28-03-2024 10:33 PM بتوقيت القدس المحتلة

اليد الممدودة للحوار غير المشروط.. هل تُلاقى في منتصف الطريق؟

اليد الممدودة للحوار غير المشروط.. هل تُلاقى في منتصف الطريق؟

عاد الحديث عن الحوار في لبنان الى الواجهة من جديد، لاسيما بعد توافق أغلب القوى السياسية على التمديد لمجلس النواب، وسبق ذلك نوع من الايحاءات المتبادلة بين مختلف الاطراف ما يوحي بأن شيئا ما يلوح بالافق.

عاد الحديث عن الحوار في لبنان الى الواجهة من جديد، لاسيما بعد توافق أغلب القوى السياسية اللبنانية على التمديد لمجلس النواب، وبالأخص الإلتقاء الذي حصل حول هذا الأمر من قبل حركة أمل وحزب الله واللقاء الديمقراطي مع تيار المستقبل، وقد سبق ذلك نوع من الايحاءات الايجابية المتبادلة بين الاطراف المختلفة ما يوحي بأن شيئا ما يلوح في الافق.

ولعل البعض يتساءل هل التحاور في بلد صغير كلبنان يحتاج الى كل هذا التحضير والتهيئة؟ ليكون الجواب الدقيق والذي يعبر عن واقع الحال بأن لبنان على صغر حجمه وحتى دوره بذاته، يحتاج لكثير من الحلحلة والتقريب بين وجهات النظر التي تكاد في بعض الاحيان تكون في غاية التباعد حتى بين الحلفاء او اذا صح القول "اشد الحلفاء تقاربا"، فلبنان بلد الارتباطات الخارجية من جهة حيث لا تجد فريقا ليس له علاقات مع دول اجنبية قريبة او بعيدة، ومن جهة ثانية توجد آراء خاصة لكل فريق لبناني حول كل شيء تقريبا تبدأ من لبنان والكيان ولا تنتهي بسلسلة الرتب والرواتب ومياومي الكهرباء...

أي حوار نريد في لبنان..

ولكن أردنا الحوار في لبنان، فأي حوار نريد في لبنان.. هل نريد الحوار للحوار؟ هل نريد حوارا لحل الخلافات ام لتنظيمها؟ هل نريد الحوار لانتخاب رئيس للجمهورية ام لاقرار قانون انتخاب سليم يصحح الاعوجاج في الحياة الدستورية والسياسية في لبنان؟ هل نريد الحوار كي نعالج الكثير الكثير من الازمات والمشاكل الاقتصادية والحياتية في لبنان والضرورية في حياة اللبنانيين؟ أم نريد الحوار بهدف تحسين الوضع الامني ومعالجته؟

وهل يمكن للحوار السياسي ان يحل كل هذه المسائل؟ لاسيما في لبنان الذي يبنى كل شيء فيه على الاساس السياسي بالدرجة الاولى؟ فكل شيء في لبنان إما يسير بالسياسة وإما تعرقله السياسة. وهنا يطرح السؤال الاهم هل نريد الحوار في لبنان لانه بات السبيل الوحيد لحل العالق من المشاكل أم أن أهل السياسة يريدون حل المشاكل ولا يرون غير الحوار سبيلا لحلها؟ فهل الضرورة تصنع الحوار ام الحوار الاساس وتبعا له تحل مشاكلنا؟

والمتبحر في السياسة اللبنانية يدرك ان موجات الحوار مرّت في كثير من المد والجزر ولم تكن حركتها ثابتة بل تعرضت لتقلبات شتى، فأسهم الحوار ترتفع أحيانا وتنخفض أحيانا اخرى، وقد تصاب بالجمود في كثير من الاوقات كمن يدخل في "كوما"، لا يعرف متى يستيقظ منها إلا الراسخون في علم السياسة اللبنانية، فلا معايير ثابتة للحوار بين الاطراف السياسية في لبنان، حتى ان البعض يختلف على بعض الأطراف المشاركة في الحوار وإن كان هناك تيارات وأحزاب ثابتة لا يمكن تصور الحوار بدونها.

ويرجح ان الحوار اللبناني يخضع كما كل شيء في هذا البلد الى التوافق كي ينطلق قطاره، فإن حصل التوافق عليه نراه يسير بسرعة البرق، وبذلك نعتقد ان الحوار يخضع لاعتبارات كل فريق سياسي على حدة دون معايير واضحة، وإن كان الجميع يدعي ان المشاركة في الحوار او مقاطعته أساسها المصلحة العامة والعليا للوطن، وهنا نعود الى أساس أي خلاف في لبنان بأن لكل طرف اعتبارات ومفاهيم خاصة به في كل شيء.

منيّر: تواصل غير مباشر بين المستقبل وحزب الله، فايد: الحوار يجب ان يكون وطنيا

ويشير الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر الى ان "هناك شيئاً جديًا في موضوع الحوار وان هناك تواصلاً غير مباشر بين تيار المستقبل وحزب الله عبر طرف ثالث"، ويلفت الى ان "هذا التواصل انطلق منذ فترة قريبة ولا يزال في بداياته"، رافضا تسمية الطرف الثالث حفاظا على إمكانية الوصول بالحوار الى نتائجه المرجوة.

