29-03-2024 04:10 PM بتوقيت القدس المحتلة

كلمة نائب الأمين العام لحزب الله في الهيئة التأسيسية للإتحاد العالمي لعلماء المقاومة

كلمة نائب الأمين العام لحزب الله في الهيئة التأسيسية للإتحاد العالمي لعلماء المقاومة

فيما يلي الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في الاجتماع الأول للهيئة التأسيسية للإتحاد العالمي لعلماء المقاومة، مطعم الساحة 21/10/2014.



فيما يلي الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم  في الاجتماع الأول للهيئة التأسيسية للإتحاد العالمي لعلماء المقاومة، بيروت، مطعم الساحة 21/10/2014.

     بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق مولانا حبيبنا وقائدنا أبي القاسم محمد(ص)، وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وصحبه الأبرار المنتجبين، والسلام عليكم أيها السادة العلماء أيها الحضور الكريم ورحمة الله وبركاته.

    بداية أشكر مجمع التقريب بين المذاهب برئاسته والعاملين فيه على هذه الخطوة المهمة لتشكيل اتحاد علماء المقاومة، كما أشكر الجمهورية الإسلامية المباركة بقيادة الإمام الخامنئي(حفظه الله ورعاه) على نهج الإمام الخميني(قده) على رعاية مؤتمرات الوحدة ومؤتمرات فلسطين، وكذلك كل الأعمال التي تصب في دعم القوى الثورية المتحركة الأصيلة والمقاومة على نهج الإسلام في مختلف أنحاء العالم باتجاه البوصلة الأساس نحو فلسطين.

     نحن اليوم نجتمع لإعلان اتحاد المقاومة، وأرى من المناسب أن أتناول أمورًا عدة:  

أولًا: اتحاد علماء المقاومة يبتني على ثلاث دعائم: الإسلام الأصيل، والوحدة، والمقاومة.

    أما الدعامة الأولى: فالإسلام الأصيل هو مسؤولية العلماء لتبيانه وتوضيحه، لتعريف الناس والعالم على سماحته وأخلاقه وسموه وإنسانيته والأوامر الإلهية والنواهي التي تصب في هدف بناء الإنسان الكامل الذي يعمر هذه الأرض بتقوى وطاعة لله تعالى، وهذا الإسلام الأصيل هو الكاشف للمنحرفين والخوارج ودعاة الإسلام الأمريكي، ولطالما قلنا: بأن المسيئين للإسلام ينفضحون عندما يكونون أمام نقاء الإسلام، وبالتالي نحن لا نخشى على الإسلام من هؤلاء لأن فضيحتهم تتلبسهم بشكل مباشر، قال الرسول(ص): الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا ويتبعوا السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم. ولذا عنوان العلماء الذين يعملون لخدمة الإسلام الأصيل عنوان واضح، وإنما نعرِّف مسارات أي جهة من الجهات على ضوء قول أمير المؤمنين علي(ع): "إن دين الله لا يعرف بالرجال بل بآية الحق، فاعرف الحق تعرف أهله".

      الدعامة الثانية: الوحدة مستمدة من التوحيد، "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا". وصفاء التوحيد يؤدي إلى الوحدة، فالمشتركات العقيدية والتشريعية في الأسس تُنتج الوحدة. الوحدة في المواقف، والوحدة في تحديد الاتجاه، وتمييز العدو من الصديق.

     نحن ندعو إلى أشكال الوحدة كافة: إلى الوحدة الثقافية والسياسية والجهادية والعملية، على أن نترك الحق للخصوصية المذهبية كما هو الحق في الخصوصية داخل المذهب الواحد أيضًا.

     وهنا نذكر أن الإمام الخميني(قده) لطالما حذر من أولئك الين يسيئون بالتفرقة وأن أعمال قوى الكفر في العالم تعمل على الدسائس والمؤامرات، وسر نجاح هؤلاء في مؤامراتهم الشيطانية إلقاؤهم التفرقة بين المسلمين بأي شكلٍ يستطيعون.

