوفد العراقي بملكي السعودية والأردن مؤخراً؟

ماذا جرى في كواليس لقائي الوفد العراقي بملكي السعودية والأردن مؤخراً؟

تروي مصادر مطلعة لموقع المنار أنّ العراقيين سمعوا مواقف صريحة من قبل الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز ونظيره الأردني عبدالله الثاني تحاكي هواجس العراقيين أنفسهم. فالكل يؤكد على ضرورة التصدي للإرهاب. وفي السعودية كما في الأردن خوف من تمدد الإرهاب، الذي يحظى ببيئة حاضنة في المملكتين، وخشية انهيار سريع للحكم.

في 12 تشرين الثاني/نوفمبر، حطّت طائرة الرئيس العراقي فؤاد معصوم والوفد المرافق له في الرياض، لتكون أول زيارة بهذا المستوى التمثيلي بين البلدين، بعد قطيعة استمرت أكثر من عقدين. في اليوم الثاني، استقبل الملك السعودي الرئيس العراقي في قصره بالرياض، وكانت أجواء اللقاء أكثر من إيجابية، وفق وصف وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري الذي كان حاضراً في الاجتماع.

تروي المصادر المطلعة على مجريات اللقاء، أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذي استفسر عن الإنجازات التي تحققها القوات العراقية، عرض على معصوم منح العراق طائرات "فانتوم" لاستخدامها في الحرب ضد تنظيم "داعش".

العرض نفسه كان قد سمعه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي -وإن بصيغة مختلفة-  لدى زيارته الأردن في 26 تشرين الأول/اكتوبر الماضي. قال الملك عبدالله الثاني للعبادي: "بإمكاننا تزويدكم بطائرات فانتوم لضرب داعش على أن نستعيدها بعد انتهاء المعارك".

العرضان السعودي والأردني نقلتهما أوساط عراقية للأميركيين، فلم ترحب واشنطن بالفكرة.

وفي الحقيقة، لا يخشى ملك الأردن من الفيديو الذي ظهر فيه فتى أردني يمزق جواز سفره، ويهدد الملك بالذبح، بل إنه يعي تركيبة بلاده. يدرك الملك أن التنظيم التكفيري بمقدوره التمدد إلى الأردن حيث هناك وجود مهم لحركات متشددة وتكفيرية، لطالما تنقل عناصرها بكثافة على الحدود بين الأردن وسورية. وقد ضمّت خريطة، وزعها داعش في شهر حزيران/يونيو الماضي، الأردن إلى جانب العراق وسورية ولبنان وفلسطين والكويت كأراضٍ تابعة لـ"دولة" يُبّشر بها التنظيم.

أما في السعودية، فالقلق من تمدد داعش استبق التهديدات التي تضمنها تسجيل نُشر مؤخراً، منسوب لزعيم التنظيم التكفيري أبي بكر البغدادي، إذ توعد بوصول تنظيمه، الذي ينحسر في العراق، إلى السعودية، اليمن ومصر وليبيا، داعياً للخروج على آل سعود وقتلهم. تدرك المملكة خطورة فكر داعش، وهي تعي أن سقوط هيكل حكمها بيد التنظيم قابل للتحقق، لا لقوة التنظيم نفسه بل لما هيأت له المملكة على مدى عقود حكمها من بيئة متقبلة للتطرف ونابذة للاختلاف. الفكر الداعشي الذي ولد من رحم المدرسة الوهابية، ترعرع بفضل عوائد نفط المملكة. أرادت السعودية وغيرها أن يكبر الوحش لتوظيفه ضد الخصوم، فإذا به يريد أن يلتهم أهله. تعي المملكة كل هذا الخطر، وهي تأخذ تقديرات مصادر استخباراتية على محمل الجد، اذ تشير هذه التقديرات أن السعودية لن تبقى على ما هي عليه في الأشهر المقبلة.

كل ما ينقل عن قلق أردني أو سعودي قد يكون مفهوماً، إلا أن ما يبقى غير واضح للبعض هو موقف الأميركيين من العرضين السعودي والأردني، الذي يأتي في الوقت الذي حشدت فيه الولايات المتحدة الأميركية دول المنطقة وغيرها في إطار التحالف الدولي الذي زعمت أنه يهدف لمحاربة الإرهاب. الموقف الأميركي يستدعي إعادة طرح تساؤل: ماذا أرادت واشنطن من حملتها في سورية والعراق: القضاء على الارهاب أم احتواءه؟

وفيما يتمكن العراقيون بعسكرهم وكافة كتائبهم من تحرير مناطق من أيدي التنظيم وإعادة رسم معادلات استراتيجية، لم تتمكن ضربات التحالف الدولي حتى اليوم من تحرير أي بلدة، رغم كل الحشد الدولي الذي رافقها. واقعاً، لم تنجح ضربات التحالف إلا في تأمين المصالح الأميركية. ورغم التحشيد الاعلامي لحرب أميركية يُزعم أنها ضد الارهاب، الا أن واشنطن لم تتخذ أي موقف من ممولي هذه الجماعات، وفي وقت كانت الاتهامات - مترافقة مع الأدلة - تتوجه إلى تركيا لدعمها داعش، بقي الأميركيون يلتقون بالأتراك، ويصفونهم بالحلفاء. وإلى ذلك فإن الإدارة الأميركية إلى اليوم لم تسلم العراق، الذي حشدت باسمه إلى حربها الأخيرة، طائرات أف-16 استحق تسليمها.

وبالعودة إلى التساؤل عما تريده الولايات المتحدة من الحرب ضد داعش، وفقاً للمعطيات يمكن التوصل إلى القول بأن لا مصلحة أميركية بالقضاء على داعش. فالأميركيون يريدون للتنظيم أن يبقى تلك "الفزاعة" التي توفر لهم سبباً للعودة إلى المنطقة، إلا أن خطوطاً حمراً ينبغي أن لا تمسها هذه الفزاعة، وهي خطوط ترسمها المصلحة الأميركية. إن تحركات التحالف "التأديبية" تأتي لتكرس قاعدة أن لداعش وأخواتها وظيفة محددة بخطوط يرسمها البيت الأبيض.

ولعله من المفيد هنا التذكير بأن الأميركيين تجاهلوا بشكل فاضح ما كشف عنه مساعد الاركان العامة للقوات المسلحة الايرانية العميد مسعود جزائري قبل مدة، من أن الولايات المتحدة الاميركية وضعت شحنة من الأسلحة والاغذية والادوية تحت تصرف داعش  في جلولاء العراقية. جزائري، الذي وصف مزاعم واشنطن بشان محاربة الارهاب بالكاذبة، قال إن  سماء جلولاء تقع تحت سيطرة التحالف الذي تقوده واشنطن، وان احتمال حصول الخطأ بعيد عن المنطق العسكري.

لم يتوقف الأمر هنا، ففي خطابه الأخير لدی استقباله المشارکین فی "المؤتمر العالمي حول مخاطر التیارات التكفیریة من وجهة نظر علماء الاسلام"، قال الإمام السيد علي الخامنئي: "أبلغونا ان الطائرات الاميركية قد القت العتاد والمعدات التي كانت جماعة داعش بحاجة اليها في مراكزها بالعراق وقد كررت هذا العمل خمس مرات. ومن ثم تظاهر الاميركيون بتأسيس تحالف ضد داعش، وهو مجرد كذبة.."