وفي حديث لموقع قناة "المنار" يسأل منيّر "هل هذا الحوار للحوار فقط؟"، ليوضح بأن "تيار المستقبل ليس لديه الكثير من هوامش المناورة كي يذهب الى حوار من أجل الحوار"، ويعتبر ان "حوار المستقبل مع حزب الله مختلف عن حواره مع العماد عون لان الحوار بين المستقبل وحزب الله يرتبط بالمجريات العامة في المنطقة والاستقرار في لبنان".

من جهته، يشدد الاعلامي راشد فايد  في حديث لموقعنا على "ضرورة ان يكون حوارا وطنيا جامعا لكل الفرقاء وليس فقط لطرفين هما حزب الله وتيار المستقبل وان كان كل منهما اساس في كل مجموعة سياسية ينتمي اليها"، ويلفت الى ان "أي حوار يحتاج الى جدول اعمال بينما هناك جدولي اعمال مطروحين من قبل الطرفين".

وحول مضمون الحوار، يلفت الاعلامي منيّر الى ان "الملفات التي سيتحاور عليها المستقبل وحزب الله تعتبر ملفات مهمة ودسمة وهنا يكون الفيصل للحديث عن امكانية الوصول الى نتيجة من عدمه من الحوار نفسه"، ويضيف "البداية حتى الآن تبدو جيدة وممكن كثيرا ان توصل الى نتيجة جيدة وايجابية لان الطرفين جديين".

بينما يرى الاعلامي فايد ان "السيد نصر الله لم يدعُ للحوار في كلمته في عاشوراء وإنما فقط رد على دعوة الحوار الذي سبق ان أطلقها الرئيس سعد الحريري"، ويتابع "السيد نصر الله حسم موضوع الرئاسة بأن العماد عون هو مرشح ميثاقي كما ان السيد لم يتحدث عن موضوع السلاح"، ويعتبر ان "الحوار بذلك يكون حوارا موضوعيا وليس عاما".

وبالنسبة للوضع الاقليمي وتأثيره على الوضع الداخلي اللبناني، يقول منيّر إن "الواقع الاقليمي لا يبدو انه يبعث إشارات سلبية لان الامور لا تبدو مغلقة بين الاطراف الاقليمية"، ويشير الى ان "الحوار الذي عقد في سلطنة عمان بين الاميركيين والايرانيين ومن ثم اعادة فتح سلطنة عمان سفارتها بسوريا يظهر ان هناك نتائج وتداعيات تنعكس على أكثر من ملف"، ويتابع ان "هناك حركة جدية في المنطقة قد تؤدي الى نتيجة وقد لا تؤدي لكن هناك حراك بدأ ونأمل الوصول الى نتيجة".

وبالنسبة لذلك يقول فايد "الذي ينكر تأثير المفاوضات الاميركية الايرانية او الايرانية السعودية على الوضع في لبنان يكون مكابرا ويكذّب الوقائع لان الجميع لديه علاقات مع الخارج"، ويشير الى ان "العالم يعيش اليوم حالة صراع على النفوذ في المنطقة لذلك أي تقدم في العلاقات الايرانية الاميركية او الايرانية السعودية سينعكس ايجابا عل الوضع في لبنان".

وبشأن جدول اعمال الحوار، يقول منيّر "من البنود الاساسية بند رئاسة الجمهورية"، ويتابع "لكن هذا البند للوصول اليه لا بدَّ من البحث والاتفاق على العديد من البنود الاخرى تتعلق بتفاهم داخلي على عدة نطاق"، ويلفت الى ان "أبرز هذه الملفات تتعلق بالحكم مستقبلا في لبنان والحكومة وكيفية التعاطي مع سلاح حزب الله والتعاطي مع ملف الارهاب بالاضافة الى الملف السوري والعلاقة مع لبنان وكل هذه الملفات معقدة وحل هذه الملفات سيؤدي حتما الى حل بند الاستحقاق الرئاسي"، ويؤكد ان "الافرقاء في لبنان وجدوا انفسهم اليوم امام حائط مسدود ولا بدّ من العودة الى الحوار"، واضاف "واقع الحال هو الذي يفرض عليك كيفية التعاطي مع الملفات المختلفة".

وهنا يقول فايد إنه "لا مانع من ان يكون الحوار في البداية بين طرفين هما حزب الله وتيار المستقبل ليفتح المجال في مرحلة لاحقة الى طاولة حوار جامعة طالما الجميع اتفق على جدول الاعمال"، ويضيف ان "البدء بالحوار ومن ثم طرح كل فريق ما لديه من هواجس ومقترحات هو احد اشكال الحوار المحتمل"، ويلفت الى ان "الحديث عن بدء محتمل للحوار لا يعني ان التواصل مقطوع بين الاطراف المختلفة".

يبقى ان نختم بالتذكير بدعوة السيد نصر الله الواضحة للحوار والتي أطلقها في ليلة العاشر من المحرم حيث قال ".. فليحصل هناك مسعى وطني داخلي جدي للحوار ونحن كلنا جاهزون أن نكون جزءا من الحوار..."، وهذا ما أكده "المعاون السياسي للسيد نصر الله" الحاج حسين الخليل من منبر الرابية بعد لقائه العماد ميشال عون حيث قال "كان هناك جوّ مطروح للحوار وأجاب عنه سماحة السيّد حسن نصر الله بمد اليد وطبعا مدّ اليد كان غير مشروط"، واضاف "هناك جهود تُبذل من بعض الحلفاء والأصدقاء وهم مشكورون على ذلك.. نحن نأمل خيرا ولا زالت يدنا ممدودة".