     وقال سماحة القائد الخامنئي(حفظه الله ورعاه) "إنَّ الوحدة هي الدواء الناجع لكلّ أدواء العالم الإسلامي اليوم، فعلى الجميع أن يتّحدوا. إنَّ على علماء ومفكّري المسلمين أن يتكاتفوا على وضع دستور للوحدة الإسلامية".

      أما الدعامة الثالثة هي المقاومة: المقاومة جهاد، والجهاد في عصرنا هو قتال إسرائيل لتحرير فلسطين والقدس،  كل جهادٍ يتفرع عن المقاومة يسير على الخط السليم. وأيُّ جهادٍ لا يبدأ ولا ينتهي بمقاومة إسرائيل لا علاقة له بالجهاد لا من قريب ولا من بعيد.

      وما نراه اليوم من تعاون بعض القوى التي تدعي جهادًا ومعارضة مع إسرائيل فتستشفي عندها، وتأخذ التموين على الحدود السورية الفلسطينية، فهذا ما يؤكد بأن أعمالهم هو تتويج لصهيونية المنهج التكفيري. وعندما توفر أمريكا والدول الكبرى الإقليمية الدعم والتسهيل والمال للتكفيريين في سوريا والعراق فهذا دلالة على التبعية وعلى كوننهم أدوات في المشروع الأمريكي الصهيوني.

     إنَّ مقاومة لبنان وغزة نورٌ مشرق وشرفٌ بارز وتحريرٌ عزيز، وهي التي قلبت المعادلة لمصلحة استرداد فلسطين والقدس والأراضي المحتلة. وقد اعترفت إسرائيل بخسائرها وهزيمتها.

ثانيًا: يجب التأكيد على أن المواجهة في العالم اليوم هي مواجهة سياسية بين محورين:

محور المقاومة الذي تمثله إيران وحزب الله والمقاومة في فلسطين ودول ومقاومات مختلفة في منطقتنا والعالم،  والمحور الثاني هو محور أمريكا وإسرائيل والتكفيريين الذين يضمون الكثير من الحكام والدول في إطار مواجهة مشروع المقاومة. وهنا أؤكد أن التصنيف المذهبي للمواجهات الدائرة اليوم يؤدي خدمة للإرهاب التكفيري. وهو ذر للرماد في العيون.

   إن الواقع العملي يثبت بأن الاختلاف هو اختلاف في الخيارات السياسية، وهذا ما نشهده في مصر والسعودية واليمن وفي ليبيا، وفي المواجهات التي تجري اليوم مع داعش وغير داعش ما يدل بأن المواجهات هي مواجهات بين خيارات سياسية وليست بين المذاهب.

   داعش قتل من أهل السنة أكثر بكثير مما قتل من غيرهم، واحتل مناطقهم وأخذ أموالهم وفتتت منظومتهم الاجتماعية والعشائرية وقتل زعماءهم.

   هنا يجب أن يكون واضحًا بأن دعاة الفتنة فريقان: حكام مستبدون، وخوارج لاهثون وراء السلطة.

    أما الحكام المستبدون يركبون الفتنة لتغيير الاتجاه، وجر الجميع إلى عدوٍ بالأولوية، فيحافظون على مواقعهم وعروشهم، ويغطون ارتكاباتهم وإساءاتهم بحق جماهيرهم، وينسجمون مع الاستكبار في تسهيل مهمته وعدم الاعتراض على خياراته.

    أما الخوارج فيصنعون الفتنة لجذب الناس إلى العنوان الديني المنسجم مع فطرتهم ومشاعرهم، ويستندون إلى الآيات والروايات بتفاسير ما أنزل الله بها من سلطان، وينطلقون من تكفير كل ما عداهم لإسقاط كل المحرمات، ويستخدمون التوحش لسد الأبواب أمام أي خيار غيرهم.

    لقد تحدث عنهم أمير المؤمنين علي(ع) عندما قال أحدهم: بأننا قد انتهينا من الخوارج، فقال: " كَلَّا واللَّه إِنَّهُمْ نُطَفٌ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وقَرَارَاتِ النِّسَاءِ - كُلَّمَا نَجَمَ مِنْهُمْ قَرْنٌ قُطِعَ - حَتَّى يَكُونَ آخِرُهُمْ لُصُوصاً سَلَّابِينَ". (نهج البلاغة ص93 و94).
 

ثالثًا: لبنان موقع مركزي للمقاومة والوحدة .

     لقد تجنبنا في لبنان الفتنة التي أطلت برأسها مرات ومرات، وساعد في وأدها علماء مخلصون من السنة والشيعة، وفاعليات ثقافية وحزبية وسياسية، وجمهورٌ أَلِفَ الجوار في المسكن والعمل والحياة الاجتماعية وهو يؤمن بدعوات الإسلام للوحدة وبوحدة الوطن والمواطنين.
     ليكن معلومًا بأن التخريب وإلقاء القنابل والتحريض والشتم لغة الضعفاء والفاشلون. أما لغة الوحدة والتعاون والقانون وخيارات الشعب فهي لغة الأقوياء والناجحون.

    نعم لقد نجحنا في لبنان أن نئد الفتنة، وأن نكون عنوانًا واحدًا في العلاقات السنية الشيعية، وما ترونه من اختلافات هي اختلاف سياسية بحتة، يحاولون إلباسها لبوس المذهبية ليتقوون بها، ولكنها تسقط دائمًا ببركة علماء السنة والشيعة الشرفاء، وببركة المقاومة، وببركة هذا الاتجاه الأصيل.

    لطالما قلنا: الأمن يعلو ولا يُعلى عليه، ولا يجوز زج الأمن في لعبة التوازن الطائفي والمذهبي، فحيث يوجد ارتكاب واعتداء وإخلال بالأمن تجب مواجهته، أكان في هذه المنطقة أو تلك، ومن دون النظر إلى الانتماء الطائفي، وحذار من ذريعة الأمن الطائفي والمذهبي، التي تؤدي خدمة كبيرة للخارجين عن القانون، وتهيئ لهم مناخ الحماية السياسية الطائفية.

    الأمن مسؤولية الدولة اللبنانية بجيشها وقواها الأمنية، نحن لسنا مع الأمن الذاتي، ونرفض التسويات التي يقودها بعض السياسيين من داخل الحكومة وخارجها لحماية المطلوبين وتأمين الملاذات الآمنة لهم. وندعو إلى عدم توفير الغطاء السياسي والديني للإرهاب التكفيري بذرائع مختلفة لارتكابات تنعكس على الناس وأمنهم واستقرار بلداتهم وأعمالهم.

     فريقنا أعلن في مجلس الوزراء وفي كل المواقع بأنه لا يغطي أحدًا، ولا يحمي أحدًا، وأنه مع الوحدة الوطنية وكل البلدات والقرى مفتوحة للجيش والقوى الأمنية، ونعلن مجددًا أن لا حماية لأي منطقة أو مرتكبٍ في مناطق تأثيرنا. دورنا ومساهمتنا نقوم بهما على أكمل وجه، ونتعاون مع الجميع ولكن مسؤولية الأمن والاعتقال والملاحقة على عاتق الدولة وأجهزتها، فالنجاح في المهمة لها، والإخفاق إنْ حصل عليها. فلا يلقين أحد تبعة أعماله علينا.

     خيارنا الدائم والوحيد أن نتحاور ونتفاهم ونبني بلدنا معًا ونبني منطقتنا معًا، فتحديات الإرهاب الإسرائيلي والإرهاب التكفيري كثيرة وخطيرة، وهي تطال الجميع، فلنشبك أيدينا معًا كي لا يستفيدوا من تفرقنا ولا يكسبوا من اختلافنا، ولتكن نقاشاتنا في محلها الصحيح للبحث عن الحلول بدل إثارة المشاكل.

     نحن نؤكد على الوحدة السنية الشيعية بكل أبعادها في لبنان وفي العالم من أجل التصدي للتحديات، ومن أراد أن يكون مقبولًا عند الله تعالى فليعمل للاعتصام بحبله " وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.